الفصل العاشر | أُعـلـن الرِبـاط، وابـتـدأت الـحـرب |

36.9K 1.2K 73
                                        

{وما دام الله معنا، فلا خوف يدوم، ولا وجع يستقر. فكل أمرٍ بيده، وكل خيرٍ قادم من عنده.}

{‏إن مُحمَّدًا له في القلبِ حُبًا ‏فصلّوا عليه كي يزيد الحُبّ حبًا.}

                            ___________

(أُعلِن الرِباط وابتدأت الحرب)

لم تكن زغاريد الجدّات في هذا اليوم تُشبه تلك التي اعتادتها الذاكرة.

لم تكن فرحةً صادقة، بل طلاءًا باهتًا فوق صَدَأ الحقيقة، محاولة بائسة لتغطية صراخٍ خفيّ ينبض تحت الجلد، وكأن العالم بأكمله تواطأ ليصنع مشهدًا سعيدًا فوق جثة الإرادة.

أُعلن الرباط، نعم؛ لكن لم يكن حبًا، ولا وعدًا بالسكينة.
كان إعلانًا رسميًا لحربٍ لا تُشبه الحروب، تُقرَع فيها الطبول لا في الساحات، بل داخل كل صدر، كل نظرة، وكل جملة تُقال بتوترٍ محسوب.

حرب لا تحمل بنادق، لكنها مُحمّلة بالقنابل العاطفية، بالكراهية التي تُغلفها المجاملات.

لم يكن هذا رباطًا... بل حُكمًا بالإعدام العاطفي،
صُدِر بحق قلوب لم تُستشر، وعقول لم تُهيأ، ورغبات دُفنت تحت ركام "القيود".

هم لم يقعوا في الحب... بل سقطوا فيه، سقوطًا مدويًا إلى قاعٍ لا قرار له.

عُقد قِرانهم، نعم، لكن لم يُعقَد لأجلهم… بل عُقِد فوق أعناقهم.

سُلِبوا، وخُطفوا من أنفسهم، من اختياراتهم، من أبسط حقوقهم في قول: "لا".

هو لا يريدها… وهي لا تريده. هو يرى فيها قيدًا يكبله، وهي تراه سجانًا يُغلق الأبواب على أنفاسها.

كلاهما أسير الآخر، لا لينجو، بل ليُسقطه.

كأن الرباط بينهما لم يكن إلا سلسلة تُقيّد معصمين متنافرين، تُشدّ ببطء، كلما حاول أحدهما الهرب، زادت شدّتها.

لم يملكا شغف البدايات، ولا حرارة الترقب… بل دخلا المعركة وكل منهما يحمل أسباب النهاية، قبل أن يُكتب لها حتى أول فصولها.

لا حب هنا… فقط كراهية متأنقة، تتعطر، وتبتسم، وتخدع الجميع. بدأت الحرب، ابتساماتهم كانت خناجر،
نظراتهم سهام، وصمتهم ألغام تنتظر من يخطو الخطوة الخاطئة.

الوجوه تبتسم، الألسن تبارك، الكاميرات تلتقط لحظة الرباط… لكن خلف كل عدسة، روح تتلوى، وداخل كل قلب جمرٌ يتقد.

ووسط هذا المشهد المشوّه… لم يُترك لهما إلا خياران:
الانصياع… أو الانفجار. لكن لا أحد منهما يحب الانحناء. كلاهما فخور، عنيد، وبارع في إشعال المعارك.

فمن سيحترق أولًا؟
من سيكسر الآخر ليُنقذ نفسه؟
ومن منهما سيفقد السيطرة على السلاح الذي صنعه بيده… حين يتحوّل عقد القِران إلى ساحة معركة؟

الــورثــة | قـيـد الـتـعـديـل |حيث تعيش القصص. اكتشف الآن