ظلت جمانة ملتصقة بشقيقها حتى عندما استقلا السيارة ليصطحبها للفيلا،وكأنها تخشى عليه أن يحلق بعيداً عنها، وكأنها تشبثت بحلمٍ لا تريد أن تصحو منه أبداً..وهو كذلك ظل قابضا على كف شقيقته بتلك الرضيعة التي احتضنها بين ذراعيه حينما فقد والدته منذ عشرون عاماً، فأضحت هي على الرغم من سنواته التي لم تتجاوز السبع حينذاك مسئوليته الكبيرة، وعاوده ذلك الشعور الكبير بالمسئولية..
ووصلوا أخيراً إلى الفيلا بعدما اتصل مراد بوالده حينما خرجوا من شقة جمانة وأخبره باقتضاب : هنالك مفاجأةٌ لكم وللسيد عابد الرجاء بأن تخبر الجميع بذلك، نحن قادمون.
وماهي المفاجئة التي توقعها الجميع بعدما تم إخبارهم !! لم تتجاوز توقعاتهم إلا أن يكون الشابين قد جهزا لمشروعٍ جديد، ولربما فعلاً وكما قال رضوان ممازحاً عابد : سيحضرون لك عروساً أيها الخِرِف"
لتتعالى ضحكات الجميع باستثناء إليسا التي قالت بفرحٍ وهي تتطلع بعابد : بل الموضوع أكبر مما تتصورون جميعاً ..أكبر من توقعاتكم " فقد كان مراد قد حادثها كذلك بأنه برفقة آدم و جمانة ليعرفها على عائلته قبل أن يتحدث مع رضوان، تطلع الجميع فيها حينذاك باستغراب لتسألها نور بلهفة ضاحكة: أيتها الماكرة ما الذي تخفينه؟ لترفع إليسا حاجبيها قائلةً بابتسامةٍ خجلى : لن أستطيع إخباركم، ستعرفون بعد قليل.وماهي إلا دقائق قصيرة حتى وصلت السيارة إلى الفيلا وترجل الجميع منها، وكعادة جمانة ما إن ترى هذه الفيلا ينتابها هذا الشعور الغريب ككل مرة لكنها لم تتوقع سابقاً أنها ستكون منتميةً لها بشكلٍ أو بآخر ! تنبه آدم على شروها فربت على كتفيها: أهلاً بك في منزلك..والدنا ينتظر أن نبث له الخبر " انتشلها صوته العميق من شرودها لتتطلع فيه نظراتٍ ضائعة وكأنها فعلاً تعيش أحداث حلمٍ طال جداً، فلو كانت تحلم هذه اللحظة،تتمنى أن تصحو كيلا تتزايد عليها أوجاع صدمة الاستيقاظ منه !.
-جمانة " نطقها كريم وقد أرهقه هذا اليوم جداً.. إرهاقاً روحياً تملكه من تلك القصيرة التي نبشت التراب المتراكم على قلبه بلا كلل وبلا معرفةٍ عنها بذلك ! ظلت تحفر وتحفر حتى بان قلبه وبدأت نبضاته تستعيد الحياة بعد أن كاد يتوقف جراء الهموم التي أثقلته.
وتقدم خطوتين منها متجاهلاً نظرات آدم الذي ينتظر لملمة شتات شقيقته : سأغادر الآن فلا داعٍ لوجودي انتبهي على نفسك، عن إذنكم "
تعانقت عيناهما للحظات ما بين حبٍ بدأت تتوهج شعلته وامتنانٍ لكونه أول من بث لها هذا الخبر السعيد والغريب بأنٍ معاً وطرفٌ ثالث بدأت النيران تمزقه فتتصاعد منه النيران لتنفث حمماً وبراكين فها هو مراد... بعدما غيرت تلك الجنية كل شيٍْ فيه انتقمت منه بكل ما فعله بالنساء اللاتي تعرف عليهن بحياتهأومأت له جمانة بابتسامة شكرٍ وامتنان وهمست : شكراً لك على كل شيء " فليست صاحبة المنزل كي تدعوه للبقاء ولا مراد كان سيدعوه لأن يواصل تمزيقه في كل نظرةٍ يحدق فيها ناحية جنيته..
أنت تقرأ
جنوني بعينيكِ انتحار
Romanceقد تخلو الزجاجة من العطر..لكن الرائحة ستبقى عالقة فيها...كما الذكريات تماماً قد يخلو القلب من الحب, لكن آلام تلك الذكرى التي تسيطر على القلب ستبقى....فلذكرياتنا رائحةٌ تعبق بالقلب ولا تزول. قد تعتقدون أنها مجرد قصة حب جامحة تنتهي بالنهاية الحتمية حي...