3:

1.5K 105 43
                                    

هوَ رفعَ نظرهُ فورما وقفتْ إيڤلِين أمام طاوّلته لتأخُذ طلبه..
"قهوّةٌ سودّاء من فضلِك" أردفَ بصوته الثقِيل لتكتُب هيَ طلبُه وتتجّه لآماندا لتنزِع الوّرقة من الكُتيّب وتُعطيها إيّاها..
"أخيراً رأيتُه" قالت آماند وهيَ تلتقطُ الوّرقة وتُقهقه بخفّة وتدخُل لتُعدّ طلبُه..

كانتْ إيڤلِين تُراقبه بيّنما يبدُو أن الكتاب قد شدّ إنتباهُه، فقد كان يقرأ أوّل صفحاتِه بدلاً من تصفُحّه..
وبعد أن أعدّت آماندا القهوّة السوداء، أخذتها إيڤلِين لطاولة الفتى
"أشكُرك" همَس ولازال ينظُر للكتاب..

بدأ المقهى يخلوّ بيّنما تبقّى القلِيلُ على إنتهاء وقت عمل إيڤلِين، وكانت طوال ذلِك الوّقتْ الذيّ كانت مُتفرّغةً بِه، تُحدّق بذاك الفتى لسببٍ تجهلُه، وتتحدّث قليلاً معَ آماندا لتتوّقف عن التحديّق بِه، هيَ لا تعلمْ مالذيّ شدّها لهُ خاصةً؟
رُبما هدُوءه الغريّب وإندماجه بما يقرأه وإرتشافهُ لقهوتهِ بِبُطئ، وعزفهُ وصوتهُ الذيّ أراح مسمعها..
بدا وكأنهُ من الأشخاص اللطيفِين، الهادئِين، الكتومِين، الغير مُبالين، الواثقين، والجديّين غالباً..
عرِفَت إيڤلِين ذلك من تحديقها الزائِد بِه والتركيز على بعضِ حركاته، فلكونِها تدرسُ مجال عِلم النفس بجميع فرُوعِه فهيّ إستطاعت أن تجد هذه الصفات البارزّة بِه بالرُغم من أنّها لم تتعمّق بعد بمجالِها..

هوَ نظر لساعتِه وعاد ينظُر للكتاب ليطويّ طرف نهاية الصفحة التِي كان يقرأها ويُغلقه ليُعيده مُجدداً للرّف، علِمَت إيڤلِين أنهُ يُحب التنظِيم أيضاً، وعلِمَت أنهُ رُبما سيأتِي بالغدّ كذلِك..

وبعد إنتهاء وقت عملِي خرجتُ من المقهى لأركب سيارتِي وأبتاع الحلوى لهِيلدا..
إبتعتُ كثيراً منها حتى لا أُضطر للذهاب للبقّالة كُلما أُعود للمنزّل..

ركنتُ سيارتِي أمام المنزل ودخلت لأرى أُميّ تسحبُ حقيبةً وتضعُها بجانِب الباب، تعجّبتُ لأسألها "إلى أيّن؟".
"سفرةُ عمَل" أجابَتنِي ولكن..شعرتُ بأن هذه ليّست الحقيّقة، نظرتُ لها ولكنّها لا تنظُر ليّ، هيَ كانت تدعيّ أنها مُنشغلة وتتفقّد حقيبتها، إبتسمتُ بسُخريّة وأكملتُ سيريّ مُتجهةً للأعلى، سأدعِي أننيّ صدقتُها فقط ولنْ أجبِرُها على قول الحقيّقة..

"إيڤلِين" قالت هِيلدا فورما رأت إيڤلِين وإستقامَت من بين أللعابها لتُعانِقها، وتُبادلها إيڤلين بدورها وهيَ تبتسِم بوسُع..
"أحضرتُ لكِ حلوّاكِ المُفضلّة مُجدداً" قالت إيڤلِين بيّنما تتحرّك هِيلدا يميناً وشمالاً وتبتسِم لتهمسْ "شُكراً".
ناوّلتها إيڤلِين الحلوىٰ وقالت "سأُبدّل وأُعّد الطعام ونأكُل ثُم نتعلم بعض الأشيّاء وبعدها سننام، إتفقنا؟".
عَبستْ هِيلدا وأخذت تُحدّق بحلوّاها وهيَ مُقطبةٌ حاجبيّها..
"مابِك؟" سألتها إيڤلِين لتوّجه هِيلدا لها الحلوى بمعنى أن تفتحها..
"لا، جربيّ هيا لتحظِي بكثيرٍ منها" قالت إيڤلِين وهيَ تجثوّ أمامها لتُصبح بمُستواها..
"أنا لا أستطيّع" تحدّثتْ هِيلدا بِبُطئ وهيَ تنظُر للحلوىٰ..
"بلى، تستطيعِين، هيّا جربِي لقد تعلمتِي هذا عدّة مرّات"
قالت إيڤلِين لتُمسك هِيلدا بالحلوّى جيداً وتبدأ بفتحها، وبعد عدّة مُحاولات إستطاعتْ أن تفتحها أخيراً، إبتسمتْ إيڤلِين بوسُع لكونِها علّمت هِيلدا شيئاً جديداً بيّنما إبتسمت هِيلدا أيضاً وبدّأت بلعق حلوّاها بسعادّة لتستقِيم إيڤلِين وتقول "ارأيتِي تستطيّعِين"..
ثُم خرجت لتُبدّل ثيابها وتنزِل لتُعِد الطعام، بيّنما تقوّقعَت هِيلدا وسط أللعابِها مُجدداً..

( ٥:٤٥ صَ )
إستيّقظت إيڤلِين لتتجّه لدورة الميّاه وتملأ حوضَ الإستحمام بمياهٍ دافِئة تحتضّن جسدها المُتكاسل..
تحممت وإرتدت ثيابها ونزلتْ لتودّع والدتها التِي لن تُسافر بالفعل، وتستقبّل جدتها حتى لا تبقّى هِيلدا وحدها..
تناوّلت طعام الإفطار ثُم ودّعتهُم وإستقامَت لتتجّه لجامعتِها..

أثناء شرح الأُستاذ، أخذ ذاك الفتى بالمقهى طريقهُ مُتسللاً لذهنِها، ليجعلُها تُقلّب يوم الأمس داخل رأسِها، وكم تشوّقت لأن تتصفّح الكتاب الذيّ شدّ إنتباهُه..
وبعد إنتهاء وقتِها بالجامعة أخذت طريقُها للمقهى، ركنَت العربّة ونزلتْ تترجّل للداخل وهيَ تنظُر لهاتفِها بيّن يدها، لتصطدم بأحدهم وتسقُط أرضاً..
رفعَت رأسها لترى ذاك الفتى نفسُه، خفقَ قلبها ورمشت مرتِين ليمُد لها يده قائلاً "لا يجدُر بكِ النظر لهاتفُكِ أثناء سيّرك".
أمسكَت بيده لتستقِيم بمُساعدتِه وتهمس "آسفة".
وإبتعدتْ لتُكمل سيرها لداخل المقهى وهيَ تشعُر بالإحراج الشديّد..

دخَل هوَ وإتخذّ ذات الطاوّلة التِي جلسَ بِها البارحّة وإللتقطَ ذات الكتاب، حيثُ بدّأت هيَ بعملِها، وحيّنما إتجهتْ لهُ لتأخُذ طلبُه كان قد طلبَ قهوّةً سودّاء مُجدداً..

قدّمتها لهُ وشكرها وإتجهتْ لتجلِس بمقعدِها تنظُر لهُ بين الحينِ والآخر، حتى أتاهُ إتصالاً فإستقامَ هوَ وقام بطيّ نهاية الصفحة التيّ كان يقرأها وخرَج، لتستقِيم إيڤلِين وتتجّه لطاولتّه مُلتقطةً الكتاب الذيّ كان يقرأهُ..
صُدمت وإتسّعت عيّناها وهيَ تنظُر للكتّاب..'عُزلة وإقتحام'..

______________________________
أهلاً(؛.
-إبتسموا.

Cafe 49 |H.S| حيث تعيش القصص. اكتشف الآن