فوت فوت فوت و كومنت 😅😅😅
ابتسم محمد مشجعاً أفكار أبنة أخيه ، فعلى أبنه أن يُعاقَب على كل لحظة آلمها بها ، و مع ذلك قال :
" لا نستطيع فعل هذا صغيرتي ، لأن ادعائنا بهذا أمامه يتطّلب منا زيارات و اتفاقات بيننا و بين عائلة كمال " .
ارتسم الإحباط على ملامح أسيل ، ليقول محمد بمكر : " و لكن بإمكاننا الإدعاء أنكِ رفضتيه لأن في حياتكِ رجلاً أخر ! "
ابتسمت أسيل فجأة بحماس و قالت : " هل يمكننا فعل هذا ؟ "
هتف محمد بثقة : " أكيد ، أفهمي جيداً ما سأقوله و نفذيه " .
**********
دلف طارق إلى منزله مساءً ، ليرى أسيل تجلس على مقعد منعزل في إحدى الزوايا .. تتحدث في هاتفها بهمس .
" السلام عليكم " .
تظاهرت أسيل بالتوتر حالما رأته ، و أغلقت هاتفها فوراً ..
لترد بارتباك مصطنع : " و عليكم السلام ، متى عدت ؟ "
توترها بعث الشك إلى طارق ، فاقترب منها و هو يقول : " الآن " .
و تابع متسائلاً بعد أن جلس على ذراع مقعدها : " مع مَن كنتِ تتحدثين ؟ "
أصبح توترها حقيقي و هي تشعر به قريباً منها .. يكاد يكون ملتصقاً بها .
فردت بتلعثم : " مع صديقتي " .
لتنهض بعدها و تردف : " سأصعد إلى شقتي ، لا تنسى أن تعطي عمي علاجه " .
و قبل أن تتحرك قال : " هل أبلغتي كمال برفضكِ ؟ "
التفتت إليه أسيل و قالت باستهزاء : " واثق كثيراً من رفضي ؟ "
أجابها ببتسامة : " لا خيار أخر لديكِ حبيبتي " .
زمت شفتيها و قالت بعبوس : " أولاً ، لا تدعوني بحبيبتي ..
ثانياً ، أخبرتك أكثر من مرة أنك لست مسئول عني ، و أنني حرة في اتخاذ قراراتي " .
اقترب منها و .. بجرأة وضع أصابعه على شفتيها ، و همس : " لا تزمي شفتيكِ هكذا ، لأن هذا يُغريني لفعل أشياء لا أستطيع فعلها الآن " .
سارت عدة خطوات للخلف ، لتقول باعتراض واهي : " احترم نفسك يا طارق " .
رسم البراءة على ملامحه و هو يقول : " ها أنا محترم ، و الدليل أنني لا أفعل ما يدور في عقلي " .
زفرت أنفاسها بقوة ، محاولة السيطرة على نفسها و مشاعرها بأكبر قدر ممكن ، حتى لا تخرب خطتها و هي مازالت في بدايتها !
تدخّل محمد حينها ، مخلّصاً إياها من هجوم طارق على مشاعرها ..
" هل هاتفتيه حبيبتي ؟ "
تحدثت أسيل بخجل ، كان سببه الحقيقي حديث طارق معها : " نعم عمي ، و أخبرني أن تحدد الموعد الذي تريده و هو سيكون أمامك " .
جلس محمد و قال بابتسامة غامضة : " جيد ، سأُبلغكِ بالموعد غداً لتخبريه به " .
تساءل طارق بريبة ، يشعر أن هناك ما يحدث وراء ظهره : " عمن تتحدثون ؟ "
هتف محمد بلا مبالاة ظاهرية : " هناك مَن يريد مقابلتي من أجل أسيل " .
رمش طارق بعينيه بعدم فهم و قال : " لم أفهم ، ما بها أسيل ؟ "
تحدث محمد بابتسامة ماكرة : " كنت أظنك ذكي يا دكتور ..
إنه يريد أن يقابلني ليطلب يدها مني " .
هتف طارق بغباء : " يد مَن ؟ "
لم تستطع أسيل تمالك نفسها ، فصدحت ضحكاتها عالية .. مستمتعة .
نظر إليها طارق بعيون غاضبة .. مشتعلة ، ثم أعاد نظراته إلى والده و قال : " هل تمزح أبي " .
هتف محمد بهدوء : " هل أبدو أمامك كذلك ؟ "
اتسعت عينا طارق و قال بحنق : " أليس من المفترض أنه لا يجوز خطبة على خطبة ؟
كيف ستقابل هذا الرجل و أنا طلبت يد أسيل قبله ؟ "
ضرب محمد جبهته بخفة متظاهراً بالتذكر ، و قال : " نعم صحيح ، لقد طلبت يدها في نفس اليوم الذي جاء فيه كمال " .
لينظر إلى أسيل و يسألها : " ما رأيك صغيرتي ؟
هل توافقين على الزواج من طارق ؟ "
اقتربت أسيل و جلست بجانب عمها ، لتهمس في أذنه بعدة كلمات لم يستطع طارق سماعها ..
ربّت محمد على ظهرها بحنو و قال : " حسناً حبيبتي ، أصعدي إلى شقتكِ " .
تحرك طارق ليمنعها ، ليأمره محمد قائلاً : " اجلس يا طارق ، أريد أن أتحدث معك " .
جلس طارق مجبراً ، ليقول محمد بحنو : " تعلم يا حبيبي أن الزواج نصيب و أن الإنسان .. " .
قاطعه طارق بضجر : " لا داعي لهذه المقدمات أبي ، أخبريني ما قالته لك أسيل " .
" بحياة أسيل رجل .. تعرّفت عليه و هي في بريطانيا من خلال الإنترنت ، و عندما عادت إلى هنا تقابلا و .. " .
قاطغه مرة ثانية قائلاً بغضب : " و أنت توافق على هذا أبي ؟ "
" طالما أن الرجل محترم و هدفه الزواج ، لِمَ لا أوافق ؟ " ، قالها محمد بهدوء أشعل نيران داخل طارق .
ليتوسله قائلاً : " و لكن أبي أنا أريدها .. أحبها ، و لا أتخيل حياتي من دونها " .
هتف محمد بسخرية : " الآن أدركت هذا ؟
أ تتذكر منذ سنوات ؟ ، أخبرتك أن تفكر ملياً قبل اتخاذ أي قرار ، و أن أسيل هي أنسب الفتيات لك ..
و لكنك أعترضت وقتها بكل قوة و أخبرتني أنك لن تراها سوى أخت لك " .
لينهض و يقول بندم : " كنت غبي أبي ، لم أكن أراها سوى طفلة ، و لكنني أدركت و تيقنت أنني لا أستطيع العيش بدونها " .
لوى محمد شفتيه بعدم رضى و قال : " بعد ماذا يا أحمق ؟
بعد أن تحركت مشاعرها لأخر " .
هتف من بين أسنانه : " لا تقل هذا يا أبي ، أسيل لي أنا ، و لن تكون لسواي ! "
ابتسم محمد بغموض و قال : " لنرى كيف ستفعل هذا يا دكتور " .
قطب بعدم فهم و هتف : " ماذا تقصد أبي ؟ "
ليقول محمد ببساطة : " الأمر بيد أسيل ، و أنا لن أضغط عليها ..
فعليك أن تحارب لتسترجع مشاعرها اتجاهك ، و تنسى هي هذا الذي يريد نيلها " .
ابتسم طارق بحماس و ثقة و قال : " ستجدها قريباً تأتي إليك ، و تخبرك بقبولها الزواج بي ! "
**********
صباح اليوم التالي
استيقظت على طرقات على باب منزلها ، نظرت إلى ساعتها .. لتعبس بملامحها بضيق .. عندما تجدها السادسة صباحاً !
" تُرى مَن سيأتي إليّ الآن ؟ " ، قالتها باستغراب و هي تنهض ، لترتدى الروب فوق ملابس النوم ، و تذهب لتفتح الباب .
تسمّرت مكانها و هي ترى طارق يقف أمامها ، فيتمكن منها الهلع لدرجة ألا تلاحظ ابتسامته المرتسمة على ملامحه .
" طارق ، ماذا حدث ؟ ، هل عمي بخير ؟ "
انمحت الابتسامة عن وجهه تدريجياً ، ليقول باستغراب : " نعم بخير ، لا داعي للقلق " .
تنهدت بقوة ، ثم هتفت بحيرة : " ما الذي جاء بك في هذا الوقت إذاً ؟ "
عادت الإبتسامة لترتسم على ملامحه و هو يقول : " جئت لآخذك لنتناول الفطور سوياً في الخارج " .
عبست بملامحها و قالت بحنق : " حقاً ؟ ، و هل هذا وقت مناسب لتدعوني لتناول الطعام ؟
لقد أوقعت قلبي ، و كنت أظن أن هناك مكروه حدث لعمي " .
عبس بملامحه هو الأخر و قال بضيق : " عملي يبدأ في التاسعة ، فأي وقت مناسب تقترحيه سيادتكِ لأدعوكِ فيه ؟ "
تأففت بقوة و قالت : " بإمكانك دعوتي على الغذاء أو على العشاء ، أو أي وقت لا يثير ذعري " .
لتنتبه إلى الحماقة التي تفوّهت بها فتتابع بحنق : " هذا إن كنت سأقبل دعوتك من الأساس " .
ابتسم متجاهلاً أخر ما قالته ، و قال : " هذا بالفعل ما سأقوم به صغيرتي ..
سنقضي اليوم سوياً و سنتناول جميع وجباتنا في الخارج " .
ابتسمت بسخرية على الرغم من موافقة قلبها على عرضه : " و مَن أخبرك أنني سأوافق على ذلك ؟ "
اتسعت ابتسامته و همس : " قلبي " .
تنفست بقوة محاولة إزاحة تأثيره و تأثير كلماته عليها ، و قالت باستهزاء : " اعتذاراتي لقلبك إذاً ، فأنا لست موافقة على الخروج معك " .
لم يستسلم طارق و هتف : " حسناً اقبلي دعوتي لتناول الإفطار فقط " .
ردت بكلمة واحدة .. قاطعة : " لا " .
ليقول بمحاولة أخرى : " الغذاء " .
فيأتيه نفس الرد : " لا " .
فيهتف برجاء : " العشاء " .
" لا " .
زفر أنفاسه بضجر و قال : " لا .. لا ، أ لا تعرفين سوى هذه الكلمة ؟ "
ابتسمت بشقاوة و قالت : " نعم " .
تنهد براحة و قال : " ها أنتِ نطقتيها أخيراً " .
هزت رأسها بمشاكسة و قالت : " و لكن ليس موافقة على عرضك يا دكتور " .
سألها بتهديد لم تدركه : " أنتِ ترفضين الخروج معي إذاً ؟ "
أومأت ببتسامة ، ليتابع : " متأكدة من ذلك ؟ "
أومأت مرة أخرى ، لتحتل الصدمة ملامحها و هي تجده يجلس على الأرض .. أمام شقتها ، و يقول بعناد : أانسي إذاً أن تخرجي من هنا " .
همست بعدم تصديق : " ماذا ؟ "
رفع رأسه .. لتلتقي نظراتهما ، و قال : " لا خروج للعمل .. أو لأي مكان ، إلا بعد أن تخرجين معي " .
زمت شفتيها و قالت بانزعاج : " كُفّ عن هذه التصرفات الطفولية طارق ، فلا فائدة منها " .
رفع أكتافه بلا مبالاة و قال : " لن أتحرك من مكاني إلا عندما توافقين على قضاء اليوم معي " .
فهددته قائلة : " إن لم تغادر الآن سأتصل بعمي و أخبره عما تفعله " .
قهقه بقوة قبل أن يقول : " هل أنا طفل صغير لتهدديه بوالده ؟
ثم اطمئني والدي هو مَن أخبرني أن أحارب للحصول عليكِ " .
ابتسمت بسخرية و قالت : " و هل بأفعالك هذه تنفذ ما قاله ؟
بربك إنها مجرد دعوة لتناول الطعام ! "
ابتسم ببساطة و قال : " أنتِ ترينها مجرد دعوة ، و لكنني أراها بداية لنا .. أفصح فيها عن مشاعري .. و أنال موافقتك للإقتراب منكِ " .
هتفت باستهزاء : " و لكنها ليست بداية رومانسية على الإطلاق ، و أخشى أن يؤثر هذا على هدفك " .
هتف بوعد : " لا تقلقي حبيبتي ، ستكون هناك العديد من اللحظات الرومانسية التي سنعيشها ، بل أن حياتنا ستكون مفعمة بتلك الرومانسية التي ترغبين بها ..
و لكن لأحقق هدفي ، عليّ الإستفادة من كل دقيقة في حياتنا ، و ألا أفوّت لحظة .. فيقترب فيها منكِ ذلك الأحمق و ينال قلبك " .
ابتسمت باستفزاز ، و قالت مثيره حنقه : " لقد نال قلبي بالفعل يا طارق ، و ما تفعله لن يجدي نفعاً " .
نهض بعنف .. ليقف أمامها بأعين مشتعلة بغضب ..
و مع ذلك صدحت نبرته هادئة .. واثقة : " قلبك ملكي يا أسيل ، و لن يستحوذ عليه غيري .. مهما فعل " .
أمالت رأسها و هتفت بأسف : " كم أشفق عليك ! "
ليبتسم لها و يهمس : " اشفقي على هذا الذي يحلم بحبكِ و لن يناله صغيرتي " .
عبست بملامحها و قالت بحنق : " أخبرتك أكثر من مرة أن تكف عن دعوي بصغيرتك " .
مازالت ملامحه محتفظة بذات الإبتسامة و إن كانت نغمة عاشقة تخللت نبرته : " أبداً لن أكف عن هذا ، فأنتِ طفلتي التي وجدتها فجأة متعلقة في عنقي ..
و صغيرتي التي أحبتني من كل قلبها ، و كنت أنا أحمق فلم أنتبه إلى مشاعرها ..
و فاتنتي التي سحرتني بجمالها و تصرفاتها ، فجعلتني أنتبه أخيراً إليها " .
رمشت بعينيها بخجل و قد توردت وجنتيها ، ما باله أصبح لا يتوقف عن إلقاء كلمات الغزل عليها .. و التلاعب بمشاعرها ؟
أردف برجاء : " اذهبي و بدلي ملابسكِ أسيل " .
همست باستسلام : " و لكني سأذهب إلى عملي " .
ابتسم متفهماً و قال : " سنتناول الطعام و بعدها سأوصلكِ إلى عملكِ ، و بعدها آتي لآخذكِ و نتناول طعام الغذاء و نقضي باقي النهار سوياً " .
أمسكت بالباب لتغلقه بعد أن قالت : " أنتظرني عند عمي ريثما أتجّهز " .
هبط طارق الدرجات و ابتسامة كبيرة تزين ملامحه ، قاسماً بداخله أن يقضي يوماً رائعاً مع حبيبته ، و يجعلها تنسى ذاك الذي يرغب في الزواج منها .
**********
دلف إلى منزله بتعب و الإرهاق بادي على ملامحه ، جالت عينيه المكان يبحث عن الفتاة المسئولة عن المنزل في غيابه ، إلا أنه لم يراها ، فتعالى صوته قائلاً :
" سالي .. سالي ، أين أنتِ ؟ "
ليفاجئه صوت ساخر يأتي من خلفه : " ما شاء الله ، و اسمها سالي أيضاً !..، كان عليّ تلقينها درساً قبل طردها " .
هز وحيد رأسه مكذباً الصوت الذي وصل إلى أذنيه ، مقنعاً نفسه أنه يتخيل !
تحركت نشوى لتصبح أمامه ، تنظر في عينيه ، و تهمس بصوت رقيق .. خجول : " اشتقت إليك " .
لم يكن هناك مجال للشك في وجودها في منزله !
ازداد عبوس ملامحه ، و انعقد حاجبيه بقوة ، ليقول بضيق : " ما الذي أتى بكِ إلى هنا يا نشوى ؟ "
ردت عليه ببساطة : " لقد عدت إلى بيتي ، فليس من اللائق أن أتركه كل هذه المدة " .
تعالى صوته و هو يقول : " أي بيت ؟ ، أ نسيتِ أنني قد طلقتك ؟ "
تفضن وجهها بالألم و هي تقول : " بالطبع لن أنسى ، و هل هذا شئ يُنسى ؟ "
هتف بسخرية لاذعة : " و طالما أنكِ تتذكرين ، لِمَ أتيتي ؟ "
رفعت وجهها بثقة و قالت بنبرة ثابتة : " ما أعلمه أن للمطلقة عدة ، تقضيها في بيتها ! "
صاح بعدم تصديق : " ماذا ؟ "
ابتسامة كبيرة ارتسمت على شفتيها و هي تقول : " ما سمعته يا سيد وحيد ، أنا سأقضي شهور عدتي هنا " .
صاح وحيد بتشتت : " نشوى لا تمزحي معي ، غادري و ارحميني ، يكفي ما بي " .
ظهرت الشفقة في عينيها و هي ترى ملامحه المجهدة ..و عيونه المظللة بالسواد .. و ذقنه الكثيفة ، لتهمس بحزن : " ماذا يحدث معك يا حبيبي ؟ "
تأفف بقوة قبل أن يقول : " منذ متى و أنا حبيبك ؟ ، ألست أنا مَن كنتِ تنفري من لمساته ؟ ، ما الذي تغير ؟ "
تغير الكثير !..، لقد أحبته .. لا تعلم كيف و لا متى و لكنها أحبته ، و تريد أن تقضي ما تبقى من حياتها معه و مع أولاده .
تجاهلت كل ما قاله و هتفت : " برضاك أو لا ، أنا سأمكث هنا يا وحيد " .
تنهد بقوة ثم همس بتعب : " نشوى ، أرجوكِ لا تتعبيني أكثر ، أخبريني ما جئتي من أجله و غادري " .
رفعت كتفيها ببساطة و قالت : " لقد أخبرتك بالفعل ، جئت لأمكث هنا ، و طفليك موافقان على هذا " .
هتف بذهول : " ماذا ؟ ، طفلاي ؟ "
ليُفتح باب غرفة الصغيرين ، و تظهر من خلفه لمار .. بملامحها البريئة .. المتوسلة لوالدها بأن يرضى بعودة نشوى إليهم ، على الرغم من كل ما فعلته معها الأخيرة !
و تيم بملامحه المقتضبة و التي يظهر فيها لمحة من عدم الرضى ، إلا أنه صمت مجبراً ، فنشوى لم تترك له فرصة للأعتراض !
لقد قضت معه الكثير من الوقت ، حاولت إقناعه بكل الطرق ..
فتارة تخبره أن ما حدث مع لمار كان رغماً عنها و أنها كانت متعبة جداً يومها .
و تارة تخبره أنها ستعيش معهما كخادمة و فقط ، و لن تقترب من والده أبداً ، حتى أنها لن تنام معه في نفس الغرفة !
محاولات و أحاديث و وقت كثير استغرقته نشوى في إقناعه ، ليمنحها موافقته أخيراً بامتعاض ..
لتتنفس براحة واعدة نفسها بأنها ستنال حب هذا الصغير و ستعود إلى وحيد رغماً عن أنف الجميع !
**********
نظر وحيد إلى طفليه باستغراب ، و سألهما بعدم تصديق : " أنتما موافقان على عودتها ؟ "
أومأت الطفلة في حماس خجول ، في حين أن تيم قال بنبرة صارمة لا تتناسب مع صغر سنه :
" ستبقى كخادمة ، هي مَن قالت ذلك ! "
ردد وحيد بذهول : " خادمة ! "
لينقل نظراته إلى نشوى بعدم تصديق ، فيُفاجأ بابتسامتها الواثقة و نظراتها المليئة بالتصميم .
تحدثت نشوى بحماس : " تيم .. لمار ، هيا لننهي باقي واجباتكما حتى تناما " .
ازداد اندهاش وحيد و هو يراها تأخذ طفليه و تعود بها إلى غرفتهما .. مغلقة الباب عليهم .
ارتمى على مقعده بقوة ، و أخذ عقله يسترجع ما حدث بعدم تصديق !
نشوى عادت إلى هنا مرة أخرى ، شئ لا يصدقه عقل ، صحيح أنه خلال زواجهما قد أدرك مدى عنادها و تنفيذ ما تريده مهما كان ، إلا أنه لم يكن يتوقع أنها ستعود إليه مرة أخرى ، خاصة و هي لم تبح له بحبها من قبل .
" لم تعد فقط يا وحيد ، بل إنها تحاول جاهدة استمالة قلبي طفليك من جديد ، و الحصول على حب تيم .. حتى تضمن بقائها معكم إلى الأبد " .
ابتسامة خفيفة ارتسمت على شفتيه ، و قلبه كان يرفرف سعادة دون أن يدري ، لقد اشتاق لها هو أيضاً ، مع أنه حتى الآن لا يعترف بأنه أحبها ، إلا أنه أشتاق لها !..، و قد أرجع هذا على أنه شوق لوجودها في حياته و مشاكستها الدائمة له !
انتبه على خروجها من الغرفة و اقترابها الكبير منه ، حتى أصبح لا يفصل بينهما إلا بعض أنشات صغيرة .
تحدثت بنبرة قوية على الرغم من نعومتها : " لا زال بيننا حساب على تلك الفتاة التي سمحت لها بدخول بيتي في غيابي ..
و ليكن بعلمك أنني هددتها بالقتل لو رأيتها هنا مرة أخرى " .
تحركت من أمامه قبل أن تسمح له بالتعليق على كلماتها ، ليضحك وحيد بذهول و هو يتمتم : " مجنونة ! "
نهض ليدلف إلى غرفته و يبدل ملابسه ، أخرج أغراضه و وضعها على الطاولة ، ليلاحظ بأن بطارية هاتفه قد فرغت ، فوضع الهاتف على الشاحن و فتحه .. لتنهال عليه عدة مكالمات و رسائل من سالي ، لم يكلف نفسه بإلقاء نظرة عليها ، فما تحتويه كان معروفاً .
أرسل إليها رسالة قصيرة تحتوى على عدة كلمات مختصرة يعتذر منها خلالها عما حدث و يخبرها أن تأتي إلى مكتبه غداً لتحصل على مستحقاتها .
ثم أخذ ملابسه و دلف لينعم بحمام دافئ .
خرج بعد دقائق من غرفته ، ليصله صوت نشوى عالياً من المطبخ ، فتحرك إلى هنا .. ليجدها جالسة تُطعِم لمار بيدها .. و تيم يجلس بجانبها و يتناول طعامه بهدوء !
لازالت تفاجئه بأفعالها ، أ يعقل أن كل هذا من أجل أن تعود إليهم ؟
هل أحبتهم إلى هذه الدرجة ؟!
حالما رأته نشوى نهضت من مكانها بسرعة .. بعد أن همست للصغيرة بعدة كلمات ، فأومأت لها الأخيرة موافقة بسعادة .
وضعت الطعام في الصحون ، ثم نظرت له باستغراب عندما رأته لازال واقفاً في مكانه .
" ألن تأكل ؟ "
أنتبه وحيد على نفسه ، فتحرك ليجلس على مقعده و يبدأ في تناول طعامه .
كان يُلقي كل فترة نظره لطفله الهادئ و طفلته السعيدة ، و كأن ما حدث من نشوى لم يحدث .
" هل لازلتِ غاضبة من نشوى يا لمار ؟ "
عبست نشوى بملامحها و قد أغضبها حديث وحيد عن هذا الموضوع ثانية ، لقد قضت وقتاً عصيباً في إقناع الطفلين و رجائهما لينسا ما حدث ، و الحديث في هذا الموضوع مرة أخرى من الممكن أن يُعيد إلى تيم عناده و يجعله يرفض عودتها .
تسرب شعور بالراحة إليها عندما وجدت صمت تيم ، و سمعت لمار تقول : " لا أبي ، لقد أعتذرت أمي كثيراً و أخبرتني كم كانت مُتعبَة يومها " .
( أمي ) على قدر ما كانت تكره هذا اللقب من قبل و تبغضه ، على قدر ما أصبحت تحبه هذه الأيام و تشتاق إلى سماعه ، و كم فرحت عندما وجدت لمار و بعد كل ما حدث .. ما زالت تدعوها بأمي .
أنهى تيم طعامه في نفس الوقت الذي قالت فيه لمار : " لقد شبعت " .
مسحت نشوى فم الصغيرة بحنو ، ثم قالت : " إلى النوم إذاً " .
نهضا الطفلين معها ، و كذلك وحيد ليتابع أفعال طليقته الغريبة .
توقف تيم قبل أن يدلف إلى غرفته ، و سأل نشوى بشك : " أين ستنامين ؟ "
ردت عليه نشوى بثقة : " سأنام في غرفة الضيوف ، لا تقلق " .
و مع أنه كان هناك بعض الشك اتجاهها ، إلا أن تيم دلف إلى غرفته لينام .
أطمئنت نشوى على أنهما غفيا ، لتخرج من غرفتهما بعد أن أغلقت الضوء ، و تذهب إلى المطبخ لتغسل الصحون .
تبعها وحيد سائلاً إياها باستغراب : " لِمَ تفعلين هذا يا نشوى ؟ "
ردت هامسة دون أن تنظر إليه : " لأن نشوى بدونكما لا وجود لها يا وحيد ..
نشوى التي تقف أمامك الآن أنت مَن صنعتها ، صنعتها بحزمك في التعامل معها .. في نفس الوقت الذي كنت تحنو فيه عليها ، صنعتها برقي أخلاقك و تسامحك لأخطائها حتى التي لا تُغتفر منها !
لقد اكتشفت نشوى جديدة على يديك ، فتاة لم أكن أعرفها من قبل .. و لكنني تعرفت عليها بسببك " .
التفتت إليه لتقول بابتسامة : " سأصارحك بشئ ، لقد أخطأت خطأ كبير في حق طارق و عائلته ، و مع إنني كنت أحبه وقتها ، إلا أنني لم أخضع و أعتذر عما فعلته ، بل رفضت بكل دلال و ثقة أنه سيعود لي يوماً ..
أما أنت فقد علمتني تحمل المسئولية ، جعلتني أفعل المستحيل لأعود إليك ، على الرغم من أنني لم أفعل هذا المستحيل من قبل " .
أطرق برأسه و همس بأسف : " سامحيني .. لم يكن عليّ أن أترككِ ترحلين بعد أن علمت ما منعكِ عن حضور الحفل ، لكن بكاء لمار و تصرفات تيم " .
صمت ليرفع رأسه و ينظر في عينيها بضعف : " أطفالي أغلى ما لدي يا نشوى ، الأمانة التي تركتها بسمة لي ، لا أستطيع جرحهما أو إدخال الحزن إلى قلبهما " .
على الرغم من أن ذكره لزوجته قد بعث الغيرة إليها ، إلا أنها سألته بلهفة : " إن أخبرك تيم أنه يريدني هنا أم له ، ستُعيدني إليك " .
ابتسم مشجعاً إياها و قال : " أنا واثق من أنكِ قادرة على هذا يا نشوى " .
ثم اقترب و بدأ في غسل الصحون ، لتسأله نشوى بضيق : " ماذا تفعل ؟ "
رد ببساطة : " أساعدكِ " .
سحبت منه الصحن و قالت : " شكراً لا أحتاج لمساعدتك ، اذهب و ارتاح .. فأنت من الصباح في العمل " .
و قبل أن يعترض ، تابعت بمرح : " ثم أنني أخشى أن يستيقظ تيم و يرانا ، وقتها سيظن أنني متهاونة في عملي ، و من الممكن أن يطردني " .
ضحك بقوة ، لتتأمل ضحكته بإعجاب و قلب ينبض بعنف ، و قد أعلن عشقه لهذا الرجل أخيراً .
" حسناً ليلة سعيدة ..
و أنتِ لا تسهري و اتركي هذه الصحون للغد " .
خرج من المطبخ و عينيها تتابعه بعشق ، لتهمس بوعد : " لن تُعيدني إليك من أجل أولادك فقط يا وحيد ، سأفعل المستحيل كي تحبني ، و تعترف أنك غير قادر على الحياة بدوني ! "
**********
دلفت إلى منزلها بعد عدة أيام قضتها في المشفى ، كانت ملامحها شاحبة .. و جسدها قد نقص وزنه .. و ظهر عليها الضعف و التعب .
وقعت نظراتها على والدها ، الذي كان يجلس .. يقرأ في جريدته بلا مبالاة .
كم تمنت أن يأتي لزيارتها في المشفى ، تراه حتى لو لدقيقة واحدة ، تشعر بخوفه و .. رغبته في الإطمئنان عليها .
إلا أن هذا لم يحدث ، فلامت والدتها كثيراً على المعاناة التي تحياها بسببها .
فما ذنبها هي في كل أفعال والدتها ؟
وقفت مريم جانب ليندا ، تنظر إلى زوجها بتحذير و توعد ، فلقد تركته لفترة كافية ليفكر و يحدد ما يريده .
تأفف عاصم بداخله من نظرات زوجته و تهديدها له ، فنهض مجبراً و اقترب من أبنته ، ليقول بجفاف : " حمداً لله على سلامتكِ " .
توسعت عيون ليندا بعدم تصديق ، و ابتسامة صغيرة ارتسمت على ملامحها .. سعيدة بجملة والدها .. حتى و إن كانت نبرته معها جافة !
إلا أن مريم لم تكتفي بهذا ، و رفعت أحد حاجبيها دليل على عدم رضاها ..
ليعبس عاصم بملامحه ، قبل أن يقترب من أبنته و يقبل وجنتيها ..
شهقت ليندا بقوة و الدموع تجمعت في عينيها ، لأول مرة يقبلها والدها ، بل لأول مرة يكون قريب منها هكذا !
ابتسمت مريم برضى ، أدخل الراحة إلى قلب عاصم ..
فهو لم يفعل كل هذا إلا من أجلها ، خوفاً من أن تتركه !
مالت مريم على ليندا و همست : " لنصعد إلى غرفتكِ لترتاحين حبيبتي " .
أومأت ليندا بابتسامة ، فساعدتها مريم في الصعود ، في حين أن عاصم وقف في مكانه و نظراته تتابعهما .
**********
دلفا إلى الغرفة ، لتقول مريم بابتسامة : " بدلي ملابسكِ ريثما آتي ، أم أنكِ تحتاجين مساعدتي ؟ "
هزت ليندا رأسها بنفي و قالت بهدوء : " لا ، شكراً لكِ " .
خرجت مريم من الغرفة ، لتشرع ليندا في تبديل ملابسها بتعب ..
و بعد أن أنتهت ، تمددت على سريرها .. ناظرة إلى سقف غرفتها بشرود .
كم هي طيبة هذه المرأة !
لقد قضت معها أيأمها في المشفى دون أن تتذمر ، و لم تتركها للحظة واحدة .
لأول مرة لا تشعر باليتم ، لا تشعر أن والدتها توفت منذ سنوات ، فوجود مريم بجانبها .. و حنانها الذي غمرتها به ، شعرت أنها والدتها ، أن هناك مَن يخاف عليها و يهتم لأمرها .
إنها حقاً مختلفة عن كل مَن تزوجهن والدها من قبل !
دقائق و عادت مريم و هي تحمل في يدها صينية عليها مختلف أنواع الطعام .
جلست أمام ليندا و قالت : " حان موعد تناول الطعام " .
اعترضت ليندا بوهن : " ليس لدي شهية خالتي " .
هتفت مريم بصرامة و هي تأخذ ملعقة مليئة بالأرز : " خالتكِ لن تقبل أي أعتراضات ، يجب أن تأكلي لتعود صحتكِ كما كانت ، أ لا ترين كم أصبحتِ شاحبة ؟ "
ثم قربّت الملعقة من فمها و هي تقول : " افتحي فمكِ " .
استسلمت ليندا لما تريده ، فخلال الأيام السابقة أدركت مدى جدية مريم و عدم امتثالها إلا لما تريده .
أطعمتها مريم بحنو ، و بعد أن أنتهت مسحت لها فمها ، ثم جعلتها تستلقي و لحفّتها بعد أن قبلتها .
نظرت إليها ليندا بحيرة ، و سألتها بما يُشغِل عقلها منذ أيام : " لِمَ ؟ "
ابتسمت لها مريم و سألتها بهدوء : " لِمَ ماذا ؟ "
هتفت ليندا بحزن : " لِمَ تعامليني هكذا ؟
لِمَ لا تكرهيني مثلما يكرهني والدي ؟
ألست أنا أبنة الفتاة التي فرقتكما من قبل ؟ "
جلست مريم على طرف سرير أبنة زوجها ، و همست ببتسامة : " صحيح أن والدتكِ حرمتني من حب حياتي ، و لكنكِ لا ذنب لكِ في هذا ، و ليس من العدل أن أحاسبكِ على شئ لم ترتكبيه ..
كما أنني أحمد لله على ما حدث " .
نظرت لها ليندا بعدم تصديق ، لتأومأ مريم مؤكدة كلماتها ، و تقول ببتسامة : " صحيح أنني عشت أيام صعبة عندما افترقنا أنا و والدكِ ، و لكن الله لم يتركني .. و رزقني برجل أخر منحني حبه و حنانه ، كما رزقني بنادر أبني ، أفضل ما حصلت عليه في هذه الدنيا " .
سألتها ليندا بفضول : " هل أحببتيه ؟ "
أجابتها مريم قائلة : " تقصدين والد نادر ؟ ، لا أنكر أنه كان رجل بكل ما تحمله الكلمة من معني ، قليل مَن رأيتهم في مثل رجولته و شهامته ..
و لكن والدكِ ملك قلبي للأبد ، و لم أستطع أن أحب غيره ، مع أنني حاولت .. يشهد الله أنني حاولت ، و لكن جميع محاولاتي باءت بالفشل .
و مع ذلك أنا لم أخن والد نادر يوماً ، لقد دفنت حبي لعاصم في أعمق أعماق قلبي ، و أقسمت ألا أفكر فيه حتى لو عن طريق الخطأ ، ليس لأنني لا أريد خيانة زوجي فقط ، بل لأن ربي سيغضب عليّ إن كنت فعلت ذلك ..
و هكذا يا صغيرة ، قضيت حياتي مع زوج يحترمني و يحبني ، و كننت أنا له الإحترام كذلك .. و لم أشعره يوماً بعدم حبي له ، بل إنني لو كنت أحببته لم أكن لأتعامل معه كما كنت أتعامل ، حتى توفاه الله و هو راضي عني و يشهد بأخلاقي ، و ترك لي أجمل هدية ؛ نادر " .
ابتسمت ليندا و قالت بانبهار : " أنتِ إمرأة رائعة ، ليتني أكون مثلكِ " .
ملست مريم على شعرها و هتفت برقة : " بل ستكونين أفضل مني حبيبتي " .
تحولت أبتسامة ليندا إلى أخرى ساخرة و قالت : " لا أعتقد ذلك " .
مالت مريم عليها .. لتنظر في عينبها و تقول بثقة : " طالما أنتِ حريصة على علاقتكِ بربك .. و قريبة منه ، فثقي أنه سيكون بجواركِ دائماً ، و يمنحكِ السعادة التي تستحقينها " .
ثم قبلتها على جبينها و تابعت : " ارتاحي الآن ، و عندما تستيقظين .. سيكون لنا حديث طويل سوياً " .
و كأن ليندا كانت تنتظر تلك الجملة ، فأغمضت عينيها .. و استسلمت للنوم الذي يداعب أجفانها .
**********
" رتبي المكان جيداً يا قمر ، نريد أن يظهر البيت بمظهر لائق ، يليق بشقيقتكِ الطبيبة " .
تحدثت قمر بحماس : " ها أنا أفعل يا أمي ، لا تقلقي .. سيكون كل شئ على ما يُرام " .
تحركت السيدة الكبيرة و التي تناهز منتصف الأربعينات إلى إحدى الغرف الصغيرة ، دلفت إليها .. فأصدرت شهقة عالية قبل أن تقول :
" ألم ترتدي ملابسكِ بعد يا زينة ؟ "
ابتسمت زينة بقوة و قالت : " أهدأي حبيبتي ، لا زال الوقت مبكراً على مجيئهم " .
زمت المرأة شفتيها و هي تقول بعدم رضى : " ليس مبكراً ، سرعان ما سيمر الوقت و ستجدين الضيوف قد أتوا " .
سارت زينة إلى والدتها لتحتضنها من الخلف و تقول بثقة كي تُطمئنها : " لا تقلقي يا أمي ، ثم أنه مجرد فستان سأرتديه بسرعة و لن يأخذ وقتاً " .
تحررت منها والدتها و قالت بتذمر : " بل سترتدين أجمل الفساتين و .. ستتزينين ، يجب أن يروكِ في أجمل إطلالاتكِ .. و تبهريهم " .
همست زينة بمرح : " أجمل إطلالاتي !..، جيد أن علاء رآني أكثر من مرة في المشفى على طبيعتي ، حتى لا يتهمنا فيما بعد أننا خدعناه "
سألتها والدتها بفضول : " ماذا تقولين ؟ "
ابتسمت زينة باستسلام ، فوالدتها لن تتركها إلا عندما تنفذ ما تريده ، و ليس هناك داعي لكل هذا النقاش .
" أقول أنني سأبدأ في تجهيز نفسي في الحال ، المهم أن ترتاحي يا أجمل الجميلات " .
عبست والدتها بملامحها و قالت بتوتر : " سأرتاح عندما يصل شقيقكِ و معه الأغراض ، لا أعلم لِمَ تأخر هكذا " .
صدح حينها رنين جرس الباب ، لتتنهد براحة و تقول : " الحمد لله ، ها قد أتى " .
أسرعت إلى الخارج لتراه ، في حين أن زينة هزت رأسها بقلة حيلة و قالت : " ستكون ليلة طويلة " .
**********
أغرق نفسه بعطره .. ثم أرتدى ساعته ، لينظر في المرآة .. و يبدأ في تعديل رابطة عنقه ، و ابتسامة جميلة تزين ملامحه ، فاليوم أسعد يوم في حياته ، اليوم سيتقدم لخطبة الفتاة التي تسللت إلى قلبه دون أذن و نالت إعجابه .
تأكد من هيئته ، ليلتقط هاتفه و يتصل بصديقه .
" أين أنت يا أمير ؟ ، أسرع .. لا أريد أن أتأخر بسببك " .
صمت قليلاً ثم قال : " حسناً سننتظرك بالتأكيد ، فإسلام لن يغادر إلا بعد أن تغادرا أنت و لارا " .
أغلق الخط .. ثم التقط مفاتيحه ، ليخرج من شقته متجهاً إلى شقة شقيقه ، ليأخذه هو و زوجته و يذهبوا إلى عروسه .
**********
ضربت الأرض بقدمها بقوة ، و تذمرت قائلة : " لا أريد .. لا أريد ، أريد أن أذهب معكم " .
استقبل إسلام تذمرها بثبات و قال : " ستخرجين معه يا لارا ، فأنا قد أعطيته كلمة و لن أتراجع فيها " .
هتفت بحنق : " ليست مشكلتي ، لقد وافقت دون الرجوع إليّ ، و أنا لا أرغب في الخروج معه " .
تنهد بقوة قبل أن يقول بحكمة : " عليكِ أن تخرجي معه يا لارا ، كي تفهمين شخصيته و تعرفين أكثر عنه ، هي مجرد جلسة سيتحدث فيها معكِ .. لتحددين بعدها مَن تريدين " .
و هل ستفكر لتحدد ؟
لقد حسمت قرارها ، و لن تختار سوى خالد !
و لكن إن أخبرت والدها بختيارها دون أن تجلس مع هذا الأمير فمن الممكن ألا يتقبل قرارها ، لذا عليها أن تخضع لقراره و تخرج مع هذا الفظ الطويل ، كي لا يكون حجة عليها فيما بعد .
" سأخرج معه من أجلك فقط أبي " .
أبتسم إسلام و حرك شعرها بمشاكسة و هو يقول : " هذه هي أبنتي " .
تحدثت لارا بعبوس : " و لكنني لن أجلس معه لوقت طويل ، هي ساعة لا أكثر " .
هتف بهدوء : " لقد أتفق معي على ساعتين " .
تأففت بخفوت و قالت : " حسناً " .
خرجت حينها هبه من غرفتها و قالت : " أنا جاهزة " .
تأملها إسلام بإعجاب واضح و همس : " ما كل هذا الجمال ؟ "
توردت وجنتيها في خجل و لم ترد عليه .
طرقات على باب الشقة جعلت لارا تركض بسرعة و هي تقول بمرح : " سأفتح أنا للعريس " .
لتعبس بملامحها عندما فتحت الباب و ظهر أمامها أمير ، فقالت بضيق : " هذا أنت " .
ابتسم أمير فور أن رآها ، و عينيه خانته و قد بدأت تتأملها في إعجاب و .. عشق !
وقف إسلام خلفها ليحيي أمير مبتسماً ، ثم قال بإعجاب : " في موعدك تماماً يا أمير " .
رد له أمير ابتسامته ، و هتف باستنكار واضح : " و كيف لي أن أتأخر يا سيد إسلام ! "
جاءه صوت من خلفه : " أقسم إن كنت تأخرت لم أكن لأتركك " .
ضحك عالياً و هو يلتفت ، ليضم علاء بقوة ، و يقول بفرحة حقيقية : " مبارك لك يا صديقي ، سعيد من أجلك " .
ربت علاء على ظهره و قال : " بارك الله فيك يا صديقي " .
ابتعد عنه أمير و قال بمرح : " سآخذ أنا عروسي و نغادر ، كي لا تقول أننا نأخرك " .
ازداد عبوس لارا و هي تسمع كلمة ( عروسي ) تخرج من فمه ، لتقول بداخلها : " في أحلامك أيها الفظ " .
هبطا سوياً و صعدا إلى سيارة أمير ، ليتنهد براحة !
فبعد تفكير طويل قرر ما عليه فعله ..
و أوله أن يبحث وراء هذا الخالد ، و يأتي لإسلام بالدلائل التي تثبت أن هذا الشاب غير مناسباً لأبنته .
و لكن هذا وحده لا يكفي !..، فعاد ليفكر مجدداً في طريقة مناسبة يقترب بها من لارا و يجعلها تتقبله على الأقل ، فهو لن يستطيع التزوج من الفتاة دون هذا !
لذا بمكالمة بسيطة إلى إسلام طلب منه أن يجلس مع لارا لحالهما ، كان يظن أنها بسيطة .. إلا أن إسلام أثبت له عكس ذلك .. برفضه القاطع لهذه المقايلة ، و قد عانى كثيراً في إقناعه ..
ليستغل وجود خالد مع لارا في نفس الجامعة و رؤيتها له باستمرار .. على عكسه ، و يخبره أنه من حقه أن يتمتع بنفس الحقوق التي يتمتع بها غريمه .
و هكذا رضخ إسلام إلى رغبته !
ليبدأ هو ثاني خطواته في الحصول على لارا !
**********
ابتعد عنها مشدوهاً .. لا يصدق ما يحدث معه !..، تأملها ملياً .. بجسدها المشتعل و .. الذي يظهر عليه لمساته بوضوح .. و وجنتيها المتوردتين ، فارتسم الذهول على ملامحه .
لأول مرة تكون هكذا ، راغبة به كما يرغب هو بها !
لأول مرة يشعر أنها تسلمه روحها قبل جسدها !
لأول مرة تبادله لمساته بأخرى راغبة .. تواقة للمزيد !
مال عليها مرة أخرى .. ليطبع عدة قبلات على وجهها ، و هو يقول من بينها : " كنت أظنكِ لذيذة عندما لمستكِ من قبل ، إلا أنني كنت مخطأ ، ففي كل مرة تزدادين جمالاً و لذة " .
تأوهت ياسمين بنعومة مستمتعة بكلماته التي يلقيها عليها ، ليتابع فريد بشغف : " هذه أفضل ليلة أقضيها معكِ ، لا أظن أنه سيكون هناك أفضل منها ، إلا إذا فاجئتيني كعادتكِ " .
دفنت ياسمين رأسها في أحضانه ، و أغمضت عينيها مستسلمة للمساته لها .. و مستمتعة بما يلقيه عليها !
أنت تقرأ
لست أبي (كاملة)
Romance"هل لي أن اعلم ما الذي فعلتِه؟ كيف ترفضين الزواج من إسلام؟ ألا تعلمين ماذا فعلت لكي يقبل الزواج بكِ؟" شعرت بقبضته القوية على ذراعها، همست متأوهة بألم، تحاول تحرير ذراعها دون جدوى.. تجاهلت ألمها عندما سمعت توبيخه لرفضها لإسلام، برقت مقلتاها بالتحدي،...