كانت تجلسُ بغُرفة المعيّشة بإنتظارِه بيّنما تشعُر ببعضِ التوتُر، ليُضيء هاتفُها برسالةٍ منه يُخبرُها فِيها أنهُ بالخارِج..
إتجهَت لباب منزّلهُم البسِيط وفتحته بهدُوء لتراه يقِفُ أمام المنزّل بإبتسامة، حاملاً بيّن يديّه صُندوقاً بهِ قِطعُ كعكٍ صغيّرة..
"مرحباً هاري، تفضّل" أردفَت بإبتسامَة بعدما أفسحَت لهُ الطريق، ليدخُل هوَ مُناوِّلاً إيّاها صُندوق الكعك لتهمِس "لمْ يكُن عليكَ فعلُ ذلِك" وإللتقطتهُ منه ثُم عانقَها بخفّة هامساً "إنهُ شيءٌ بسِيط"..
دلّتهُ على غُرفة المعيشة ليجلِس فوقَ الأريّكة بيّنما إتجهَت هيَ للمطبخ لتُحضّر لهُ كوبُ القهوّة السودّاء والتِي يُفضلُها ويطلُبها كُلمّا أقبلَ على المقهى..
ثُم عادتْ لهُ مُجدداً واضعةً كوب القهوّة أمامهُ ليبتسِم قائلاً
"ولم يكُن عليكِ فعلُ ذلِك".ضحكَت بخفّة ليُشاركها، ثُم جلسَت بجانبِه وبادرت بالحديث قائِلةً
"اذاً، كيفَ حالُك؟".
"أنا بخِير" أجَابها بإبتسامَة ليُضِيف "كيفَ حالُكِ أنتِ؟".
"بخيرٍ كذلِك" أجَابتهُ بإبتسامَة.إللتقطَ كُوب قهوته وإرتشفَ منها ناظِراً حولهُ ثُم نظرَ لها طارِحاً سؤاله
"هَل تعِيشين وحدكِ هُنا؟".
حرّكت رأسها بالنفِي مُجيبة "لا، شقيقتِي الصُغرى وجدتِي بالأعلى".همهمَ هوَ مُفكراً..ألا تملكُ والِدان؟.
حمحمَ طارِداً أفكارهُ حولها ليقُول "اذاً، هيّا للمهامِ المنزليّة؟" وإبتسمَ بوسُع.
تنهدتْ وكتّفت يديّها بعبُوس ليُكمِل "مالأمر! لقَد أخبرتينِي قبلاً أنكِ تُحبين علمَ النفس، مابكِ الآن؟"."أُحبه أجَل، ولكن لا أملُك مزاجاً للقيّام باللحلّ الآن"
قالت وقوّست شفتيّها بحُزن ليُقهقه هوَ ويضعُ كوبهُ مُجدداً ثُم يُشابك كِلتا يديه وينظُر لها قائِلاً
"هيا إيڤ، وأخبرينِي بماذا تُريديني أن أُساعدك؟".إستقامَت وجلبَت كتابُها والورقة التِي قام الأُستاذ بتوزيعِها عليهُم من فوق الطاوّلة وعادت للجلُوسِ بجانبِه..
"لقَد طلبَ منّا الأُستاذ أن نكتُب الفرقُ بينَ الحُزن والإكتئاب، وهذا سهلٌ بالنسبةِ ليّ، ولكن الصعب، لقد طلبَ منّا أن نرسُم شخصاً مُكتئِب وآخر طبيعِي، وأعتقِد أنهُ طلبَ ذلِك حتى يُزيدُ درجاتِنا، ولكنيّ لستُ شخصاً ماهِراً بالرسم!" أردفَت وهيَ تنظُر له.
"حسناً هذا سهل بالنسبةِ ليّ" قال وإبتسمَ بوسُع ثُم أكمَل
"متى يُريدها؟".
"نهاية الأسبُوع" أجَابته..
"جيّد، سأخُذكِ معيّ من الغدّ لمنزليّ وسنرسُم سوياً، مارأيُكِ؟" طرحَ فكرةً لمعَت بذهنِه..إبتسمَت بوسُع قائِلة "حسناً، موافِقة!".
"اذاً الآن هيا إكتُبِي الفرقُ بينَ الحُزن والإكتئاب، حتى لا يُصبح لديكِ شيءٌ سِوى الرسم!" قال وإرتشفَ من كوب قهوتِه مُجدداً.أُومئت إيڤلِين وفتحَت كتابها وكان هاري ينظُر لها ويرتشفُ من كوب قهوتِه بيّنما حلّ الصمتُ بيّنهُما لثوانٍ..
"إيڤلِين" بتَر ذلِك الصوتُ صمتهُما ليلتفِت كُلٌ من هاري وإيڤلِين ناحيتُه، حيثُ كانت هِيلدا تنزلُ السلالم وحيّنما لمحَت هاري توّقفت وإنكمشَت على ذاتِها قليلاً لتُخبِئ ذاتِها خلفَ العامُود الحديديّ وهيَ تقفُ بآخر السلالمْ..
"مرحباً هِيلدا، تعاليّ لهُنا.." أردفَت إيڤلِين بيّنما لازالت هِيلدا ساكنةً مكانها مِمَا جعلَ هاري مُتعجّباً وقد قطّب حاجبيّه بإبتسامّة طفِيفة لينظُر لإيڤلِين قائِلاً "هَل هيَ خجِلةٌ منِي؟".
"إنها مُصابةٌ بالتوّحد" أجابتهُ إيڤلِين بخفُوت ليُصدم قليلاً، لكونِها لمْ تُجلِب لهُ سيرةً حول هذا من قبل..
إستقامَت إيڤلِين مُتجهةً لهِيلدا لتهمِس هِيلدا "مَن هذا؟".
"إنهُ صديقِي هاري، هيا تعاليّ وأللقِي التحيّة علِيه!" قالت إيڤلِين.حرّكت هِيلدا رأسها بالنفِي مراراً وتِكراراً لتُمسِك إيڤلِين يدها بخفّة قائِلةً "هيا هِيلدا إنهُ لطِيف!" وأخذتها معها لهارِي..
إبتسمَ هاري وهوَ ينظُر لهِيلدا ليقُول "مرحباً ياصغِيرة"..
ومـدّ يدهُ ليُصافحُها بيّنما كانت هيَ مُتبشثةٌ بـإيڤلِين لترفعَ رأسها وتنظُر لها فتومئ إيڤلِين لتُعِيد هِيلدا نظرُها لهاري وتُبادلهُ المُصافحة بتردُد.."أنا هاري، ما إسمُكِ؟" تحدّث هاري بإبتسامَة لطِيفة.
"هـ..هيلدا" همسَت بخفُوت..
"إسمُكِ جميلٌ مثلُكِ" أردفَ هاري بلُطف لتجلِس إيڤلِين وتجلِس هِيلدا بجانِبها ثُم همسَت فجأة ببعضِ الخوّف الذيّ غلّف نبرتها
"إيڤلِين، هَل هوَ يضربُ كَـوالديّ؟".
فتوتّرت إيڤلِين بيّنما صُدمَ هاري مِمَا سمعه ولكنهُ مثّل عدمَ الإنتبَاه حيّنما لاحظَ توتر إيڤلِين ليرتشفَ من قهوتِه مُجدداً، فنظرَت إيڤلِين لهِيلدا وهمسَت مُحاولةً تغيُّر الحدِيث "هَل تُريدين النُوم؟".حرّكت هِيلدا رأسُها بالنفِي وقالت "ولكن أُريد الصعُود لجدتِي".
أُومئت إيڤلِين وقالت "حسناً هيا إذهبِي" وإبتسمَت بخفّة لتستقِيمَ هِيلدا مُتجهةً للأعلى..كان الصمتُ يسُود المكان بيّن هاري وإيڤلِين، حيثُ كانت هيَ تبحثُ بكتابِها عن الإكتئاب وكانَ الشعُور بِـالضِيق قد بدأ يُغلّف قلبَها..
لاحظَ هاري صمتُها الذيّ طال وملامحُها التيّ باتَت خاليّة من الحماس عن قبلَ قلِيل، فإقتربَ منها مُحاوطاً كتفِيّها بذراعِه ليُجذبُها لهُ أكثَر..
"هل أُساعدكِ بالبَحث؟" سألَها باتراً ذلِك الصمتْ..
إبتسمَت هيَ وأجَابت "لقد وجدتُه"..
ثُم نظرَت لهُ حيثُ كانَ هوَ ينظُر لها بالفِعل بإبتسامةٍ هادِئة، وقد كانت عيّناهُما تُحدّقان ببعضِهما لبعضِ الوّقت، ليُقرّب وجههُ منها بِبُطء طابِعاً قُبلةً هادِئة على وجنتِها، مِمَا أدّى لها شعُورٌ مُحببٌ وغرِيب، أرسلَ لقلبها الذيّ غلفّهُ الضيق قبل دقائِق، جُرَعٌ من السعادّة..________________________
-أهلاً.
أنت تقرأ
Cafe 49 |H.S|
Fantastik"ثمّة من ينتظرُك، ويُقدّس شذايا عطرُك".. "ثمّة من هوَ مُعجبٌ حتى بحاجبيّك المعقُودان عند غضبِك".. "تسعٌ وأربعُون".. -إيڤلِين ويلسون، هارِي ستايلز.