{قد يبتلينا الله حتى يعرّفنا طريق العودة، وقد يُسقط من بين أيدينا ما ظنناه عمرًا حتى ندرك أن العمر الحق فيما عنده. فكل ما احترق وتحوّل رمادًا قد يكون بدايةً لزهرٍ جديد، فالله إذا أغلق بابًا فتح أبوابًا لا تُعد، وإذا امتحن القلوب بالوجع زينها بالرحمة بعد الصبر.}
{إن مُحمَّدًا لهُ في القلبِ حُبًا، فصلّوا عليه كي يزيد الحُبّ حبًا.}
__________________
ما أغرب أن تُزهر الحياة من قلب الفناء… أن يتناثر الرماد على الأرض شاهدًا على حرائق مضت، ثم تنبت من بين طبقاته القاسية زهرة صغيرة، مترددة، لكنها تحمل في عروقها وعدًا جديدًا.
هكذا هي الحكاية حين تصل إلى لحظة الانهيار القصوى، حين تُطفأ النيران ويظن الجميع أن النهاية قد كُتبت، لكن القدر يأبى إلا أن يترك نافذة للرجاء.
في هذه الحكاية، التي شهدت الصراعات والخيانات، انطفأت نيران كثيرة، وخلّفت وراءها جراحًا وندوبًا في القلوب.
تساقطت الأقنعة، وضاعت أسرار في زحمة الأحداث، وكاد الحقد أن يبتلع آخر ما تبقى من رحمة. ومع ذلك، وفي اللحظة التي يُظن أن الخراب قد اكتمل، يبدأ البنيان الداخلي لكل نفس في إعادة تشكيله من جديد.
الرماد هنا ليس إلا ذاكرة للوجع، لكنه أيضًا التربة الخصبة التي قد تُثمر منها زهورٌ مختلفة، زهور من الغفران، من الحب، من بدايةٍ أخرى لم يكن أحد يتوقعها.
وما بين حطام الأمس ووجع اليوم، ستتفتح أوراق جديدة، بعضها هشّ، بعضها عنيد، لكن جميعها ينبض بالحياة.
هكذا تبدأ مرحلة أخرى من الحكاية… مرحلة يلتقي فيها الماضي بأخطائه مع الحاضر برجائه، حيث يُمتحن القلب بين الاستسلام للرماد أو التشبث بالزهرة التي وُلدت من قلبه.
مرَّ شهرٌ كامل، وكأنما مرَّت أعوام مثقلة بالتحوّلات، فلم يبقَ في القصر ولا في النفوس ما كان على حاله.
تبدّل كل شيء؛ الوجوه، القلوب، وحتى الجدران التي طالما شهدت صراخًا وخصامًا باتت تُسدل عليها ستائر الصمت.
وجوه اعتادت الحزن بدأت تستعيد بعض ملامح الطمأنينة، وقلوب أنهكتها المعارك الداخلية راحت تلملم شظاياها، محاولةً أن تُعيد لنفسها نبضًا طبيعيًا بعد انكساراتٍ متتالية.
وجيه خرج من غيبوبته، كأنما بُعث من موتٍ مؤقت، فكان حضوره عودة لصوت العقل الذي فقدوه طويلًا.
أما حسناء فقد بدت وكأنها وُلدت من جديد، بعد رحلة طويلة بين الموت والحياة، تعلّمت خلالها أن قيمة الروح لا تُقاس بما فُقد، بل بما بقي حيًّا يصارع لأجل الأمل.
في المقابل، بدأت بعض العلاقات تتهاوى كما تهاوت الأكاذيب من قبل؛ ميسون أغلقت قلبها، ومياسة لفظت آخر بقايا الوهم الذي عاشت فيه، فيما ظل عزّام يقف في منتصف الطريق، لا يدري أيّ وجهٍ سيُبقيه القدر، وأيّ ماضٍ سيسقط عنه إلى الأبد.
أنت تقرأ
الــورثــة | قـيـد الـتـعـديـل |
Romanceفي العائلات الكبيرة، تُخفى الأخطاء تحت بساط الهيبة، وتُدفن الأسرار في صدورٍ أُجبرت على الصمت. لكن ليس كل من سكت... نسي. وليس كل من غاب... انكسر. هناك دائماً من يعود، يحمل في قلبه حسابًا مؤجلًا، وقوّة لا يعرفها إلا من ذاق طعم الخذلان. وجوههن قد تبدو...
