تقدّم منها هاري عاقداً حاجبيّه بغرابة ليتحدّث "هَل أنتِ بخِير؟".
أُومئت بذاتِ إبتسامتِها، فهيَ لم تُريد أن تُظهِر ضُعفها أو حتى أن يراها بهذه الحالة، هيَ لم تُريد أن تكون فترة تعارفهُم وهيَ بهذه الحالة وسط هذه المشاكِل العائِليّة التيّ تواجهها، وسطَ التشويش الذيّ يمنعُ عقلها عن التركيز جيداً، هيَ لم ترغَب بذلِك خوفاً من أن تكون مُثيرةً للشفقة بنظرِه..أعاد بعض خُصلاتِها خلفَ أُذنِها مُتمعنّاً بملامحِها التيّ باتت مُتعبة ليخفق قلبها بطريقةٍ مُحببة فهمست "أنا بخِير ماذا عنك؟".
"أنا بخير ولكن أنتِ لستِ كذلك" تحدّث بشّك.
"رُبما أحتاجُ بضعُ أيامٍ بلا عمل؟" وضّحت بالرُغم من أن هذا ليسَ كُل شيّء، ليومئ هوَ بتفهُّم ويقول مُربتاً على كتفِها
"أبي بالداخِل، أخبريه".لامسَت يدهُ مكان الكدمة بكتفِها لتعقد حاجبيّها بألم وتعُود للخلفِ قليلاً، تعجّب هوَ وإبتعد تاركاً لها المجال لتذهَب لوالده..
عاد مكانهُ مُفكراً بهذه الفتاة، مُتعجباً من ذاتِه لما قد يُشغل ذهنهُ بِها وبما يدُور حولها بالرُغم من كونهُ لا يعرفُ مابِها، هوَ شعر بأنها في حاجة المُساعدّة لكنّها تدعيّ الصلابة، هوَ ظنّ أيضاً أن لكونه رجُلاً غريباً فأبَت أن تُخبره بما يدُور حولها بالرُغم من كونهم كانوا سوياً لبعضِ الوّقت أثناء الحفل الذيّ أقامهُ والدُه، ظنّ أن وجودهُ معها اليُوم كان سيئاً بالنسبة لها، كانت أفكارهُ سلبيّة مُرسلةً داخلهُ الشعُور ببعضِ الإنزعاج، لا يعلَم أنها كانت تنتظِره منذُ اليُوم الأول الذيّ كان يُغني ويعزف بهِ خارجاً أمام المقهى، لا يعلَم أنها كانت تُراقبه بصمت وتنتظرُ ميجئِه للمقهى ليُضِيف ليومها شيئاً رائِعاً ومزاجاً جيداً، لا يعلَم أن قلبُها ميّالاً لهُ..
كان ساكناً هادئاً مكانهُ وشارداً بذهنِه مُتفكراً بملامحِها كيفَ كانت، ليُخرج كُتيّبهُ الصغِير والقلم ويبدأ بالرسّم..
خرجَت إيڤلِين من حُجرة السيّد إدوارد بعد بعضٍ من الوّقت، حيثُ سمحَ لها بأخذ إجازة لمُدّة يومِين بناءً على طلبِها، وأخذ يبحثُ عمّن يُمكنهُ أن يُحلّ مكانها لمُدة هذه اليومِين، فهيَ لا تُريد أن ينقُص الكثير من رُتبتها ولازالت تُفكّر بشراء آلةٍ مُوسيقيّة لهِيلدا لتجعلُها سعِيدة وتُكمِل تعلِيمها..
لمحها هاري وهيَ تخرُج لينظُر لها بملامحٍ خاليّة ثُم أعادَ نظرهُ للكُتيّب أمامهُ، لتعقِد حاجبيّها ببعضِ الغرابة لملامحهِ التيّ كانت بديلة تماماً عمّا كان علِيها عند إستقبالهِ لها وسؤالهُ عن حالِها..
"إيڤلِين، دعينِي أُقِلُّك!" فرضَت آماندا لتنظُر لها إيڤلِين بإبتسامة هادئة قائِلةً "لا آماندا، شكراً لكِ حقاً، سأوقف إحدى سيّارات الأُجرى، فلتُكملِي عملك".
تنهدتْ آماندا بفقدان أمل، فهيّ كانت تعرضُ علِيها ذلك منذُ أن أوصلتها معها للمقهى وكانت إيڤلِين ترفُض..خرجَت من المقهى وكانت السماءُ غائِمة وتتساقطُ بعضَ قطراتِ المطر، إتجّهَت لنهاية الشارِع بخطواتِها البطيئة، لكون سائِقوا الأُجرى يتواجدُون هُناك على الغالب، وكان المطرُ قد إشتّد وإبتلّت قليلاً وأصبحَ قميصها شفّافاً بعضَ الشيّء..
وأثناء سيّرها، شعرتْ بيدٍ تُوضع على كتفِها لتوقفها فتأوّهت هيَ بألم وإبتعدت واضعةً يدها على كتفِها ثُم إستدارت لتجدهُ هاري..تجرّعت لُعابها ورمشت مرتِين حينما رأتهُ ينظُر لها بتعجُّب لتقول
"أ..أنا آسفة، فقط كتفِي يؤلمُني".
نظر لكتفِها الذيّ كانت تضعُ يدها فوقه ثُم أعاد نظرهُ لها قائلاً "أعتذِر!".
أُومئت هيَ وإبتسمت بخفّة قائلةً "لا بأس".
"أُقِلُّك؟" عرضَ هوَ الآخر، بيّنما كانت هيَ حقاً مُتعجبّة منه، لكونه يبدُوا مُهتماً بعضَ الشيّء، حتى أنهُ هوَ مُتعجّباً من ذاته.."شكراً لك، ولكن ليسَ هُناك داعٍ لذلك" قالت بلُطف بالرُغم من كونها تتمنّى حقاً بعضَ الوّقت معهُ أيضاً، حتى ولو كانَ كلاهُما صامِت وتُراقبهُ كعادتِها المُحببة..
"أنا مُصرّ! فالأجواء لا تسمحُ لكِ بالإنتظار لوقتٍ طويّل، قد تُصابين بالمرض وأيضاً رُبما لا تجدين سيّارة أُجرى الآن" قال بإصرار.إبتسمَت هيَ بخفّة وشعرت بسعادةٍ بالِغة لكونه إهتمّ لأمرِها من بابِ لُطفه، لتومئ بخفّة فيأخُذها لسيّارته بيّنما خلعَ معطفِه و وضعهُ حولها لتتسّع إبتسامتها وتهمس "شُكراً".
"لا بأس" همسَ بإبتسامة بسِيطة، ليفتح لها باب السيّارة فتدخُل وهيَ تشعُر بالخجلِ حقاً، ثُم دخل هوَ أيضاً من الجهة الأُخرى وأدار المُحرّك.."اذاً صفِي ليّ طريقَ منزلك" قال وهوَ ينظُر للطريق ببعضِ الصعُوبة لكون المطر قد إشتّد فـعقدَ حاجبيّه قليلاً وهوَ يقُود بِبُطئ..
"فلتقِف جانباً لبعضِ الوّقت حتى يهدأ المطر" قالت وهيَ تنظُر لهُ وتشُد معطفهُ حولها أكثر، لتستنشّق رائحتهُ التيّ تُحبّها كثيراً..
"أظُن أنهُ عليّ فعلُ ذلكَ بالفعل" قال وأخذ مُنعطفاً ليوّقف العربة جانباً حتى تهدأ الأجوّاء قليلاً، ثُم نظرَ لها ورأها تشُد معطفهُ حولها وتنظُر له، فإبتسمَ بخفّة ليجتاحها الخجل وتُحوّل نظرها من خلال زُجاج السيّارة أمامها وتُقلل من شدّها على معطفِه.."صحيّح، لم تُخبرينِي كم تبلُغِين من العُمر؟" سألها مُحاولاً صُنع الأحادِيث..
"التاسعة عشَر" أجابَت وقهقهت بخفّة لتتسّع عيّناه قائلاً
"حقاً! أنتِ صغيّرة" وقهقه بخفّة ليُضيف "أكبُرك بخمسة أعوّام".
"أوه ليسَ كثيراً جداً لا تدعوني بالصغيّرة" قالت ودحرجَت عينيّها وهي تُقهقه بخفّة.وأخذوا يتحدّثُون قليلاً حتى حلّ الصمتُ بيّنهُم، حيثُ لا صوت سِوى صوتَ المطر..
كانت إيڤلِين تسترقُ النظرَ إليّه بيّنما هوَ يُمرر سبابتهُ على المقوّد ويُحدّق من خلال زُجاج السيّارة.."أُحب هذه الأجواء كثيراً" تمتم بهدُوء.
"أنا كذلك، تُشعرنِي بالراحة والإستكنان" همسَت ثُم تنهدَت وجلسَت جيداً ليسقُط معطفهُ من عند كتفها فنظر لها هوَ ليلمحَ بُقعةً كبيرة تقريباً، بنفسجيّة اللوّن على كتفها بسبب أن قميصها لم يجفّ بعد ولايزال شفافاً بعضَ الشيّء..عقد حاجبيّه وقال "إيڤلِين ماهذا؟" لتنظُر لهُ بمعنى ماذا، وقبلَ أن تنطِق مرّر أصابعهُ على كتفِها مكان الكدمّة لتشهَق وتعقِد حاجبيّها بألّم..
_________________________
هايي.
أنت تقرأ
Cafe 49 |H.S|
خيال (فانتازيا)"ثمّة من ينتظرُك، ويُقدّس شذايا عطرُك".. "ثمّة من هوَ مُعجبٌ حتى بحاجبيّك المعقُودان عند غضبِك".. "تسعٌ وأربعُون".. -إيڤلِين ويلسون، هارِي ستايلز.