الفصل السادس

12.7K 413 9
                                    

بالرغم من أنها كانت تشعر بأن داخل فمها يشتعل ، إلا أنها لم تبالي بالأمر ، بل على العكس أخذت ملعقة أخرى و اثنتين بنهم!
و هذا ما جعل طارق ينظر لها بصدمة و ذهول، و بداخله يستعجب كيف لها أن تكون بكل هذا الهدوء بل و ايضاً تأكل بنهم و تلذذ !
يا إلهى لقد وضع لها الشطة بكمية كبيرة، من المفترض إن تذوقت جزء قليل من الطعام تقفز صياحاً و بكاءً من مذاقه ، و هذه الباردة تأكل بكل هدوء و كأن الطعام طبيعى ..
و ما لا يعرفه، و من سوء حظه بالتأكيد ، أن أسيل من عشاق الشطة و الطعام الحارق !
التقطت كوب الماء و بدأت بارتشاف كمية قليلة منه ، فوقعت نظراتها على طارق، و شعرت بالدهشة من طريقة تحديقه بها ، نقلت نظراتها بين الصحن أمامها و بينه بشك، فمن الواضح أن هذه الكمية الكبيرة من الشطة لم يتم وضعها عن طريق الخطأ ، بل أن شخص وضعها عن عمد ، ابتسمت بداخلها و هى تشكر طارق لأنه بما فعله أخرجها من حزنها ، و هتفت بمشاكسة :
" طارق ، لِمَ صحنك يختلف عن صحني ؟ "
ابتلع طارق ريقه بخوف، و هو يتمنى أن ما يفكر به لا يحدث، حيث أنه من أشد الكارهين للشطة ، و هتف بهدوء مزيف :
" إنه مثل صحنكِ تماماً، لا يوجد به شئ مختلف " .
صممت أسيل على رأيها : " لا اشعر أن صحنك به شئ ليس موجوداً بصحني " .
و أردفت بخبث : " أو العكس " .
شكر طارق الله بداخله عندما قالت والدته : " الطعام واحد، لا تتدللين و كلى " .
مثلت أسيل الحزن على ملامحها و تركت الطعام ...
فمد محمد يده و سحب صحن طارق و وضعه أمام أسيل ، و فعل المثل مع صحنها، حيث وضعه أمام طارق ، فابتسمت أسيل بمكر، بينما نظر له طارق بضيق :
" لِمَ بدلت الصحون أبي ؟ "
" ماذا بك يا طارق ؟ ، إنها طفلة اتركها تأكل مما تريد " .
هتف طارق بمحاولة أخيرة : " و لكنك هكذا تدللها أبي ، فلتأكل من صحنها " .
أرسل له محمد نظرات جعلته يبتلع بقية كلماته..
فحدق طارق بالصحن أمامه بتوتر، ليقرر أنه لن يأكل منه ، و بالفعل قام بتحريك الملعقة و تظاهر بأنه يأكل ، و لكن أسيل لم تتركه :
" لِمَ لا تأكل طارق " .
جز على أسنانه بقوة، و هتف : " مَن قال أننى لا آكل ؟ "
هتفت أسيل بنبرة أضافت عليها الأسى :
" إنه لا يأكل بسببي عمي ، فلتعيد له صحنه، و أنا لا أريد أن آكل " .
زمجر محمد بغضب و أرسل لطارق نظرات محذرة ، فقال طارق باستسلام و حقد :
" أنا آكل " .
ليتبع كلمته برفع الملعقة إلى فمه ، شعر باشتعال فمه من الداخل و بدأ بالسعل بقوة، فالتقط الكوب ليرتشف كميات كبيرة من الماء ، و بعض القطرات سقطت من عيونه ..
ضربته سعاد على ظهره و هى تقول : " صحة حبيبى ، ماذا حدث معك ؟ "
و أضافت و هى تنظر لأسيل بشزر : " لابد أن إحداهن وضعت لك شيئاً فى الصحن " .
قالت أسيل بسخرية : " و ماذا سأضع به و أنا كنت آكل منه من قبله ؟ "
"هل هناك شيئاً فى الطعام يا طارق ؟ " ، سأله محمد بهدوء .
فكر طارق سريعاً، إن أخبر والده أن الطعام به كمية كبيرة من الشطة فسيؤخذ هذا على والدته لأنها هي من قامت بتحضيره، خاصة و أن صحن أسيل فقط الذى توجد به ، و بالطبع لن يستطع أن يتهم أسيل بوضعها لأنه لا يوجد دليل على ذلك ، فاضطر أن يقول :
" لا أبي " .
و أكمل بعدها طعامه من صنف أخر، و هو يتوعدها بداخله !
**********
حالما أنهوا الطعام جمعت أسيل الصحون و هى تقول :
" ارتاحي أنتِ خالتي، سأجلي أنا الصحون " .
" و ماذا ستضعي بهم؟، أم أنكِ تودي كسرهم ؟ ، وقتها ستغرّمين عمك لا أنا" ، قالتها سعاد ببرود .
فهتف محمد بتأنيب : " هذا بدلاً من أن تشكريها لأنها تريد مساعدتكِ!"
علمت أسيل أن مهمتها فى كسب ود زوجة عمها سوف تكون صعبة، و لكنها لن تكون مستحيلة ، فبإصرارها ستستطيع الحصول على حبها، فيكفيها خسارتها لحب والدتها..
أغمضت عينيها تخفي ألمها عندما تذكرت والدتها و ما قالته لها .

لست أبي (كاملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن