الفصل السابع | أقـتـرب، لـأدمـرك |

39.9K 1.2K 52
                                        

{تمضي الأيام، وتبقى رحمة الله هي السكينة في زحام القلوب. ففي الوقت الذي يظن فيه العبد أنه نُسي، يُرسل الله له نورًا خفيًا، يهمس في روحه: ما خذلتُك يومًا، ولن أفعل.}

{‏إن مُحمَّدًا له في القلبِ حُبًا ‏فصلّوا عليه كي يزيد الحُبّ حبًا.}

__________

لا شيء أخطر من العدوّ الذي يبتسم،
ولا أشدّ فتكًا ممّن يدنو إليك لا ليحميك، بل ليكسر ما تبقّى منك.

اقترب، خطوةً بعد أخرى، يظنّه الآخرون حليفًا، وهو في الحقيقة الشرّ ذاته؛ متنكّرًا في ثوب الخلاص.

في بعض الحكايات، لا يطرق الخراب الأبواب بصخب، بل يتسلّل إلينا كطمأنينة زائفة، كدفءٍ نحتاجه، وصوتٍ نثق به، وخطوةٍ واثقة تحاكي الحنان.

يقترب، لا لأنّه يُحب، بل لأنه يُجيد التمثيل. يتقن الزحف بهدوء قاتل، وكأنّه وُلد من رماد الخديعة، ليزرع الألم في الأماكن التي ظنناها آمنة.

هذا ليس فصل المواجهة فقط؛ بل فصل الحقيقة.
هنا، تسقط الأقنعة.

تنكشف الوجوه التي اعتقدناها نورًا، فإذ بها ظلّ قاتم يتربّص.

لا مكان للشفقة، ولا فرصة للعودة. كلّ اقترابٍ من هذا النوع. هو بداية انهيارٍ لا يُصلَح.

اقترب، نعم.
لكن لا تطمئن.
لأني هذه المرّة لن أهرب.
بل سأدعك تقترب...
حتى أدمّرك.

انتهت الفقرة الموسيقية والراقصة معًا، وحين انكشف القناع عن وجه الراقصة، ظهرت غيد الصقّار، (إحدى بطلات رواية هَيَجّاءُ الغَسَق). تبتسم ببرود وهي تُحيّي الجمهور بثقةٍ وقوة.

تحمد الله سرًّا أن لا أحد هنا يعرفها، وإلا لما مرّ الأمر بهذه السلاسة.

استطاعت عُريب، بنفوذها الواسع، أن تُسكت الصحافة والإعلاميين الحاضرين بالحفل، وتمنعهم من تصوير غيد حتى تعود إلى منزلها.

لكن المفاجأة الحقيقية لم تكن غيد، حين نزعت رُهام قناعها، علت الهمسات والدهشة، وساد صمت مصدوم في القاعة، فالكل يعرف من تكون.

إنها رُهام القصّاص، واحدة من أشهر مصممات وعارضات الأزياء في البلاد، الآن تقف بكل هدوء في حفل لا يتوقع أحد وجودها فيه.

بذكاءٍ ومكر، جذبت رُهام أنظار الجميع، فسارع الصحفيون والإعلاميون صوبها، يتدافعون لتسجيل كلمات منها، في مشهدٍ سلب الأضواء من أصحاب الحفل الحقيقيين.

في تلك اللحظة، وقفت عائلة الرمّاح كأعمدة من صخرٍ ساكن، لا أحد يلتفت إليهم، وكأن وجودهم أصبح هامشيًا.

الــورثــة | قـيـد الـتـعـديـل |حيث تعيش القصص. اكتشف الآن