وكما هو مخطط صعدا درجات السلم حتى وصلا ناحية السطح، تقدم كريم من السور الحجري واستند بمرفقيه عليه ليتطلع إلى الحديقة التي اكتظت بأصدقاء العائلتين، أشعل سيجاراً و شرع بتدخينه ريثما يصل مراد إليه.. كان الجو أميل للبرودة والقمر مكتمل يغمر بضياءه الموجودات حولهما.. تجولت جمانة قليلاً وضحكت ببلاهة فالسطح يلتمع أكثر من ذلك الزقاق الذي تعيش فيه! توالت الدقائق وكلاهما في عالمه الخاص حتى قفزت لتجلس على السور الحجري تنبه كريم لتلك الجنية التي جلست على السور فأمسك بساعدها وهتف بغيظ: إنزلي يا متخلفة ستقعين !
- إنه عريض..كنت أسير على سور أضيق منه في الميتم أتريد أن أريك ؟نفخ بضيق وقال بجدية: لا شكراً. انزلي لا ينقصني أن أبتلي بك في هذه الليلة"
انصاعت لمطلبه وبقفزة واحدة كانت على الأرض, شرعت بالحديث مجدداً لولا أن كريم سمع خطوات سريعة تصعد على السلم..تقدم بهدوء ليتأكد من أنه مراد فجحظت عيناه وركض من فوره ناحية جمانة وهو يشير لها بأن تصمت دفعها ناحية الغرفة التي على السطح وأغلق الباب بهدوء وقد أدرك ان آدم قد صعد : هس هنالك أحد قادم "تقدم بخطى بطيئة ناحية النافذة ليدقق النظر, لحقت به جمانة وحشرت نفسها وتمتمت بابتسامة لم تستطع إخفائها: استاذ آدم"
-هس, هس" قالها كريم ولكزها بكوعه بخفة لتصمت وعاود مراقبة آدم الذي أخرج هاتفه وصار يعبث به.تناولت نور فستانها الوردي الناعم الذي وجدته على سريرها
قرأت على بطاقة كانت معلقة به : هدية لأجمل دكتورة .. مراد "تبسمت بسعادة وارتدته وتأملت نفسها في المرآة: كان فستاناً طويلاً صدره يتزين بأزهار هفهافة بيضاء وأكمامه طويلة من الشيفون، رفعت شعرها الكستنائي بطريقة بسيطة لتتزين بخيط رفيع من الماس،وقبل أن تخطو خارج غرفتها بعث لها آدم رسالة نصية : لاقيني على السطح نوارة "
خطى مراد تجاه إليسا وهي تتزين أمام المرآة، حاوطها بذراعه وشدها إليه قائلا بخفوت : فاتنةٌ كعادتك يا وحس الشوكولاه" تبسمت إليسا بتهكم ثم أجابت بقوة لم يعهدها بها : فاتنة ! نعم لكنني أتزين لأجل أن أشارك نور فرحتها وفقط"
قربها منه أكثر ليردف : لا تكوني قاسية، أعرف بأني قصرت بحقك كثيرا في الآونة الأخيرة "
ضحكت باستخفاف وهي تطالعه عبر المرآة وأجابت : أتعلم ما الفرق بين جراح الروح وجراح الجسد يا مراد ؟ " حدق بها عبر المرآة لتردف بذات الثبات: جراح الجسد قد تلتئم وتشفى بسهولة مع الزمن، أما جراح الروح فهي كشقوق الزجاج لن تلتئم "
أرواحنا كالزجاج إن تهشمت لن تلتصق أبدا"
أدارها ناحيته فجأة ليهتف باستغراب : من علمك هذا الكلام بحق الله !
ندت عيناها بدموع قهر لتجيب وهي تصفق بفرح مفتعل : مفاجأة أليس كذلك"
ثم دفعته بصدره لتردف بقسوة: أخبرتك أني لم أعد أرنبة صغيرة، لقد كبرت أرنبتك يا مراد بك والفضل يعود لك... فشكراً"
اضطربت روحه إثر كلماتها الملتاعة فدفنها بصدره ليقول بصوت مرتجف: أليسا ! حبيبتي !،
قالت وهي جامدة كصخر بين يديه: حبيبتك! أشك بذلك فعلاً...طيلة الشهرين الماضيين لم تصحى فيهما عن ثملك، سمعتك مراراً وأنت تهذي باسم جمانة، لم أتوهم ذلك، وقبلها كنت مجرد طفلة حمقاء وصدقت أكاذيبك، تتسلى مع النساء كمراهق ثم تعود لأرنبتك الصغيرة بعدما تنال ما بشبعك منهن "
أنت تقرأ
جنوني بعينيكِ انتحار
Romansaقد تخلو الزجاجة من العطر..لكن الرائحة ستبقى عالقة فيها...كما الذكريات تماماً قد يخلو القلب من الحب, لكن آلام تلك الذكرى التي تسيطر على القلب ستبقى....فلذكرياتنا رائحةٌ تعبق بالقلب ولا تزول. قد تعتقدون أنها مجرد قصة حب جامحة تنتهي بالنهاية الحتمية حي...