{كل ما في الدنيا زائل، ولا بقاء إلا لما عند الله. والقدر لا يرحم من تعلق بغيره، لكن من توكل على الله سلّم قلبه، فاطمأن مهما عصفت به الحياة.}
{إن مُحمَّدًا لهُ في القلبِ حُبًا، فصلّوا عليه كي يزيد الحُبّ حبًا.}
_____________
الغموض عاد ليملأ كل شيء، يلتف حول القلب كظل لا يفارق، يزرع الشكوك في أعمق الزوايا، ويجعل من كل نبضة خوفًا، ومن كل فكرة تساؤلًا عن من يمكن أن يكون حليفًا ومن يمكن أن يكون عدوًا.
القسوة عادت لتستقر في النفس، كألم قديم يستيقظ فجأة، يوجع بلا سبب ظاهر، ويترك أثره في كل حركة، كل كلمة، وكل صمت.
الحقيقة صارت كالسيف الحاد، لا يرحم ولا يترك مكانًا للضعف، والقلوب لم تعد تعرف الراحة، كل شعور بالثقة صار مشوبًا بالريبة، وكل ابتسامة قد تخفي نصلًا مخفيًا خلفها. الخيانة لم تعد فكرة بعيدة، بل أصبحت ممكنة في أي لحظة، من أي اتجاه، من أي قلب.
وفي هذا الوقت، كل لحظة تحمل احتمال الانفجار، وكل خطوة في الحياة قد تكون البداية لفوضى أكبر، والعدو، كما يقال، لا يظهر دائمًا في هيئة تهديد واضح... أحيانًا يكون الأقرب، أحيانًا يكون الصامت الذي يراقب، يبتسم، ويخطط بصبر، دون أن تحس به.
القسوة والغموض أصبحا قانونًا، وصمت القلب صار حارسًا لكل كلمة، وكل شعور. وكل ما تبقى هو الانتظار... لأن القادم سيكشف كل شيء، ولن يكون أحد كما بدا في السابق.
جلستا رُهام ورِسال على الطاولة الصغيرة في الغرفة المضيئة، أطباق الطعام بينهما، لكن شهيتهما كانت متأثرة بالتوتر والفضول. رُهام، وعيناها تتجولان على تفاصيل المكان بلا وعي، أخذت تتحدث بصوت عالٍ، محاولةً أن تشارك جزءًا من أفكارها مع رِسال:
-يا ترى مين اللي عمل كل ده... عزّام ولا حسناء!
رمقتها رِسال، بعينين لا تحملان أي بادرة مفاجأة، اكتفت بهز كتفها برفق، علامةً على عدم معرفتها، صمتت لثوانٍ معدودة قبل أن ترفع طرف فمها في ابتسامة خبيثة، تلتقط لقمة من الطعام ببطء وتقول بصوت منخفض لكنه حاد:
-الحقيقة هتظهر بعد عرضك... والعدو هيكون قريب أوي، بس هنعرفه برضو.
ابتسمت رِسال بخبث، عيناها تلمعان بمزيج من المتعة والغموض، وهي تستكمل تناول طعامها، بينما شعور رُهام يختلط بين القلق والفضول.
الجو كان محملاً بالغموض، كأن الهواء نفسه يحمل أسرارًا مخفية، وكل لحظة تمر تزيد من رغبة رُهام لمعرفة الحقيقة، بينما رِسال، بابتسامتها الساخرة، كانت تُشعل شرارة الترقب في قلبها، وتجعل من كل لقمة طعامٍ لحظة توتر ممتعة ومثيرة.
أنت تقرأ
الــورثــة | قـيـد الـتـعـديـل |
Cintaفي العائلات الكبيرة، تُخفى الأخطاء تحت بساط الهيبة، وتُدفن الأسرار في صدورٍ أُجبرت على الصمت. لكن ليس كل من سكت... نسي. وليس كل من غاب... انكسر. هناك دائماً من يعود، يحمل في قلبه حسابًا مؤجلًا، وقوّة لا يعرفها إلا من ذاق طعم الخذلان. وجوههن قد تبدو...
