بالرغم من أنها كانت تشعر بأن داخل فمها يشتعل ، إلا أنها لم تبالي بالأمر ، بل على العكس أخذت ملعقة أخرى و اثنتين بنهم!
و هذا ما جعل طارق ينظر لها بصدمة و ذهول، و بداخله يستعجب كيف لها أن تكون بكل هذا الهدوء بل و ايضاً تأكل بنهم و تلذذ !
يا إلهى لقد وضع لها الشطة بكمية كبيرة، من المفترض إن تذوقت جزء قليل من الطعام تقفز صياحاً و بكاءً من مذاقه ، و هذه الباردة تأكل بكل هدوء و كأن الطعام طبيعى ..
و ما لا يعرفه، و من سوء حظه بالتأكيد ، أن أسيل من عشاق الشطة و الطعام الحارق !
التقطت كوب الماء و بدأت بارتشاف كمية قليلة منه ، فوقعت نظراتها على طارق، و شعرت بالدهشة من طريقة تحديقه بها ، نقلت نظراتها بين الصحن أمامها و بينه بشك، فمن الواضح أن هذه الكمية الكبيرة من الشطة لم يتم وضعها عن طريق الخطأ ، بل أن شخص وضعها عن عمد ، ابتسمت بداخلها و هى تشكر طارق لأنه بما فعله أخرجها من حزنها ، و هتفت بمشاكسة :
" طارق ، لِمَ صحنك يختلف عن صحني ؟ "
ابتلع طارق ريقه بخوف، و هو يتمنى أن ما يفكر به لا يحدث، حيث أنه من أشد الكارهين للشطة ، و هتف بهدوء مزيف :
" إنه مثل صحنكِ تماماً، لا يوجد به شئ مختلف " .
صممت أسيل على رأيها : " لا اشعر أن صحنك به شئ ليس موجوداً بصحني " .
و أردفت بخبث : " أو العكس " .
شكر طارق الله بداخله عندما قالت والدته : " الطعام واحد، لا تتدللين و كلى " .
مثلت أسيل الحزن على ملامحها و تركت الطعام ...
فمد محمد يده و سحب صحن طارق و وضعه أمام أسيل ، و فعل المثل مع صحنها، حيث وضعه أمام طارق ، فابتسمت أسيل بمكر، بينما نظر له طارق بضيق :
" لِمَ بدلت الصحون أبي ؟ "
" ماذا بك يا طارق ؟ ، إنها طفلة اتركها تأكل مما تريد " .
هتف طارق بمحاولة أخيرة : " و لكنك هكذا تدللها أبي ، فلتأكل من صحنها " .
أرسل له محمد نظرات جعلته يبتلع بقية كلماته..
فحدق طارق بالصحن أمامه بتوتر، ليقرر أنه لن يأكل منه ، و بالفعل قام بتحريك الملعقة و تظاهر بأنه يأكل ، و لكن أسيل لم تتركه :
" لِمَ لا تأكل طارق " .
جز على أسنانه بقوة، و هتف : " مَن قال أننى لا آكل ؟ "
هتفت أسيل بنبرة أضافت عليها الأسى :
" إنه لا يأكل بسببي عمي ، فلتعيد له صحنه، و أنا لا أريد أن آكل " .
زمجر محمد بغضب و أرسل لطارق نظرات محذرة ، فقال طارق باستسلام و حقد :
" أنا آكل " .
ليتبع كلمته برفع الملعقة إلى فمه ، شعر باشتعال فمه من الداخل و بدأ بالسعل بقوة، فالتقط الكوب ليرتشف كميات كبيرة من الماء ، و بعض القطرات سقطت من عيونه ..
ضربته سعاد على ظهره و هى تقول : " صحة حبيبى ، ماذا حدث معك ؟ "
و أضافت و هى تنظر لأسيل بشزر : " لابد أن إحداهن وضعت لك شيئاً فى الصحن " .
قالت أسيل بسخرية : " و ماذا سأضع به و أنا كنت آكل منه من قبله ؟ "
"هل هناك شيئاً فى الطعام يا طارق ؟ " ، سأله محمد بهدوء .
فكر طارق سريعاً، إن أخبر والده أن الطعام به كمية كبيرة من الشطة فسيؤخذ هذا على والدته لأنها هي من قامت بتحضيره، خاصة و أن صحن أسيل فقط الذى توجد به ، و بالطبع لن يستطع أن يتهم أسيل بوضعها لأنه لا يوجد دليل على ذلك ، فاضطر أن يقول :
" لا أبي " .
و أكمل بعدها طعامه من صنف أخر، و هو يتوعدها بداخله !
**********
حالما أنهوا الطعام جمعت أسيل الصحون و هى تقول :
" ارتاحي أنتِ خالتي، سأجلي أنا الصحون " .
" و ماذا ستضعي بهم؟، أم أنكِ تودي كسرهم ؟ ، وقتها ستغرّمين عمك لا أنا" ، قالتها سعاد ببرود .
فهتف محمد بتأنيب : " هذا بدلاً من أن تشكريها لأنها تريد مساعدتكِ!"
علمت أسيل أن مهمتها فى كسب ود زوجة عمها سوف تكون صعبة، و لكنها لن تكون مستحيلة ، فبإصرارها ستستطيع الحصول على حبها، فيكفيها خسارتها لحب والدتها..
أغمضت عينيها تخفي ألمها عندما تذكرت والدتها و ما قالته لها .
أنت تقرأ
لست أبي (كاملة)
Romance"هل لي أن اعلم ما الذي فعلتِه؟ كيف ترفضين الزواج من إسلام؟ ألا تعلمين ماذا فعلت لكي يقبل الزواج بكِ؟" شعرت بقبضته القوية على ذراعها، همست متأوهة بألم، تحاول تحرير ذراعها دون جدوى.. تجاهلت ألمها عندما سمعت توبيخه لرفضها لإسلام، برقت مقلتاها بالتحدي،...