كان مراد قد وصل لتوه ليراهما على هذه الحالة، بعدما أغلق كريم بوجهه خط الهاتف حينما أخبره بأنه استطاع المجيء لاستلام الفستان ليقوم كريم بتجهيزه.. تطلع كريم بها مشدوها غير مصدقٌ أن جمانة التي اختفت لشهرين عن مراد هاهي بهذه اللحظة بين يديه ! بينما تطلعت هي بصدمة بمراد الذي جمد بمكانه وكريم ما يزال ممسكاً بقلادتها بكف والكف الأخرى تلامس ذقنها، خرست أفواه الثلاثة ليعم الصمت المهيب المكان، بلحظةٍ تمالكت جمانة نفسها وتنبهت لالتصاق كريم الشديد بها بل وملامسته لوجهها بهذا الشكل فدفعته بكف يدها ليرتد إلى الوراء جالساً على الأرض بينما هتفت به بارتباك : ماهذه الوقاحة !وقفت بمكانها مستعدة للهرب بينما تقدم منها مراد وقد أعمي بصره عن كل من حوله، بلحظةٍ كان قبالتها مباشرة، بل وكأنه رأى شياطين الأرض أمامه قد اجتمعت، هي بهذا الفستان على الأرض وأمامها كريم! كريم! ما هذا بحق الجحيم أي كابوسٍ لعينٍ هذ؟! تمسك بذراعها بعنف دون أن ينبس بكلمة وجرها ورائه ليصعدا درج المتجر للطابق الثاني.. وعينيه قد استحالتا لجحيم مشتعل،صرخت به محاولةً أن تحرر ساعدها من قبضته ليصرخ بصوتٍ جلجل جدران المكان: ابتلعي لسانك" فهتفت بلعثمة وهي تحاول السيطرة على خطواتها: مراد الفستان طويل سأتعثر، أيها الغبي" استدار ناحيتها فوراً لترتطم بصدره فانحنى ورماها على كتفه وأكمل خطواته التي تضرب الأرض وكأنه سيسحق البلاط تحت وطئ قدميه.
تدارك كريم نفسه ووقف متنبهاً لنظرات الزبائن والموظفين الذاهلين حوله لأن ابن عمه المجذوب قد حمل الفتاة كشوال الأرز! تنحنح بارتباكٍ وخطى صاعدًا ورائهما...
رماها مراد على الكرسي الجلدي وضرب الباب خلفه وقد تعالى صياح الشياطين خلفه ومن حوله.. تطلعت بعينيه برعبٍ جلي .. توقفت أمامه محاولة استجماع قوة تظنها ستظهر حتماً ، تعالت وتيرة أنفاسه، كان يريد فقط إطفاء لهيب صدره المتوقد جراء اختفائها، لا بل يريد أن تنالها حرائق صدره، لتلتاع كما لوعته طيلة شهرين كاملين، صفعها بعنف لتشهق بصدمة بعيون تحجرت الدموع فيها ابعدته بعنف لتغادر عنها لكنه أخذها بين ذراعيه، شدها بقوة إلى صدره وهو يشتمها ساخطاً...اعتصرها بين زراعيه وأردف بضعف: يا مجنونة، بحثت عنكِ بكل مكان.انكمشت على نفسها وهو يشد بذراعيه على جسدها حتى كاد تنفسها أن ينقطع، قالت بلعثمة وبحروف بالكاد خرجت: ابتعد..س... سأختنق !
لكنه لم يستمع لكلماتها، لم يفهم ما تنطقه تلك الجنية القصيرة، كان بعالمٍ آخر تماما ً وكأنه حظي بكنز ثمين طال بحثه عنه ..ولم يشعر إلا على قبضة عنيفة تعيده إلى الواقع مجدداً، ضغط كريم على ساعده قائلا بحدة :
- اتركها يا مراد..هل جننت! .عاد إلى رشده أخيراً وابتعد عنها مجبراً بينما احتقنت عينيها بدموع ألمٍ وغضب ونقلت بصرها بينهما بتفاجئ وغنغمت : أنتما متفقان إذن !؟
وأردفت بحدة وهي تخاطب مراد : إن تعرضتما لي مجددًا أقسم بالله العظيم أني سأقدم بلاغاً لرجال الشرطة "
صرخت بهما بصوت هادر ثم رفعت الفستان بكفيها وركضت خارجة من الباب لتهبط درجات السلم حتى خرجت إلى الشارع، حاول مراد اللحاق بها فأوقفه كريم قائلًا بثبات:
- لن تتجاوب معك، سأعيدها لا تقلق"
أومئ له مراد برجاء: لا تجعلها تضيع مني مجدداً ...
فأسرع كريم الخطى راكضًا ورائها، كانت قد وصلت ناحية الشارع المقابل، قطع المسافة بسرعة وشدها من ساعدها قائلاً :
-قفي لحظة، هنالك سوء فهم بالموضوع.
أنت تقرأ
جنوني بعينيكِ انتحار
Romanceقد تخلو الزجاجة من العطر..لكن الرائحة ستبقى عالقة فيها...كما الذكريات تماماً قد يخلو القلب من الحب, لكن آلام تلك الذكرى التي تسيطر على القلب ستبقى....فلذكرياتنا رائحةٌ تعبق بالقلب ولا تزول. قد تعتقدون أنها مجرد قصة حب جامحة تنتهي بالنهاية الحتمية حي...