-هستدعي تلاتة من الموظفين النهار ده، وابلغهم انهم لازم يجوا بكرا عشان نسحب العينات.. ولو حد فيهم ما جاش يبقى هو من غير تعب، وهجيبه من تحت الأرض
-شاكك حضرتك في التلاتة دول يعني؟
قالها حسام باستفسار، فأجاب غيث بتفكير:
-دول اللي شغالين تحت أيده في القسم ده.. يمكن كان في حد منهم غيران منه مثلاً ولا حاجة
صمت، وظلا الاثنان لحظات يفكران، ثم تحدث حسام باهتمام:
-من قبل ميعادي الصبح هكون في المستشفى يا فندم
انها المكالمة، ثم أغلق غيث الهاتف، والتقط القلم من فوق الورق، وعاود ما كان يفعله.
* * * *
يجلس بجوارها فوق الفراش، وتستلقي هي بين أحضانه بتعب، ويطوقها هو بيديه ويربت على شعرها من حين لأخر في صمت، حتى بتر ذلك الصمت بعد لحظات صوتها منهكًا قائلة:
-هو المرض ده مش هيرجع لي تاني خلاص؟
أجابها بحنو:
-طبعًا.. الدكتور شاله خالص الحمد لله.. هتتعالجي بس شوية صغننين خالص وهتبقي زي الفل
صمت وهو يقبل رأسها، فتحدثت هي بقلق:
-طب ليه علاج تاني؟.. يبقى هو كده ما راحش
ابتسم وهو يربت على كتفها وظهرها ويجيب:
-مش أي حد بيعمل عملية لازم ياخد علاج بعدها عشان يبقى كويس؟ ولا هي العملية وخلاص كده!
رفعت عينيها لتنظر له محاولة تصديقه، وهو يضيف:
-دي عملية زي أي عمليه.. لازم شوية علاج ومتابعة عشان ترجعي أحسن من الأول
وضع كفه على وجهها بعدما أنتهى من كلماته، وابتسم لها بحب حتى هدأت واعادت رأسها إلى موضعها باسترخاء، ثم تفوهت بهدوء:
-مش هتسيبني؟
ضمها إليه أكثر قائلاً بحنان:
-انا اسيب روحي وما اسيبكيش
* * * *
انتهت عنان من تبديل ملابسها، ثم جلست فوق فراشها بإجهاد وشرود، وظلت جالسه بعض الوقت دون ان تتحرك او تفعل شيئًا وعينيها شاردتان بعيد، ثم انتفضت فجأة خارجة من شرودها وهي تجول ببصرها باحثه عن حقيبتها، ثم نهضت لتلتقطها من فوق طاولة الزينة، وعادت مرة أخرى إلى فراشها.
فتحت الحقيبة وتفقدتها حتى عثرت عما تبحث.. اخرجت الدفتر الصغير الذي كانت تفتش عنه، ثم اخذت قلمها، ووضعت الحقيبة بجوارها.. فتحت الدفتر، ونزعت غطاء القلم عنه، وشرعت في تدوين بعض الكلمات.
"لا تأخذ مني ما تبقى من شبابي.. فكل ما تبقى مات
لا تعطني أمل في عودة حياتي.. وتؤلمني مرة أخرى من سُكات".
رفعت رأسها مستنشقة نفسًا طويلاً، ثم نظرت للمفكرة ثانية وأدارت الصفحة، وبدأت في الكتابة مرة أخرى.
"لا أستسلم مُجددًا وأسلم قلبي.. فأعطاني الماضي درسًا بقية عمري
فأيقنت أن الحب وهمًا.. وتأكدت أن حبك وجعًا
لست انا من مغفلين القلب.. المجروحين المستسلمين للحب
اصبحت لا اعرف معناه.. بالفعل قلبي تناساه
وقبل ان ينساه نَساك.. أخرجك مني وامحاك
كرهك وبغضك وانهاك.. وخارج ضلوعي القاك".
ارخت اعصاب يدها وهي تتنهد، ثم ادارت الورقة، ودموعها تترقرق في عينيها، وكتبت تلك المرة بلين وضعف سيطرا على روحها فجأة.
"ظللت في وحدتي بدونك.. وأهلي وعشيرتي عيونك
ومع ذلك ما زلت في حيره في حبك.. أتُحبُني؟ أمْ انا فقط في عقلك؟!
أتمني منك إجابة إلي.. فإجابة عيونك كافية للقضاء علي
فهناك لغز بداخلك.. تحكي نصفه عيونك، والنصف الأخر في شرودك
وما زالت تضطرب الإجابة.. غيابك أمْ وجودك!".
بكت بدون مقدمات، وقذفت القلم والمفكرة بعيدًا عنها بطريقة عشوائية جعلت كل منهما يرقد في موضع مخالف للأخر، ثم وضعت كفيها على وجهها ودموعها تزداد بألم وصوت بكائها يعلو بحرقة، وكأن تلك أولى المرات التي تبكي فيها وأخرها.
* * * *
أستيقظ حسام من نومه ليجد لميس بجواره تطوقه، كاد أن يدفعها بعيدًا عنه ويرتفع صوته بكلمات العنف والقسوة التي اعتادت عليها منه، لكنه سرعان تذكر وجودها بجانبه ليلة أمس عندما كان خائرِ النفس، فلم تتركه عندما كان في احتياج شديد للاحتواء، ومنحته إياه دون أن يطلبه بصراحة.. فقال في نفسه بشفقة لأول مرة يشعر بها تجاهها:
-ولماذا تصبح هي أكرم واعظم مني؟ لماذا لم أكن مثلها ولو لمرة، لم اخسر شيئًا إذا قلت لها كلمة طيبة، أو على الأقل أتركها لشئنها.. من الممكن أن ما أفعله بها هو ما يرد ليّ الأن.
صمت وتنهد وهو ينهض من مرقده ويربت على كتفها.
قبل أن يصل إلى باب الغرفة، أتاه صوتها تتحدث بفرحة ممزوجة بخمول:
-احلى كام ساعة في حياتي.. انا بحبك يا حسام
كان يعزم على الرد، ولكن كلماتها الأخيرة اوقفته مكانه في صدمة، ولُجمت لسانه عن الكلام.. فكانت تلك هي المرة الأولى التي تنطق فيها بهذه الكلمة منذ أن تزوجا وقبلها أيضًا.
* * * *
رفع حسام سماعة الهاتف الموضوع أمامه الذي يرن بعد وصوله المشفى بنصف ساعة، وضعها على أذنه، ثم تحدث بعدما أتاه صوت غيث:
-ازيك يا حسام
-الحمد لله يا فندم.. ازي حضرتك؟
تبادلا السلامات، ثم تحدث غيث بحماسة:
-التلاتة اللي هناخد منهم العينة، جم من شوية، وبعتهم على المستشفى مع ظابط واتنين عساكر...
قاطعه حسام قائلاً:
-خلاص يا فندم سيب الباقي عليا.. وبإذن الله هستعجل لحضرتك النتيجة
انتهت المكالمة بعد ثواني، وبعدما انتهى حسام من قهوته، جاءته مكالمة أخرى يخبره أحد العاملين بالمشفى بوصول الضابط والعساكر ومن معهم لسحب العينات.
اغلق حسام الهاتف، ونهض خارجًا من خلف المكتب، ثم خرج من الغرفة متجهًا إلى المعمل.
* * * *
في الثانية ظهرًا.. ظهر اليوم التالي، وصل حسام إلى قسم الشرطة.. صعد الدرج متوجهًا إلى مكتب غيث.. بلغ أحد العساكر الواقف أمام المكتب، العميد "غيث" بوجود حسام خارج المكتب منتظر مقابلته، وبالفعل أمره غيث أن يسمح له بالدخول.
دلف حسام المكتب بعدما خرج العسكري وسمح له بالدخول.
اغلق العسكري الباب، وتحدث حسام وهو يجلس فوق المقعد المقابل لمكتب غيث:
-مش قولت لحضرتك هستعجل النتيجة؟
ابتسم غيث وهو يجيب:
-طول عمرك ملتزم ومجتهد يا حسام
ارتسمت الابتسامة على شفتا حسام وهو يشكر غيث، ثم تحدث غيث متسائلاً:
-ايه بقى نتيجة التحليل؟.. طمني
تنحنح حسام، ثم وضع تقرير نتيجة التحليل أمام غيث قائلاً:...
.......#بسمه_ممدوح
أنت تقرأ
جريمة ضد مجهول
Mystery / Thrillerالروايه بقلمي ، تابعه لصفحه " روايات بسوم " عبر الفيس بوك .... تحكي الروايه عن نهايه الغيرة و الحقد ، و عدم الرضي بما قسمه الله لنا .. و توضح نهاية كُل شخص يتفنن في عمل الجريمة لأي سبب ما .... الروايه غموض بوليسي ، لغز حول جريمة قتل تبحث فيه شرطة ا...