{قد يبتليك الله لا ليكسرك، بل ليعيدك إليه. قد يأخذ منك لتعرف قيمة العطاء، ويؤخر عنك لتتعلم الصبر، ويضعك في عتمة الطريق لتدرك أن النور لا يُستمد إلا منه. فاطمئن، فما كتبَه الله لك خيرٌ مما تمنّيت، وما قدّره لك أعظم مما حلمت.}
{إن مُحمَّدًا لهُ في القلبِ حُبًا، فصلّوا عليه كي يزيد الحُبّ حبًا.}
___________
في حياة كلّ إنسان سرّ ثقيل يقطن صدره، يُراوده كلّما أغمض عينيه، ويزاحمه في أنفاسه كلّما حاول أن يتنفّس بسلام.
سرّ يخشاه أكثر مما يخشى الفقد، ويُخبّئه خلف ابتساماتٍ متعبة وكلماتٍ عابرة، كأنّه جرحٌ خفيّ لا يراه أحد، لكنه ينزف في الداخل بلا توقّف.
كم من قلوبٍ تُجيد التظاهر بالقوة، بينما في أعماقها صراعٌ لا يهدأ؟ وكم من عيونٍ تلمع بريقًا لا لأنّها سعيدة، بل لأنّها تغرق بدموعٍ تأبى أن تسقط؟
هناك من يخشى البوح لأنه يرى في الاعتراف انكسارًا، وهناك من يتمنّاه لأنه يراه خلاصًا.
على الحافة يقفون… حافة الاعتراف.
تلك المسافة الضيّقة التي تفصل بين الانكشاف والاختباء، بين أن يمدّ الإنسان يده ليطلب نجدة، أو أن يضمّ جراحه لئلّا يراها أحد. على الحافة حيث تختلط الرغبة بالخوف، والرجاء بالخذلان، والدمعة بالابتسامة المرتعشة.
كلّهم يعرفون أنّ البوح قد يُحرّرهم، لكنه في الوقت نفسه قد يُفقدهم ما تبقّى لهم. فهل يُغامر القلب بالانكشاف في زمنٍ لا يرحم؟ أم يبقى على الحافة، أسير صمته، يتأرجح بين النجاة والهلاك؟
لكن… هناك أسرار ليست جرحًا، بل حبًّا مختبئًا خلف الصمت. أسرار تبحث عن لحظة شجاعة، عن عينٍ تفهم قبل أن يُقال، وعن قلبٍ يتلقّى الحقيقة دون خوف. على الحافة قد يولد حبٌّ جديد، أو يموت قبل أن يُبصر النور… وكلّ ذلك مرهونٌ بكلمة، ببوحٍ صادق، أو بصمتٍ يدفن العمر كلّه.
القدر… كلمة من ثلاثة أحرف، لكن خلفها عوالم لا تُحصى، وأسرار لا تُدرك. هو ذلك الخيط الخفي الذي ينسج حياتنا دون أن نعلم، يقرّبنا من وجوهٍ نشعر معها بالألفة كأننا عرفناها منذ دهر، ثم ينتزعها من بين أيدينا فجأة، تاركًا في القلب فراغًا موجعًا لا يُملأ.
وهو ذاته القدر الذي يضع أمامنا وجوهًا نستثقلها، نرفضها، وربما نكرهها حتى العمى، لكن الأيام تُثبت لنا أن هؤلاء هم السند حين ينهار كل شيء، وأنهم الحائط الذي نتكئ عليه حين يتخاذل الجميع.
لا أحد يفهمه، ولا أحد يستطيع أن يتنبّأ بخطواته. إن بدا حليفًا اليوم، قد يغدو غدًا عدوًّا، وإن أوجعنا في لحظة، ربما كان في جرحه دواء لم نكن نعرفه. فالقدر يمضي، لا يسأل عن رغباتنا، ولا يلتفت لدموعنا، يكتب قصّتنا كما يشاء، ونحن مجرّد مسافرين على طريقه الطويل.
أنت تقرأ
الــورثــة | قـيـد الـتـعـديـل |
Romanceفي العائلات الكبيرة، تُخفى الأخطاء تحت بساط الهيبة، وتُدفن الأسرار في صدورٍ أُجبرت على الصمت. لكن ليس كل من سكت... نسي. وليس كل من غاب... انكسر. هناك دائماً من يعود، يحمل في قلبه حسابًا مؤجلًا، وقوّة لا يعرفها إلا من ذاق طعم الخذلان. وجوههن قد تبدو...
