أرتدى غيث سترته بعدما حادث "ياسر" وكاتب الأقوال في الهاتف، وأمرهم بالتواجد في مكتبه الأن حتى يذهبا معه إلى منزل رامز، وبالفعل وصلا الاثنان، وغادرا المكتب مع غيث بعد دقائق، خارجون من القسم قاصدون منزل "رامز".
* * * *
وصلت عنان إلى القسم بعد نصف ساعة، وبعدما طلبت مقابلة العميد "غيث" أخبرها العسكري أنه غادر القسم منذ نصف ساعة، فأصرت أن تنتظره، وجلست في الأستراحة عازمة ألا تذهب من القسم إلا بعدما تقابله.
* * * *
وصل غيث ومن معه إلى منزل "رامز".. دق الباب حتى أنفتح ليكشف عن سيدة خلفه ترتدي ملابس من الواضح أنها ليست ملابس خاصة بالمنزل.. يبدو أنها عازمة على الخروج، وتحيط عنقها سلسلة ذهبية جعلت مقلتا غيث تتسع بتفكير قبل أن يتحدث طالبًا منها مقابلة "رامز".
سمحت لهم جميعًا بالدخول، ثم أغلقت باب الشقة، ودلفت غرفة النوم الراقد بها رامز لتخبره بوجود من يريدون مقابلته، فأمرها أن تذهب إلى حيث كانت ذاهبة، ثم خرج هو لهم.
جلس معهم بعدما حياهم، وبعدها تحدث غيث:
-انا جاي لك النهار ده عشان عاوزك تحكي لي كل حاجة عن حياة "عاصم" وأصحابه.. بص عاوز أعرف كل حاجة تخصه بالتفصيل
تعجب رامز، ثم تنحنح وشرع في الحديث.
ظل يثرثر فيما يقرب إلى ساعة، ولكنه لم يتفوه بكلمة مرضية بالنسبة لغيث، حيث كانت كل قصصه عادية وغير مثيرة للدهشة أو الشك، فنظر له غيث عندما صمت متسائلًا:
-طب ما قولتليش يا رامز.. ازاى انت وعاصم كنتوا أصحاب وهو عنده ٢٩ سنه، وانت في أواخر الاربعينات؟
-بحكم الشغل حضرتك
نطق بها رامز، فتسائل غيث ثانية:
-طب كانت ايه طبيعة صداقتكم؟ احكي لي عنها شوية
شرع رامز في الحديث، وغيث مستمع له، وأيضا لم يقول أي شيء مفيدًا في التحقيقات، وغيث ينصت له في غيظ حتى انتهى من حديثه، وانتهى معه كاتب الأقوال، فتناول غيث منه الدفتر، ووضعه أمام رامز قائلاً:
-طب أمضي على أقوالك يا رامز
التقط رامز الدفتر من أمامه، ثم وقع على أقواله.
لفت أنتباه "غيث" في تلك اللحظة شيء جعله يشعر بصدمة، وقشعريرة تسري في جميع أجزاء جسده.
جذب الدفتر من يد رامز بانفعال بعدما انتهى من توقيعه، ثم نهض من مقعده وسار خطوتان للأمام، وهتف وهو يشير "لياسر" وكاتب الأقوار بالنهوض حتى يغادروا المنزل قائلاً:
-هنسيبك أحنا يا رامز.. بعد أذنك
-أتفضل يا باشا
قالها رامز بهدوء، وعلى الفور غادر غيث ومن معه المكان، ثم ركبوا السيارة متجهون إلى القسم.
* * * *
وصلوا بعد وقت ليس بقليل ولا بكثير، وفور وصول غيث أمام مكتبه شاهد عنان تنتظر.. زفر بضيق، ثم توقف أمامها وقبل أن تتحدث لحقها هو بالكلام:
-انسة عنان.. أرجوكِ اصبري عليا شوية.. انا مش ساكت..
بترت عنان حديثه قائلة:
-يا فندم انا مش جاية لحضرتك عشان كده خالص
نظر لها بعدم فهم مترقبًا باقى حديثها، وهي تواصل:
-انا جاية معايا معلومات بخصوص القضية.. مش عارفة ممكن تفيد حضرتك ولا لا.. بس لازم تعرفها
تنهد غيث في تلك اللحظة، ثم أقترب من باب المكتب وفتحه، متحدثًا وهو ينظر لها:
-طب تعالي نتكلم جوا.. اتفضلي
دلف غيث إلى المكتب وتبعته عنان، ثم اغلقت الباب خلفها بعدما جلس هو فوق مقعده خلف المكتب، وبعدها جلست هي أمام مكتبه قائلة:
-انا سيبت الشغل وجيت لحضرتك على طول، ومستنية حضرتك بقالي ساعتين تقريبًا
-طب خير يا عنان؟ اتكلمي
تنهدت عنان مغمضة عينها، ثم فتحتها وقالت بأختناق:
-في المستشفى عندي حالة لشاب في العشرين مصاب "بأضطراب ثنائي القطب".. النهار ده جت لي ممرضة بتقول أن باباه في المستشفى وعاوز يشوفه، قولت لها تدخله لحد ما أخلص و أروح له، ولما روحت الأوضة قبل ما أدخل سمعت حاجة غريبة
نظر لها غيث باستفهام، فواصلت:
-سمعت والد الحالة دي بيقول له..
* * * *
-انا رجعت الشغل أمبارح خلاص، وهأخد مكانه، والمرتب هيبقى الضعف، والفلوس هتزيد، وهقدر أعمل شغل تاني مع نفسي، وكله عشانك.. انا مستعد أعمل أي حاجة عشان أشوفك كويس، ولو ينفع أعمل أكتر من اللي عملته ميت مرة، هعمل.. بس تقوم وترجع تاني وسطنا.. انا ما ليش غيرك يا ابني
صمت لحظات، ثم أكمل قائلاً:
-لو ينفع أسفرك برا هعمل كده.. لو في علاج لحالتك بملاين هعمل أي حاجة وهجيبه.. أرجع بقى يا أبني يا حبيبي ما تحرقش قلبي عليك أكتر من كده
* * * *
-طب وايه الغريب في كده؟
قالها غيث بتفكير مستفسرًا، وقد وصلت له جزء من الصورة يريد أن تستكملها له عنان، فأجابته عنان تلك اللحظة بعدما تنحنحت:
-لما خرج الشخص ده انا شوفته بس هو ما شافنيش.. وما رديتش اقابله لما عرفت هو مين.. لان هو يعرفني كويس لكن ما يعرفش أني انا اللي بتابع حالة ابنه.. حتى انا لسة عارفة ده النهار ده بس
-وكان مين الشخص ده يعني؟
نطقها غيث، فأجابته عنان:
-رامز
انتفض غيث، ثم نهض من مقعده فجأة، وهتف بانفعال قائلاً:
-يبقى انا كده فهمت
-فهمت ايه يا فندم؟
تسائلت عنان، فتحدث هو بضيق:
-بعدين يا انسة عنان.. ممكن انتِ تمشي دلوقتي، وانا هبقى اكلمك تاني
همت عنان واقفة باستغراب، ولكنها صافحته بصمت ملبية طلبه، ثم حيته وغادرت المكتب.
فتح غيث أحد ادراج مكتبه في ذلك الوقت، ثم أخرج منه ملف القضية، وفتح أولى صفحاته وظل محدقا بصورة "عاصم" المعلقة في بدايتها.
بعد مرور دقيقتان طوى الملف، وأتجه إلى باب المكتب، بعدما أخذ الملف الذي به أقوال رامز مع ذلك الملف الذي يحمله، ثم خرج من المكتب قاصدًا مقابلة "اللواء".
وصل إلى مكتبه، وطلب من العساكر مقابلته، وبعدما أستأذنه أحدهم سمح له اللواء بأدخاله، فدلف غيث إلي مكتبه، وجلس أمامه بعدما صافحه، ثم تحدث بأهمية:
-انا عايز القضية تتفتح تاني يا فندم
-تاني يا غيث!
قالها اللواء، فلاحقه غيث بالحديث:
-يا فندم مسموح أن لو لقينا أدلة تانية القضية تتفتح عادي، وانا جاي أخد أذن حضرتك.. انا وصلت لحاجات مهمة
-لا والله؟ والحاجات دي ما ظهرتش من بدري ليه!
قالها بتهكم، فأجابه غيث بجدية:
-لأني حاولت أخد طريق تاني للقضية، وأبدأ من الأول.. بس سبحان الله، الأدلة جت لي لحد عندي
لم يجيبه، ولكنه ظل لحظات يفكر، ثم قال بعدها بتفكير:
-عبارة عن ايه الأدلة دي يا غيث؟
فتح غيث في تلك اللحظة ملف القضية أمام اللواء وشرع في شرح بعض الأشياء له، وبعدما انتهى طوى الملف، وعاد ليشرح له بعض النقاط، ثم صمت لحظات وبعدها عاود الحديث قائلاً:
-انا عاوز حضرتك بس تديني أخر فرصة، وعاوز أذن نيابة بالقبض عليه، وبسحب عينة منه، وبتفريغ كاميرات المراقبة اللي في الشركة
رمقه اللواء لحظات، ثم هتف بتفكير:
-طب يا غيث، هشوف الموضوع ده وهتكلم مع الناس الكبيرة فيه وهرد عليك
نهض غيث في تلك اللحظه قائلاً:
-اشكرك جدا يا فندم.. بس أرجوك في أسرع وقت
-بإذن الله يا غيث
صافحه غيث، ثم أستأذنه بالخروج، وبعدها غادر المكتب.
* * * *
في المساء، وبعدما أخبرت عنان أنس بزيارة حسام لهم اليوم، وبعدما قصت عليه كل شيء، وبعدما حاولت جاهدة معه أن يوافق، جاء موعد الزيارة، ووصل حسام.
جلسوا الثلاثة مع بعضهما، وبدءا حسام وأنس يتبادلان الحديث، وعنان تنصت لهما في صمت بعدما أتت لهما بالقهوة.
طال الحديث بينهما مما جعل عنان ينتابها التوتر والقلق، ولكن أخيرًا كانت النهاية مرضية لها حيث وافق أنس، وقرأوا الثلاثة الفاتحة بعد ثلاثة عشر عامًا من الحب والألم بينهما، بدأت الأن تقترب أحلام عنان، وبدأت أمنيات حسام في التحقيق.
كانت قلوبهما تحلق في السماء وهما جالسان أمام بعضهما، وكل منهما لن يصدق ما وصلا له الأن.
.......#بسمه_ممدوح
أنت تقرأ
جريمة ضد مجهول
Mystery / Thrillerالروايه بقلمي ، تابعه لصفحه " روايات بسوم " عبر الفيس بوك .... تحكي الروايه عن نهايه الغيرة و الحقد ، و عدم الرضي بما قسمه الله لنا .. و توضح نهاية كُل شخص يتفنن في عمل الجريمة لأي سبب ما .... الروايه غموض بوليسي ، لغز حول جريمة قتل تبحث فيه شرطة ا...