الفصل السادس و الثلاثون

11.2K 527 35
                                    

التفاعل على آخر فصل مش عاجبني، لو الرواية مش حلوة قولولي عادي و اوقفها 😒😒😒😒
لو حلوة يبقى تحطوا فوت كتييييير علشان الفصل الجديد ينزل، و متنسوش الكومنت طبعاً 😂😂😂

🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸

طفلة ، يا إلهي !
التفتت إلى زوجها بسرعة ، لترى رد فعله على ما قالته الطبيبة ، لتجد عيونه تلمع بسعادة .
وردة ، سيُرزق بوردة أخرى ، يرعاها و يحافظ عليها ، حتى يسلمها لمَن يستحقها .
كان قلبه ينبض بسعادة كبيرة ، قلب لا يبالي بأنه لم يُرزق بولد ، قلب يحمد الله على نعمته ، و يدعوه بأن يكون مؤهلاً للحفاظ عليها .
أنبت نفسها بعنف على الأفكار التي بدأت تراودها ، و همست قاتلة إياها في مهدها :
" اعقلي يا هبه ، إسلام لا يفرق معه صبي من فتاة ، و إن ارتكبتي أي حماقة ، فهذه المرة .. لن يسامحكِ .. مهما فعلتي ! :
نهضت بعد أن أنهت الطبيبة فحصها ، لتسمعها تقول :
" موعدنا بعد أسبوعين إن شاء الله ، و مبارك لكما مرة أخرى " .
شكرها إسلام ، في حين أن هبه وعدتها أنها ستكون هنا في الموعد .
صعدا إلى سيارته ، ليقترب منها إسلام فجأة ، و يقبل جبينها ، و يهمس :
" مبارك لنا يا حبيبتي " .
ابتسمت بسعادة لن .. تمحيها !
لقد أقسمت أنها ستتغير ، و عليها أن تنفذ قسمها ..
سترضى بما منحه الله لها ، و طالما زوجها سعيد ، فلِمَ هي تعكر صفو سعادتهما ؟!
" إسلام ، لنسميها درة ، ما رأيك ؟ "
ابتسم و قال : " إذاً هي درة " .
**********
كان ينتظرها في شرفة شقته ، في الواقع لقد تغير معها كثيراً بعدما حدث معه ، و مساعدتها هي و زوجها له .
أيقن كم كان يظلمها ، و كم استسلم لزوجته في بث سمومها و إيذاء شقيقته ..
و ها هي النتيجة ، زوجته كانت سبباً في إدخاله السجن ، في حين أن شقيقته و زوجها .. هما مَن سعيا لإخراجه .
و كأنه كان في حاجة إلى موقف قوي يُفيقه و يُعلِمه كم كان يظلم شقيقته !
رآها تدلف هي و زوجها إلى العمارة ، فأسرع إلى الخارج .. ينتظر صعودهما .
لتتبعه زوجته قائلة : " ماذا هناك يا محمود ؟ "
أجابها بينما هو يفتح باب الشقة : " هبه عادت من عند الطبيبة ..
بالتأكيد علمت جنس الجنين " .
وقفت بجانبه و الغيرة تشتعل في عينيها ، تتمنى أن يموت هذا الطفل و لا يرى نور الحياة !
صعدا هبه و إسلام ، ليجدا محمود و زوجته واقفان على باب شقتهما ، و ليسألهما محمود بفضول :
" ها ، ما جنسه ؟ "
تطلعا هبه و إسلام إلى بعضهما مبتسمين ، ليرد الأخير بسعادة :
" سنُرزَق ب( درة ) إن شاء الله " .
ليقول محمود بسعادة مماثلة : " مبارك لكما ، ليُفرّحكما الله بها " .
في حين أن مشيرة ضحكت بداخلها بشماته ، طفلة أخرى ، أ لبست قادرة على إنجاب ولد ؟!
" خسارة ، كنت أعتقد أنكِ ستأتين بالولد هذه المرة ، و لكن لا مشكلة ، لتعوضيها في المرة القادمة " .
لم تتأثر هبه بحرف ، فهذه فرصتها لتثبت لإسلام أنها تغيرت حقاً .
" لا أعتراض على نعمة الله يا مشيرة ، و ليس هناك أجمل من الفتيات " .
في حين أن محمود .. و لأول مرة .. يشعر بالغضب مما قالته زوجته ، فيبتسم لشقيقته و زوجها بحرج ، و يقول :
" إن احتجتما إلى شئ ، فأنا موجود " .
ابتسم له إسلام ، غير مبالياً بأفعال مشيرة ، و التي أعتاد عليها .
" شكراً يا محمود " .
تحركا إسلام و هبه إلى شقتهما ، في حين أن محمود و مشيرة دلفا إلى خاصتهما .
أغلق الباب ، ليلتقط ذراعها .. قابضاً عليه بكل قوته ، و يقول من بين أسنانه :
" إياكِ و إحراج شقيقتي مرة أخرى بهذه الطريقة ، أنا أحذرِك " .
رفعت حاجبيها باستنكار ، و قالت بوقاحة : " و ماذا قولت محمود ؟
أليست هذه الحقيقة ؟
شقيقتك لم تهب الرجل إلا فتيات ، حتى هذه المرة لم تنجح في إنجاب الولد ..
إن تزوج عليها لن يلومه أحد ! "
قاطعها بغضب ، و قبضته تزداد على ذراعها : " اخرسي " .
تألمت من قوة قبضته ، و قالت : " اتركني محمود ، ليس هناك داعي لكل ما تفعله " .
هتف من بين أسنانه : " إسلام لن يتزوج على هبه .. لأنه يحبها ، و راضي بما يرزقه الله به ..
و أنتِ ، إن رأيتِك تحرجين شقيقتي مرة أخرى ، أو تُلقين عليها كلمة تُحزنها ، لن أرحمِك ، سمعتي ! "
ثم ترك ذراعها و اختفى من أمامها .
لتنظر في أثره بصدمة ، ماذا حلّ به ؟
منذ متى و هو يعلق على أفعالها مع شقيقته ؟!
" ليأخذكِ الله يا هبه و يريحنا مِنك " ، قالتها بحقد ، معتقدة أن هبه هي سبب شجارها مع زوجها !
**********
لم ينتظر لحظة ، فور أن أغلق الباب ، ضمها إلى أحضانه بقوة ، و همس :
" أعشقِك هبتي " .
كان خائفاً ، يعترف بهذا ، عندما نطقت مشيرة كلماتها .. خاف من أن تتأثر زوجته مرة أخرى ، و وقتها ستكون النهاية !
فهو لن يحتمل البقاء معها ، في ظل عدم ثقتها في حبه ..
و لكن مواجهتها لمشيرة دون أن يرف لها جفن ، و سعادتها بطفلتهما القادمة ، جعلاه يدرك أن حبيبته أخيراً .. باتت تثق فيه .
" و أنا أحبك كثيراً إسلامي ، أنت أجمل ما حدث في حياتي " .
ابتعد قليلاً ليقبل جبينها ، ثم هبط بشفتيه ليقبل شفتيها ..
إلا أن رنين هاتفه قاطعهما ، فتأفف بعبوس ، لتضحك هبه بقوة .
أخرج هاتفه من جيب سرواله ، ليجد أسم خالد يُنير شاشته ، فيزاد عبوسه ، و يتساءل بداخله عما يريده هذا الشاب منه ، فلقد أوضح له من قبل رفضه القاطع لعرضه !
فتح الخط ، ليصله صوت خالد : " السلام عليكم سيد إسلام " .
رد إسلام تحيته باقتضاب ، و لم يبادر في قول شئ أو السؤال عن حاله ، بل بقى صامتاً منتظراً ما سيقوله الشاب .
و خالد فعل مثله ، فلقد دخل في الموضوع مباشرة .. دون أن يسأل إسلام عن حاله .
" أنا أكرر عرضي للزواج من أبنتك " .
انعقدا حاجبي إسلام بقوة من أسلوبه و عدم احترامه ..
هل يتحدث بهذه الطريقة لأن هذه هي المرة الثانية التي بطلب فيها لارا ؟
حتى لو ، أمير طلبها للمرة الثانية ، و لكن أسلوبه كان مهذباً ، و كأنه يطلبها لأول مرة !
لم يتردد لحظة في أن يقول : " طلبك مرفوض ، ليس لدي فتيات للزواج " .
ليقول الشاب بوقاحة : " أنت لم تسأل صاحبة الشأن " .
ليقول إسلام ببرود : " رأيها من رأيي " .
ليضحك خالد بسخرية ، و يقول :  " لا أعتقد هذا ، فما أعلمه أنها موافقة ، و رفضك أنت هو مَن يعرقل زواجنا " .
بدأ الغضب يتسلل إلى إسلام ، و قال بحدة : " مَن قال لك أنها موافقة ؟ "
ليقاطعه خالد بنبرة منتصرة : " هي ، و تأمل أيضاً في أن تعدل عن رأيك ، فنحن ... نحب بعضنا " .
و عند هذه الكلمة ، قال إسلام بصرامة : " اسمع يا فتى ، إن كنت أخر شاب في العالم لن أزوجك بنتي ، فلا تتعب نفسك و ابحث عن فتاة أخرى " ،.
ثم أغلق الخط مباشرة ، و ملامحه - التي كانت سعيدة - تغيرت مائة و ثلاثون درجة ، و خوفه على أكبر بناته بدأ يسيطر عليه .
سألته هبه : " أنت بخير حبيبي " .
ليقول بشرود : " يجب أن يجلس أمير مع لارا في أقرب وقت ، و أرجو أن يستطيع إقناعها بالزواج منه " .
**********
أغلق الخط مبتسماً ، ها هو فعل ما أراده ، بغض النظر عن أسلوبه الوقح مع إسلام ، المهم أنه أمام لارا حاول مع والدها كي يوافق على زواجهما ، و اعترض الأخير - كما يريد هو - و الآن عليه أن يبدأ في تنفيذ الجزء الثاني من مخططه !
اتصل بها ، ليقول بحزن مصطنع عندما فُتِحَ الخط : " لارا "
ليصله صوتها المتوتر : " ماذا فعلت خالد ؟ ، هل وافق والدي ؟ "
ليرد بغضب زائف : " لا لم يوافق ، بل أخبرني أنني إن كنت أخر شاب في العالم لن يزوجِّك إياي ، لا أعلم لِمَ يعاملني بهذه الطريقة " .
زمت لارا شفتيها ، و قالت بحزن : " و الحل الآن ؟ "
ليتنهد قبل أن يقول : " لا أعلم حبيبتي ، أنا لا أستطيع العيش من دونك ، و هذا الإسلام لا يبدو أنه سيوافق على زواجنا " .
انعقدا حاجبيها ، و قالت بانزعاج من جملته الأخيرة : " لا تتحدث عن والدي بهذه الطريقة " .
ليصيح بانفعال : " أي والد هذا يا لارا ، ما أعلمه أن الأب الحقيقي هو مَن لا يهتم إلا بسعادة أبنته ، و والدكِ أبعد ما يكون عن هذا " .
حذرته بنبرة حادة .. الغضب يتجلى فيها : " خال. ، لثاني مرة أقولها لك ، لا تتحدث عن والدي بهذه الطريقة ..
أنت لا تعلم ما فعله معي " .
ليقول بسخرية : " حرمِك من الشخص الذي تحبينه ، هذا هو ما فعله معكِ " .
لتهتف بحزم : " بل إنه لا يتوانى عن إسعادي و لا يرفض لي طلياً ، شخص غيره كان أعادني إلى الدار بعد أن رُزِق بأولاد من صلبه ، أو كان أهملني و جعلني خادمة لزوجته و أولاده ، إلا أنه لم يفعل هذا ، بل أنني لم أشعر للحظة أنني لست أبنته " .
و قد شعر خالد باستماتتها في الدفاع عن والدها ، و فشل خطته الأخيرة في الحصول عليها ..
فقال بنبرة مسالمة : " أعذريني حبيبتي ، أنا لم أقل هذا إلا من خوفي من ضياعِك مني " .
و تابع بنبرة يعلم تأثيرها على فتياته جيداً : " أنا أحبك لارا ، و لا أريد من هذه الحياة سواكِ ، و أنتظر اليوم الذي سنجتمع فيه سوياً في بيت واحد " .
لتقول بعشق ممزوج بالرجاء : " و أنا أيضاً خالد ، أحبك كثيراً و لا أريد سواك ..
أرجوك حاول الحديث مع أبي مرة أخرى ، أنا متأكدة من أنه سيوافق عندما يرى تمسكك بي " .
سيحاول و يحاول ، لكن من أجل أن يُفسِد علاقتها مع والدها و .. يستفرد بها !
" من أجلِك فقط حبيبتي " .
و تابع بنبرة صادقة ، إلا أن هدفها كان بعيد كل البعد عما تعتقده لارا : " سأفعل المستحيل كي أحصل عليكِ " .
**********
تملكت الحيرة منها ، و ظهر هذا جلياً على ملامحها ، ليقول فريد .. قبل أن تسأله هي :
" رانيا قد سافرت في رحلة طويلة ، و لن تعود منها قبل أشهر " .
عقدت حاجبيها بعدم تصديق ، و قالت : " أشهر ؟ ، و هل طبيعي أن تتركك كل هذه المدة لحالك ؟ "
ليبتسم بسخرية و يقول : " الرحلة لا تفوّت كما قالت ، حيث أنها ستزور أكثر من بلد أوروبية و سترى معظم المعالم السياحية " .
ليدفن رأسه في عنقها و يقبله ، و يهمس : " و لكنني شاكر لهذه الرحلة ، فبفضلها سأقضي معكِ الأيام القادمة " .
ليهبط إلى بطنها و يقبلها ، و يقول : " أنتِ
و ابني " .
لتتوالى قبلاته على هذه المنطقة ، بينما هي تسأله بتوجس : " و عندما تعود ؟ "
لينظر في عينيها ، و يملس على وجنتها بحنو ، و يقول : " لا تشغلي بالِك حلوتي ، اتركي الأمور لوقتها ، و دعينا نستمتع الآن " .
أومأت بعدم اقتناع ، ليقول مداعباً : " و الآن .. ستنهضين لنفطر ، أم أفطر أنا هنا ب .. وجبتي الخاصة " .
رافقت نظراته المتفحصة لأدق تفاصيلها كلماته الأخيرة ، لتسرع هي بالنهوض من بين أحضانه ، و تركض متغاضية عن حملها ، و هي تقول :
" ثواني و سيكون الطعام جاهزاً " .
ليستوقفها صوته الحازم : " على رسلِك ، لا تنسي أنكِ حامل " .
لتتوقف فجأة و هي تقول بطفولية : " نعم .. صحيح " .
ضحك بقوة ، ثم قال : " نعم صحيح ، هل نسيتي أنكِ حامل ؟ "
ردت و هي تسير إلى المطبخ : " أكيد لا " .
**********
أنهيا الإفطار ، ليجلس .. و يسحبها إلى أحضانه ، في حين أنها التقطت جهاز التحكم الخاص بالتلفاز ، و تبدأ في الإنتقال بين القنوات ، حتى توقفت على قناة ما .. تعرض فيلماً يجمع عدة أصدقاء من الطفولة .. افترقا بسبب الظروف و مشاغل الحياة ، ليعودوا و يجتمعوا بعد سنوات .
أخذت تتابع الفيلم بتأثر ، في حين أن فريد لم يلقي عليه نظرة واحدة حتى ، و اكتفى بالشرود في ملامحها و متابعة الانفعالات التي تتوالى على وجهها باستمتاع .
انتهى الفيلم باجتماع الأصدقاء بعد عدة سنوات فرقتهم ، لتبكي ياسمين بتأثر ، و شوقها إلى صديقاتها يزداد ، خاصة ريناد .. تلك الفتاة التي قضت معها جميع سنوات عمرها .
تفاجأ فريد من دموعها ، و أخذ يمسح دموعها برقة ، و هو يقول بمرح .. كي يخرجها من الحالة التي دخلت فيها :
" كل هذه الدموع بسبب الفيلم ؟ ، لو أعلم هذا لمّا كنت جعلتِك تتابعيه ، أو لم أكن لأشتري تلفاز من الأساس ، فمشاعرِك المرهفة تتأثر سريعاً " .
استمرت ياسمين في ذرف دموعها ، و لم ترد عليه ، ليتابع بحنو : " يكفي حبيبتي ، الفيلم لا يستحق كل هذا ، إنه مجرد خيال " .
لتقول بصوح مبحوح من بين شهقاتها : " ليس الفيلم ما يجعلني أبكي " .
فيسألها بارتياب : " إذاً ماذا ؟ "
لترد  بحزن : " قصته ذكرتني بصديقاتي ، لقد اشتقت لهن كثيراً " .
" صديقاتِك ؟ ، مَن " .
لتعدد بشوق : " ريناد و لارا و تسنيم " .
لا يعرف أي منهن ، بل إنه اكتشف أنه لا يعرف أي شئ عنها !
كل ما يعرفه أنها نشأت في دار أيتام و بعدما خرجت جائت لتعمل لديه ..
و لكن حياتها .. صديقاتها .. طموحاتها .. مشاعرها ، كل هذا لا يعرف عنه شئ ..
لا يعرف عن زوجته إلا أنها تُدعى ياسمين ، بارعة في صنع القهوة ، لذيذة كالحلوة ، و فقط !
تملكه الفضول ليعرف كل شئ عنها ، أصغر تفصيلة في حياتها ، يريد أن يكون جزءً منها ، يتوغل في حياتها الماضية حتى يشعر أنه عاشها معها بحلوها و مرها .
" احكي لي عنهن حلوتي ، بل احكي لي عن كل حياتِك ، منذ أن وعيتي على الدنيا " .
لتشرد عيناها و تتذكر تلك الأيام التي قضتها في الدار ، و يبدأ لسانها في التعبير عن كل يوم عاشته و عانت فيه ، و يتخللا نبرتها الحب و الشوق عندما تتحدث عن صديقات طفولتها .
و هو يستمع إليها باهتمام و تركيز ، يتألم قلبه على الحزن الذي يملأ قلبها ، و تُقبَض كفه في غضب عندما تذكر القسوة التي تعرضت لها ، ليبتسم بحنو عندما يرى السعادة و الحنين اللذان يظهرا عليها عندما تتحدث عن صديقاتها ، و يقسم ألا يجعل إلا هذه السعادة على ملامحها دائماً .
**********
كانت مهمتها صعبة .. تعلم ذلك ، فليس من السهل أبداً أن تقنع طفل عنيد كتيم بالعدول عن رأيه و الإشتراك في المسابقة 
و خشت أن تحاول معه فلا يستجيب ، و بعدها يمارس هوايته المفضلة معها ، ألا و هي العناد و التمسك بالرأي .
و وقتها لن تكون خذلت وحيد و لم تنفذ وعدها فقط ، بل أنها ستكون خسرت معركتها مع هذا الطفل بنسبة كبيرة ، فالعدة ستنتهي بعد أيام ، و حينها لن يكون أمامها إلا خيارين لا ثالث لهما ..
فإما أن تقبل أن تعود إلى وحيد دون أن تكسب تيم في صفها ، و ييقى الحال كما كان من قبل ، و تستمر الخلافات بينها و بين الصغير ، و الله وحده أعلم إلى ماذا ستؤول الأمور ..
أو أنها تتمسك بموقفها ، و لا تعود إلى وحيد ، و وقتها ستخسره هي و طفليه إلا الأبد .
لذا عليها أن تتوخى الحذر في التعامل مع الصغير ، فأي تصرف خاطئ منها سيُرجِعها إلى الخلف أكثر .
دلفت إلى الغرفة ، لتبتسم لها لمار ، في حين أن تيم لم يبالي بدخولها من الاساس 
استغلت نشوى ذلك ، و غمزت للمار بعينيها ، لتفهم الأخيرة ما تريده ، فلقد قضت معها والدتها أكثر من ساعة تُحفّظها
ما عليها فعله .
و كما أمرتها والدتها من قبل ، انتظرت لمار لبعض الوقت ، قضته في القص على نشوى كل ما مرت به خلال اليوم .
و عندما حان الوقت ، أخرجت الطفلة كراسة الرسم الخاصة بها ، و قالت لوالدتها برجاء :
" أمي ، المعلمة طلبت منا أن نرسم صورة عن الطبيعة ، و أنا لا أعرف ما عليّ رسمه أو الكيفية التي سأرسم بها " .
تظاهرت نشوى بالتفكير قليلاً ، ثم قالت : " حسناً سأساعدِك " .
ثم بدأت في الرسم ، و تيم يتابعها بطرف عينه ، معتقداً أنها غير منتبهة إليه !
و بما أنها فاشلة تماماً في الرسم ، فلم تكن بحاجة إلى كثير من المجهود لتنفيذ مخططها ، فهي عدة دقائق ما استغرقتهم ، لترفع بعدها الورقة أمام الطفلة ، و تقول بسعادة مصطنعة :
" ما رأيِك ؟ ، رائعة .. صحيح ؟ "
كانت الورقة عبارة عن عدة خطوط لا تشير إلى شئ ،،و في أعلى يسارها استقرت دائرة كبيرة دلالة على أنها الشمس !
و تنفيذاً للإتفاق المسبق ، قالت الطفلة بسعادة : " واو رائعة أمي " .
ثم أسرعت إلى شقيقها ، لتريه ما رسمته والدتها ، و هي تقول : " ما رأيك تيم ؟ ، أليست رائعة ؟ "
حدق تيم في الورقة التي تضعها شقيقته أمام عينيه ، لتتوسع عيناه بذهول ، و يقول بصدمة بدت واضحة في نبرته :
" ما هذا ؟ ، أ هذا ما رسمتيه ؟ "
تظاهرت نشوى بالبراءة ، و قالت بنبرة طفولية : " أليس جميلاً ؟ "
ألقى تيم الورقة على مكتبه الصغير بإهمال ، و قال لشقيقته : " إن أعطيتي هذه الورقة إلى معلمتِك ، فأقل ما ستفعله هو أن تمزقها لكِ أمام صديقاتِك " .
هتفت لمار باستغراب : " لِمَ ؟ "
لتتبعها نشوى قائلة بغضب مصطنع : " هل تقصد أنني لا أستطيع الرسم ؟ "
ابتسم تيم بسخرية و لم يرد عليها ، لتردف و هي تنهض لتخرج من الغرفة :
" هذا خطأي من البداية لأنني أشفقت عليها و أحببت مساعدتها " .
ثم التفتت إلى لمار ، و قالت : " لا تأخذي الرسمة ، و أريني ما ستقولينه لمعلمتِك " .
ثم خرجت من الغرفة و ابتسامة انتصار تحتل ملامحها .
تظاهرت لمار بالحزن ، و تحركت لتجلس على سريرها ، و هي تقول بصوت تعمدت أن يكون مسموع لشقيقها :
" ماذا سأفعل أنا الآن ؟ ، ما الذي سأقوله إلى معلمتي ؟ "
تحرك تيم و جلس بجانبها ، ليعطيها كراستها ، و هو يقول :
" حاولي رسمها لمار ، أنا متأكد أنكِ ستستطعين " .
" لا لن أستطع ، لقد حاولت من قبل و فشلت " .
ثم أعطته الكراسة و طلبت منه برجاء : " تيم ، أ يمكنك رسمها لي ؟ ، أرجوك " .
نظر إلى الورقة أمامه بشرود ، منذ أن توفت والدته و هو لم يمسك القلم و يرسم ، حتى حصص الرسم كان يتهرب منها بأعذار مختلفة .
أخذ يتذكر عندما كان يرسم و والدته تساعده و تشجعه ، ليعبس بملامحه و الرفض بادياً عليها .
إلا أن والدتها قد حذرتها ، و أكدت عليها ألا تترك تيم إلى عندما يرسم لها ، فاستعطفته ::
" تيم .. أرجوك ، المعلمة ستصرخ عليّ وسط الفصل " .
و أمام حبه لشقيقته ، التقط القلم الرصاص و بدأ في الرسم ، محققاً لنشوى ما تريد ، دون أن يدري .
**********
ركضت لمار إلى والدتها و في يديها كراسة الرسم الخاصة بها ، و قالت بسعادة : " أمي أنظري ، لقد رسم لي " .
نظرت نشوى إلى الورقة بانبهار ، الولد بارع حقاً ، وحيد لم يكن يبالغ عندما تحدث عن موهبته ، و اهتمام معلمه به ليس من فراغ ، هي نفسها .. و على الرغم من أنها لا تفهم كثيراً في الرسم ، إلا أنها تتوقع أن الطفل سيكون له مستقبل باهر في هذا المجال إن اجتهد على نفسه .
و بدون تردد ، قصّت الورقة من الكراسة و وضعتها جانباً ، فلم يعد يتبقى إلا تسليم هذه الورقة إلى المعلم  الخاص بالطفل .
ثم نهضت لتعد للطفلة ما تريده ، مكافأةً لها على مساعدتها و نجاح خطتهما .
**********
عدم التصديق يسيطر عليه ، لا يعلم إن كان ما سمعه حقيقة أو خيال ، فلقد اتصل به المعلم الخاص بطفله مُحيّياً إياه على قدرته على إقناع الصغير في الإشتراك في المسابقة ، و يؤكد له أن الصغير سيحصل على واحد من المراكز الأولى .
و ما يثير حيرته هو موافقة تيم على الإشتراك ، على الرغم من كل محاولاته السابقة معه .
تُرى ماذا فعلتي معه يا نشوى ؟
صفّ سيارته أمام مدرستهما ، و انتظر دقائق حتى خرجا الطفلان و صعدا إلى السيارة .
و قبل أن يتفوه بأي كلمة ، بادر الصغير بغضب : " كيف تفعل ذلك يا أبي ؟ "
عقد حاجبيه بعدم فهم ، و قال باستنكار : " أنا !..، ماذا فعلت ؟ "
ليقول تيم بملامح عابسة : " لم يكن عليك استغلال رسمي لشقيقتي لتقدمه في المسابقة ، تعلم أنني لا أريد الإشتراك فيها " .
استغل .. قدمه إلى المسابقة !
لِمَ ؟ ، أليس هو مَن اشترك بنفسه ؟
ليردف الطفل بعناد : " لكن أعلم أنني سأنسحب من هذه المسابقة ، و لن أشترك في مثلها أبداً " .
صدح صوت وحيد حاداً : " تيم ، تأدب و أنت تتحدث معي ، أنت تتحدث مع والدك .. لا مع صديقك " .
سقطت دموع الطفل فجأة ، و همس : " أعتذر ، و لكنني لم أكن أريد الإشتراك في هذه المسابقة ..
أرجوك أبي ، دعني أنسحب منها " .
يبكى !
طفله يبكى من أجل مسابقة !
ما الداعي لكل هذا ؟!
التفت بجسده ، ليسحب الصغير إلى أحضانه ، و بهمس بجنو : " لا تبكي حبيبي ، الموضوع لا يستحق كل هذا ، ثم أنني لا أفعل شئ إلا لمصلحتك " .
ليبتعد و يرفعه من ذقنه ، و ينظر إلى عينيه ، و يقول : " لقد وعدت معلمك باشتراكك في المسابقة ، لذا تحمل هذه المرة فقط ، و أعدك أنني لن أكررها بدون علمك ..
لكن لا تنسحب ، فيكون مظهري أمامه غير لائقاً " .
صمت الصغير على مضض ، ليبدأ وحيد في القيادة ، و الأمور قد اتضحت أمام عينيه ..
لقد اشتركت نشوى في المسابقة لتيم دون علمه !
**********
دلف إلى المنزل ، ليجدها جالسة تقرأ في مجلة ما بضجر واضح ..
" أتيتما أخيراً " .
اقتربت منهم و مالت لتقبل لمار و تحتضنها بقوة ، و لكنها لم تجرؤ على فعل المثل مع تيم !
" كيف كان يومِك حبيبتي ؟ "
لتجيبها الطفلة ببتسامة كبيرة : " رائع أمي " .
ليأمر وحيد الطفلين بلطف : " اذهبا إلى غرفتكما و بدلا ثيابكما ، هيا " .
تحرك الطفلان ، و تحركت نشوى بتلقائية تتبعهما لتساعد لمار ، إلا أن صوت وحيد استوقفها :
" انتظري نشوى ، أريدِك في موضوع هام " .
جلست على الأريكة بجانبه ، ليقول مباشرة : " معلم تيم هاتفني و أخبرني أن تيم اشترك في المسابقة " .
لتقول نشوى بسعادة : " نعم ، لقد ذهبت اليوم إلى مدرسته و قدّمت له " 
" دون أن تخبريه بذلك " ، قالها معاتباً .
لتطرق رأسها بحرج ، و تقول مبررة : " تعلم كم أن تيم عنيد ، و إن كنا قضينا سنة في إقناعه لم يكن ليوافق على الإشتراك " .
صحيح .. و أكبر دليل على ماتقوله هو ما فعله طفله منذ دقائق ..
و لكن ، هل اشتراكه في المسابقة دون علمه هو الحل ؟
" كما أنني ظننت أنه إن فاز ، سيكون هذا حافزاً له كي يعود و يمارس هوايته " .
نعم لديها حق في هذا !
و لا ينكر أنه سعيد بما فعلته ، على الرغم من عدم تقبله له ، فيكفي فقط أن طفله عاد للرسم مرة أخرى .
" لقد ظن أنني مَن فعلت ذلك و أنا لم أنكر الأمر ، لذا انتبهي جيداً أمامه ، و لا تخبريه بشئ و إلا علاقتِك معه ستسوء أكثر " .
لتسأله ببراءة : " أنت غاضب مني لأنني اشتركت دون أن أقنعه ، صحيح ؟ "
ليطمأنها ببتسامة ، و يقول : " غاضب قليلاً ، و سعيد كثيراً " .
لتتنهد نشوى براحة ، فكل ما كانت تخشاه هو غضب وحيد .
**********
دلف إلى منزل زوج والدته و شوقه إليها يزداد ، كان لا يزال يرتدي بدلة الطيران الخاصة به ، حيث أنه جاء من المطار إلى هنا مباشرة .
رآها تجلس في الحديقة ، تقرأ في كتاب ما باهتمام .
فاقترب منها بهدوء ، و قال :
" السلام عليكم ..
كيف حالكِ دكتورة ليندا ؟ "
أبعدت الكتاب عن مرأى عينيها ، و تطّلعت إليه ببتسامة هادئة ، و قالت :
" أهلاً كابتن نادر ، حمداً لله على سلامتك "
" سلمّكِ الله ..
هل والدتي في الداخل ؟ "
نفت بهزة من رأسها ، و قالت : " خالتي خرجت مع إحدى صديقاتها ..
بالتأكيد لم تكن تعلم أنك قادم ، أليس كذلك ؟ "
سحب مقعداً ليجلس عليه بأريحية ، و قال : " لا ، فضّلت أن تكون مفاجأة لها ..
اسمحي لي أن أجلس و أنتظرها " .
ضحكت بمشاكسة ، و قالت : " أنت جلست بالفعل " .
ثم سيطر الصمت على الجلسة ، فكلاهما لا يعرف الأخر بدرجة تجعله يفتح معه مختلف الأحاديث .
لتبارد هي بالقول : " ماذا تشرب ؟ "
" قهوة سادة من فضلِك " .
ابتسمت بترحيب ، و ذهبت لتأمر الخادمة بإعداد فنجانين من القهوة .
التقط الكتاب الذي كانت تقرأه بلا اهتمام ، و أخذ يتفحصه بضجر ، فلقد كان كتاب خاص بالتشريح ، و الذي لا يفقه فيه شئ .
حتى عادت إليه ليندا ، و خلفها الخادمة .. تحمل فنجانين القهوة .
جلست أمامه ، و الابتسامة لازالت مرتسمة على شفتيها ، و قالت :
" هل أعجبك الكتاب ؟ "
ليرد بصراحة : " لم أفهم فيه شئ ليعجبني " .
لتقول بضحكة صغيرة : " حتى أنا ، مع أنه من المفترض أن أفهم كل ما فيه " .
بادلها الضحك ، ثم قال : " أنا لم أكن يوماً من محبي الأحياء و الجسد البشري ، لم يستهويني إلا الطيران و معرفة كل ما هو جديد " .
لتقول بحماس : " مهنتك رائعة ، أنا أعشقها كثيراً " .
ليسألها بفضول : " هل سافرتي من قبل ؟ "
" لقد درست في الطب في ألمانيا ، لكن منذ أن عدت لم أسافر ثانية .. و لا إلى أي بلد أخرى " .
و لأنه استشعر حبها للسفر و الإستكشاف ، قال مُرقّصاً حاجبيه : " أما أنا ، ففي الشهر أزور على الأقل بلدين ، و ربما أكثر " .
ضيقت عينيها ، و قالت بحنق : " أصمت " .
ليضحك بقوة مُستمتعاً بغضبها الطفولي ، بينما هي تعبس بملامحها بضيق .
**********
وصلت إلى منزلها بعد غياب ساعة أو أكثر ، فقد خرجت بصحبة بعض الأصدقاء لزيارة صديقة مشتركة لهن رُزِقت بطفل حديثاً .
كان مظهر صدبقتهن و هي تسير بالطفل الذي بالكاد أتم الأسبوع مثيراً للغاية ، و جعلها تتمنى أن تكون مكانها ، و تحمل حفيدها .. ابن نادر .
نادر ، تنهدت باشتياق ، مع أنه لم يغادر إلا من فترة قريبة ، و من المفترض أنها معتادة على بعده و غيابه ، إلا أن قلبها لا يفهم ذلك ، و عاطفتها الأمومية تشتاق إلى أحضانه و مداعباته .
دلفت إلى داخل المنزل ، لتتوقف فجأة و هي ترى نادر جالساً في حديقة منزلها .
يا إلهي ، إنه هو حقاً ، يجلس مع ليندا و يضحك معها ، و في عينيه لمعة غريبة !
سارعت إليه بخطوات مشتاقة ، و لسانها بادر بالقول :
" نادر .. حبيبي " .
نهض بسرعة و اقترب إليها ، ليضمها بقوة ، و يقول بشوق : " حبيبتي .. اشتقت لكِ كثيراً كثيراً " .
ابتعدت عنه قليلاً ، لتحيط وجهه بكفيها ، و تقول : " متى عدت ؟
لِمَ لم تخبرني ؟ "
ليقول ببتسامة واسعة : " أردت أن أجعلها مفاجأة ، ما رأيِك بها ؟ "
لتهمس بصدق : " رائعة حبيبي ، رائعة جداً " .
ثم أجلسته ، و هي تقول بلهفة : " أنتظر ، سأجلب لك شيئاً لتشربه ، و بعدها نجلس و نحكي " .
ليمسكها بذراعها موقفاً إياها ، و يقول : " لا داعي أمي ، لقد أعدت لي الدكتورة فنجان قهوة .
أجلسي معي ، فلقد اشتقت إلى حديثِك " .
ليندا ، تراءى أمامها مظهره و هو جالس معها و يضحك بقوة ، ليلتمع المكر في عينيها ، و قلبها يتمنى أن ما تفكر فيه يصبح حقيقة !
" لقد قامت ليندا معك بالواحب إذاً " .
ليقول بعفوية ، مزيداً آمالها و أحلامها : " هذه الفتاة لطيفة جداً " .
تنحنحت ليندا بحرج ، و استأذنت منهما ، تاركة إياهما على راحتهما .
لتتسع ابتسامتها أكثر ، و قد بدأت الأفكار و الأحلام تسيطر عليها ، إلا أنها تجاهلت كل هذا في الوقت الحالي ، و اهتمت بولدها العائد بعد غياب .
**********
قصّ عليها ما قاله لولده ، و هي تستمع إليه بشرود ، و الحزن يكلل ملامحها .
" لا تقلقي حبيبتي ، ستُحّل الأمور في أقرب وقت " .
" كيف و هذه الفتاة في حياته ؟ "
و أردفت بيأس تمكن منها : " أ تعلم عمي ، من الواضح أنني و طارق ليس لنا نصيباً سوياً ، و لن نجتمع يوماً ..
لذا من الأفضل أن تتوقف عن تلك المحاولات التي لا جدوى منها " .
ليقول بحزن : " لِمَ تقولين هذا صغيرتي ؟ "
" لأن طارق لم يحبني يوماً كما أحبه ، لم يشعر اتجاهي ذرة مما أشعر به اتجاهه ..
إن كان يحبني حقاً كان حارب من أجل الحصول عليه ، لم يكن ليرتاح إلا عندما أكون له ، و لكنه استسلم و بحث عن أخرى بديلة " .
لتهبط بدموعها ، و تقترب من أحضان عمها ، و هي تقول بنحيب : " أنسى الأمر عمي ، لقد مللت حقاً ..
أنا أستسلم ، لن أركض وراءه مرة أخرى ،،سأعيش لنفسي فقط " .
ملس محمد على شعرها ،،و لم يجد كلاماً ليهدأها به ، فهي لديها حق في كل ما تقوله و ما تنوي أن تقعله ..
و هو ، سيكون بجوارها دائماً و يدعمها ، مهما كانت قراراتها " .
**********
ضحك بقوة غير مصدق لما يقوله صديقه ،  ليقول طارق بحنق : " تضحك ، هل هذا ما قدرّك الله عليه " .
ليقول إسلام بصراحة : " أحيي والدك و أسيل ، لديهما أفكار عبقرية " .
ليقول طارق من بين أسنانه : " أقسم أننا إن لم نكن في مكان عام ، لكنت أريتك الأفكار الجهنمية و القبضات القوية ! "
حاول إسلام السيطرة على ضحكاته ، ليقول بسخرية : " و ماذا ستفعل معها ، هل ستخبرها بمعرفتك بالأمر " .
ليبتسم طارق بغرور ، و يقول : " لقد فعلت يا صديقي ..
تظاهرت أنني على علم بفتاة أخرى ، مما اضطر أبي أن يوقف هءه اللعبة ، و يخبرني بصراحة أنني عليّ التقرب من أسيل و كسب قلبها " .
تظاهر بمعرفته لفتاة أخرى ، هل يظن أنه أنهى الأمر هكذا ؟
يا له من أحمق !
" و ماذا ستفعل هي عندما تعلم أنك خدعتها ؟ ، هل تظن أنها ستصمت على ذلك ؟ "
ليبتسم طارق بغموض : " لن تفعل شيئاً ، لن تستطع " .
ليسأله باستغراب : " ماذا تقصد ؟! "
ليقول ببتسامة غريبة : " سأخبرك ، و أريد مساعدتك " .
**********
عاد إلى منزله و حديث صديقه لازال يتردد في أذنيه ، لقد فاجئه حقاً بما يريده و .. أبهره ، و هو سيكون بجانبه و ينفذ له ما أراده ، عل الصغيرة أسيل تحصل على السعادة التي تستحقها أخيراً !
فتح باب شقته و دلف إلى الداخل ، ليرى زوجته بانتظاره ، فابتسم محيباً .
" السلام عليكم " .
" و عليكم السلام .
أين كنت حبيبي ؟ ، لقد قلقت عليك " .
جلس بجانبها ، و قال : " طارق مر عليّ في البنك ، و خرجنا سوياً " .
" خير إن شاء الله ، ماذا كان يريد ؟ "
و قبل أن يرد عليها ، صدح رنين هاتفه عالياً ، فالنقطه ليجد اسم أمير  يُنير شاشته ، فتذكر أنه حتى الآن لم يخبر لارا بطلب الأخير .
فتح الخط ، و هتف بنبرته الهادئة : " السلام عليكم " .
ليصله صوت أمير المتوتر : " و عليكم السلام سيد إسلام ..
كيف حالك ؟
" بخير ، كيف حالك أنت ؟ "
" بخير ، اتصلت لأسأل سيادتك عما تحدثنا فيه أخر مرة ، متى يمكنني المجئ و رؤية لارا ؟ "
ليرد إسلام بدون تفكير : " سأنتظرك الليلة ، في الثامنة " .
تحولت نبرة أمير إلى أخرى ملهوفة : " الليلة ؟ ، حسناً .. سأكون عندكم في الثامنة تماماً " .
ليبتسم إسلام و هو يقول : " و نحن سننتظرك " .
أغلق الخط ، لتسأله هبه باستغراب : " حبيبي ، هل أخبرت لارا عن رغبة أمير ؟! "
أجابها ببساطة : " ليس بعد ، سأخبرها الآن " .
لتقول بتردد : " و لكنك أعطيته موعداً ، ماذا إن رفضت لارا رؤيته ؟
هل ستجبرها ؟ "
هتف باندفاع : " لأموت قبل أن أجبرها على ما لا تريده " .
ليتنهد قبل أن يقول : " و لكن في نفس الوقت لا أريدها إلا لأمير ، الشاب ممتاز .. كما أنه متمسك بها ..
سأكون مطمئناً عليها و هي معه " .
أومأت موافقة ، فهي أيضاً تشعر بالأرتياح نحو هذا الشاب ، و تتمنى أن يكون من نصيب ابنتها .
" سأحاول التحدث معها و إقناعها برؤيته " .
ليقول إسلام بتفكير : " أخبريها أنها مجرد جلسة عادية ، و أنها إن لم توافق بعدها عليه لن نجبرها " .
ليتابع مبتسماً : " مع أنني متأكد أن أمير سيستطيع إقناعها " .
تمتمت ب ( إن شاء الله ) ، ثم اتجهت إلى غرفة ابنتها ، كي تخبرها بزيارة أمير الليلة .
**********
" لن أراه " ، قالتها بنبرة قاطعة .. عنيدة .
لتقول هبه بصبر : " لِمَ حبيبتي ؟ ، أ هناك عيب فيه ؟ ، أ لا يعجبك شئ في أخلاقه ؟ "
صمتت مجبرة ، فهي من الأساس لا تعرفه معرفة جيدة كي تحكم على أخلاقه ، أو تعدد عيوب شخصيته .
لتتدخل ريناد قائلة : " لا أعتقد أن هناك ما يعيب أمير ، على الرغم من أنني لم أراه إلا لمرات قليلة ، إلا أن نظرة واحدة له توضح مدى رجولته و شهامته ، يكفي وقوفه بجانبي في المشفى " .
سعدت هبه من تدخل ريناد الإيجابي ، و بدأ الأمل يتسرب إليها في موافقة لارا على أمير ، فريناد صديقة لارا المقربة .. و بالتأكيد حديثها سيؤثر عليها !
" هاه ، و ها هي صديقتك تشكر فيه إيضاً ، ليس لديكِ أي أعذار " .
ثم سحبتها إلى جانبها ، و أردفت : " أنا لا أطلب منِك سوى الجلوس معه و الإستماع إليه ، افهمي شخصيته ، و بعدها احكمي عليه ..
و والدكِ بنفسه قال أنه لن يجبرِك ، و إن رفضتيه بعدها لن يضغط عليكِ " .
تأففت بداخلها ، و هتفت باقتضاب : " حسناً ، لنرى كيف سينتهي هذا الموضوع " .
قبلتها والدتها ، ثم قالت بلا شعور : " هيا انهضي و تجهزي ، لم يعد يتبقى الكثير على مجيئه " .
توسعت عيناها بصدمة ، و قالت : " أمي ، هو ليس قادماً ليخطبني ، و أنا من الأساس لا أريده ..
فلِمَ سأتجهز ؟! "
أمتعضت هبه قائلة : " و ماذا قولت أنا ؟
كل ما أريده هو أن يأتي و يراكِ في أبهى صورِك ، ما المشكلة في هذا ؟ "
جزت على أسنانها بقوة ، و قالت : " أمي أرجوكِ اتركيني في حالي ، و إلا أقسم أنني لن أراه مهما فعلتم " .
عبست هبه بملامحها ، و قالت : " حسناً .. حسناً " .
ثم نهضت و هي تقول : " سأذهب أنا لأعد الضيافة " .
خرجت من الغرفة ، لتهمس لارا بانزعاج : " تعدي الضيافة ، لِمَ ، هل سيزورنا الوزير أم رئيس الجمهورية ؟ "
ضحكت ريناد بقوة ، و قالت بمشاكسة : " بل الأمير ، و ما أدراكِ ما الأمير ! " .
نظرت لها لارا بشزر ، ثم التقطت هاتفها ، لتقوم بإرسال رسالة إلى خالد ، محتواها عدة كلمات قصيرة ..( أمير آتياً لرؤيتي اليوم ) .
بعثتها له منتظرة ما سيفعله ، فلقد وعدها بالحديث مع والدها مرة أخرى ، و رسالتها ليس إلا لحثه على الإسراع في هذا !
سألتها ريناد بفضول : " لمَن أرسلتي الرسالة ؟ "
لترد لارا بفظاظة : " لا دخل لكِ " .
ثم تعاتبها قائلة : " ثم تعالي هنا ، ما سر كل هذا الدفاع عن أمير ؟
أ ليس هو ابن عم بشار الذي تركِك دون أن يرف له جفن ؟
ما الذي يضمن لي أنه لن يفعل معي مثلما فعل بشار معِك ؟
انقلبت ملامح ريناد ، و ذكرى بشار - و التي لا تُفارِقها - تعود لتسيطر عليها ، فتلتمع الدموع في عينيها ، و تقول ببتسامة مرتعشة :
" لديكِ حق في ظنِك هذا ، و لكن ليس من العدل أن يُؤخَذ أمير بذنب لم يرتكبه ، هذا ظلم له " .
شعرت لارا بالذنب و هي ترى ملامح صديقتها المتألمة ، و سبت نفسها ألف مرة على طولة لسانها .. و عدم التفكير فيما تقوله ..
لتقترب و تحتضنها بصمت ، بأبلغ صور الإعتذار .
ثم تهمس بمشاكسة : " سأقابل هذا الأمير ، و أجعله يجن و يركض من البيت و هو يصيح بعدم رغبته بي ، و سنضحك كلنا عليه " .
ضحكت ريناد ضحكة صغيرة .. بلا روح ، و قالت : " حرام عليكِ ، ارحميه " .
ابتعدت عن صديقتها ، و قالت بنبرة إجرامية : " لارا لا ترحم أحد يا صديقتي " .
ليضحكا سوياً بصوت عالي ، و تستمر محاولات لارا في إخراج ريناد من الحزن الذي وضعتها فيه .
**********
قبل وصول أمير بدقائق
صدح رنين هاتفها بالنغمة التي خصصتها من قبل لخالد ، فأسرعت ملتقطة إياه ، ليصلها صوته الغاضب :
" ما هذا الذي أرسلتيه ؟ ، أ حقاً أمير قادم لرؤيتِك ؟ "
همست بحزن : " نعم ، أعترضت على رؤيته ، و لكن والداي مصرين ،،أرجوك خالد أفعل شيئاً " .
ليهتف من بين أسنانه : " سأفعل ، سآتي إليكِ الآن و لن أغادر إلا و أنتِ زوجتي ، و إن وصل بي الأمر لقتله " .
لتسارع بخوف : " لا .. لا ، لا تأتي " .
ليقول بنبرة قوية : " ماءا تريدين إذاً ؟ ، أن أجلس مكتوف الأيدي و أنا أراكِ تذهبين لأخر ، على جثتي " .
هتفت مهدأة إياه : " اطمئن ، أنا سأتصرف ، لن أكون إلا لك أعدك " .
تعالى رنين جرس الباب معلناً وصول أمير ، ليقول خالد بنبرة خطرة : " هو ، أليس كذلك ؟ "
أومأت و كأنه يراها ، ليصلها صوته العالي : " انطقي " .
سارعت تقول : " نعم هو ، و لكن لا تقلق ، لن أمتثل لما يريده " .
ليتلاعب بعقلها قائلاً بخبث : " لا تستمعي إلى والدكِ حبيبتي ..
سعادتِك معي .. و ساعدتي معِك ..
أنت ِملكي .. و أنا ملكِك ..
لا تسمحي له و لا لأمير بتدمير سعادتنا " .
لتقول بإصرار : " لا تقلق حبيبي " .
**********
جلست ريناد وسطهما بحرج ، بعد إصرار صديقتها على ذلك ، و موافقة إسلام ، ليس لشئ إلا لأنه يعلم أن ريناد ستوقف لارا ، إن حاولت الأخيرة ارتكاب أي حماقة .
و في ظل صمت لارا المتأفف ، و ريناد المُحرَج ، بادر أمير بالحديث مبتسماً :
" كيف حالكِ الآن ريناد ؟ ، هل أصبحتي أفضل ؟ "
ردت ريناد بخجل : " ساقي تؤلمني قليلاً ، لكن أفضل من ذي قبل ، الحمد لله " .
و بعد كلماتها ، عاد الصمت ليسيطر على الجلسة !
فكل ما حضّره أمير ليقوله و يقنع به لارا طار من عقله فور أن رآها أمامه ، ربما هذا من توتره أو .. بسبب ملامح لارا المتجهمة و الغير مُحفِزّة على الحديث !
صمته جعل لارا تتأفف بصوت عالي ، و تقول بحنق : " هل أتيت لتبقى صامتاً ؟ "
ليجد أمير نفسه يسألها بترقب : " لِمَ ترفضينني ؟ "
لتجيبه لارا بدون تفكير : " لأنك بارد و مستفز و لا تنفك عن إثارة حنقي " .
تأملها بعينين لامعتين ، و قال بمغزى : " لقد أخبرتِك من قبل سبب فعلي لهذا " .
توردت رغماً عنها بفعل نظراته ، و تذكّرها لكلماته التي ألقاها عليها تلك الليلة التي خرجت فيها معه .
استغل أمير خجلها ، و تابع بأمل : " لارا ، أنا لا أطلب منِك سوى الموافقة على فترة خطبة ..
فترة حدديها أنتِ نتعرف فيها على بعضنا جيداً ، و بعدها لكِ كامل الصلاحية في المتابعة و تكليل هذه الخطبة بالزواج ، أو إنهائها و كل منا يذهب في حال سبيله ..
و أنا وقتها .. سأحترم قرارِك مهماً كان " .
لتتدخل ريناد مدعمة أمير : " اقتراح جيد جداً ، أنتما محتاجان لمثل هذه الفترة ، لتستطيعا تقرير ما تريدان ..
ما رأيِك لارا ؟ "
لا تستطيع أن توافق ، هكذا تخذل خالد !
لا يمكن أن تُخطَب لأمير ، في حين أن خالد يبذل كل جهده ليقنع والدها بالموافقة عليه !
لابد من الصراحة ، حتى تنتهي من هذا الموضوع !
" اسمع أمير ، بعيداً عن أي شئ ، لا أنكر أنك شاباً مميزاً " .
شعر أمير بالخوف من كلماتها ، فهذه الكلمات هي أول أساليب الرفض !
تابعت بضحكة صغيرة : " على الرغم مما تفعله معي ، إلا أنني أحترمك كثيراً ، خاصة بعد اعتنائك بصديقتي و هي بالمشفى " .
ضحكتها لم تزده إلا خوفاً ، و قلبه بدأ يعد نفسه بقوة للقادم !
لتقول بخجل : " و لكنني أحب خالد .. أحبه كثيراً ، و لولا والدي ، لكنا الآن مخطوبين " .
صدمة  اعتلت ملامحه ..
غضب سيطر عليه ..
خيبة أمل لمعت في عينيه ..
مع أنه كان يعلم بإعجابها بالأخر ، كان يدرك حبها له ، إلا أن رفضها لهما اثنينهما جعله يظن أنها لا تحمل أي مشاعر لهما ، و منحته أمل في تحقيق حلمه و الحصول عليها .
و لكن ، في هذا الزمن ، الأحلام لا تصبح حقيقة !
ماذا عليه أن يفعل الآن ؟
رجولته لا تقبل الإهانة الني تعرضت لها .
نعم إهانة ، لقد أهانت رجولته باعترافها بحبها لأخر بكل جرأة ، في الوقت الذي يجاهد فيه هو لإقناعها للموافقة عليه .
تدخلت ريناد قائلة بصدمة : " لارا ، هل جننتي ؟
ما هذا الذي تقولينه ؟ "
لتقول لارا بشجاعة : " أقول الحقيقة ، أنا أحب خالد و لا أريد غيره " .
لا مبالاة زائفة احتلت ملامحه ، و ابتسامة صغيرة ارتسمت على شفتيه انتقاماً لرجولته ، و حاول إخفاء ألمه و هو يقول :
" و أنا أسحب عرضي ، لا أريد الزواج منِك " .
ثم خرج من الغرفة بصمت ، ليصدح بعد دقائق صوت إغلاق الباب ، معلناً خروجه من حياتها .
**********
لم تكد تمر ثواني حتى دلف والدها إليهما بملامح حائرة .. مصدومة ، و زوجته تتبعه بملامح لا تختلف كثيراً .
" لارا ، ماذا حدث ؟
ما هذا الذي أخبرني به أمير ؟ "
هتفت بتردد ، مُستشعِرة غضبه الخفي : " لقد أخبرتك أكثر من مرة أنني لا أريده أبي " .
ليصيح بغضب : " و أنا لم أجبرِك على الزواج منه ، و لم أكن لأفعل ذلك ، لذا لم يكن هناك داع لإهانته بتلك الطريقة " .
ليضحك بسخرية ، و يتابع : " و من أجل مَن أهنتيه ؟
من أجل شاب حقير لا يعرف في الدنيا سوى التلاعب بالفتيات ، شاب ضحك عليكِ بكلمتين ليتمكن منِك ، و أنتِ كالغبية تنفذين له ما يريده " .
يكفي ، لِمَ يتحامل على خالد إلى هذه الدرجة ؟
لِمَ بظلمه و لا يصدق أنه كف عن كل أفعاله لأنه يحبها ؟
لِمَ لا يعطيه فرصة ؟
" أرجوك أبي لا تتحدث عن خالد بهذه الطريقة ، أنت لا تعلم مقدار حبه لي " .
" حب !
أي حب هذا الذي تتحدثين عنه ؟
أقسم لكِ أنه مهما فعل ، و إن كان أخر رجل في العالم ، لن تتزوجين منه " .
تلاعب الشيطان بعقلها ، و ذكّرها بكلمات خالد التي ألقاها عليها قبلاً ، لتجد نفسها تقول بلا شعور :
" لِمَ ؟ ، أ لا تهمك سعادتي ؟
ألا يهمك أن تراني أحيا في هناء و راحة ؟
إن كنت والدي حقاً كنت نفذت لي ما يسعدني ، و لكنني بالنسبة لك أبنة الدار ، و لن أكون مثل بناتك أبداً ..
أنت ، لست والدي " .
**********
اقتربت منه و ابتسامة انتصار مرتسمة على ملامحها ، فلقد تحدثت مع والدها و أخبرته بكل ما حدث ، ليعدها الأخير أن مازن سيغادر في أقرب وقت و لن يزعجها مجدداً .
لم يغفل عن الإبتسامة المرتسمة على ملامحها ، و كان مدرك أنها هي التي أشعلت الأمور بينه و بين والده ، لكنها غبية إن اعتقدت أن والده بستطيع إبعاده عنها " .
قال حالما اقتربت منه : " يؤسفني أن أُزيل هذه الإبتسامة من على وجهِك تومي ، و لكنني لن أغادر من هنا إلا و أنتِ معي " .
تحولت ملامحها إلى الغضب في لحظة ، و صاحت فاقدة السيطرة على نفسها :
" ماذا تريد مازن ، ماذا تريد ؟
ما الهدف من وراء أفعالك هذه ؟
هل تريدهم أن يتحدثوا هنا أيضاً عن علاقتنا المشبوهة ، و التي لا أساس لها من الصحة ؟
ألن ترتاح إلا عندما تُشهِر بسمعتي و شرفي ؟ "
مل ، يقسم أنه مل من اتهاماتها هي و والده له ، وصفه بأبشع الصفات و تصديقهما لامتلاكه إياها ..
هما مَن أشعلا هذا الموضوع و أقحماه في عقله ، و هو سينفذ لهما ما يريداه !
" تزوجيني إذاً ، وقتها لن يتحدث أحد عن علاقتنا المشبوهة ، و لن يُمّس شرفِك " .
طب و الله القفلة دي تستاهل أحلى فوت و كومنت 😂😂😂

لست أبي (كاملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن