* الفصل الثاني عشر *

236 42 0
                                    

توقفت السيارة أمام المشفى ثم تحدث حسام بصوت خافت ناظرًا لعنان:
-اتفضلي يا انسة.. وصلنا
اومأت له عنان بصمت ثم فتحت باب السيارة وخرجت منها، وفعل هو مثيلها ثم اصطحابها بصمت إلى داخل المشفى.
صعدا الاثنان إلى المعمل وفي طريقهما شاهد نظرة في عينيها أخرجته عن صمته حتى هتف باهتمام:
-مالك؟
نظرت له بتعجب، فرمقها باستفهام حتى أجابت بعد لحظات:
-مالي؟
-خايفة ليه.. اهدي
-ومين قال اني خايفة او مش هادية
قالتها بتوتر فحاول تهدئتها بكلماته:
-مش قصدي حاجة طبعًا.. اقصد انك خايفة من دخولنا المعمل او الطريقة اللي هتتاخد بيها العينة.. ما تخافيش الموضوع بسيط
-مش خايفة
قالتها بجدية، ثم أشاحت بوجهها بعيد.
تجولت بعينيها في المشفى حتى وصلا امام المعمل.. نظر لها وتحدث بضيق:
-وصلنا.. اهدي عشان ندخل
اجابت في تلك اللحظة بانفعال:
-قولت لك هاديه
-انا اسف
صمت بعبوس وتقدمها حتى تتبعه ويدلفا إلى المعمل.
انتهيا من أخذ العينة ثم خرجا ونزلا الدرج في صمت حتى وصلا للباب الرئيسي للمشفى.. توقف في ذلك الوقت حسام وتحدث ناظرًا لها:
-هوصلك
-لا شكرًا هاخد تاكسي
قالتها بضيق، فأجاب هو بإصرار:
-لا معلش مش هينفع.. انتِ امانة معايا ومش هسيبك غير عند بيتك
-ومش هينفع توصلني لحد البيت.. كلام الناس يا دكتور
قالتها بجدية، فصمت هو لحظات بتفكير ثم عاد وتحدث قائلاً:
-مش مهم.. هنزلك بعيد شوية.. بس مش هسيبك تمشي لوحدك.. ماشي؟
تنهدت بتفكير، ثم اجابت بعد لحظات باستسلام:
-ماشي
وصلا الاثنان امام السيارة، فتقدمها هو ليفتح لها الباب المجاور له.. نظرت له بتعجب ثم استقرت السيارة بهدوء، فأغلق هو الباب وتوجه على عجل إلى الباب الأخر ليدلف السيارة بصمت ويسير على الفور.
                            * * * *
-بعرف اروح لوحدي
-انتِ اتهبلتي صح!
قالتها هي فأجابها هو بانفعال.. نظرت له بصمت ولم تجيب حتى واصل هو بجدية واهتمام:
-قولتلك قبل كدة مليون مرة اني مسؤول عنك.. يعني مش هسيبك تروحي لوحدك وانا معاكي.. لو شيفاني مش راجل قولي
صُدمت ولم تجيب فهي تراه أمير الرجال ليس رجلاً فقط.. هو بالنسبة لها الاب والشقيق والحبيب والصديق، فكيف لم يكن رجلاً او كيف تراه هي غير ذلك؟!.
لاحظ هو نظرتها المستنكرة فابتسم بحُب وأضاف:
-وحياة أمك ما هسيبك لوحدك أبدًا.. فاهمة ولا لا؟
تحولت نظرتها في تلك اللحظة للحزن ثم طأطأت رأسها للأسفل في صمت.. لاحظ هو حزنها فرفع وجهها لأعلى بيده لتنظر له.. شاهد رقرقت الدموع بعينيها فتقطب وجهه وتحدث بحنان:
-ليه كدة بس.. مش قصدي.. ربنا يرحمها
انهمرت الدموع على وجنتيها اثر كلماته وتحدثت بلوعة:
-وحشتني اوي.. ما كنش ليا غيرها.. ودلوقتي ما ليش غيرك.. لو سيبتني زيها هموت
جفف لها دموعها بكفيه وهو يجيب بصدق:
-والله عمري ما هسيبك ولا هبعد عنك
نظرت له نظرة يعرفها جيدًا، نظرة تستحلفه بها الا يتركها ويغيب، فهي لا تقوى على فراقه ولا تمتلك غيره، وهو أيضًا لا يمتلك غيرها او لا يريد غيرها.
بادلها النظر في ذلك الوقت بصدق، وكانت لنظراته لها فعل السحر عليها، حيث كانت تفهم عينيه جيدًا وتلك النظرة استطاعت تهدئتها، حيث رأت بها الصدق حقًا.. ابتسم عندما شاهدها تهدأ وتحدث باحتواء:
-هفضل جنبك.. اوعدك
                            * * * *     
رأته جالس فوق الأريكة عندما وصلت.. أغلقت الباب وهي تنظر له قائلة بجمود:
-مساء الخير يا أنس
-مساء النور يا حبيبتي.. تعالي اقعدي
تركت حقيبتها فوق احد المقاعد ثم جلست بجانبه فوق الأريكة واسندت راسها على كتفه بإرهاق وتحدث هو بتساؤل:
-ايه شكلك تعبانة.. عملتي ايه النهار ده؟
تنهدت ثم اجابت:
-الظابط اللي ماسك القضية كلمني وطلبني اروح له، ولما روحت له قالي لازم ياخدوا مني عينة ويحللوها وبيقول برضه هيعملوا كدة مع كل اللي شغالين في الشركة معاه
تعجب مما قالت ثم تساءل بعدم فهم:
-ليه يعني؟ مش فاهم!
-بيقولوا لقوا خرابيش في رقبته وده معناه انه أتخانق مع حد، فعاوزين يطابقوا الجرح ده بالعينات باين عشان يعرفوا مين اللي أتسبب فيها
استوعب ما قالت، ثم تحدث بفهم متسائلاً:
-طب وانتِ اللي أتسببتي فيها؟
-لا طبعًا
قالتها بنفس الجمود، فعاود بالتساؤل ثانية:
-طب وهياخدوا العينة دي امتى؟
-اخدوها خلاص.. انا كنت في المستشفى من شوية.. خدوها مني وجيت على هنا على طول
استمع لها بصمت ثم شرد، وبعد لحظات تحدث بتفكير:
-اوعي تكوني انتِ؟ احسن يشكوا ان انتِ اللي عملتيها وتتبهدلي
-والله ما انا يا أنس.. في ايه!
قالتها بانفعال ثم نهضت وتحدثت بضيق:
-انا هروح اغير هدومي
التقطت حقيبتها من فوق المقعد ولم تتيح له الفرصة للرد.
اتجهت إلى غرفتها على الفور.. دلفت إليها ثم اغلقت الباب خلفها والقت حقيبتها على الفراش بضيق، وشرعت في تبديل ملابسها.
                             * * * *
وصل العميد "غيث" القسم في اليوم التالي، وبعدما طلب قهوته بدأ في تفحص ملف القضية لدقائق ثم تركه ونهض من مقعده ليتجرد من سترته وبعدها جلس ثانية، وفي ذلك الوقت جاء الساعي بالقهوة.. تركها وخرج .. فور خروجه أزاح غيث القهوة بعيدًا ثم  أتى ببعض الأوراق من احد ادرج مكتبه ووضعهم فوق المكتب وشرع في رسم مخطط، وقبل أن ينتهي منه بتر انهماكه صوت طرقات الباب.. ترك القلم وسمح للطارق بالدخول.
فتح العسكري الباب ودلف المكتب، وتحدث بعدما القى التحية:
-دكتور حسام برا وعاوز يقابل معاليك
-خليه يدخل
-تمام يا فندم
القى التحية ثانية ثم خرج، وسمح لحسام بالدخول.
دلف حسام إلى المكتب حاملاً ملف.. أغلق الباب خلفه ثم اتجه إلى المقعد قائلاً:
-انا باجي لحضرتك من غير ميعاد.. سامحني
قالها وهو ممدًا يده لغيث ليصافحه، وغيث يجيب:
-عيب يا حسام.. اتفضل.. انا بتعامل معاك كأبن بعيدًا عن الشغل
-ربنا يخلي حضرتك يا فندم.. وانا بتعامل مع حضرتك في الشغل بود، مش بتعامل مع اي حد كدة
ابتسم غيث وتبادلا السلامات، ثم جلس حسام ووضع الملف فوق المكتب، وتحدث:
-لما لقيت تقرير المعمل الجنائي طلع قولت لازم اجيبه بنفسي لحضرتك
-كويس يا حسام.. طمني.. البصمات اللي على سكينة الكهرباء طلعت لمين؟
قالها غيث بلهفة ، فالتقط حسام الملف ثانية وفتحه، وتحدث وهو يجول بعينيه فيه:...
.......

#بسمه_ممدوح

جريمة ضد مجهول حيث تعيش القصص. اكتشف الآن