-"دي هدية عشان قومتي لي بالسلامة.. والهدية الجاية هتكون حاجة شبهها شوية، بس هتبقى لسبب تاني.. بحبك".
ارتسمت الابتسامة على وجهها، ثم وضعت الورقة والظرف بجوارها، والتقطت هاتفها المحمول من فوق الكومود، وطلبت رقمه وانتظرت حتى أجابها وتحدثت بسعادة:
-انت بتعمل كل ده ليه!
-عشان بحبك
-ورحمة امي انا بموت فيك
صمتت لحظات، ثم أضافت:
-طلعت الهدية والجواب الاوضة ازاي؟ انت كنت حاجز من بدري ولا ايه؟
-لا يا ستي.. بس سيبتهم في الاستقبال وقولت لهم يطلعوهم اوضتك قبل ما انتي توصلي.. سهلة يعني
قالها بمرح، فضحكت هي قائلة باستفسار:
-صحيح ايه سبب الهدية اللي شبهها؟
ضحك ولم يجيب فكررتها ثانية وثالثة، ملحة عليه أن يجيبها، فتنحنح وقال بنبرة مليئة بالشغف:
-فاضل لنا سنه واحدة وبعدها سنة الأمتياز.. بعد السنة دي هخطبك، ونكمل الأمتياز مخطوبين
اتسعت عيناها، وانفتح ثغرها بدهشة، ثم قالت بعدم استيعاب:
-بتهزر صح!
-والله بتكلم بجد
كادت السعادة تجعلها تحلق في السماء، وشفتيها تتسعا أكثر بالأبتسامة، وبدأ ذهنها يذهب شاردًا بعيد في التخيل وهي بجواره مردتية فستان زفافها.. انطلقت منها ضحكة بابتهاج، ثم تحدثت بغرام:
-انت تجنن
* * * *
تأففت عنان عندما سمعت صوت رنين هاتفه.. أعتدلت في جلستها بخمول، ثم التقطت هاتفها المحمول من فوق الكومود، وأجابت.. كان المتصل هو الطبيب "نسيم" أحد زملائها بالمشفى.. تحدث ببعض من الغباء الذي تكرهه عنان فيه كثيرا:
-في حد جاي زيارة لحالة عندك يا دكتورة، وبيقول أنه والده.. الحالة اللي اسمها معاذ
أجابته بانفعال:
-وايه المشكلة يا نسيم؟
-اخليه يدخله عادي يعني؟
-عادي يا نسيم
قالتها باستشاطة.. فاردف هو بحمق:
-ما كنتي جيتي يا دكتورة
انفجرت في تلك اللحظة، وتحدثت بغضب:
-هو في ايه؟ هو ما ينفعش اخد اجازة واريح دماغي.. روح شوف شغلك والنبي وسيبني في حالي.. ماكنش يوم أجازة ده
أرتبك من رد فعلها، وحاول أنهاء المكالمة، وبالفعل أنتهت المكالمة وأغلقت عنان الهاتف على الفور بضيق، ثم قذفته بعيدا عنها، وعادت مستلقيه في فراشها محاولة الاستسلام للنوم.
* * * *
-مالك؟
قالتها بقلق لما يبدو على وجهه من ضيق.. لم يجيبها، فتساءلت ثانية وهي تزداد في قلقها ودقات قلبها تعلو.. أجاب في هذه اللحظة وهو ناظرا للأرض بخجل:
-ينفع تستنيني ونتخطب بعد سنه الأمتياز؟
نظرت له بعدم فهم وهي ترفع وجهه بكفها لتقابل عينيه حدقتيها.. لاحظ هو التساؤل في عينيها، فأضاف بحزن:
-بصراحة كلمت بابا، وللأسف هو شايفني عيل، ورفض موضوع أني أخطب دلوقتي ده خالص، فانا عاوزك تستحمليني السنة دي، وبعدها هنبقى خلصنا وبنشتغل وهبقى راجل من وجهة نظره قادر أعتمد على نفسي وساعتها هيوافق
نظرت له بحب، ودموعها تتساقط فوق وجنتها دون قصد منها، ثم أمسكت كفه وقبلته، ثم عدلته لتقابل راحته شفتها، وقبلتها أيضًا، ثم نظرت له مجددا وتحدثت بصوت هادئ مليء بالصدق والعشق:
-انا عندي أستعداد استناك العمر كله وعمري ما هكون لحد غيرك.. انت مش بس حبيبي وابويا واخويا وابني.. انت حياتي اللي من غيرها أموت.. انت أنقذت حياتي، وانا مش هأمن على نفسي مع حد غيرك أبدًا
أنهمرت دموعه عنوة عنه وهو يقترب منها ويضمها إليه وينطق بضعف:
-انا ما ليش غيرك.. انا بحبك
* * * *
وصل حسام إلى المشفى التي يعمل بها، وبعد وصوله بساعتان وصل غيث إلى المشفى ومعه اثنان من العساكر، وزيدان وزوجته.
تركهم غيث جميعًا في الاستراحة، وذهب إلى مكتب حسام، طرق على الباب فسمح له حسام بالدخول.
فتح الباب ودلف إلى المكتب.. عندما شاهده حسام امامه هم واقفا، وتحدث باهتمام:
-غيث بيه؟ حضرتك جاي بنفسك لحد هنا.. ايه الشرف الكبير ده!
اقترب منه غيث مبتسمًا، ثم مد يده له وصافحه، وبعدما انتهى السلام بينهما جلس غيث في المقعد المقابل للمكتب، وعاد حسام إلى مقعده، وبدأ غيث في الحديث:
-زيدان ومراته برا.. وبجد قلقان من النتيجة
رد على الفور حسام باهمية:
-إن شاء الله خير يا فندم.. انا هطلب لحضرتك حاجة تشربها ولحد ما نخلص تستناني هنا في المكتب
اومأ غيث، فسئلة حسام عن نوع المشروب الذي يريده، وكان قهوة كالمعتاد.. طلبها له حسام، وبعدما أتى بها الساعى نهض حسام من مقعده، ثم استأذن غيث، وخرج من المكتب تاركه بمفرده، واتجه هو إلى حيث يجلس العساكر وزيدان وزوجته بعدما امرهم في المعمل بالتجهيز لأخذ العينات.
القى عليهم السلام، ثم اصطحبهما ومعهما العساكر إلى المعمل ليأخذ منهما العينات.
* * * *
-خليكي مكانك.. انا هعدي اجيبك
-بعرف اعدي السكة على فكرة
قالتها بضحك وهي تحادثه في الهاتف، وكل منهما في جانب مخالف عن الأخر في طريق الكورنيش.. لم تتيح له الفرصة أن يفعل أي شيء، حيث أندفعت على الفور في السير متجهة إليه وهي تنظر له بجنون، ولكنها ما لبثت، إلا وأتتها دفعة قويه من سيارة تسير بسرعة عالية.
ارتطمت بالأرض بقوة بعدما حلقت لأعلى سنتيمترات، ولم يمتلك صاحب هذه السيارة الرحمة ليقف وينقذها، حيث هرب بسرعة أعلى من سرعته التي كان يقود بها السيارة عندما اصطدم بها.
سقط الهاتف من قبضته بصدمة، وغَر فاهه عن أخره بعدم استيعاب، وبعدما لملم أعصابه انطلق إليها بجنون وهو يصيح بأعلى صوته، وكُل مِن مَن حولها ينظر له بعدم فهم، حتى استوعبوا جميعًا بعض لحظات انه يعرفها ومن الممكن أن يكون شقيقها او مخطوبها.
وقع بجوارها وضمها بقوة إليه ودماءها تنسال بغذارة عليه، ويبدو انها ليست في وعيها، رافض هو تماما تخيل ما حدث لها، وما ممكن أن يكون حدث وهو لم يعلمه حتى الأن، ارتفع صوته اكثر بالصراخ مناديا عليها بلوعة، وتنطلق من ثغره كلمات متناثرة دون وعي:
-ما تسيبنيش.. مش هعرف.. مش هعرف أعيش من غيرك.. قومي.. أبوس أيدك.. قومي
ظل هكذا، ولا أحد ينجح في محاولة تهدأته، وكلما سمع كلمات من الأشخاص حوله تعطي معنى بوفاتها، يصرخ أكثر وتزداد حالته، ولم يستعب ما يحدث إلا عندما أتت الإسعاف واخذوها رجال الإسعاف من بين احضانه.
نهض تلك اللحظة من جلسته على أسفلت الطريق وهو يركض خلفهم بترنح، حتى دلف معها سيارة الإسعاف وهو يبكي بقهر إلى أن وصلت الإسعاف إلى المشفى وقاموا رجال الإسعاف بنقلها إلى داخل المشفى، وهو يسير خلفهم بسرعة.
أضطر تمالك أعصابه عندما توقف أمام الاستقبال حتى يسجل بياناتها، ويدفع مبلغ من المال تحت حساب التكلفة اللازمة.
أنتهى ثم صعد الدرج مسرعًا، متجهًا نحو غرفة العمليات، حيث قاموا الممرضات بأدخالها الغرفة من دقائق.
طال الوقت وهو في انتظارها وقلقه يزداد ويفقد أعصابه شيئا فشيء ولم يأتيه خبر عن حالها منذ أن تركها، ولكن بعد نصف ساعة اضافية، خرجت أحدى الممرضات من الغرفة متجهة نحوه في سرعة، وتحدثت بلهفة:
-حضرتك اللي جاي مع الحالة؟
-ايوة انا.. في ايه؟
قالها بتوتر، فأجابته بخوف:
-أحنا محتاجين دم ضروري نزفت كتير جدًا، وفصيلتها نادرة ومش موجودة عندنا
اتسعت عينيه وهو يضرب على جبينه، وهتف بغضب وقلة حيلة:
-يعني أيه؟ ازاي ما عندكوش؟ أجيب دم منين انا دلوقتي، اسيبها تموت يعني!
-ممكن من بنك الدم
-دلوقتي!
قالها بصوت أعلى وانفعاله يزداد، فحاولت تهدأته، حتى خفض صوته بعض الشيء، وتحدث بضعف:
-طب ينفع اتبرع لها انا؟
-فصيلة حضرتك أيه؟
لم يجيب وظل يفكر لحظات، ثم تحدث بتوتر وجهل:
-مش عارف
-يبقى مش هينفع يا فندم، ومش بالسهل نلاقي الفصيلة بتاعتها
-طب انا اعرف فصيلتي ازاي؟
قالها بثورة، فتحدثت هي بارتباك:
-خلاص يا فندم اهدأ، هسأل الدكتور
تركته على الفور وركضت نحو غرفة العمليات، ودخلتها..
بعد دقائق خرج طبيب من الغرفة متجهها نحوه، ثم تحدث عندما وقف أمامه:
-قالوا لي انك عاوز تعرف فصيلة دمك عشان التبرع.. حضرتك ممكن تتفضل معايا على المعمل ونعمل تحليل سريع، ونعرف
وافق على الفور وذهب مع الطبيب إلى المعمل.. جلس فوق مقعد في المعمل، ثم أتى إليه طبيب المعمل وسحب منه عينه من الدم، وبعدها حاول طبيب الجراحة أن يخرجه ينتظر في الاستراحه ولكنه رفض وكاد أن يفعل جلبة، فتركه الطبيب محاولًا تقدير حالته، ومدى قلقه وتلهفه على معرفة النتيجة.
خرج الطبيب قاصدًا غرفة العمليات بعدما أوصى طبيب المعمل بالسرعة في تجهيز النتيجة، وطلب منه إرسالها له فور ظهورها.
ظل جالسّا فوق المقعد بتوتر، وهو يتأمل طبيب المعمل الذي أخرج شريحة زجاجية، ثم وضع عليها ثلاث نقاط من محاليل مختلفة.. واحدة من محلول (Anti A)، والثانية من محلول(Anti B)، والأخيرة من محلول (Anti D)، ثم وضع نقطة من الدماء على كل محلول منهم، وقام بالتقليب قليلا، وانتظر ليرى مع أي محلول تحدث التجمعات حتى يعرف النتيجة.
بعد دقيقتين، تحدث الطبيب، وهو يجهز النتيجة ليرسلها لطبيب الجراحة:
-فصيلة دمك O-
نهض في تلك اللحظة، ثم أقترب من الطبيب قائلا:
-اديني طيب النتيجة انا هطلع بيها للدكتور
نظر له الطبيب لحظات بتفكير، ثم اومأ، وبعدما انتهى أعطاه النتيجة، فانطلق على الفور خارجًا من المعمل، ثم صعد الدرج على عجل متجها إلى غرفة العمليات.
حاول مناداة أي شخص ليخبر الطبيب بظهور النتيجة، ولكن لم أحد يسمعه، ومع حسن حظه بعد دقائق قليلة خرجت ممرضة من غرفة العمليات، فحادثها بلهفة:
-نتيجة التحليل طلعت.. عايز الدكتور
طمئنته انها سوف تخبره، ثم عادت ثانية إلى داخل غرفة العمليات، واخبرت الطبيب، وخرجا الاثنان مجددًا.. ذهبت هي إلى حيث كانت قاصدة، ووقف الطبيب أمامه، وتحدث باهمية:
-وريني النتيجة
مد يده له بها، وهو يتحدث بقلق:
-قالي O-
نظر الطبيب في النتيجة، فأضاف هو متسائلًا:
-هينفع اتبرع لها؟
رفع الطبيب عينيه من التقرير، ونظر له، ثم تحدث بهدوء:...
....#بسمه_ممدوح
أنت تقرأ
جريمة ضد مجهول
Mystère / Thrillerالروايه بقلمي ، تابعه لصفحه " روايات بسوم " عبر الفيس بوك .... تحكي الروايه عن نهايه الغيرة و الحقد ، و عدم الرضي بما قسمه الله لنا .. و توضح نهاية كُل شخص يتفنن في عمل الجريمة لأي سبب ما .... الروايه غموض بوليسي ، لغز حول جريمة قتل تبحث فيه شرطة ا...