الجزء الأول
مر ضعف الوقت الذي حدده لها لتبدل فيه ملابسها ، و مع ذلك يجلس على أحد المقاعد بهدوء حيث أنه لا يرغب في زيادة خجلها أكثر .. على الرغم من أنه يمتعه إلا أنه يشفق عليها .
صدح صوت رنين جرس شقته ليعقد حاجبيه باستغراب ، فمَن هذا الذي سيأتيه في هذا الوقت و اليوم !
نهض ليرى مَن الطارق بكسل و بداخله يتوعد لو كان شقيقه جاء ليستفزه ..
فتح الباب فلم يجد أحداً أمامه !..، التفت يميناً و يساراً ليجد الطابق خالي تماماً !
لفت نظره بوكيه من ورود الجوري موضوع أمام الشقة ، فالتقطها و هو يخمن أنها من إحدى الأصدقاء لتهنئتهم ، و مع ذلك ينتقض أن يبعثها لهما في هذا الوقت ..
التقط البطاقة التي كانت تسكن وسط الباقة ، لتتحول ملامحه إلى الغضب و هو يرى المكتوب بها
( لا تنسى أننى أول مَن حصلت عليها و استمتعت بها ، و مهما فعلت سأكون أنا أول رجل في حياتها ..
و لم تنتهي الحرب بيننا بعد .. لا زال هناك العديد من الجولات !
و سنرى من سيضحك في النهاية ..
تحياتي إلى من سكنت القلب و تربعت على عرشه هبه ..
حبيبها مصطفى . )
ضغط على الكارت بغضب ليحمل الباقة بعنف ، و يتجه إلى الشرفة ملقياً إياها بإهمال تبعها بتمزيق الكارت و إلقاءه و قد أقسم ألا يحقق لمصطفى غرضه و يعكر ليلته بسببه ..
عاد للداخل ليجد باب الغرفه يُفتح بهدوء و تطل هبه من خلفه بأبهى صورها ، مرر نظراته عليها بإعجاب واضح لترمش هي بعينيها بخجل :
" إسلام لا تنظر لي بهذه الطريقة " .
هتف ببرائة و نظراته تكاد تأكلها : " أية طريقة ؟ "
" أنت تعلم " .
قهقه باستمتاع و اقترب منها ببطء زاد من توترها لتتراجع إلى الخلف حتى التصقت بالحائط ..
ضجيج أحاط بها فلم تعد تسمع إلا صوت نبضات قلبها الهادرة داخل صدرها ، حرارة جسدها تزداد حتى ظهرت بعض حبات العرق على جبينها ، و مع ذلك هو لم يرحمها :
" هل تشعرين بالحر ؟ ، مع أن الحرارة جيدة " .
لم تجد أمامها سوى تحريك رأسها بالنفي ، فابتسم هو و اقترب منها أكثر ، رفعت يدها مشكلة حاجز بينهما مانعة إياه من التقدم أكثر :
" إسلام ماذا ستفعل ؟ "
حملها بخفه و هتف ببرائة : " سأحملكِ حتى مائدة الطعام ، أم أنكِ لستِ جائعة ؟ "
حاولت الهبوط من أحضانه بفشل و هتفت بغضب تخفي به خجلها :
" حسناً أنزلني فأنا لست طفلة صغيرة لتحملني بهذه الطريقة " .
نفى موضحاً : " بل أنتِ طفلتي .. طفلة إسلام .. هبة إسلام التي أنعم الله بها عليه و أهداها له " .
و تابع بتصميم : " لن أنزلكِ هبتي .. لن تطأ قدميكِ الأرض الليلة " .
ليحتل الخبث ملامحه : " سأظل أحملكِ حتى أضعكِ على سريرنا " .
سار حاملاً إياها حتى أجلسها برفق على المائدة و التي كان موضوع عليها أشهى المأكولات و التي صنعتها له سعاد هدية له و لعروسته ..
و لم يسمح لها بفعل شئ حيث فوراً التقط الملعقة و بدأ يطعمها بيده لتعترض هي في خجل فيذكّره هذا بمنامه الذي رآها فيه هي و لارا :
" حبيبتي .. هبتي .. الليلة ليلتكِ .. سأدللكِ و لن أسمح لكِ بفعل شئ ، و اعتراضكِ لن يجدي معي " .
و تابع بهمس : " هيا افتحي فمكِ " .
امتثلت لهمسته بخجل و شعورها بالتوتر يزداد مع كل مرة يطعمها فيها ..
أبعدت فمها عن يده : " لقد شبعت " .
رفع أحد حاجبيه باستغراب : " أنتِ لم تأكلي سوى ثلاث ملاعق " .
يا إلهى ماذا تخبره ؟ ، أ تخبره أنها لا تشعر سوى بالتوتر مما سيحدث بعد قليل ؟ ، و كأنها مرتها الأولى !
" لا أشعر بالجوع " .
" و لكنكِ لم تأكلي شيئاً منذ الصباح " .
رددت مرة أخرى : " لا أشعر بالجوع " .
و تابعت بتلعثم : " كل أنت ، لقد أطعمتني و لم تأكل ، بالتأكيد أنت جائع " .
مرر نظراته عليها و هتف بخبث : " نعم انا جائع كثيراً " .
ليقوم فوراً بحملها و يتجه إلى غرفتهما ، فهتفت بتوتر :
" ماذا ؟ "
وضعها على السرير برفق و همس بصوت أجش : " الثانية الأولى من أسبوعين العسل " .
**********
رفعت حاجبيها باستغراب من مظهره ، عبوس وجهه .. ملابسه الغير مهندمة .. شعره المبعثر بعشوائية ، لولا أن وجهه خالي من الجروح لكانت أقسمت انه تعارك مع احدهم مرة أخرى ..
جلس بجانبها بعنف .. عيونه تلمع بحزن .. و ملامحه تحكي الآلام التي يعانيها هذه اللحظه ..
ازداد استغرابها و هي ترى هدوئه الغير معتاد ، و عدم إلقاءه للأوامر كعادته عند وصوله ، هل تسأله ما به ؟
بالطبع لا ، بل ستبذل كل جهدها كي يظل على هدوءه الغريب ..
تعالى صوت بكاء علي و كأنه ينبه والده بوجوده ، و يؤنبه لأنه لم يحمله اليوم و يلاعبه ..
شرعت هند في تهدأته لتفاجأ بمصطفى ينزعه من يدها و يحمله برفق ، و بدون أن ينطق بحرف نهض و اتجه إلى الغرفة ..
وضعه على السرير و جلس مقابلاً له و بدأ يشكي له ألمه :
" لقد تزوجت .. قضت على آمالي و تزوجت منه .. لم تلتفت لحبي لها .. لم تلتفت لك و فضلته علينا " .
و تابع بعنف : " لقد اختارته مع أنه لن يقدم لها شيئاً .. لن يستطيع تعويضها عن إحساس الامومة الذي يغزوها ، اختارته و تركتني انا .. مَن كنت على استعداد ان أفعل لها أي شئ لتسامحني " .
أجهش في البكاء و بدا في تانيب نفسه : " انا السبب .. لم يكن علىّ أن اطلقها .. لم يكن علىّ انا أتركها " .
تزايدت دموعه دون خجل تنعي حباً فرّط فيه بتصرفاته و أنانيته !
و لم يفكر في زوجته .. لم يفكر في مشاعرها إن استمعت إلى حديثه ، فهي بالنسبة له مجرد إمراة أنجبت له ولداً ليس أكثر من ذلك !
فضولها قادها لتعرف ما به فوقفت وراء الباب تسترق السمع فوصلها صوته يتحدث مع ابنهما ، و يا ليتها لم ترضي فضولها ..
استندت على الحائط تضغط على صدرها بقوة لعلها تُهدّأ من الآم قلبها ، هي لا تحبه نعم ، و لكنها زوجته !
و لا يوجد أقسى من أن تعلم أن زوجها يريد أخرى ، بل يسعى ورائها حتى توافق عليه ..
إذا كان بداخله كل هذه العاطفة لِمَ لا يوجهها إليها ؟!
لِمَ لا يتعامل معها سوى بالإهانة و الصياح ؟!
أ صعب عليه أن يحنو عليها ؟ ، أ لا يراها تحتاج للحب و الحنان ؟!
ليت يعاملها مثلما كان يعامل هبه حتى لو بنسبة قليلة ..
لا تعلم أن هبه كانت تلاقي ما تلاقيه هي الآن ، بل على العكس ما تلقيه هي أقل لأنها أنجبت الولد !
**********
تطّلع إلى الساعه ليجدها الثالثة بعد منتصف الليل ، فانقلب للجهه الأخرى محاولاً العودة إلى النوم ..
مرت فترة ليفتح عينيه و يتطّلع إلى الساعة مرة أخرى فيجدها تعدت الثالثة بعشر دقائق ، تأفف بملل و أغمض عينيه ليستدعي النوم و لكنه أبَى أن يلبي نداءه ..
نهض من السرير بكسل و قرر الذهاب إلى تسنيم ليطمئن عليها ، يشعر أنها بحاجة دائمة له .. يخشى ان يتركها ثانية فيحدث لها شئ أو تطلب طلباً و لا يلبيه !
فتح باب غرفتها بهدوء حتى لا يزعجها ليتفاجأ بها جالسة في منتصف السرير تبكي !
اسرع إليها بخوف : " تسنيم ما بكِ .. لِمَ تبكين ؟ "
مسحت دموعها بطفولية و حركت رأسها بمعنى لا شئ ..
عقد حاجبيه بغضب : " أخبريني هل أزعجكِ أحد ؟ "
حركت رأسها بالنفي ، ليزفر هو بنفاذ صبر :
" إذاً لِمَ تبكين ؟ "
هتفت بصوت لا يكاد يسمع : " لأنني جائعة " .
" و لِمَ لم تذهبي إلى أمي و تخبريها ؟ "
قالت ببراءة : " هل يمكنني إخباركم عندما أكون جائعة و تطعموني ؟ "
هتف بتأكيد : " بالطبع ، ما الذي جعلكِ تظنين غير ذلك ؟ "
زمت شفتيها بضيق : " لأنه من قوانين الدار عدم طلب الطعام " .
هتف من بين أسنانه : " هذا في الدار ليس هنا " .
و سحبها معه قائلاً : " بما أنني الوحيد المسيقظ الآن فسأحضر لكِ الطعام " .
ليتوقف أمامها و يهتف بحزم : " و أي وقت تشعري فيه بالجوع تعالي لي أو اذهبي لوالداي ، اتفقنا ؟ "
أومات بسعادة ، ليتحركا سوياً إلى المطبخ ..
توقفت عن السير و هتفت بخوف : " هل أنت من ستحضر لي الطعام ؟ "
هتف بفخر : " نعم " .
قالت بمشاكسة : " و هل ستعرف ؟ "
هتف بنفس نبرته : " طبعاً فأنا كثيراً ما أحضر الطعام لنفسي " .
حملها برفق و أجلسها على الرخامة و سألها : " ماذا تحبي أن أصنع لكِ " .
هتفت بحماس : " الاسباغيتي " .
عقد حاجبيه باستغراب ، اسباغيتي الساعة الثالثه فجراً .. هل تمزح معه ؟ ، و مع ذلك لم يرد أن يحزنها خاصة و هو يرى نظراتها المتحمسة ، فباستسلام أخرج الأغراض و بدأ في صنع الاسباغيتي لها ..
بعد مرور نصف ساعة
" هيا اجلسي على المائدة ريثما أضعها في الصحون " .
كانت لازالت جالسة على الرخامة تحرك قدميها .. مبتسمة لرؤيته يحضر لها الطعام ، هتفت بدلال :
" هل ستطعمني بيدك مثل المرة الماضية ؟ "
ابتسم و أومأ لها بالإيجاب ، فتابعت بنفس دلالها :
" إذاً اطعمني و أنا جالسة هنا " .
ابتسم و لم يرد عليها ، اقترب منها حاملاً صحن ملئ بالاسباغيتي اللذيذة ، وقف أمامها و شرع يطعمها بهدوء ..
التقط المنديل ليمسح الصلصة التي لطخت فمها و أنزلها من على الرخامه و هو يهتف بحزم :
" و الآن إلى النوم " .
و سار بها حتى غرفتها و هي تقفز بمرح ، استلقت على السرير لتجده يقول :
" لولا أن سريركِ صغيراً لكنت نمت بجانبكِ " .
و بسعادة تحركت إلى طرف السرير ، و أشارت له على الجنب الخالي :
" يمكنك النوم هنا ، لن يزعجني هذا " .
ابتسم بسعادة هو الأخر و استلقى نائماً بجانبها آخذاً إياها في أحضانه !
**********
هتف ببلاهة : " ماذا ؟ "
تنهدت بقوة و هي مصممة على قرارها : " تبقّى على الدراسة ما يزيد على الشهر ، إن أسرعنا نستطيع الزواج قبلها " .
هتف بهدوء : " نعم حبيبتي أعلم ذلك ، و لكنكِ تعلمين أن لا والدكِ و لا والدي سيوافقان على زواجنا قبل إنهاءكِ لدراستكِ " .
ابتسمت بسخرية : " بل قل أن والدك لن يوافق على زواجنا من الأساس ، و أنه سيظل يماطل حتى تستطيع هذه الطغلة استمالتك و احتلال مكاني في قلبك " .
تسلل الغضب إليه : " و مَن جاء بسيرة أسيل الآن ، لِمَ تقحميها في أى موضوع نتحدث فيه ؟ "
إن كانت تشك و لو واحد بالمئة بأن طارق لا يكن مشاعر خاصة لأسيل ، فهذا الشك قد ولى الآن ، لقد كان إحساسها في محله و سيطرت أسيل على مشاعره بطريقة ما ، و كانت على حق عندما قررت التحرك بسرعة .. و أفضل خطوة اتخذتها هي تعجيل زواجهما حتى لا تعطي لأسيل الفرصة لتتسلل له أكثر ..
هتفت بغضب يماثل غضبه : " لأن أسيل أساس الموضوع ، بل هي أساس المشاكل التي تحدث بيننا " .
توسعت عيونه بذهول ، أسيل أساس المشاكل التي تحدث بينهما !
لقد كانت أول مشكلة بينهما عندما طلب عمه رحمة الله عليه منه أن يتزوجها ؛ و هي لا ذنب لها بهذا ، بل على العكس هي أكبر ضحية .. و أكثر من ستتأذى بهذا الزواج !
و بعدها ما فعلته أسيل كان رداً منها على تصرفات نشوى معها ..
إذاً أين المشاكل التي تكون بسبب أسيل ، أليست المشاكل تأتي منها أولاً ؟
ردد بصياح و هو يحرك يده بغضب : " أسيل .. أسيل .. أسيل ، كل شئ أصبح أسيل " .
شعرت بالألم من دفاعه عنها و رفضه الواضح للزواج منها ، يبدو أن أسيل أحكمت خيوطها حوله و هي خسرته ، تجمعت الدموع في مقلتيها لتلتفت بدون أن تتفوه بحرف و تفتح باب السيارة بعنف لتغادرها ..
أمسكها طارق بقوة قبل أن تترجل هاتفاً بغضب : " ليس كلما نتحدث تتركيني و تذهبي ، ابقي و ناقشيني " .
هتفت بألم لم تحاول إخفاءه و دموعها بدأت في السقوط : " و بم سأناقشك طالما رفضت الزواج مني ؟ ، عموماً هنيئاً لكما " .
نقطة ضعفه هي رؤية دموع الفتيات فما بالك بدموع حبيبته !
ألمه قلبه لرؤيتها ليفقد السيطرة على نفسه و يقترب يحتضنها بحنو ..
تمسكت بأحضانه و دموعها تزداد و شهقاتها تعلو ، ليبدأ في تهدأتها كالأطفال ..
هتفت بين شهقاتها بطريقة تبدو غير مفهومة و لكنه فهمها ، و كيف لا يفهم ما تقوله حبيبته ؟!
" طارق أنا أحبك كثيراً أرجوك لا تتركني " .
حرك يده على ظهرها بهدوء صعوداً و نزولاً و همس بجانب أذنها :
" و مَن قال أنني سأترككِ حبيبتي ، إن تركت روحي كيف سأعيش ؟! "
ابتعدت عنه و رفعت يدها لتمسح دموعها ، ليسبقها هو و يمنعها و يرفع بدوره يده مزيلاً دموعها بحنو ..
هتفت بطفولية : " أي أننا سنتزوج " .
ابتسم و هو يداعب أنفها بخفة : " سنتزوج و لكن ليس الآن " .
صرّحت له بما يقلقها و يزرع الخوف في قلبها ناسية نصائح والدتها و تنبيهها لها :
" أنا أخاف منها طارق .. أخاف أن تحبها .. أن تأخذك مني ، أريد أن أكون بجانبك حتى لا تستطيع هي لفت نظرك إليها " .
نظر لها بعدم تصديق : " يا إلهي نشوى كيف تعتقدين هذا ؟ ، كيف تظنين أنني سأنظر إلى طفلة بعمرها ؟ " .
" أنت تنظر لها على أنها طفلة و لكن ماذا عنها ، أنت لا تستطيع معرفة مشاعرها نحوك و هذا ما يقلقني ، إن كانت تحمل لك القليل من المشاعر ستحاول بكل قوة استمالتك " .
عقد حاجبيه بتفكير و هو لا يصدق أن هذا من الممكن أن يحدث ؛ أن تحمل أسيل له مشاعر خاصة !..، نفض رأسه بقوة طارداً هذه الأفكار مؤكداً لنفسه أن أسيل لا تحمل له سوى مشاعر أخوية مثل التي يحملها لها !
لاحظ أنه لازال قريب من نشوى أو بالأصح محتضناً إياها ، تنحنح بحرج و هو يبتعد عنها ، لتميل هي رأسها بضيق رافضة ابتعاده ..
" أخرجي أسيل من أفكاركِ يا نشوى فأنا مستحيل أن أنظر إليها أو أكن لها مشاعر من نوع خاص " .
و تابع و هو يرجو إقناعها : " و بخصوص زواجنا سيكون في منتصف العام إن شاء الله فوقتها سيكون من السهل إقناع والدينا " .
ابتسمت بسخرية عندما سمعته يؤكد بأنه لن يحمل مشاعر لأسيل .. مستغربة من ثقته هذه و كأنه يرى المستقبل !
لتعطيه بعدها كامل تركيزها و هي تراه يتحدث عن زواجهما ، زمت شفتيها بتفكير ؛ منتصف العام .. أليست مدة بعيدة ؟ ، و لكنه على حق فوالدها بالأخص لن يوافق على زواجها قبل ذلك ، بل إنهم سيبذلون جهداً ليوافق على زواجهما قبل نهاية العام ، ليصدح صوت بداخلها راضياً بهذا القرار :
" على الأقل منتصف العام أفضل من عام كامل " .
ليبدأ عقلها في العمل .. نعم و لكن ايضاً يجب أن تقتربي منه أكثر من ذلك .. أن يكون لكِ الحرية في رؤيته و الحديث معه متى أردتي
" إذاً لنعلن خطوبتنا " .
وافق على طلبها .. فإن تزوجوا في منتصف العام أو أخره .. لا داعي لتأجيل خطوبتهما أكثر من ذلك ، ابتسم لها بسعادة :
" سأخبر والداي لنأتي لكم في أقرب وقت " .
صفقت بجذل و لمعة عيونها تحولت من الحزن للفرح و ملامح وجهها التي كان الألم يرتسم عليها سيطرت عليها الراحة و الرضى ..
استشعر وجودها الخاطئ بسيارته كل هذا الوقت و في مثل هذه الساعة :
" هيا حبيبتي أصعدي للمنزل لقد تأخر الوقت " .
و تابع مؤكداً : " سأتصل بكِ غداً و أخبركِ متى سنأتي لخطبتكِ " .
" حسناً حبيبي " .
و أردفت بتحذير : " لا تسرع في القيادة و عندما تصل إلى المنزل اتصل و طمئني " .
هتف بطريقة مسرحية : " أمر مولاتي " .
ترجلت من السيارة و سارت حتى مدخل العمارة التي تقطن بها ، التفتت له و لوّحت بيدها مودعة إياه و تتابع سيرها إلى الداخل ..
انتظر حتى رآها تدلف إلى العمارة التي تقطن بها ، ليشغل بعدها سيارته قائداً إلى منزله ..
فتح الباب متمنياً الإرتماء على السرير و النوم ، فلقد كان اليوم طويلاً و متعباً بالنسبه له ..
استغرب و هو يجد أسيل غافية على الأريكة بفستانها ، اقترب منها و همس بهدوء :
" أسيل .. أسيل استيقظِ " .
رمشت بعيونها للحظات محاولة فهم سبب وجود طارق في غرفتها ، لتتذكر أنها هي مَن تجلس في الصالة تنتظره ، لا بل إنه وصل ..
قفزت من على الأريكة و أخذت تعدل فستانها و صوت بداخلها يؤنبها :
" غبية .. غبية .. لقد غفيتي ناسية فستانكِ " .
لتشعر بغصة في حلقها : " يا إلهي شكلها أصبح مريعاً ، كيف ستسأله عن رأيه الآن ؟ "
عقد حاجبيه باستغراب ناظراً لحالتها الغريبة و هي تحاول تعديل فستانها ، ليبتسم بتسلية و هو يفكر في ردة فعلها إن رأت وجهها الآن و الذي كان عبارة عن خريطة من الألوان و بداخله يؤكد أن نومها غير هادئ إطلاقاً ..
تنهدت براحة اعتقاداً منها أنها استطاعت تحسين مظهرها ، لتنظر له بعدها ببراءة و تسأله :
" ما رأيك بشكلي ؟ "
و تابعت دون انتظار رده : " أكنت جميلة اليوم ، أم كانت هناك مَن هن أجمل مني ؟ "
بالتأكيد بالمكياج الذي يلطخ وجهها الآن هي أبعد ما يكون عن الجمال ، بل شكلها يبدو كمهرج !..، و مع ذلك قال بصدق .. فلقد كانت من أجمل الفتيات اليوم :
" لقد كنتِ جميلة جداً ، بل كنتِ أجمل طغلة في الحفل " .
ابتسمت بسعادة و هي تسمع تغزله بها ، لتعبس بعدها بضيق و هي تراه ينظر لها كطفلة ، فهتفت بجمود :
" حسناً تصبح على خير " .
و تركته دون انتظار رده ، ليستغرب هو من تبدل ملامحها و جمودها و لكنه لم يكن على استعداد الذهاب إليها الآن حيث أن النوم سيطر عليها بشدة فقرر معرفة ما حل بها بالغد ..
أنت تقرأ
لست أبي (كاملة)
Romance"هل لي أن اعلم ما الذي فعلتِه؟ كيف ترفضين الزواج من إسلام؟ ألا تعلمين ماذا فعلت لكي يقبل الزواج بكِ؟" شعرت بقبضته القوية على ذراعها، همست متأوهة بألم، تحاول تحرير ذراعها دون جدوى.. تجاهلت ألمها عندما سمعت توبيخه لرفضها لإسلام، برقت مقلتاها بالتحدي،...