14:

1.1K 86 115
                                    

بدأت الشمسُ تظهَر مرةً أُخرى لتتلاشى دكانةُ الغيُوم التيّ حجبَت شُعاعِها..

"هَل ترينَ ضُوء الشمسُ من حوّلك؟" سأل هاري وهوَ ينظُر لها تارة ولطريقِ سيرهُم تارةً أُخرى.
"أجل" أجابَت.
"لقد كانت مخفيةٌ قبلَ قلِيل، لأجل الغيُوم الداكنّة والتيّ تحملُ داخِلها الكثيرُ من الماء" تحدّث ثُم نظرَ للسماء مُتنهداً وأنزلَ نظرهُ مُجدداً ليُكمل
"أو رُبما الكثيرُ من الدمُوع، وبعدما أطلقتهَا عادت الشمسُ بشُعاعها وأكثر قوّة، هَل تعلمِين ماأعنِي؟" ونظرَ لها.

نظرَت إيڤلِين لهُ بإبتسامَةٍ مرسُومةٍ على ثغرِها ليبتسِم هوَ الآخر، فلقد فهمَت مايُريدُها أن تعرفُه..

"أجل إيڤلِين، أنتِ وأنا والجميع أقويّاء، ولكن تمضِي بِنا لحظاتٍ نظُن بِها أننا لن نستطِيع تخطِيها لشدّة ظلامها وثُقلِها على عاتِقنا، فيُصبح كُل مابداخِلنا من حُزن كالغيُوم الداكِنة التِي تحجُب شُعاعنا ونظرتُنا للحيّاة لتحوّلها للبُهتان،  وتُمطر دموعُها المكبوتة بداخِلها كما نفعل حيّنما نبكِي، ثُم نشعُر بالإرتيّاح ونستعِيدُ قوّانا ليتلاشَى هذا الظلامُ الدامِس الذيّ جعلَ من الضوء الذيّ بداخِلنا ينطفِئ، ونُشرق من جديد.."
تحدّث بيّنما هيَ تنصِت لهُ جيداً ليفتحَ باب السيّارة لها وتدخُل فيتّجه من الجهةِ الأُخرى ليدخُل هوَ أيضاً..

"هَل دائماً يحتاجُ الإنسان لمَن يُطمئنهُ أن كُل شيءٍ بخِير ولمَن يُخبره أنهُ سيكون برفقتِه؟" سألَت بخفُوت وهيَ تنظُر له، فقد تذكّرت والدتُها التيّ كانت أقربُ من أيُ شيءٍ لها حيّنما كانت صغيّرة..
"أنتِ قويّة دون الحاجة لأحد" أجَاب ونظر لها ثُم أعاد نظرهُ للأمَام ليُدير المُحرّك وتومئ هيَ بهدُوء فيبتسِم ويُكمل وهوَ ينظُر لها
"ولكنِي سأكون برفقتِك وأُخبركِ أن الحيّاة لازالت بخِير.."
وأعادَ نظرهُ للطريق..

قهقهَت بخفّة لتتسّع إبتسامتهُ المُحببة لقلبِها وتظهُر تِلك الحُفرة بوجنتِه..
لترفَع إيڤلِين يدها وتُدخِل سبابتُها بغمازتِه فيُقهقه هوَ.

كانُوا يتحدّثُون طوال الطرِيق عن إهتماماتهُم وبعضِ الأمُور التيّ لم تكُن مُهمة للغايّة ولكنهُ إستطاع فعلاً تبديل مزاجِها من الأسوّء للأفضَل، ولم يُزيد ذلك إلا وقُوعها لهُ شيئاً فشيّء، فهوَ لم يُظهر شفقته، ولم يُقلل من شعورِها بالحُزن، لم يكُن سيئاً البتة..

"شكراً لكَ هاري" قالت حيّنما توّقف أمام منزِلها.
"لا شُكر بيّننا إيڤ" تحدّث وهوَ ينظُر لها ويبتسِم فإبتسمَت هيَ أيضاً وخرجَت من السيّارة مُتجهةً لداخِل المنزل..

"أُوه إيڤلِين! عُدتي مُبكراً" قالت الجدّة كارمِن حيثُ أنها تجلسُ فوق الأريّكة وبجانِبها هِيلدا.
"لقد أخذتُ إجازة لمُدة يومِين" قالت إيڤلِين وهيَ تتقدّم منهُم وتبتسِم ثُم جلسَت بجانِب هِيلدا وأخذتها لحُضنِها بخفّة حتى لا يتألم فخذها وكتِفها، لتضّع هِيلدا رأسها على صدرِها بهدُوء.

أثناء مُشاهدتِهم للتلفاز بصمتٍ مع هِيلدا التيّ كانت على ذاتِ وضعِها مُتكوّمةٌ بينَ ذراعايّ إيڤلِين..
كسرَت إيڤلِين الصمت قائلةً "أيّن أُمي والعمُّ توماس؟".
"نائمُون" أجابت الجدّة كارمِن.
أُومئتْ إيڤلِين لتتحدّث هِيلدا بهدُوء "أُمي إعتذرت ليّ البارحة وعانقتنِي، أُمي لازالت تُحبنِي".
إبتسمَت إيڤلِين بخفّة ومسحَت على شعر هِيلدا بحِنان وقالت
"الجميعُ يُحبك ياصغيرتِي" وطبعت قُبلةً هادئِة على رأسِها..

وبعدَ بعضِ الوّقت كانت هِيلدا تفغوّ وتستيّقظ مُجدداً ثُم إبتعدت عن حُضن إيڤلِين وقالت "هلّا صعدتِي برفقتِي لأنام؟".
أُومئت إيڤلِين وأخذت بيدها ليتجهوّا للأعلى حيثُ حُجرة هِيلدا، بيّنما الجدّة كارمِن قد دخلت حُجرتها بالفعل..

كانتْ إيڤلِين تُداعِب خُصلات شعرِ هِيلدا بخفّة لتُساعدها على النوم أسرع، ولم يمضيّ الكثِير إلا وقد نامَت بالفعل..

فخرجَت إيڤلِين من حُجرة هِيلدا بعدما تأكدّت من أنها نامَت وإتجهت لحُجرتِها، لتُبدّل ثيابَها وتجلسُ فوق سريرها لتُبحِر بأفكارِها وهيَ تُحدّق بأرجاءِ الحُجرة، تقتُل ذاتِها بالتفكِير المُستمرّ عن كُل مايدُور حولها، وفجأةً إقتحمَ هاري أفكارها وتِلك الساعات البسيّطة برفقتِه والتِي كانت بمثابة حياةٍ أُخرى لها..
إرتسمَت الإبتسامّة تلقائياً على محيّاها وإعتدلت حيثُ أسندت ظهرها على قاعِدة السرير وسحبت الغِطاء نحوّها لتتذكّر جميعُ اللحظات برفقتِه اليُوم، وكيفَ كان حنوناً وهادئاً ودافِئ، كيفَ كان أماناً يحتويّها بين ذراعِيه وكلماتِه، كيفَ إستطاع أن يُنقذها من لحظةٍ شعرَت بِها أنّها لن تستطيعَ أن تطفوّ لشدّة غرقها بأحزانِها، كيفَ إستطاع أن يُهدئُها دونَ الضغط علِيها بأن تبُوح بما يجُول بداخِلها..
هيَ كانت تُفكر أيضاً لما كان مُهتمّاً جداً لأمرِها بِهذا الشكل؟.

حتى قاطعَ تفكيرها صوتُ باب حُجرتِها يُفتح لتحوّل نظرها تجاهه فتجّد والدتها قد دخلَت وأغلقت الباب خلفها..
"مابكِ تبتسمِين؟" سألتها لترمُش إيڤلِين وتُقهقه بخفّة مُجيبةً
"لا شيّء!".

فتقدّمت والدتُها جيسيكا منها وجلستْ على سريرها وهيَ تنظُر لإيڤلِين وإيڤلِين تنظُر لها بصمت..

___________________________
هَللوو.

Cafe 49 |H.S| حيث تعيش القصص. اكتشف الآن