2:

1.9K 127 48
                                    

يومٌ جديّد تنشُر فِيه الشمس خيُوط شُعاعها على مدينةِ لندن، لتُعلن عن بدايّة جديدة، آمالٌ وأُمنيّات لاتزال فوق الغيُوم مُنتظرةً الجُهد والعزيّمة لتُمطر من بِين الغيوم مُحقَقة..
ركنَت إيڤلِين سيارتها أمام الجامعّة لتترجّل منها مُتجهةً لصفّها..

بدأ الأُستاذ بالشرح حيثُ إكتمَل صفُّه وكانت إيڤلِين تنصُت لما يقوله حتى بدأ بإحدى النِقاط المُهمّة جداً بالنسبّة لها
"أما عن التوّحد.." قال الأُستاذ لتعتدل بجلستِها جيداً صابةً تركِيزها مع هذِه الفقرة..
"هوَ إحدى الإضطرابات ويُسمى أيضاً بالذاتويّ، يظهر بسن الرضاعة قبل بلوغ الطفل سن الثالثّة غالباً، والتوّحد يؤثِر أيضاً على قُدرة الطفل من الإتصال بمَن هُم مُحيطون بِه وتطوير علاقات مُتبادلة معهُم" أكمَل الأُستاذ حديثُه ثُم طرحَ سؤالاً..
"المصابُون بالتوّحد يعانُون من صعُوبات في ثلاثة مجالات تطوريّة أساسيّة، هَل من أحدٍ يعرف ماهيَ؟".
لتتحدّث إيڤلِين قائلةً "أجل، العلاقاتْ الإجتماعيّة المُتبادلة، اللُغة والسلُوك".
"أحسنتِ إيڤلِين، إجابةٌ صائِبة" قال الأُستاذ بنبرةٍ مُشجّعة لتبتسِم إيڤلِين فأكمَل الأُستاذ حديثه عن المصابُون بالتوّحد..

"أما المهارات الإجتماعيّة الأكثر شيوعاً لهذا النُوع من الإضطرابات، هَل من أحدٍ يعلم؟" طرحَ سؤال مُجدداً..
لتُجيب إيڤلِين "يُحب اللعب وحده" ثُم همهمتْ مُفكرّة لتُكمل
"لا يستجِيب لمُناداة إسمه، ولا يُكثر من الإتصال البصريّ المُباشر".
إبتسَم الأُستاذ على هذِه المعلُومات من إيڤلِين وقال
"صحيّح، وأيضاً يرفُض العِناق وينكمِش على ذاتِه، وغالباً مايبدو أنهُ لا يسمع مُحدّثه".
وأكمَل حديثه بيّنما هيَ تُنصِت جيداً وتُدوّن بعض المُلاحظات، وقد بدت مُهتمّة أكثر من أيّ وقتٍ قد مضى..

"وفي المهارات اللغويّة، يبدأ بنطق الكلماتْ في سنّ مُتأخر مُقارنةً بالأطفال الآخرين، يفقِد القُدرة على قول كلمات أو جُمل مُعيّنة كان يعرفُها في السابق، يُقيم إتصالاً بصرياً حيّنما يُريد شيئاً ويتحدّث بصوتٍ غريب وإيقاعاتٍ مُختلفّة أو يتحدّث بصوتٍ غنائِي أو بصوتٍ يُشبه الرجُل الآلي، وقد يُكرر الكلمات أو العبارات ولكنهُ لا يعرف إستعمالها.." قال الأُستاذ بيّنما إيڤلِين تُقارِن هذه السلُوكيات جميعُها تقريباً تنطبِق على هِيلدا..
"فيجبُ عليّنا حيّنما نتعامل مع الطفل المُصاب بالتوّحد، مُحاولة الترفِيه عنه ومُخالطته معَ العالم الخارجِي، ويجبُ علِينا تعلِيمُهم السلوكيّات والتحدُث معهُم وأخذهم لبعضِ المراكز المُختصّة بتعلِيمهم، والبعض منهُم يملكُون ذكاءً وتتوّفر لديهُم مهارات إستثنائيّة فريدة تتركز ببعضِ المجالات المُعيّنة مثل الفن، الرياضيّات والموسيقى.."
أكمَل الأُستاذ حديثه ثُم نظر لساعتِه وقال
"ونكتفِي بهذا الحدّ، لا مهامٍ منزليّة، يُمكنكُم الإنصراف"
وإبتسَم بخفّة بيّنما وقعت عيناهُ على عيّنا إيڤلِين لتتسّع إبتسامتهُ فتُبادلهُ بدورها، ثُم إستقامَت لتحمل كتُبها وأوراقها وتتجّه للخارج كبقيّة الطلبّة لولا شعُورها بإحدٍ ما يُمسك بمعصمِها فإللتفتت لتجد أنهُ الأُستاذ فنظرت لهُ ببعضِ الغرابّة ليهمس
"مُعجبٌ بذكاءك" قال فإبتسمَت هيَ..
"شكراً لك!" أردفَت ليترُكها مومئاً بإبتسامّة فأكملت طريقُها للخارِج..

ركبتُ سيارتِي وقُدت بتجّاه المنزل لأطمئِن على هِيلدا وأُبدّل ثيابِي ثُم أتجّه لمقرّ عملِي..
وأثناء قيادتِي فكرتُ بأن أصطحبُها لإحدى المراكِز التعليميّة، وأن أجلِب لها آلةً مُوسيقيّة لتعزف علِيها أيضاً، رُبما ستُتقن ذلِك كما قال الأُستاذ!، وتذّكرت ذاك الفتى الذيّ كان يعزِف ويُغنِي البارحّة، وبدأتُ أُدندن بلحنِ ما كان يُغنِي بِه حتى وصلتُ للمنزّل..

دخلَت إيڤلِين بهدُوء وكانت والدتها جيسيكا في المطبخ تتحدّث عبر هاتفِها..
"لازلتُ أُفكر بأن أترُكَ هِيلدا عند والدِها، فأنا حقاً لا أستطيّع التعامُل معها أو تكلُفة مصاريفِها حتى أجعلُها تتعلّم بإحدى المراكز المُختصّة!"
قُبِضَ قلبَ إيڤلِين على ماسمعتهُ للمرّة الثانيّة وإتجهَت لها سريعاً..
"هِيلدا لن تذهَب لأي مكانٍ لطالما أنا موجُودةٌ هُنا، لقد أخبرتُكِ بهذا مُسبقاً أُمي، هَل حقاً تُريدين أن تأخُذيها لأبٍ بلا رحمَة؟ وماذنبُ طفلةٍ مثلها؟" قالت إيڤلِين عاقِدةً حاجبيّها بغضبْ وكادت والدتها أن تتحدّث لتُقاطِعها إيڤلِين قائلةً "هذا لنْ يحدُث بتاتاً"..
وأكملت طريقُها لتصعد لحُجرة هِيلدا وتطمئِن علِيها ثُم تُبدّل ثيابها وتأخُذ طريقُها لمقرّ عملِها..

"مابِك، تبدين مُستاءة؟" سألت آماندا وهيَ تنظُر لإيڤلِين التيّ تجلسُ على مقعدِها ولا تبدو أنها بمزاجٍ جيّدٍ البتة..
"كما تعلمِين، وهَل هُناك شيءٌ ما يجعلُني بهذا المزاج سِواها؟" أجابَت إيڤلِين..
تنهَدت آماندا وهمستْ "لا بأس، سيُصبح كُل شيءٍ بخيّر!" وربتت على كتفِها..

مضى الوّقت وهم يعملُون حتى عاد ذاك الفتى يُغنِي مُجدداً ليسترِق أنظار الجمِيع، إبتسمَت إيڤلِين وهيَ تجلِس وتُراقبه من خلال الواجهة الزُجاجيّة وتنصِت لمعزوفتِه وصوته الذيّ تكرر بذهنِها عِند عودتِها من الجامعة..
وفورما إنتهى إستقامَت آماندا لتخرُج وتراهُ عن قُرب، ولكنّهُ إستدار ليدخُل المقهى بالفعل، وأخذ طريقهُ لإحدى الطاوّلات المركونة وجلسَ يُلقِي بنظره للمكان ويبدو أنهُ قد راقَ له، بيّنما إيڤلِين كانت تُراقبه..

إمتدّت يدهُ لرفّ الكُتب المُحيط بالمقهى ليلتقِطَ كتاباً..
'عُزلة وإقتحام' كان إسمَ الكتاب الذيّ بين يداه، وأخذ يُقلّب بيّن صفحاتِه مُعطياً إيّاه نظرةً سريّعة..

____________________________
-أعرف إن البارت مو هذاك الشي، لكن إن شاءالله الأحداث حتبدأ البارتات الجايه((؛!.
-كونوا بخِير !!💛💛.

Cafe 49 |H.S| حيث تعيش القصص. اكتشف الآن