{ما خابَ قلبٌ لجأ إلى الله، ولا ضاعَ رجاءٌ عُلّق به.}
{إن مُحمَّدًا له في القلبِ حُبًا فصلّوا عليه كي يزيد الحُبّ حبًا.}
____________
ليس كلُّ هديةٍ تُعطى لتُبهِج، ولا كلُّ يدٍ تمتدُّ بالعطاء تُراد بها البركة. ثمة هدايا تأتي في هيئة جمالٍ ناعمٍ، وتحتها سُمٌ يسري بلا رحمة.
ثمة أشياء حين تطرق أبوابك، لا تأتي لتُفرحك، بل لتستقرّ في قلب حياتك كعقابٍ مؤجل، كفاتورةٍ لذنبٍ لم تُكفَّر عنه بعد.
لقد مضت السنوات ظانّةً أن النسيان يكفينا شرّ المواجهة، لكن لا شيء يضيع، لا الظلم يُنسى، ولا الألم يذوب، ولا الدموع تجفُّ دون أن تترك على الروح ندبةً نازفة.
وفي هذه الليلة... ستعود الذكرى في شكل هدية، ممهورةٍ بالغموض، معلَّقةٍ بحبال الماضي، مضمَّخةٍ بشيءٍ من السخرية والوعيد.
لم يتنبّه أحدٌ لما خُطَّ في الظلِّ من وعود، ولا لما أعدَّه الزمن في صمتٍ بارد.
وها هي الهدية قد وصلت... هادئة، صامتة، جميلة، لكنها ستجعل القلوب ترتجف حين تُفتح، وستعلّمهم أن من يزرع الخطيئة لن يحصد إلا العتمة.
فاحذروا الهدايا إن جاءت من يدٍ لا تعرف الغفران.
في غرفة رُهام، كانت تجلس فوق طرف سريرها، تُطالع الأرض بنظرات حزينة شاردة، تكاد لا تفهم كيف انقلبت بوصلة الحديث مع شقيقتها الكبرى إلى قسوة غير معتادة. الضيق يملأ صدرها، والغصّة تعاند النزول. لطالما كانت رِسال ملاذها، أختها الكبرى، حضنها الأوّل، فكيف تُحدّثها بذلك الجفاء!
قطع شرودها صوت طرقات خفيفة على الباب، فظنّت أنها والدتها أو والدها جاءا يطمئنان عليها، فأذنت بالدخول دون تفكير.
لكنّها ما لبثت أن رفعت نظرها، حتى وجدت رِسال أمامها، تقف حاملةً بين يديها أكياسًا بلاستيكية كثيرة، ووجهها حزينٌ كأنّه يعتذر بصمت.
تقدّمت رِسال نحوها ببطء، وابتسامة باهتة ترتسم على ثغرها وهي تقول، بعفوية تشبه الأطفال:
-رِسال بتطلب من رُهام يتفرجوا على فيلم سوا، وقت للأخوات مع بعض.
لم تتكلّم رُهام، فقط تبسّمت، وفتحت ذراعيها بصمتٍ دافئ، كأنها تقول: تعالي، هنا بيتك.
فأندفعت رِسال نحوها، تحضنها براحةٍ وندم، وهمست بصوت مبحوح:
-أنا آسفة إني زعقتلك... بس والله كنت مضايقة أوي.
ربتت رُهام على ذراعيها بحنانٍ لا يشبه إلا قلوب الأخوات الحقيقيات، وهمست:
-ولا يهمك يا عيوني... أنا مقدّرة، يمكن اتعصبت أنا كمان، بس أنا مقدّرة.
ابتسمت رِسال براحةٍ واضحة، وجلست إلى جوارها، تخرجان الأطعمة والحلوى، ثم شغّلتا أحد الأفلام الغربية، ليغرقا في ضحكٍ عفوي، وصرخات مرتعبة كلّما باغتهما مشهدٌ مخيف.
أنت تقرأ
الــورثــة | قـيـد الـتـعـديـل |
Любовные романыفي العائلات الكبيرة، تُخفى الأخطاء تحت بساط الهيبة، وتُدفن الأسرار في صدورٍ أُجبرت على الصمت. لكن ليس كل من سكت... نسي. وليس كل من غاب... انكسر. هناك دائماً من يعود، يحمل في قلبه حسابًا مؤجلًا، وقوّة لا يعرفها إلا من ذاق طعم الخذلان. وجوههن قد تبدو...
