{حين تشتدّ الظلمة، لا تبحث عن النور في أعين البشر، بل ارفع رأسك إلى السّماء، فهناك ربّ إذا ناديته سمعك، وإذا رجوتَه أعطاك، وإذا بكيتَ بين يديه جبرك، وإن أغلقت الدنيا أبوابها، فتح لك من رحمته ألف باب.}
﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾
___________
هناك ضربات تترك جرحًا، وأخرى تترك لعنة.
فالطعنة التي تُغرس في الجسد قد تشفى بمرور الوقت… لكن الطعنة التي تُغرس في الروح، تظل تبحث عن طريق للعودة، حتى تجد اللحظة التي تنقضّ فيها على صاحبها.
الشرّ لا يضيع، والخيانة لا تُمحى… بل تبقى كالسهم الطائش في فضاء القدر، تدور وتدور حتى ترتد إلى يد من أطلقها، أو إلى قلب من أحبّه، وكأن العدالة الإلهية تسير بلا ضوضاء، تنتظر اللحظة التي تكتب فيها النهاية الحقيقية.
في هذا الليل، لم يكن الصمت هدوءًا… كان كمينًا.
الهواء يحمل شيئًا ثقيلًا، والظلال تتراقص على الجدران كأنها تعرف ما سيحدث.
أنفاس متقطعة، عيون مترقبة، وخطوات ثقيلة تمشي فوق أرضٍ تعرف أن الدم سيبللها قريبًا.
كل كلمة قيلت، كل نظرة حُبست، كل سرّ خُبئ… أصبح الآن وقودًا للانفجار القادم.
فالطعنة التي خرجت يومًا في لحظة غضب أو خيانة، عادت اليوم محمّلة بكل ما في الطريق من كراهية وانتقام، لتبحث عن قلبٍ آخر تغرزه فيه… أو لتعود حيث بدأت.
والليلة… سيكتشف الجميع أن الوجع لا يموت، بل يتربص.
وأن هناك لحظة، حين تطرق أبوابك، لا تملك إلا أن تواجه ارتداد الطعنة.
كان الليل قد أرخى سدوله على المدينة، لكن قسم الشرطة ظل مستيقظًا، كحصنٍ يترقّب هجومًا وشيكًا. في الداخل، اختلط صرير الأقلام على الورق مع نقرات الآلات الكاتبة، ورائحة القهوة الثقيلة مع دخانٍ متصاعد من عقب سيجارة نُسي على طرف منفضة معدنية.
الممرات الطويلة ذات الجدران الباهتة كانت تتردد فيها خطوات متسارعة، ووجوه الضباط تلمع تحت ضوءٍ أبيض قاسٍ يتسلل من المصابيح المعلقة في السقف. في آخر الممر، بابٌ خشبي مغلق إلا قليلًا، خلفه مكتب يشبه غرفة عمليات أكثر مما يشبه غرفة إدارية.
جلس الرجل المسؤول على كرسيه الجلدي المائل قليلًا، يداه متشابكتان أمام فمه، وعيناه مثبتتان على لوحة ضخمة تحتل نصف الجدار. اللوحة مغطاة بصورٍ غير مرتبة بدقة، قصاصات ورقية صغيرة تحمل كلماتٍ قصيرة، وأسهمٍ حمراء تتقاطع كأنها شرايين خريطة خفية. بين الصور، فراغات لوجوهٍ لم تُعرف بعد، ومساحات ظلّت تنتظر ما ستملؤه الأيام القادمة.
أنت تقرأ
الــورثــة | قـيـد الـتـعـديـل |
Romanceفي العائلات الكبيرة، تُخفى الأخطاء تحت بساط الهيبة، وتُدفن الأسرار في صدورٍ أُجبرت على الصمت. لكن ليس كل من سكت... نسي. وليس كل من غاب... انكسر. هناك دائماً من يعود، يحمل في قلبه حسابًا مؤجلًا، وقوّة لا يعرفها إلا من ذاق طعم الخذلان. وجوههن قد تبدو...
