13:

1K 90 177
                                    

حلّ الصمتُ بيّنهُما للحظّات، بيّنما هاري يُحدّق بِها مُنتظراً ردّها..
كادت إيڤلِين أن تكذب ولكنّها شعرت وكأن شيئاً ما يختنقُها، شيئاً ما يجعلُ قلبها يخفُق بِبُطء، يجعلُها تتذكّر كُل شيءٍ سيّء مرّت بِه، وكأنها تُريد أن تُفرغ مابداخِلها عن طريقِ الصُراخ والبُكاء، وكأنها تُريد أن تبُوح بكُل مايحملهُ قلبها في هذهِ اللحظّة، ولكنّها بدت هادِئة أكثر من اللازِم، بدت صامتّة وتُحدّق بعيّناه فقط، عكسَ مابداخِلها من صُراخٍ وبعثرة..

إنها تبكي..تبكِي من الداخِل..

"أخبرينِي، إيڤلِين.." همس مُحدّقاً بعيّنيها..
"أنا بخِير ولكن فقط..تعلم بعضَ المشاكِل؟" قالت بإبتسامَةٍ هادِئة.
"أجل، وماذا أيضاً؟" أردف ومرّر أصابعهُ على كتفِها لتعقِد حاجبيّها بألم ليُكمل "من فعلَ بكِ ذلك؟".

عضّت على شفاهِها وأزاحَت نظرُها من على عيّنيه لتُحوّله للأسفّل، حاولت جاهِدة ألّا تبكِي، حاولت جاهِدة ألّا تُظهِر ضُعفها، حاولت جاهِدة كبح أحزانِها من أجل ألّا تُشعره بضُعفِها فيشعُر بالثُقلِ منها ويتجنّبُها..

"هَلّا أعدتنِي للمنزّل هاري؟" أردفَت حيثُ خرجَ صوتُها هادِئاً.

صمتَ هوَ مُحدّقاً بِها لتجتاحهُ تِلك الأفكار السيّئة التيّ كان يُفكّر بِها وهوَ بالمقهى..
أبعد يدهُ عن كتفِها ليُدير المُحرّك، وقبلَ أن يبدأ بالقيّادة إستوّقفتهُ شهقةً هارِبة من بيّن شفاة إيڤلِين التِي باءَت مُحاوّلاتها بالفشَل..

"لا أُريد أن أُرغمكِ حقاً على قول شيءٍ لا تُريدين قولهُ..لغريبٍ مثلِي، ولكنِي أرى عيّناكِ تصرُخ، ولعلّي أستطيّعُ تقديمَ شيئاً ما قد يجعلُكِ سعيّدة" تحدّث وهوَ ينظُر لها..
"أنا لا أراكَ غريباً" همسَت مُحاولةً كبحَ شهقاتِها وهيَ تنظُر من خلال زُجاج النافذّة وتلعنُ ذاتِها تسعٌ وتسعُون مرّة.

تنهّد و وضعَ كفّهُ على فخذِها وكادَ أن يتحدّث لولا ملاحظتِه لها وهيَ تعقِد حاجبيّها بألم، فتعجّب وقال "كتفُكِ يؤلمُك!".
لتُمسك بيده وتُبعدها عن فخذِها، فقد كانت يدهُ موضُوعةٌ فوق الكدمّة التِي هُناك..
"فخذيّ آلمنِي" همسَت ليقُول "أتُوجد بهِ كدمةٌ أيضاً؟".
أُومئت وهيَ تنظُر لهُ بعينيّها الملِيئة بالدمُوع ثُم أزاحَت نظرُها سريعاً وأنزلَت رأسها للأسفّل..

لم يقوّى على تركِها هكذا وأن يُعيدها للمنزّل وهوَ واثقٌ من أنّها تُريد أن تبُوح عن مكنُون صدرِها المؤلِم..

وضعَ سبابتهُ أسفلَ ذقنها ليرفع رأسهَا لهُ بخفّة ويهمِس وهوَ يُحدّق بعينيّها "صدقينِي لا بأس بالبُكاء، جميعُنا نبكِي صحيح؟".
كانت صامتة فقط وتنظُر له مُحاربةً رغبتها العارمّة بالبُكاء..

"هَل تُريدين أن نمشيّ أسفل المطر؟" طرحَ سؤالاً ورفعَ يدهُ ليمسحَ بخفّة على عيّنها بإبهامِه، ثُم أكمل "يُمكنكِ البُكاء حيّنها، وسأظُنها أنا قطراتٌ من المطر"..

وقبلَ أن تتحدّث، خرجَ هوَ من السيّارة وإتجّه لها ليفتحَ الباب ويمُد يدهُ لتُمسك بِها..

"تعلمِين أيضاً أننيّ سأستمعُ لكِ وقتما تُريدين"
قال وهوَ يمشي بجانبِها، بيّنما كانت هيَ تشُد معطفهُ حولها، ولازالت قطراتُ المطر تتساقَط ولكنّها لم تكُن غزيرة بشدّة كما كانت علِيه حيّنما كان هاري يُواجه صُعوبةً في القيّادة..

توّقفت قليلاً لينظُر لها فإللتفتت علِيه وتقدّمت منهُ أكثر لتدفنُ ذاتِها بيّن ذراعِيه..
"شُكراً، هاري" همسَت دافنةً وجهُها بصدرِه وهيَ تُعانقهُ بقوّة، ليخفق قلبهُ بطريقةٍ مُحببة ويُحاوّطها وهوَ يبتسِم، وشدّها لهُ أكثر حيّنما بدأت هيَ بالبُكاء وبشدّة..

كانت تُعانقهُ بشدّة وهيَ تبكِي، وكأنّها أرادت هذا الحُضن منذُ زمَن ولتوّها تحصُل علِيه، كانت تشعُر بالأمان وسطَ ذراعيّه التيّ تُحيطُها، لتبُوح بـِبُكائِها المكبُوت..
بيّنما كان هوَ يُفكر بمالذيّ حالَ بهذهِ الفتاة، ويشُد علِيها ويمسحُ على ظهرها صعوداً ونزولاً، ويُقبّل رأسها بين الحِين والآخر، لتشعُر بحنانِه بدلاً من شفقتِه التيّ كانت خائِفة من أن يُظهرها لها..

هدأتْ بعد بعضٍ من الوّقت ثُم إبتعدت بِبُطء وخفّة لينظُر لها وهوَ يبتسِم هامساً "أفضَل؟".
أُومئت وهيَ تمسحُ عينيّها لترفع نظرُها له..فيُحدّق هوَ بِها حيثُ كان أنفُها مُحمّر وعينيّها و وجنتِيها كذلِك..

"مارأيُكِ بالمُثلجّات؟" سألها وهوَ يُعِيد خُصلاتِ شعرهِ المُبتلّة بعضَ الشيّء للخلفْ..
أُومئت وإبتسمَت بخفّة ليقُول "هيّا نحنُ قريبُون منها بالفعل".
وأخذ بيدِها ليُكملوا سيرهُم حيثُ هدأ المطر كثيراً

حتى وقفَ أمام سيّارة المُثلجّات فنظرَ لها وقال
"مانكهتُكِ المُفضّلة إيڤ؟".
إتسّعت إبتسامتِها على مالقبّها بِه ثُم أجابتْ "الشوكولاة".

طلبَ واحدّة بالشُوكولاة لها وأُخرى بالڤانِيلا له، ثُم ناوّلها خاصتها وعادوا لطريقهِم حيثُ أنهُم مُتجهيّن لسيّارتِه..

كانوا يمشُون بِبُطء وهدُوء، لتكسِر هيَ الصمت قائلةً
"أحياناً، تكُون العائِلة هيَ الأساسُ في تدمِيرنا بدلاً من حمايتِنا"..

______________________________
هاي((؛.

Cafe 49 |H.S| حيث تعيش القصص. اكتشف الآن