بات بمستطاعي،وقد تخلصتُ من متاعي،السير خفيفًا الآن،مواصلًا الغوص في أعماق الغابة،أركّز فقط على التقدم إلى الأمام،لا داعِي لجرح المزيد من الأشجار،لا داعي لتذكر طريق العودةحتى أنني لا أنظرُ حولي،المنظر لا يتغيّر،فما الفائِدة إذن؟ سماء من الأشجار الشاهقة تعلُو فوقي،نباتات تتدلى إلى الأسفل،جذور ملتوية،أكوام من الأوراق المُتعفنة
مختلف الحشرات،شباك عنكبوت صلبة ولزجة،أغصان بلا نهاية،بعضها ينذر بالخطر،بعضها يُكافح للحصول على مكان،بعضها يتوارى بمهارة،بعضها مائِل وملتوي،بعضها متأمل،وبعضها بائس يحتضر،المشهد نفسه يتكرر
بشفتين مسدودتين تمامًا،أواصل السير فيما يُمكن إعتباره دربًا،يجري صعودًا إلى تل،ليس شديد الإنحِدار على الأقل حتى الآن،ليس ذلك الإنحدار الذي يقطع النفس
الآن أنا خالِي الوفاض،علبة الصباغ،والبلاطة الصغيرة،أصبحتا من التاريخ،والشنطة البلاستيك ذهبت هي الأخرى،لا ماء ولا طعام،ولا حتى بوصلة رميتها ورائِي غرضًا بعد الآخر هذا يُعطي الغابة رسالة واضحة
( لستُ خائفًا بعد الآن،ولهذا السبب إخترتُ أن أكون أعزلًا تمامًا )
من دون قوقعتِي الصلبة،مُجرد لحم وعِظام،أنطلق إلى قلب الغابة مُسلمًا نفسي للعدم
تلاشت المُوسيقى التي كانت تلعبُ في رأسي،مخلّفة ورائها بعض الضوضاء البيضاء الواهنه
كملاءة على سرير كبير،ألمس تلك الملاءة مُتتبعًا خطوطها بأنامِلي،يستمر البياض إلى ما لا نهايةترشح نقاط العرق تحت ذراعي،أرى أحيانًا السماء لمحًا من بين أعالي الأشجار وقد تغطّت بطبقة متصلة من الغيوم الرمادية،لكن لا يبدو أنها ستمطر،السُحب ساكِنة،المشهد بأكمله لا يتغير،تصدح الطيُور على الأغصان العاليه
أفكّر في بيتي المهجور في كوريا،قد يكُون مُغلقًا الآن،لا بأس بالنسبة إلي،فلتبق بقع الدم على حالِها،وما يهمني أنا؟ لن أعود أبدًا وحتى قبل أن يقع ذلك الحادث الدموي،شهد هذا المنزل قتل أشياء كثيرة
أحيانًا من أعلى،وأحيانًا من أسفل،تحاول الغابة أن تُهددني،نافثة نفسًا باردًا في عُنقي،لاسعة كالإبر بآلاف العيون،مُحاولة بأي طريقة أن تطرد هذا الدخيل،ولكنني تدريجيًا أتقن تجاوز هذه التهديدات،هذه الغابة أساسًا جُزءًا مني،أليس كذلك؟ تقف هذه الفكرة عند نُقطة معينه
رحلتي الآن في داخلِي أنا،تمامًا مثلما يسيل الدم في العُروق،ما أراه هو نفسي الداخلية وما يبدو تهديدًا ليس سوى صدى الخوف في قلبي
أنت تقرأ
𝐋𝐢𝐛𝐫𝐚𝐫𝐲 | 𝐘.𝐌
Romance- سأهرَبُ مَنّ البيَتُ عندما أبلَّغُ الثامنة عشْر. . . بدأت | 7 مارس : 2019 إنتهت | 24 يُونيو : 2020