المقدمة

51K 779 16
                                    

جالت بنظراتها المكان حتى وقعت عليه، بشرته الخمرية.. عيناه البنيتان تحدق للأمام بشرود ، بينما كفه تستند على لحيته الخفيفة، اقتربت منه بتوتر لتهمس عندما وصلت إليه :
"السلام عليكم".
استقام من جلسته حالما رآها، ليمرر نظراته عليها ببطء، قامة متوسطة الطول، بشرة خمرية مائلة للبياض، عيون بلون السماء الصافية، ترتدي سروال واسع من اللون الكحلي.. تعلوه بلوزة منقوشة باللونين الكحلى و الأبيض، و حجاب باللون الأصفر، يحيط بوجهها الصغير، و لاتضع أي من أدوات التجميل.
"و كأنها تحتاج إليها".
قالها بداخله بإعجاب.
لاحظت نظراته المتفحصة، لتخفض وجهها و الخجل يسيطر عليها..
وعى من شروده بها، ليتنحنح بقوة، و يقول بصوت خرج أجشاً رغماً عنه:
"و عليكم السلام".
لتجلس بعدها، و يجلس أمامها، و هو لا يستطيع السيطرة على نظراته التى تتأمل جمالها الطبيعى، ليزداد خجلها، و تهمس بتوتر:
"لقد أخبرتني أنك تريد أن تقابلنى من أجل موضوع هام".
انتقل توترها إليه، ليبعد نظراته عنها و يعقد كفيه، ثم يهتف بصوت حاول أن يكون متزناً:
"مدام هبه، انا لست جيد بالمقدمات و لا اعرف أي الكلمات مناسبة لما أريده، لذا سأدخل بالموضوع مباشرة".
ابتسمت على حديثه و توتره الواضح، و قالت بنبرة هادئة مطمئنة: "تفضل أسمعك".
رد لها ابتسامتها بأخرى صغيرة: "منذ فترة، و أنا أبحث عن عروس مناسبة لي، و رأيتكِ و أعجبت بكِ، و قد سألت عنكِ، و فى الواقع الجميع شكر لى بأخلاقكِ العالية و التزامكِ، فأحببت أن أراكِ و أعلم برأيكِ، و إن حدث نصيب، سأذهب لأطلب يدكِ من شقيقكِ".
اشتعل وجهها بخجل، و ازدادت سرعة دقات قلبها عندما وصلتها أخر كلماته..
أيعرض عليها الزواج حقاً؟؟
هي مَن قضت شهوراً و سنوات تخفي حبه فى قلبها..
هى مَن كانت تنتظر اليوم الذى يطلب فيه الزواج منها و الذى لم تتوقع أنه من الممكن أن يأتي!
أستكون زوجته، حلاله، تنعم بدفئه و حنانه الذى ينبض فى عينيه..
و لكنها استيقظت سريعاً، لتقتل سعادتها الوليدة فى مهدها، و تهمس بداخلها، و هي تحاول تهدأت نبضات قلبها:
"لا تفرحي يا هبه، الفرحة لم تُخلق لكِ، هو حتى الآن لا يعرف سبب انفصالكِ عن زوجكِ، إن عرف سوف يسحب طلبه بلباقة و كأنه لم يطلبه".
لتهتف بنفس نبرتها الهادئة، و لكنها مختلطة ببعض الحزن، استطاع أن يُميّزه ببساطة:
"سيد إسلام، أنت شاب رائع، أي فتاة تتمنى الزواج منك، و سأسعد كثيراً عندما تجدها، لأننى لست مناسبة لك، فأنا لن أستطع إسعادك".
فسألها بحيرة: "و من أين عرفتِ ذلك".
بذلت جهداً كبيراً للسيطرة على ملامحها و عدم السماح لحزنها بالظهور، ثم قالت بنبرة باردة لا روح فيها:
" لأنني باختصار لا أستطيع الإنجاب، أنا عاقر".

لست أبي (كاملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن