الفصل الرابع والعشرون

378 23 0
                                    

رواية(الإرث الملعون)

                        الفصل الرابع والعشرون



بعد أن أغلقت هاجر الهاتف وشرعت في البكاء، اقتربت منها عبير قائلة : إيه اللي حصل يا بنتي بتعيطي ليه كدا تاني ؟!
هاجر بحزن وبكاء شديد: اتقبض علي هشام، وأستاذ حاتم قالي إن  النيابة عطته أربع أيام استمرار، وبعدين هيبقى في جلسة تانية للنيابة بعد الأربع أيام دول، وهو حاليا رايح يجيب إذن من النيابة عشان يدخل يشوفه ويتكلم معاه..
مالك : طيب خير يا هاجر متقلقيش إن شاء الله هيطلع منها..
........................................................
مرت الأيام سريعة ولم يحدث أي تطورات بقضية هشام، فاتصلت هاجر بحاتم وطلبت منه أن يأتي بإذن لها من النيابة لكي تقابل هشام...
رد حاتم على كلام هاجر قائلا : حاضر يا هاجر، النهاردة رابع يوم وفي جلسة في النيابة الساعة ٩، هحاول اجيبلك إذن نيابة عشان تقابليه..
هاجر بحزن : تمام نتقابل الساعة ٩ عند المديرية..
بعد أن أغلقت الهاتف مع حاتم، علا صوت رنين هاتفها مرة أخرى لتجده مالك، فردت عليه قائلة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
مالك : وعليكم السلام، ايوا يا هاجر، أنا كنت متصل اتطمن عليكي، وفاكر إن النهاردة في عرض في النيابة لـ هشام، فـ قولت اتصل اتطمن المحامي مقالكيش حاجة ؟!
هاجر بحزن: ايوا في عرض النهاردة الساعة ٩ وأنا  طلبت منه يجيبلي إذن عشان اقابل هشام، ويادوب أهو هلبس وأنزل..
مالك بتساؤل: في حد رايح معاكي ؟
هاجر : لا أنا رايحة لوحدي، وأستاذ حاتم هيستناني في المديرية.
مالك: طيب اجهزي وأنا هعدي عليكي اروح معاكي.
هاجر بتنهيدة: أسفه يا مالك أنا تعبتك كتير معايا وضيعتلك وقتك بما فيه الكفاية، فـ خليك أنت عشان شغلك .
مالك : عيب يا هاجر متقوليش كدا، مفيش تعب ولا حاجة، اجهزي بس يلا..
هاجر: تمام، سلام.
بعد أن انتهت هاجر من تجهيزاتها، أتي مالك لكي يصطحبها ليذهبوا سويًا إلى المديرية ...
عندما وصلوا إلى هناك، كان حاتم ينتظرهم في الخارج،القزا عليه التحية ومن ثَم تحدث إلى هاجر قائلا: أنا جبتلك إذن نيابة يا هاجر، تقدري تقابليه أنتي دلوقت، وأنا هخلص شوية إجراءات في قضية تانية واجيلك.
هاجر بلهفة : شكرا يا أستاذ حاتم بس أنا كنت عاوزة اسألك سؤال..
حاتم : طبعا، اتفضلي..
هاجر : مصير هشام إيه؟! يعني هيتحبس ولا إيه ؟!..
حاتم بتنهيدة : بصي يا هاجر اتطمني، إن شاء الله هيخرج منها؛ لأن هو لما قتلهم قتلهم متلبسين بالزنا، والقانون بيقول في المادة رقم 273 من قانون العقوبات المصري نصت على الجريمة المتعلقة بالدفاع عن الشرف..."إذا كان الأمر متعلقا بمفاجأة الزوج بزوجته حال إرتكابها جريمة الزنا، وضبطها في حالة تلبس وقتها هي ومن يزني بها، تتحول الجريمة من مصاف الجنايات إلى مصاف الجنح، وهو المعتاد به من الناحية القانونية وتكون العقوبة فيها مخففه باعتبار أن الفعل دفاع عن الشرف...
هاجر بصدمة : يعني إيه؟! يعني هشام هيتحبس بس عقوبة مخففة؟!!
حاتم : في دي مش هقدر أقولك  اه ولا لا؛ لأن دا بيبقى رأي القاضي على حسب الأدلة والبراهين اللي بيشوفها؛ لان بيبقى احيانًا في حالات مستثناه والزوج بياخد إعفاء نهائيا...
مالك بحزن وقد رأى أن هاجر توترت أكثر وستبدأ بالبكاء مرة أخرى: متقلقيش يا هاجر ولازم نتفاءل خير وندعيله ...يلا أنتي  ادخلي دلوقت وأنا هستناكي هنا ..
أومأت هاجر موافقة على كلامة ومن ثم اتجهت إلى مكتب رئيس المباحث، أوقفها الحارس حتى يبلغ الضابط عن وجودها... فـ انتظرت حتى أذن لها بالدخول، تحدثت معه قائلة : لو سمحت أنا معايا إذن نيابة بمقابلة المتهم هشام سليمان ...
أخذ منها الضابط إذن النيابة، وبعد أن رآه تحدث قائلا : اتفضلي اقعدي ...ثم ضغط على جرس مكتبه ليدلف العسكري إلى الداخل قائلا : تمام يا فندم ..
الضابط : روح يابني هاتلي هشام سليمان من الزنزانة ...
وبعد عدة دقائق دلف العسكري ومعه هشام وبيده الحديد ...
أدمعت أعين هاجر عندما رأت أخيها بهذا المنظر، فـ قاطع الضابط شرودها وهو يخرج من المكتب قائلا : معاكوا ١٠ دقايق..أومأوا بالموافقة، فخرج وأغلق الباب من خلفه ..
جلس هشام بالكرسي المقابل لها فبادرت هاجر بالتحدث قائلة : ازيك يا هشام ؟!
هشام بحزن : الحمد لله يا هاجر، أنتي  وماما عاملين إيه؟ هي لسه زعلانه مني... عشان كدا مجاتش ؟
فرت الدموع هاربة من عين هاجر : ماما! ماما عمرها ما زعلت منك، حتى بعد كل اللي عملته، ماما لأخر لحظة وهي اسمك على لسانها، ماما مستحملتش إنها تسمع خبر إنك قاتل، وقعت وماتت في نفس اليوم ....ماما ماتت يا هشام.
تجمد هشام من هول الخبر وبدأت عيناه تزرف الدموع هو الأخر ف أردف قائلا : أنا السبب!! أنا  السبب في موت أمي وأبويا.... مكفانيش اللي عملته في وأبويا  ومات غضبان عليا، موتت كمان أمي ، أنا مستحقش أعيش، مفروض أنا اللي كنت أموت مش هما ..
أغمضت هاجر عينيها في مضض، ولكن لم تكف عينيها لحظة عن البكاء فأكمل هشام بنواح : أنا  مستاهلش أي حاجة، أنا أستاهل إنهم  يعدموني، مش على موت ناجي ووعد لا، دول أنا عمري في يوم ما هندم على اللي عملته معاهم، أنا أستاهل اتعدم على اللي عملته في أبويا وأمي...
تنهد قليلًا ثم تحدث بصوت متحشرج من كثرة البكاء: أنتي جايه ليه يا هاجر؟! سيبيني وامشي، وخلي المحامي كمان يمشي، أنا مستحقش أي حاجة، أنا  لازم اتعاقب على اللي عملته في حياتي... أمشي  يا هاجر وانسي إني أخوكي، أنا محدش يتشرف بيا، أنا بقيت عار على الكل..
أسرعت هاجر إليه وارتمت في حضنه وبكت بشدة: متقولش كدا ياهشام أنت أخويا اللي مليش غيره في الدنيا ومش هسيبك وإن شاء الله هتخرج من هنا وهتبقى كويس، أنا هساعدك واقف جانبك وهو ده اللي كان بابا وماما عاوزينه..
هشام بخوف شديد: مش هخرج من هنا يا هاجر أنا خايف أوي..
قاطعته هاجر سريعًا: لا يقلب أختك متخافش، الأستاذ حاتم طمنني..
متقلقش يا عمري هتطلع إن شاء الله، أنا عوزاك تاخد بالك من نفسك هنا ..
قاطع حديثها دخول والعسكري وتحدث قائلا : الزيارة انتهت ..
ضمت هاجر أخيها بشدة ثم ابتعدت عنه فتحدث هشام قائلا : روحي وخلي بالك من نفسك.
هاجر بحزن : خلي بالك من نفسك أنت وأنا إن شاء الله هجيلك تاني ...
هشام : لا إله إلا الله ..
هاجر بدموع : محمد رسول الله...
وخرجت هاجر هي الأخرى من المكتب وهي منهارة متجهة إلى مالك، كي تعود إلى منزلها ...
..........................................................
أتى الأستاذ حاتم إلي سرايا النيابة لمعرفة أخر تطورات القضية ومعرفة ميعاد الجلسة التي حددتها المحكمة، دلف إلى وكيل النيابة واطلع على محضر الجلسة وجد به انتهاء تحقيقات النيابة لوجود الأدلة والإثباتات والتسجيلات التي تدين المجني عليهم وتحديد ميعاد الجلسة الاسبوع القادم للنطق بالحكم.
عدت الايام سريعًا حتى جاء ميعاد الجلسة، دخل الجميع إلى قاعة المحكمة وجلسوا في الأماكن المخصصة لهم وكان هشام وسمير يجلسون في قفص الإتهام ينظرون لبعض نظرات غل وكراهية وعداء وكانت هاجر تنظر إلى هشام تطمئنه ثم تحدثت مع مالك : أنا خايفة اوي يا مالك، القاضي ممكن يحبسه وميطلعش من السجن..
مالك بابتسامة : إن شاء الله هيخرج، خلي أملك في ربنا كبير، وبعدين مش الأستاذ حاتم طمننا، متقلقيش القضايا اللي زي دي بتبقى مضمونة إنه هيخرج لأنه كان بيدافع عن شرفه خير إن شاء الله.
هاجر : يارب يا مالك يارب، ده هو اللي فاضلي بعد وفاة ماما.
امتلأت ساحة المحكمة وبدأت الجلسة في تمام الساعة العاشرة صباحًا وقام الحاجب بالنداء على رقم القضية.
القاضي : النيابة تتفضل ......
وكيل النيابة : سيادة القاضي.... حضرات المستشارين لقد قام المتهم هشام سليمان بقتل المجني عليها وعد سمير، والمجني عليه ناجي الصياد.. بعدما قام بالترصد لهم وقتلهم مع سبق الإصرار والترصد وقد اعترف بذلك في تحقيقات المباحث والنيابة، والنيابة تطالب سيادتكم بتوقيع أقصى عقوبة عليه، وهذا كل ما لدينا ونترك الحكم لسيادتكم.
القاضي : دفاع المتهم هشام سليمان يتفضل للمرافعة..
حاتم : سيادة القاضي.. حضرات السادة المستشارين... السادة الحضور.. أقف أمام سيادتكم اليوم لأعرض عليكم قضية متداولة في هذه الأيام، وتحدث بشكل مستمر في مجتمعنا هذا، وهي قضية الدفاع عن الشرف والتي تقوم فيها الزوجات بخيانة أزواجهم وتنتهي بقتل الزوج لهم، فقد قام المجني عليهم في هذه القضية بالنصب والاحتيال وخيانة موكلي هشام سليمان، كما جاء في تحقيقات المباحث والنيابة فقد كان موكلي ضحية لهؤلاء المحتالين فكانوا يريدون سرقة أمواله كما سرقوا شرفه وكل ذلك بالأدلة والإثباتات الموجودة في المحاضر والتحقيقات التي تثبت أن وعد وناجي ومعهم والد وعد سمير البنا، قد اتفقوا بأن يوقعوا بموكلي، ويستولوا على أمواله بمساعدة والد المجني عليها سمير احمد البنا، فأرجو من عدالة المحكمة بتوقيع أقصى عقوبة على المتهم سمير احمد البنا وتخفيف العقوبة على موكلي هشام سليمان وإقرار براءته ، ونترك لسيادتكم الحكم.
بعد انتهاء مرافعه الاستاذ حاتم تحدث القاضى قائلًا: الحكم بعد المداولة.
بعد مرور الكثير من الوقت داخل المحكمة...دخل مرة اخري القاضي والمستشارين إلى القاعة ثم تحدث القاضي : بعد الاطلاع على الأوراق الموجودة أمامنا وسماع كلام النيابة ودفاع المتهم هشام سليمان:_ حكمت المحكمة حضوريًا على المتهم هشام سليمان بالسجن سنه مع إيقاف التنفيذ، وحبس المتهم سمير احمد البنا ثلاثة سنوات مع الشغل والنفاذ و دفع غرامة قدرها 500000 جنيه.. رفعت الجلسة.

سمير بصراخ :حرااام عليكم، هو موت وخراب ديار، دااا ظلم يا بااشا..

سجد هشام شاكرًا ربه وتحدث قائلًا: الحمد والشكر لك يا الله ...

ابتسمت هاجر ابتسامة عريضة وشكرت الله ثم وجه مالك حديثه لها قائلًا: مبروك يا هاجر مش قولتلك اطمني.
وتحدثت ضحى وحازم في صوت واحد قائلين : مبروك يا هاجر ...
ابتسمت هاجر ابتسامة بشوشة قائلة : الله يبارك فيكم كلكم مش عارفة من غيركم كنت هعمل ايه..
احتضنتها ضحى قائلة : متقوليش كدا يا حبيبتي احنا اخوات..

اتجهت هاجر إلى القفص وتحدثت لأخيها بابتسامة قائلة : مبروك يا قلب اختك، إن شاء الله هتخرج على طول، أنا دلوقت هشوف أستاذ حاتم واسأله هتخرج امتى.
هشام بندم : سامحيني يا هاجر .
هاجر بابتسامة : مسامحاك يا حبيبي، بس مش وقته الكلام دا..
أتى العسكري وأخذه خارج القفص، ذهبت هاجر ومن معها إلى خارج القاعة ليلتقوا بحاتم  ..فتحدثت قائلة له: شكرا شكرا جدااا يا أستاذ حاتم على اللي انت عملته معانا، حقيقي مش عارفة اشكرك ازاي...
حاتم : متقوليش كدا يا هاجر، أنا قولتلك انتوا ولادي ..
هاجر بلهفة : طب هشام هيطلع امتى كدا ؟!
حاتم بابتسامة: هيطلع النهاردة من سرايا النيابة إن شاء الله، بس بعد ما أخلص شوية إجراءات ...
............................................................
بعد أن ذهب المحامي لينهي بعض الإجراءات لكي يُخرج هشام اليوم...
كانت هاجر شاردة الذهن، فهي لا تعرف لما أحست بالخوف على أخيها الأن، خائفة أن يعود لطريقة الذي كان يسير به، ومع ذلك سعيدة لخروجه.... بداخلها مشاعر مشتتة... حتى قطع مالك هذا الشرود وتحدث قائلاً: هاجر
هاجر: نعم؟
مالك: مالك كنتي فرحانة دلوقت، حصلك ايه؟
هاجر بحزن: أنا خايفة، خايفة يبقى بيقول أنه هيتغير وهيمشي على الطريق الصح اللي بابا وماما الله يرحمهم كانوا عايزينه، ويرجع للطريق اللي كان ماشي فيه تاني، مش هستحمل صدمة زي دي بجد.
مالك بحزن هو الأخر ولكن يُحاول تمالك نفسه: لا إن شاء الله مش هيحصل كدا تاني ، هو فاق خلاص بعد اللي حصل؛ لأن اللي حصل مش قليل عليه بردو ... اللي حصل ممكن يخلي أي حد يفوق من اللي كان فيه.
حاولت هاجر تمالك نفسها ومسحت دموعها التي تساقطت بدون إرادتها ثم تحدثت قائلة: خير إن شاء الله.
مالك مناديًا على صديقه: حازم يلا بقى عشان نروح.
كان حازم في عالم أخر منذ أن سمع اسم ناجي وهو يشك أنه هو من هدد شهد بالصور، فمن يرضى على نفسه امرأه متزوجة من الممكن أن يفعل هذه الأشياء القذرة... سمع أسمه في الداخل لكنه لا يتذكره الأن...
مالك: أنت يا بني روحت فين؟أنا بكلمك.
حازم وقد أفاق من شرودة: معلش بس كنت سرحان شوية، عايز أسألك سؤال... هو أنت مش فاكر الاسم الكامل للمجني عليه ناجي دا؟

مالك باستغراب: اشمعنا، عايز تعرف ليه؟!
حازم بتوتر: لا مفيش ... فضول بس مش اكتر.
مالك: معرفش والله مش هتفرق .. في الأول وفي الأخر هو مات.
فتحدث حازم موجهًا حديثه إلى المحامي: لو سمحت هو حضرتك قولت اسم المجني عليه إيه؟
فتحدث المحامي: اسمه ناجي عمر الصياد.
حازم شرد في هذا الاسم .. فهو لا يعرف هل الشخص الذي توفى هو ناجي الذي هدد شهد بالصور أم لا.... ولكن بداخله شعور غريب بأنه هو نفس الشخص...
فأقترب من ضحى وهمس لها بخفوت : ضحى هو ده نفس اسم ناجي اللي هدد شهد بالصور ولا لا؟
ضحى: مش عارفه يا حازم، بس مش ممكن يكون تشابه اسماء مش أكتر؟!
حازم: مش عارف والله يا ضحى ، بس حاسس أنه ممكن يكون هو.
ضحى: أنا معرفش اسمه بالكامل   ،بس أكيد كريم عارف..
حازم: أكيد، أتصلي بيه أسأليه كدا..
ففي هذه اللحظة تحدث مالك بحدة فهو لا يعرف لما يبحث عن اسم المجني عليه ولما يتحدث بصوت منخفض: هو فيه إيه بالظبط ؟! عملين تتكلموا بصوت واطي ليه وبتسأل عن اسم ناجي ليه؟؟
فتحدث حازم بهدوء يحاول أن يخفف من عصبيته: اهدى بس يا مالك ، هنتأكد من حاجة وهنقولك على كل حاجة.
هاجر: خلاص اهدى يا مالك ... دلوقتي تعرف فيه إيه.
أخرجت ضحى هاتفها واتصلت بكريم...
ضحى: السلام عليكم.
كريم : وعليكم السلام، إزيك يا ضحى.
ضحي: بخير الحمد لله ، كريم كنت عايزة أسألك على حاجة كدا.
كريم: اتفضلي اسألي.
ضحي: هو ناجي، اسمه الكامل ايه؟!
كريم باستغراب: هو في حاجة ولا إيه؟
ضحي: قول بس، عشان عايزة اتأكد من حاجة.
كريم: مااشي، اسمه ناجي عمر الصياد.
ضحى بصدمة : بجد مستحيل!!
كريم باستغراب: فيه حاجة ولا إيه؟!
تسمرت ضحى في مكانها ومن الفرحة أصبحت غير قادرة على الكلام ، فمن اليوم أصبحت شهد حره ويمكنها أن تعيش حياتها مرة أخرى بسلام....
كريم: يا ضحى فيه إيه وترتيني؟!
ضحى: نا... نا...ناجي أتقتل.
كريم بصدمة وفرحة في نفس الوقت: إزاي، وفين، وعرفتي منين، وإيه اللي حصل أنا مش مصدق نفسي، أنا في حلم ولا بجد؟!!!
ضحى بسعادة: اهدى بس وهفهمك كل حاجة... في واحدة صحبتي وزي أختي بالظبط ، أخوها محبوس في قضية قتل عشان مراته كانت بتخونوا مع واحد اسمه ناجي ... فاحنا شكينا لما سمعنا الاسم ، وقولنا نسألك عشان نتأكد ... بس كدا الحمد لله خلاص اتأكدنا، وشهد بقت حرة من اليوم ومفيش ناجي ومحدش هيقدر يقربلها تاني، أنا فرحانة جدًا.
رفرف قلب كريم من الفرح وكأنه سيتركه ويُحلق بعيدًا من السعادة ثم تحدث قائلاً: بجد أنا مش عارف أقول إيه!!
كم الفرحة اللي في قلبي مش مخلياني عارف أتكلم، بس شكرًا بجد على كل حاجة.
ضحى: على إيه بس شهد صحبتي من زمان .. وكنت لازم أساعدها، يلا الحمد لله.
كريم بفرحة: ايوا الحمد لله، يلا أنا مش هطول عليكي مع السلامة.
ضحى: مع السلامة.
ثم ألتفت ضحى وتحدثت بسعادة غامرة موجهة حديثها إلى حازم: مش هتصدق يا حازم ... طلع هو.
تحدث حازم بفرحة: الحمد لله هي طيبة وتستاهل كل خير وربنا جبلها حقها، بس مش عاوزين نفرح قبل ما نعرف الصور والفيديوهات فين! ألا يكونوا مع حد تاني، لازم نتأكد الأول قبل ما نفرح...
أومأت ضحى موافقة على كلامة قائلة: عندك حق...
فتحدثت هاجر: في إيه يا جماعة ممكن تفهمونا بقى؟
فتحدثت ضحى : ناجي اللي أتقتل دا كان بيهدد واحدة صحبتي بصور وفيديوهات، عشان يذلها ويشغلها رقاصة معاه في الكباريه ... بس الحمد لله مات وهي كدا بقت حرة، ومش هتخاف منه تاني.
ففرح مالك لسماع هذا الخبر وتحدث قائلاً: شهد صح!
فتحدثت ضحى بسعادة: ايوا.
مالك: الحمد لله ، هي كدا بقت في الأمان، حاولي تخليها متثقش في الناس بسهولة عشان متتخدعش، شوفتوا يُمهل ولا يُهمل.
ففرحت هاجر هي الأخرى وتحدثت: الحمد لله يا حبيبتي ... هي عشان طيبة ومحترمة فـ ربنا جابلها حقها.
ضحى بسعادة: ايوا الحمد لله.
فتحدث مالك بابتسامة: مش هنمشي بقى ولا فيه حاجة تانية!؟
فرد حازم: لا يلا بينا.
ثم انصرف الجميع....
..................……………………………………………
بعد خروج هشام من السجن، بدأ يتغير من داخله أولًا، يطهر قلبه من الحقد والكراهية وحب النفس، بدأ يفكر في غيره، ويطهر عقله من الفِكَر الباطلة، تغيرت نظرته للحياة، أصبح إنسان آخر، إنسان لا يعرف أن يظلم أحد، ولا يأكل مال غيره، ولا يسب أحد بألفاظٍ تسيء لنفسه قبل أن تسيء لغيره ، ندم كثيرًا على ما فعله مع والده ووالدته وشقيقه، فقد أساء لهم كثيرًا، حتى مات أهله قهرًا عليه وعلى حاله، كانوا يتمنون من الله دائما بأن يكون ابن بار لهم، ولكن الندم لا ينفع بعد فوات الأوان، من رحمة ربه عليه بأن أعطاه أخت مثل هاجر، طيبة القلب ومازالت تحبه مهما أساء لها، تقف بجانبه وتبقى سنده مدى الحياة ، فهي أيضا رأت التغيير الذي طرأ على أخوها ،بدأ يلتزم بصلاته، وقد ظهر هذا على لحيته، وطريقة كلامه وتعامله التي تغيرت نهائيًا.
.…….……….……………
كانت هاجر جالسة تنظر له بحب، ثم تحدثت بابتسامة: حقيقي متعرفش أنا فرحانة ازاي برجوعك يا هشام، لا وكمان راجع وأنت إنسان تاني خالص، إنسان عارف ربنا كويس، وبيعرف يفرق بين الصح والغلط.

هشام بحب: أنا عرفت معنى نصايحكوا دي دلوقتي، حقيقي اللي بيبقى مع ربنا بيكسب كتير أوي، وكان لازم من الأول أعرف وأعقل كلامكوا من بدري، لو كنت سمعت النصايح من الأول مكنتش هعمل كل كدا، كان لازم مكنتش أخلي بيني وبين ربنا حاجز.

هاجر بابتسامة: بس عارف يا هشام، أنا مبسوطة أنك الحمد لله رجعت لربنا ورجعت تقرأ القرءان، والحمدلله أن ربنا أداك فرصة علشان تتوب إليه، بس كان لازم يعلمك درس الأول علشان تعرف الصح من الغلط.

هشام بحزن: درس! درس قاصي جدا خسرت فيه أمي وأبويا، كان نفسي أتوب وأبقى ابن كويس قبل ما يموتوا، هما ماتوا وهما شايلين همي، وأمي ماتت بسبب صدمتها فيا، مش عارف أسامح نفسي.

قاطعته هاجر: متقولش كدا يا هشام، أنت ادعيلهم بالرحمة ، ماما هتبقى مبسوطة أوي إنك حققت أمنيتها اللي كانت طول عمرها تتمناها، إن ابنها يكون صالح، وهتفرح لما تلاقيك بتدعيلها، وبابا بردو تعب معانا كتير عشان يبني مستقبلنا، كان بيتعب في شغله عشان يبقى راجل ناجح ونفتخر بيه  . 
هشام: ونعم بالله العظيم، هدعيلهم وهدعي ربنا يسامحني.
هاجر تحاول أن تخرج أخوها من هذا الحزن، فـ تحاول أن تجعله يتذكر معاها ذكرياتهما الجميلة.

قامت هاجر لتجلس بجانبه قائلة: بقولك إيه يا إتش

هشام ضاحكًا: إتش!!! والله وبقيتي تدلعيني يا صغيرة أنتي.
هاجر : صغيرة!!
هشام بحب: مهما كبرتي هتفضلي  أختي الصغيرة الطفلة، أوعدك يا هاجر إني هعوضك عن كل يوم أنا أذيتك وزعلتك وجيت عليكي فيه

هاجر بابتسامة: ربنا يباركلي فيك يا قلب اختك.

هشام: ويباركلي فيكي يا حبيبتي.
استكملت هاجر حديثها ضاحكًتا: فاكر يا هشام يوم نجاحك في الثانوية وقد ايه بابا وماما كانوا فرحانين يومها؟
هشام بحزن ظهر على ملامحه: فاكر ياهاجر
Flash back………......................
كان باب منزل سليمان يدق بشدة ورنين الجرس عالي ومزعج جدااا...خرجت آيات من غرفتها وهي مضطربة جدا تحدثت قائلة: ايوا ياللي على الباب حاضر جاية اهو..فتحت الباب لترى هشام امامها وهو يبتسم وقد قام باحتضانها قائلًا بااركيلي باركيلي انا نجحت جبت مجموع عاااااالي..
آيات بسعادة لا توصف: مبروك يا قلب امك الف مبروك.
سليمان من بعيد: ايه الدوشة دي؟
جري عليه هشام وقام باحتضانه وقال نجحت يا بابا نجحت أنا عايز هديه كبيرة قوي..
ضحك سليمان بصوت عالي: مبروك ياحبيبي اطلب اللي أنت عاوزه..
ليأتي صوت هاجر من خلفهم لاااااااااا يطلب إيه اشمعنا أنا من نجحت في الإعدادية، و مامفيش حد قالي اطلبي ليه بقا..
فـ يضحك الجميع لتشتعل هاجر غيظًا ...
.................................................. Back
هشام ضاحكًا: عاجبك كدا أهو محدش جاله حاجة ...
هاجر بضحك: احسن، اشمعنا أنت يعني
ثم استكملت بابتسامة: كانت أيام حلوة جدا...كنا قريبين قوي من بعض.
هشام : إن شاء الله نعوضها...ونرجع تاني ويمكن أحسن كمان.
هاجر بابتسامة حزينة :تعرف ؟!  دي كانت الأمنية الوحيدة لبابا وماما ربنا يرحمهم....يااااااه أخيراً اتحققت.

لتقع دمعة هاربة من عين   هشام.
ليتحدث قائلاً: كان نفسي يبقوا معانا دلوقتي، و يشوفنا لما رجعنا زي زمان  ، و أنهم يسامحوني ، أنا عارف أني عملت حاجات كتير  غلط ،و أني استاهل كل اللي حصلي ، أنا معملتش حاجة كويسة في حياتي نهائياً
،أنا مش عارف إزاي كنت غبي للدرجة دي، إزاي عملت ده كله
؟!!!
حقيقي  كل ما أفكر في اللي حصل ، بلعن نفسي ألف مرة ،وبلعن اليوم اللي شوفت فيه ناجى وعرفته .
وبحمد ربنا أني فوقت ، لكن فوقت بعد فوات الأوان بعد ما بابا وماما سبوني ومشيوا..
ليكمل بدموع :سبونى من غير ما يسامحوني حتى ، أنا كان نفسي يبقوا قاعدين معانا دلوقتي ومبسوطين بينا، كان نفسي أقولهم  أني رجعت هشام، هشام اللي عارف ربنا ،واللي مبيفوتش صلاة.
مش هشام السكري !!
اللي مبيسبش الكاس ، والله أنا مكسوف من ربنا أوى مش عارف  كنت هقابله إزاي لو  كنت لسه زي ما أنا، لكن الحمد لله إن ربنا نور بصيرتي تاني ،ورجعني للطريق الصح، عارف أني كذبت عليكي كتير أنتِ وأمي وقولتلكم أني هتغير و و و ....
لكن رجعت تاني وخذلتكم أنا مش عارف ، أنا إزاي كنت بعمل كدا والله ما عارف أقول ايه!
هاجر وهي تمسح تلك الدموع بـ أعين أخيها : بس يا حبيبي متقولش كده خلاص ، أنسى كل اللي حصل وهنبدأ من جديد، أنسى أنك شوفت ناجي ووعد و الناس دى أصلاً، خلاص كل حاجة أنتهت بلاش تلوم نفسك كل شوية ، وبابا وماما عند اللي أحسن مني ومنك، وأكيد شايفنا ،وحاسين بينا ،ومبسوطين كمان عشان هما كان نفسهم في كده  من زمان .
أنت شوفت الطريق دا آخرته كانت إيه ،واتعلمت درس منه وتوبت ورجعت لربنا، فـ ياريت ياحبيبي تلتزم بجد، وتعرف إن ربنا كبير ومش بيحب يشوف عبده بيعصي أو بيغلط  ،وأنه بيسامح وبيدينا فرص كتير عشان نتوب ونرجع عن المعصية ،و أهو الحمدلله أنت رجعت وتوبت وبقيت زي الفل.....أنسى بقا كل حاجة يا قلب أختك.

هشام بحزن: والله ياهاجر أنا ما عارف أقولك أيه ... أنتي الوحيدة اللي وقفتي جانبي و مسبتنيش  لحد ما توبت، ورغم كل اللي حصل واللي عملته معاكي ومع أمي، وأنتي لسه معايا، و مسنداني وواقفة معايا ،وسامحتينى رغم اللى سببته ليكى ، أنا والله ما عارف أقول ايه ، مكسوف منك والله، أنا ازاي كنت غبي كده إزاي يبقا عندي أختك زيك وأعمل فيها كده .
ليكمل بندم :ياريت تسامحيني ياهاجر ، سامحيني ياحبيبتي عن كل اللي حصل ، كان نفسي  أبقى ليكي الأخ اللي تعتمدي عليه ،لكن للأسف كنت الأسوء ،بس دلوقتي أنا أهو معاكي ومش هسيبك ،ومش هبقا ليكي الأخ بس ﻻ ،  ده أنا هبقا الأخ والأب وكل حاجة في الدنيا، مش هخليكي محتاجة حاجة، من النهاردة هعوضك عن كل اللي فات .
هاجر بحب :ياحبيب أختك، أنا مسامحاك من زمان أو يمكن أقول أني مزعلتش منك ياحبيبي ، أنا كنت عارفة وكنت واثقة في ربنا أنك هتتغير وهتعرف إن أنت كنت غلطان ،و أهو حصل زي ما أتوقعت و عرفت غلطك وندمان عليه .

لتكمل :ربنا يخليك ليا ياحبيبي ، و ميحرمنيش منك أبداً ،ويدوم المحبة ما بينا.
هشام وهو يحتضن اخته :يارب ياحبيبتى يارب.

كانت هاجر تحتضن أخيها بقوة ، كأنها تريد أن تختبئ في ضلوعه ، و لو كانت تستطيع أن تدفن نفسها بين ضلوعه لما ترددت لحظة ،  فإنها تشعر بالأمان حينما تكون بين يدي أخيها ،فكم كانت تتمنى أن تحظى بتلك اللحظة مرة أخرى، فـ هي الأن سعيدة جدا، لكون أخيها بجانبها يساندها، وأنه قد ندم على فعلته وتاب ورجع إلى الله، دعت أن يستجيب الله توبته، وأن يدله على طريق الصواب، وألا يحرمها من وجوده في حياتها ،فكم أنها افتقدته...

بينما كان هشام نادم على مافعله ،وأنه كيف له أن يفعل بشقيقته هكذا، فـ هي رغم كل ما فعله إلا أنها لم تتركه أو تتخلى عنه بل مازالت واقفة بجانبه تسنده وتحفزه ، فكم يتمنى لو كان بإمكانه أن ينزع قلبه ويعطيه لها، لما تردد لحظة من فعل ذلك.

الإرث الملعون حيث تعيش القصص. اكتشف الآن