{ما أثقلَ الدروب حين تَخلو من ذِكر الله، وما أهونها حين يُضيئها يقينُ القلب بأنّ كلّ ما كُتِب لنا هو خير، وإن لم نُدرك معناه بعد. ففي لحظاتِ التيهِ والخذلان، لا مَلجأ للروح إلّا باب السماء، ولا عزاء للقلب إلّا الاطمئنان بأنّ الله لا يُضيّع من لجأ إليه.}
{إن مُحمَّدًا لهُ في القلبِ حُبًا، فصلّوا عليه كي يزيد الحُبّ حبًا.}
___________
أيعقل أن يكون الحُبّ لعنة؟
أيعقل أن يتحوّل دفء القلب إلى قيدٍ يلتفّ حول الأعناق؟
لقد أحبّوا بصدق، بقلوبٍ نزفت الشوق والحنين، لكن القدر أبى أن يترك لهم سبيلًا واحدًا للنجاة. فكلّما مدّوا أياديهم نحو الضوء، انبعث من الظلام جدارٌ سميك من الانتقام، يصدّهم، يجرّهم إلى حيث لا خلاص.
كانوا يظنّون أنّ العاطفة وحدها تكفي لتُداوي الجراح القديمة، لكن النار التي أوقدها الماضي لم تخمد بعد، ما زالت تتوهّج تحت الرماد، تنتظر نفخة صغيرة لتشتعل من جديد.
الحبّ حين يسكن الأرواح يُشعل في القلب نورًا لا ينطفئ، ويُحيي في العيون بريقًا لا يخفت، لكنّه أيضًا قد يصبح لعنة حين يتشابك بخيوط الغيرة والانتقام.
ها هو الحبّ، على شدّة صفائه، يقف عاجزًا أمام حقدٍ دفين يتربّص؛ غيرةٍ سامة تسري في العروق كالسّمّ البطيء، تُحوّل كل عناقٍ إلى حرب، وكل كلمة حنان إلى سهمٍ يُغرس في صدر الآخر.
لقد اجتمعوا تحت سقفٍ واحد، لكن بين العيون أسرار لم تُفصح، وبين القلوب ندوب لم تلتئم. ظلّت المشاعر أسيرة الصراع، تتأرجح بين العشق والخذلان، بين الثقة والريبة، بين الأمل واليأس.
كانوا يريدون الطمأنينة، أرادوا أن يلوذوا ببعضهم هربًا من قسوة الأيام، لكن الانتقام أبى إلا أن يكون ثالثهم. يقف بينهم صامتًا، يفسد لحظاتهم، يلوّنها بظلالٍ من الشكّ والخذلان، يذكّرهم أن الماضي لا يُمحى بسهولة، وأن الطريق إلى الغفران مفروشٌ بأشواكٍ ودماء.
الحبّ كان حاضرًا… قويًّا… لكنّه بدا وكأنّه يُصارع على أرضٍ لا تخصّه، كطفلٍ ضعيفٍ يواجه عاصفةً هوجاء. كل نظرة عيونٍ، كل لمسة يد، كانت تحمل وعدًا أبديًّا، لكن خلفها يقف جدار الغيرة، جدارٌ تتكسّر عليه الأحلام قبل أن تُولد.
وهكذا، لم يعد السؤال: هل يُحبّون؟ بل صار؛ هل يستطيع الحبّ أن ينجو وسط رماد الغيرة ولهيب الانتقام؟ فالحبّ وحده لا يكفي حين يكون الماضي هو العدوّ، والقلوب لا تجد خلاصها إلا بعد أن يُطفأ لهيب الانتقام تحت رماد الغيرة.
ارتفعت الطائرة تشقُّ صفحة السماء الملبّدة بالغيوم، كأنّها تسبح فوق عالمٍ آخر، تحبس داخلها قلوبًا مُثقلة، ونظراتٍ مشتعلة تتقاطع دون هوادة. المقاعد الضيّقة جمعت الجميع بلا فاصلٍ أو مهرب، كأن القدر أراد أن يضعهم وجهًا لوجه ليختبر صبرهم وحدودهم.
أنت تقرأ
الــورثــة | قـيـد الـتـعـديـل |
Romanceفي العائلات الكبيرة، تُخفى الأخطاء تحت بساط الهيبة، وتُدفن الأسرار في صدورٍ أُجبرت على الصمت. لكن ليس كل من سكت... نسي. وليس كل من غاب... انكسر. هناك دائماً من يعود، يحمل في قلبه حسابًا مؤجلًا، وقوّة لا يعرفها إلا من ذاق طعم الخذلان. وجوههن قد تبدو...
