انتهى مراد من تعقيم جراح آدم بصمت مطبق من كليهما، نهض ليغسل يديه ثم عاد باسماً : يبدو أن نور قد نسيت أمر القهوة نهائيًا .
ما زال الوجوم يسيطر على تقاسيم آدم الذي أرجع رأسه إلى الوراء متمعناً بالسقف، تقدم مراد ليجلس قبالته وربت على فخذه : ألن تخبرني ما سبب عراك الثيران هذا ؟
تطلع آدم به بابتسامة شاحبة ثم اعتدل ليهتف بحنق :لو لم تترك اختك حتى انتصاف الليل برفقة ذلك الوقح لما كانت هنالك مشكلة من الأساس ..
انفرجت عينا مراد بعدم فهم :
- إنه ابن عمهااحتقن وجه آدم ونهض وقد استفزه جواب مراد :
-أنت شخص لا مبال إطلاقاً يا أخي .... تتركها معه بمفردهما لمنتصف الليل وتقول أنها مسألة عادية مراد ؟! .
لوح مراد بيده قائلاً بعتاب :
- اسمعني آدم، انا اعرف جيدًا أخلاق ابن عمي ، و أستأمنه على حياتي، لا على شقيقتي فقط افهم ذلك جيداً، كما أنك كذلك تقوم بإيصال نور في كثير من الأحيان الى أي مكان تريده بل نسمح لك بالاختلاء معها حينما تقوم بإعطائها الدروس ولك حرية القرار بشأن الكثير مما يخصها لأنك بمثابة شقيقها وأثق فيك تمامًا كما أثق بكريم فلا داع لتماديك بمسألة العناية بها لأنني ووالدي موجودان عند اللزوم .. والثقة التي نمنحها لكما ليست تهاوناً افهم ذلك وضعه في حسبانك ...
لو رأيت من كريم ما يعيب تجاه شقيقتي لكنت اقتلعت حنجرته ولك المثل...
خرج آدم بغضب إلى الشرفة كيلا يحطم فك مراد، فكيف بجروء من الأساس أن يضع نور بخانة الشقيقة ! كيف يجرؤ على التلفظ بهاتك الحروف القاتلة ؟ هي لم ولن تكون شقيقته، هي حبيبته، طفلته الصغيرة ، عشق شبابه الذي تفتحت مشاعره من خلالها، هي فقط من أثارت بداخله مشاعر الحب الأول، الحب الجميل النقي ، أخذنفسا عميقاً ليستنشق الهواء عله يهدئ من وتيره غضبه كيلا تتصاعد مجدداً...
فكيف لمراد ان يكون أعمى بهذا الشكل الا يرى مشاعره تجاه نور!؟ ألا يرى مشاعر كريم تجاهها؟ ألا يرى نظرات كريم إليها كلما اجتمعوا؟!قبض على العارضة الحديدية وكأنه سيسحقها تحت وطئ كفيه، فتقدم منه مراد ليستند بظهره على العارضة متأملاً تعابير وجه آدم الانفعالية ، تلخبطت أفكاره وأخذ يفكر بسر غضبه المبالغ فيه ،ثم انفرجت عيناه بعدما استشعر الحقيقة :
-مهلاً ..... هل تحمل أية مشاعر تجاهها !.
باغته السؤال المفاجئ كطلقة رصاص انبثقت من فم مراد لتقتحم صدره .تطلع فيه بتشتت، بضياع حقيقي، وكأنه أمام قاض في المحكمة، هل سيعترف بجرمه المتمثل بعشق نور ، هل ينكر ، لا ... لا بد وأن يهرب الآن من أمامه .
- أنت فعلاً لا تطاق !
انطلق لسانه يقول تلك الكلمات ودلف إلى الصالة مجدداً هربا ًمن نظرات مراد التي شعر بها تخترق ظهره لتعيث بداخل صدره دمارًا، وكأنه فعلا يبحث عن نور بين ضربات قلبه المفضوح .
-وصلني الجواب ...اعترف بأنك جبانٌ إذن "نطقها مراد باستهزاء وهو يتجاوز آدم ليخرج لكنه استدار مجدداً وقال محتدا : لو كنت تكن لها أية مشاعر سأقف في وجهك .... فمن لا يملك القدرة على الاعتراف بمشاعره لا يستحق حتى الوثوق فيه يا آدم .
أنت تقرأ
جنوني بعينيكِ انتحار
Romanceقد تخلو الزجاجة من العطر..لكن الرائحة ستبقى عالقة فيها...كما الذكريات تماماً قد يخلو القلب من الحب, لكن آلام تلك الذكرى التي تسيطر على القلب ستبقى....فلذكرياتنا رائحةٌ تعبق بالقلب ولا تزول. قد تعتقدون أنها مجرد قصة حب جامحة تنتهي بالنهاية الحتمية حي...