*1980*
ما زال عابد محتجزاً رغد لكنه لم يحاول مرة أذيتها، هي كانت تثور أحياناً ، تصرخ وهي تضرب الباب بعنف( من أنت ...أين أنا ، ماذا تريدون مني ) لكن لا استجابة منه أو من أحد !
يفتح عابد المزلاج ثم يخطو الى الداخل وهو يحمل لها صحفة الطعام يضعها على الكومود بجانب السرير و ينظر لها فقط بعينين على الرغم من قسوتهما ظاهرياً إلا أنهما يحويان حزناً دفينا محفورة آثاره عليهما، ينتظر الأوامر فقط كي يفك أسر هذه المسكينة التي كانت مجرد وسيلة إلهاء لتشتيت والدها الضابط مدة من الزمن وإشغاله عن عمليتهم الأخيرة بتكثيف البحث عن ابنته فقط .ومساء ذات ليلة شعرت بمزلاج البوابة يتزحزح وظنت أنه عابد كما هي العادة لكنه ليس الوقت الذي اعتاد عابد المجيء فيه ! ، انكمشت على نفسها أكثر عندما تبينت ظلاً ضخما يتقدم ناحيتها ودلف الرجل الى الداخل بخطى واثقة، لكنه لم يكن عابد ....بلا إرادة منها التصفت على الحائط بذعر وهتفت : من...من أنت؟ ، لكن الرجل كشر عن ابتسامة ماكرة وهو يهمس: ألم تشعري بالملل ...لنتسلى قليلاً أيتها الجميلة .
وتقدم ناحيتها بثبات أكبر لتصرخ بأعلى صوت وهي تستغيث،تهجم الرجل عليها وكمم فمها هامساً بفحيح : هسس ...لا تقاومي .
ولم يكد الرجل يقرب منها حتى مزقت أذنيها صوت رصاصة عالية وسقط الرجل على الأرض يعتصر قدمه من الألم، نظرت بجذع ناحية الباب لتتبين عابد واقفاً أمامه وعيناه ممتلئتان بالغضب ، ضرب برجليه الأرض بعنف وهو يتقدم من الرجل ثم تمسك بتلابيبه وهتف جازا ًعلى أسنانه : أخبرتكم أن الاقتراب من هذه الغرفة يعد انتحار لكم ...... فلتتحمل النتيجة أبها الوغد ،
وكاد أن يجهز عليه هذه المرة برصاصةٍ على صدره لكن رغد صرخت فيه بجزع ....لاا أرجوك ...لا تقتله .
وانهارت ببكاء عنيف في حين أن الرجل كان يتلوى من الألم، بصق عليه باشمئزاز ثم صاح بصوتٍ هادر لأحد الرجال ليقوم بسحبه الى الخارج ،
وما زالت نظرات رغد يتملكها الفزعقال وهو يخطو إلى الخارج : لن يستطيع أحد أن يؤذيك ما حييت لا تخافي .
رفعت رأسها ناحيته وبعينيها الملبدتين بالدموع نظرت اليه ليرتعد ولأول مرة جراء نظراتها البائسه ، همست بصوت متحشرج : -ماالذي تريده مني .
لا يعرف كيف استند بكفه على الباب مجيبا ببساطة كمن يحادث صديقاً قديما ًبأمر طبيعي فعلاً :
-وجودك هنا مسألة وقت لا أكثرلا تقلقي ولن يؤذيكِ أحد هذا وعدٌ مني .
-عقدت حاجبيها بعدم فهم وسألت : من أنتم ، ماالذي تفعله هنا وأين أنا ؟
فتبسم بتهكم مجيباً :
قلت لك سابقا أنت في وكر شياطين الأرض ..
وأغلق الباب خلفه ببساطة وولى مغادراً .***********
عودة إلى الزمن الراهن ..وبدأ فحص شهادة الثانوية، استيقظت نور صباحاً وقلبها مضطرب جدًًا.. خائفة من الامتحان فهو الذي سيحدد مصيرها لتحقيق حلمها للاتحاق بكلية الطب، دعت الله سبحانه أن يلهمها الهدوء والتوفيق، ارتدت ملابسها على عجل وكان بادياً على وجهها الشحوب والإرهاق لكنها لم تستطع تناول الطعام رغم الحاح عبير، فاحتضنتها قائلة :ثقي بنفسك يا ابنتي وتوكلي على الله .
خرجت من الباب لتتلاقى مع آدم الذي كان ينتظرها أمام السلم ليلقي عليها تحية الصباح ...
تبسم بحنو وهو يرى نظراتها المتوترة ووجهها الشاحب ودعت نور والدتها وهرولت درجات السلم
أومئ لها وهبط درجات السلم و استقل دراجته النارية للذهاب إلى جامعته وكم كان راغباً في توصيلها لكن مراد كان قد خرج بذات اللحظة فاستقلت السيارة لينطلق فيها مراد دون حتى أن يلقي التحية على آدم الذي قطب حاجبيه انزعاجا من تجاهل مراد له ...
أنت تقرأ
جنوني بعينيكِ انتحار
Romanceقد تخلو الزجاجة من العطر..لكن الرائحة ستبقى عالقة فيها...كما الذكريات تماماً قد يخلو القلب من الحب, لكن آلام تلك الذكرى التي تسيطر على القلب ستبقى....فلذكرياتنا رائحةٌ تعبق بالقلب ولا تزول. قد تعتقدون أنها مجرد قصة حب جامحة تنتهي بالنهاية الحتمية حي...