-اللهم صلِ على النبي
قالتها زوجة "رامز" محاولة التذكر، ثم صمتت لحظة وواصلت:
-أيوة افتكرت.. استاذ ماهر
انتفض رامز في تلك اللحظة قائلاً بلهفة:
-وسيباه كل ده على التليفون.. الله يخرب بيتك
مدت يدها بسماعة الهاتف المنزلي الذي تحمله بالحامل الخاص به، وهي تهتف:
-خد اهو.. انا جيبا لك التليفون لحد هنا
التقط منها السماعة، ووضعها على اذنه على الفور قائلاً:
-استاذ ماهر.. ازي حضرتك
-ازيك انت يا رامز.. فينك يا عم!
نطقها المتصل، وقبل أن يجيب رامز واصل هو:
-مراتك بتقول انك من ساعة ما اخدت الإجازة عشان تعبان وحالتك بتدهور، ولما بدأت تخف موت عاصم رجعك كتير لورا.. يا جدع الحي ابقى من الميت.. احنا عارفين انه كان صاحبك المقرب بس مش هتدفن معاه يعني
تنحنح في تلك اللحظة قائلاً:
-عارف يا فندم.. انا عارف اني معطل الشغل.. بس صدقني غصب عني.. نفسيتي تعبانة بجد
-عارف يا دكتور، ومقدر ده.. بس انا عايزك تبقى اقوى من كده
-حاضر يا استاذ ماهر.. اوعدك اني هحاول، واول ما احس اني بقيت احسن هنزل على طول
انتهت المكالمة بينهما بعد وقت قليل، ثم أخذت زوجته سماعة الهاتف لتعيدها لموضعها قائلة:
-كان عايز ايه يا رامز؟
في تلك اللحظة نظر لها بتجهم، وهو يجيب:
-ليه.. وانتِ ما تعرفيش هو عايز ايه؟ ما انتِ رديتي عليه، وعرفتي منه عايز ايه، وحكيتي معاه كمان.. عايزة تعرفي ايه تاني
-والله أبدًا...
قالتها باندفاع، وتوجس، فقاطعها هو هاتفًا بزجر:
-امشي.. امشي من وشي
صمتت، وهرولت هي خارج الغرفة على الفور دون أن تجادله، فهي تعي جيدًا لما يفعله وقت انفعاله.. كما تتأكد أيضًا من حنانه، وحبه.. لذلك تتحمله دائمًا اوقات غضبه وانفعاله دون أن تحمل في صدرها شيئًا سئ تجاهه.
* * * *
جلست عنان فوق مقعدها خلف المكتب، وكندا جلست فوق المقعد المقابل له، وبدءا يتداولان الحديث:
-هو صحيح ماله الحالة اللي كنتي عنده ده؟
قالتها كندا بفضول، واستفسار، فأجابت عنان وهي تضع إحدى ساقيها فوق الأخرى:
-يا ستي ده واحد مصاب باضطراب ثنائي القطب "Bipolar disorder"
-أوبس.. وجاله من ايه ده!
قالتها بدهشة، ثم اجابتها عنان بلهجة شفقة على هذا المسكين:
-جاله نوبة هوس اتسببت له في انفصال عن الواقع (الذهان) "Separation from reality"، وبعدها دخل في اكتئاب حاد.. وعشان ما لحقش نفسه من الأول واتعالج دخل في حالة ال Bipolar disorder "الاضطراب ثنائي القطب" دي
شهقت كندا تلك اللحظة، وتحدثت بفزع:
-ازاي! ايه اللي وصله لكدة؟
اعادت عنان ساقها لموضعها، وهي تقترب من المكتب لتتكئ عليه بساعديها، وتجيب:
-عادي.. جت له اعراض عاديه، زي قله النوم، وتشتت دايم، ودايمًا بيسوء اختياراته، غير المخاطر اللي بتتسبب فيها الاختيارات الغلط دي، ومع ذلك كان مستمر وعنده ثقة مبالغة في نفسه، وطاقة ونشاط غير عادي.. وما كنش بيلاحظ ان دي اعراض مرضية، وكان شايفها حاجة عادية، وطبعا طول الوقت بيلاقي نقد من ناس كتير حواليه بسبب المخاطر اللي بيسببها لنفسه، ولغيره نتيجة تصرفاته، واختياراته بجانب غروره طبعًا اللي كل الناس كانت بتنتقده.. لحد ما حالته ساءت مع الوقت ودخل في حالة الانفصال عن الواقع "Separation from reality"، وبعدها دخل في الاكتئاب.. فقد كل طاقته دي، وبقى بينام كتير جدًا، وما بقاش مركز، ولا عنده قدرة على التفكير، وبقى دايمًا متردد.. بقت حالته المزاجية سيئة جدًا، وطول الوقت حزين، وأحيانًا بيبكي من غير أسباب.. غير كمان انه فقد الشهية تجاه الاكل لدرجة انه فقد كتير جدا من وزنه بطريقة ملحوظة، ومع الوقت بقى يفكر في الانتحار، وبالفعل حاول الانتحار اكتر من مرة ولحقوه.
صمتت عنان، فهتفت كندا بشفقة:
-وبعدين؟
اجابت عنان:
-مامته هي اللي بدأت تلاحظ حالته في الفترة الاخيرة، ولما حاول ينتحر حاولت تجيبه المستشفى اكتر من مرة.. لكن كان بيرفض نهائي لحد ما الحالة ادهورت، ودخل في الاكتئاب الحاد "Acute depression" اللي بعدها بتتالي كل الاعراض دي اصيب بالاضطراب الثنائي القطب "Bipolar disorder"، وطبعًا اكتشفناه متأخر بعد ما والدته جابته هنا بالعنف.
صمتت عنان لحظات، ثم واصلت بتعجب:
- بس مالك مهتمة ليه ومندهشة ليه كده؟!
أجابت كندا باندفاع:
- ما انتِ عارفة يا بنتي اني تخصص اطفال، ومراهقين.. اي نعم درست اللي بتقولي عليه بس مش متعمقة فيه.. وبصراحة الواد ده صعبان عليا
صمتت.. ونظرت لها عنان بفهم، ولكن لم تجيب.
بعد لحظات صمت قليلة.. تحدثت كندا مجددًا بتساؤل:
-طب هتعملي ايه معاه؟ هيخف ولا هياخد وقت؟؟
أجابت في تلك اللحظة عنان بحزن:
-للأسف الاضطراب ده حالة مزمنة، بتستمر مدى الحياه ما دام ما اتلحقتش من الاول.. لكن في حل، أني اقدر في خطة علاجي ليه اسيطر على تقلباته المزاجية.. لأن التقلبات المزاجية في الحالة دي بتكون صعبة.. زي ما شوفتي كدة ساكت ومش عايز يتكلم، او حاسس انه مهدد وما حدش بيحبه، وده اوقات.. اوقات تانية بقى تلاقيه بيعمل حاجات غريبه، وساعات يكون مبسوط، ويقول انا عايز اتفسح واخرج، وشوية يبقى اسوء مما شوفتي كدة بكتير.. انا بقى لازم اسيطر على تقلب مزاجه لحد ما يبدأ يتظبط مع الوقت، وبعد كدة ابدأ في محاولة علاجه بالأدوية.. جايز يكون في امل ولو ضعيف.
صمتت عنان ويبدو على وجهها الحزن، وكندا أيضًا تغيرت ملامحها لحزن، وشفقة، وشردت بعيد.
ساد الصمت لحظات، ثم بترت عنان هذا الصمت قائلة:
-كنتِ عايزاني في ايه صحيح.. قولتي لي عايزة تستشيريني في حاجة باين.. صح؟
نظرت لها كندا وأجابت بمود عكر:
-آه.. كنت عايزة اخد رايك في حاجة خاصة بحالة "توحد".
* * * *
وصل حسام إلى القسم، واتجه نحو احد مكاتب اصدقائه الضباط، وطلب من العسكري الواقف أمامه أن يخبره بأنه يريد مقابلته، وفي انتظاره.
دق العسكري الباب، ثم دلف المكتب بعدما سمح له الضابط بالدخول، وأخبره بوجود "حسام" في الخارج وأنه يريد مقابلته.. طلب منه الضابط على الفور أن يدخله، وبالفعل سمح له العسكري بالدخول بعدما القى التحيه وخرج.
دلف حسام إلى المكتب، وتحدث وهو يغلق الباب:
-واحشني جدًااا
هم تلك اللحظة الضابط بالوقوف، وهو يهتف بسعادة:
-ا دكتور.. انت اللي واحشني اكتر
قالها وهو يخرج من خلف المكتب، ثم اقترب من حسام، ويقترب منه هو الاخر حتى تعانقا بسلام، واشتياق، وحسام يربت على ظهره قائلاً:
- حبيبي يا سليم
انتهيا من السلام، وتحدث "سليم" بترحيب مشيرًا لحسام بالجلوس:
-منورني والله.. اقعد، استريح.. عامل ايه؟
قالها وهو يعود خلف المكتب، ويجلس فوق مقعده، ثم يضيف:
-مش باين يعني
اجاب حسام وهو يجلس فوق المقعد المقابل لمكتب سليم:
-معلش والله مشغول شوية الفترة دي.. المهم انت أخبارك ايه؟
تبادلا الاثنان اطراف الحديث، والاخبار.. وبعد دقائق قليلة تحدث سليم بأهمية:
-ما تنسينيش.. قولي هتشرب ايه؟
-مستعجل والله يا سليم
قالها حسام رافضًا دعوته، فهتف سليم بإصرار:
-لا معلش.. احنا مش بخلا.. قول هتشرب ايه؟
ابتسم حسام بحرج، ثم أجاب:
-طب يا سيدي.. ممكن قهوة مظبوط
-بس كده.. عنيا
رفع سليم سماعة الهاتف الساكن فوق مكتبه، ثم طلب رقما ما، واعاد السماعة إلى وضعها ثانية بعدما طلب القهوة.
في تلك اللحظة تحدث حسام باكتراث:
-كنت عايزك بقى بصراحة في خدمة كدة.. ومش عايز حد يعرف بيها غيرنا
-خير؟
قالها باستفسار، فأجاب حسام:
-هديك اسم واحدة، وعايزك تعرف لي رقم موبايلها، ومكان شغلها، و ياريت لو كل حاجة عنها.. ينفع؟
نظر له سليم بتفكير، ثم أجاب بجدية:
-ينفع.. بس ما ينفعش الموضوع ده حد يعرفه.. ممكن أتأذى
-عيب.. ما تقلقش
-طب قولي بقى مين الواحدة دي؟
-واحدة كدة
قهقه سليم على رده، ثم تحدث:
-عرفت انا كده هي مين.. ماشي يا عم.. قولي اسمها ايه؟ بس بالكامل
تنحنح حسام في تلك اللحظة، ثم أجاب:
-اسمها...
.........
#بسمه_ممدوح
أنت تقرأ
جريمة ضد مجهول
Mystery / Thrillerالروايه بقلمي ، تابعه لصفحه " روايات بسوم " عبر الفيس بوك .... تحكي الروايه عن نهايه الغيرة و الحقد ، و عدم الرضي بما قسمه الله لنا .. و توضح نهاية كُل شخص يتفنن في عمل الجريمة لأي سبب ما .... الروايه غموض بوليسي ، لغز حول جريمة قتل تبحث فيه شرطة ا...