* الفصل السابع والعشرون *

200 28 0
                                    

هتفت لنفسها بحيرة قائلة:
-تنتقمي ايه.. ايه الغباء ده! وهو يعني كان ذنبه أيه؟
زفرت وهي تقترب من فراشها، ثم نطقت ثانية بضعف:
-وحتى لو كان ليه ذنب.. مش كفاية انقذ حياتك بدل المرة مية.. مش كفاية اتبرع لك بدمه لما كنتي بين الحياة والموت، ومش كفاية عمل لك العملية اللي لو كنتي استنيتي ابوكي يبعت لك فلوسها كان زمانك موتي من زمان.. انتي عايزة كل حاجة ولا ايه!
استلقت فوق فراشها بتشتت، ثم هتفت ثانية بقهر:
-وقصاد كل ده هو اخد ايه؟ اخد عمري وقلبي وروحي.. قصاد كل حاجة حلوة عملها وجعني.. يبقى انا كده استفدت ايه!
لم تقوى على تحمل الاضطراب الذي يسيطر عليها، ولا تستطع تحمل ذكرياتها الحزينة وتصارعها مع قلبها الذي ما زال يعشقه.
اغمضت عينيها باجهاد وألم محاولة طرد افكارها حتى أستسلمت للنوم.
                             * * * *
ولأول مرة تفقد لميس السيطرة على أعصابها أمام حسام، لتدفعه في صدره بعنف، وهي تصيح في وجهه قائلة:
-انت مش بني ادم.. انا بكرهك..انت مريض
بترت حديثها الصفعة الثانية الذي لطمها بها حسام على وجنتها الأخرى قائلاً بأنفعال:
-غوري بقى خنقتي اللي جايبني.. مش قادرة تصبري شوية، زن زن زن.. ده انتي ما تتعاشريش
انتهى من جملته وهو يلتقط سترته من فوق الفراش ويخرج من الغرفة مسرعًا، وقبل أن تلحق به كان غادر المنزل أيضًا.
سقطت في منتصف الصالة بيأس وهي تبكي بحرقة، وتضغط على وجهها بألم، وبعد دقائق من بكائها المستمر، هتفت بحرقة:
-والله لأوريك يا حسام
                            * * * *
ظل ينتقل حسام من شارع لأخر ومن منطقة لأخرى، ومن مكان لمكان بسيارته، والضيق والشرود مسيطران عليه، ولم يعرف إلى أين يذهب.
بعد أذان الفجر شعر بالجوع يطرق معدته، فأتجه إلى أحد المطاعم التي ما زالت مفتوحة لذلك الوقت، ثم ترك سيارته أمامه، ودلف إليه بخمول.
جلس فوق أحد المقاعد أمام منضدة صغيرة تتسع لشخصين فقط، وبعدما جاء له أحد العاملين بالمحل، طلب منه الطعام الذي يريده.
تركه هذا العامل ذاهبًا إلى المطبخ.. فوضع رأسه فوق المنضدة بتعبٍ محاولًا الأسترخاء قليلًا وهو في انتظار الطعام.
                            * * * *
أغلق هاتفه بعدما انتهى من الرنين للمرة العاشرة في تلك الساعة، ثم تركه بجواره ووضع كفيه فوق وجهه محاولًا منع دموعه من السقوط، ولكنه لم يستطع السيطرة عليها.. أنفجر في بكاء عاتي ظن أنه سينتهى بتوقف عضلة قلبه أو بجلطة دماغية من قوته.
بعد وقت طال عليه وهو في تلك الحالة، ولا يدري كم مر من وقت، نهض بغضب، ثم خرج من الغرفة متجها إلى غرفة والده.. طرق الباب طرقتان، ثم فتحه فجأة ودلف إلى الغرفة وهو يتحدث باستشاطة:
-كسرتني وكسرتها.. بتتصل بيا بالخمسين مرة ومش برد عليها.. يا ترى حالها عامل ازاي دلوقتي!
قهقه في تلك اللحظة بأستهزاء، ثم تفوه بتهكم:
-واقعة يعني
-انت مش أب
قالها حسام بصخاب وهو يضع كفيه على وجهه الذي كادت حمرته أن تتحول لنار.
ترك الغرفة وخرج وهو يهتف بدموع:
-حسبي الله ونعم الوكيل فيك
                             * * * *
-انا ما عرفتش انام عشان كده كلمتك
هتفت بها عنان "لكندا" في الهاتف، فأجابتها كندا بصوت نائم:
-اتكلمي يا عنان.. انا عايزة اسمعك يا حبيبتي
تنهدت عنان، ثم شرعت في قص عليها ما حدث مع حسام في صباح اليوم، وحاولت تجعلها تشاركها الرأي ولكن كندا كانت في عالم أخر، فهي نائمة من بداية المكالمة ولكنها تسمعها "كحلم" مثلاً.
صمتت عنان لحظات عندما يأست من أن تأتيها أستفادة من كندا، وبعد لحظات عادت لتواصل، فهي جعلت في أعتبارها أن هذه المكالمة تفكير بينها وبين ذاتها ولكن بصوت مسموع، فتشعر بالأرتياح هكذا أكثر من الصراع القائم بداخلها طوال الوقت وهي بمفردها.. فقالت بأستسلام:
-انا لسه بحبه.. ومش مهم أي حاجة تانية.. أصل الوجع اللي حسيته في بعده يخليني استحمل أي حاجة لمجرد أني أكون معاه.. متجوز بقى.. سابني.. حتى لو ميت ودي جثته.. انا مش برتاح غير معاه
صمتت وصوت زفيرها يعلو، فتحدثت كندا متثاءبة:
-صح يا حبيبتي
-والله انتِ مش هنا أصلاً
قالتها عنان وهي تضحك بخفوت، ثم نطقت بشرود:
-انا خلاص قررت
أخرجت كندا من حلقها صوت يبدو انه تساءل عما قررت عنان؟، فأضافت عنان بتفكير:
-هرجع له
                            * * * *
جاء الطعام لحسام، فنهض من رقدته وأعتدل في جلسته ليضع العامل الطعام أمامه، وبعدما انتهى تركه وذهب إلى المطبخ مجددًا.
جلس حسام يتناول الطعام ببطء وشرود، ثم يتركه ويضع يديه فوق وجهه بتعب، ويعود ثانية بعد لحظات ليواصل تناول الطعام، حتى انتهى بعد ساعة على الأقل، وبعدما انتهى ترك الحساب فوق المنضده، وغادر المكان على الفور بترنح.
دلف سيارته الواقفة أمام المطعم، وظل يواصل سيره العشوائي بين شوارع وأحياء المحافظة حتى تخطت الساعة التاسعة صباحًا.
ادار وجه سيارته ليسير في الأتجاه المعاكس قاصدًا المشفى التي تعمل بها عنان.
وصل أمام المشفى بعد ساعة.. غادر سيارته بعدما تركها بجوار المشفى، ثم دلف إليها وتوجه إلى القسم الذي تعمل به عنان.
صعد الدرج مسرعًا، وسلك الممر حتى توقف أمام باب مكتبها وفجأة..
....

#بسمه_ممدوح

جريمة ضد مجهول حيث تعيش القصص. اكتشف الآن