الفصل الثالث والعشرين

375 21 0
                                    

روايه الإرث الملعون

                        الفصل الثالث والعشرين

كانت هاجر جالسة تبكي بشدة على حال والدتها، تدعو لها أن تكون بخير، تفكر في إذا حدث لها شيء ماذا سيحدث لها؟ من سيتبقى معها؟....
كانت عبير تجلس بجانبها تحتضنها بشدة، تطمئنها أنها  ليست وحدها الأن، تحاول التخفيف عنها، لكن هاجر لا تستطيع التوقف عن البكاء، فهي الأم يا سادة، فـ وجودها حياة، دعواتها نجاة، والجنة تحت أقدامها...
نظر لها مالك في حزن شديد وشعر بوخذة في قلبه لرؤيتها بتلك الحالة المحزنة، لم تتوقف عن البكاء والدعوات ولو للحظة.
فجأة رأوا أمامهم عدة اطباء وممرضات يتجهون إلى غرفة العناية ويدخلونها مرة أخرى مسرعين، وبدا على وجوههم القلق...
ابتعدت هاجر مسرعة عن عبير ثم اتجهت لأحد الأطباء وتحدثت معه ببكاء حتى يكاد صوتها أن  يسمع : يا دكتور ماما  عملت إيه هي هتبقى كويسة ؟!
تحدث الطبيب مسرعًا وهو يتجه إلى الداخل : ادعلها يا أنسه.
عادت هاجر إلى مكانها وهي منكسرة حزينة لما حدث لعائلتهم، بالأمس توفى الأب، واليوم الأم في غرفة العناية بين يدي الله لا أحد يعلم مصيرها، وشقيقها المتهم في قضية القتل، لا تعلم أين هو الأن، هي فقط تجلس وتبكي وتدعو الله أن يخرجوا من تلك المحنة على خير...
لم يكن مالك مطمئنًا لدخول العديد من الاطباء إلى الغرفة مسرعين هكذا، فانتظر حتى خرج واحد منهم وطلب منه أن يخبره ماذا يحدث، أخذه بعيدا قليلًا عن هاجر وتحدث قائلا : هي مالها  يا دكتور في حاجة خطيرة ولا ايه؟
تحدث الطبيب ببعض من الحزن : المريضة نبضها ضعيف جدا، احنا حاليا بنعملها إنعاش  قلبي رئوي عشان نلحقها بأقصى سرعة قبل ما القلب يقف خالص.
ربت على كتف مالك ثم اكمل : ياريت تدعولها الكام ساعة اللي جايين دول يعدوا علي خير..
اغمض مالك عينه بحزن شديد، ومن ثَم عاد إليهم مرة أخرى ولكن قد رأته هاجر وهو يتحدث مع الطبيب فسألته متلهفة : هو قالك ايه يا مالك ؟ ماما كويسة صح ؟!
مالك بشبح ابتسامة: بيقول هتكون بخير بس ادعولها تعدي الكام ساعة الجايين دول.
نظرت له وقد شرعت بالبكاء مرة اخرى أكثر من ذي قبل: يعني معني كدا إنها مش كويسة، معناها إن هي في حالة خطر.
ثم استكملت في حنق قائلة : يارب...يارب، ماليش غيرك وأنت عارف اني  مالييش غيرها في الدنيا، يارب اقبل دعواتي يارب، لو ماما حصلها حاجة هعمل إيه وهروح فين ؟ يارب كنت متعلقة ب بابا وبوجوده في حياتي وهو كمان سابني ومشى، ودلوقت ماما كمان عاوزة تمشي، طيب ليه ؟ يمكن أنا وجودي في حياتهم.....
قاطعتها عبير وهي تبكي على حالها قائلة : كفايا يا بنتي متعملش كدا في نفسك حرام عليكي كدا، أكيد  بابا وماما مش هيحبوا يشوفوكي بتعملي في نفسك كدا، إن شاء الله هتفوق يا حبيبتي وهتبقى كويسة وأحسن من الأول كمان، إحنا ما علينا إلا إننا ندعي وأملنا في ربنا كبير إنها تقوم بالسلامة...
اقترب منها مالك ثم ركع على ركبتيه متدنيًا إلى مستواها وهي مازلت غارقة في بكاءها ووالدته تحتضنها بشدة، كأنها تخاف عليها وتحميها من أحدهم، لكنها تحاول أن تطمئنها، تحاول أن تشعرها بأن الجميع بجانبها وهي ليست وحيدة ...
تحدث مالك قائلًا: هي دي هاجر اللي ماما وضحى كانوا بيرجعوا من كل ندوة يحكوا عنها ؟!
هاجر اللي عارفة إن  العياط دا بيتعب المريض قبل ما بيتعب صاحبه وبردو لسه بتعيط،
يا هاجر احنا كلنا جمبك ومش هنسيبك، وإن شاء الله مامتك هتكون بخير واحسن من الاول كمان، بس انتي لازم تبطلي عياط عشان لما مامتك تصحى وتطلب تشوفك متشوفكيش بالحالة دي لازم تستقوى بيكي، لكن لو شافتك بتعيطي كدا هتعيط هي كمان عشانك، صح ولا أنا غلطان ؟ ...
لم تتحدث هاجر ولكنها اكتفت بالنظر إليه بعين باهته غير قادرة على البكاء مرة أخرى، وبعد دقائق كانت قد غفت على كتف عبير....
تحدثت عبير ببكاء قائلة : صعبانة عليا اوي يا مالك، بس والله لو بايدي حاجة  اعملها عشانهم هعملها  ....هو الدكتور قالك إنها  هتبقى كويسة بجد ؟!
نظر مالك إلى هاجر ليرى أنها غفت تماما فتحدث بحزن قائلا : نبضها ضعيف جدا، وخايفين لا القلب يقف، هما حاليا بيعملوا اقصى جهدهم عشا........
قاطع حديثة فتح أحد الممرضات باب الغرفة ثم جرت مسرعة وعادت ومعها احد الاطباء.
أفاقت هاجر من غفوتها وقد رأت دخول الطبيب والممرضة  فوقفت فزعه وجرت على نافذة غرفة العناية واردفت بهدوء: ماما، ماما اصحيلي عشان خاطري، ماما متسبينيش مش هعرف اعيش من غيرك، ماما والله  العظيم هموت من خضتي عليكي، لو بتعملس كدا عشان عاوزة تعرفي غلاوتك عندي فكوني ليا بخير وأنا  والله  هحطك في عنيا واعملك اللي أنتي عوزاه بس....بس عشان خاطر ربنا متسيبينيش، يارب يارب مليش حد في الدنيا غير أمي…
سمع مالك صوت اطفاء جهاز الانعاش واطفاء نور غرفة العناية فاغمض عينة بمضض وتمنى بداخله أن  يكون كل شيء يفكر به خاطئ...
خرج الجميع من الغرفة ف جرت هاجر وخلفها عبير عليهم يسألون ماذا حدث لأيات، على أمل أن تكون بخير ...
تجمد مالك مكانه وتأكد من شكوكه بعد خروج الأطباء  بتلك الحالة المحزنة فأسرع بالذهاب تجاههم ووقف بجانب هاجر لأنه توقع أن  يصيبها انهيار عصبي أو شيء من هذا القبيل....
نظر إليها الطبيب المسئول بحزن ثم تحدث قائلا : شدوا حيلكم يا جماعة البقاء لله .
لم تقوى هاجر  على الصمود دقيقة أخرى ووقعت مغشيًا عليها ..
تقدمت عبير نحوها بلهفة قائلة ببكاء: هاجر يا بنتي، فوقي يا هاجر متقلقيناش عليكي ...
حملها مالك بين يديه واصطحبته الممرضة لأحد الغرف لكي يتم فحصها ، أسرع في وضعها على السرير  وطلبت منه الطبيبة أن يخرج لكي تفحصها ...
تحدث عبير بحزن ولهفة: خليك برا أنت يا مالك وأنا هبقى هنا معاها .
أومأ مالك موافقًا على حديثها وخرج مطأطأ الرأس شارد في تلك المسكينة التي أصبحت وحيدة ليس لها حد..
تحدث في نفسه بحزن شديد ووجع أشد :ااااااه ياهاجر ااااه علي كمية الوجع اللي جوايا بسب حزنك ووجعك.. وانا مفيش بايدي حاجة اعملهالك عشان اخفف عنك حزنك..
أفاق مالك من شروده بعد ثواني ثم أخرج هاتفه من جيبه وبدأ في الضغط على عدة ازرار...
............................................... 

كانت شهد تجلس داخل غرفتها تبكي من كثرة الهموم وتدعي الله أن يخفف عنها، حتي قطع تفكيرها صوت طرقات باب المنزل.
قامت متوجهة إلى الخارج لترى من الذي يطرق الباب وكان الزائر ضحي وحازم...انصدمت شهد برؤية صديقتها، هي لم تتوقع أن تأتي الأن.
فتحت شهد الباب وعندما رأتها ضحي تحدثت بابتسامة قائلة: هتسبيني واقفه كتير ولا ايه..
شهد بابتسامة حزينة : اتفضلي يا حبيبتي اسفه اني وقفتك كدا كتير.
احتضنت ضحى صديقتها ثم اردفت قائلة : نسيت أعرفك يا شهد، دا الدكتور حازم خطيبي..

شهد بفرح: بجد، الف مبروك يا روحي، الف مبروك يا دكتور حازم اتفضلوا اقعدوا هنا.
حازم بابتسامة: الله يبارك فيكي عقبالك.
شهد بحزن: شكرا، لتكمل حديثها قائلة: وحشااني اووي يا ضحى والله.
ضحى: لو كنت وحستك أو بوحشك ،مكنتيش اختفيتي من غير ماعرف عنك حاجة ولا تطمنيني عنك.
شهد ببكاء: أنا تعبت والله يا ضحي تعبانه جداً، ومحدش حاسس بيا.
فكر حازم بأن يتركم سويًا بمفردهم حتى يستطيعون الكلام بحرية فتحدث قائلا :احم...طب أنا هنزل استناكي تحت يا ضحى عشان تاخدوا راحتكم.
فهمت ضحي ما يلمح لهُ حازم وقالت :خلاص تمام يا حازم.
ضحي: مالك يا شهد احكيلي، أنا أختك قبل ما أكون صاحبتك احكيلي يا حبيبتي.
"حقا ونعمة الصديق، الصداقة هي كلمة كبيرة جداا، لا يجب أن تمنح إلا لمن يستحقها، هو صديقك الحقيقي، الذي يقف دائما بجانبك، ويكون بئر أسرارك"
شهد ببكاء: أنا حصلي حاجات كتير اووي يا ضحي، وكل ده بسبب الكلب الـ أسمه ناجي، أنا كرهت الناس كلها بسببه.
وقصت شهد علي ضحي كل ما حدث.
ضحي: ياااه... يا شهد كل ده حصل، كل ده ومتجيش تقوليلي؟!! طب ليه؟ ليه يا شهد ليه كده؟! من زمان وأنا قولتلك ناجي ده مش كويس ،متصدقيش كلام ناجي، ناجي مش كويس، مسمعتيش الكلام يا شهد.
شهد ببكاء: اسفه....حقكوا عليا، كان لازم اسمع كلامكم، أنا الـ عملت في نفسي كده انا...
قاطعتها ضحي قائلة :خلاص اهدي اهدي، اللي حصل حصل، والحمدلله علي كل شيء..
صم ابتسمت قائلة: مشوفتيش كريم عمل إيه عشانك، دا قلب الدنيا عشان يلاقيكي.
شهد باستغراب: كريم؟! كريم عمل كده؟
ضحي: أنتي لسه معرفتيش حاجه، ده وصل لحد إن هو راقب جني عشانك...وكمان كان كل شوية بيكلمني ويسألني عليكي وكان هيتجنن عشان يلاقيكي يا شهد.
شهد بحزن: وهو ليه عمل كده ليه!؟
ضحي: عشان بيحبك يا شهد ...
كان هيتجنن عشانك، ده مكنش بينام والله.
شهد بحزن: طب أعمل ايه يا ضحى، مش سهل عليا اللي أنا مريت بيه، مريت بتجارب صعبه جداً في حيااتي، مش هقدر احب تاني أنا اتخدعت في ناجي مع إن كانت روحي فيه، لكن مش عارفه!


ضحى بحزن على حال صديقتها: كريم مكنش بيغمضله عين خالص، كان كل شويه شهد... شهد، حقيقي هو كويس اوي اوي وغير ناجي الكلب دا خالص.
وهو بيحبك جدا، حاولي تفكري فيه بطريقة تانية مش زي ما أنتي معتبراه مجرد صديق وأخ.

شهد بكسرة : حقيقي يا ضحى أنا حاسة اني مكسورة، ومش عارفة أوريكوا وشي أنتي وكريم لانكو ياما نصحتوني علشان ابعد عن ناجي، وبالزات كريم عشان هو شافني في الكبارية...
لكن مراية الحب عامية وخداعة ،أنا ندمانة اني مسمعتش كلامكوا، وكنت قربت اكرهكوا بسبب اللي كنتوا بتقولوا عن ناجي رغم أنه مكنش يسحق حبي ليه ابدا.

ضحى: لا لا متقوليش كدا يا شهد، احنا اخوات ومش عاوزة اشوفك مكسورة ابدا، كريم فعلا بيحبك وبتمنى تديله فرصة واحدة يثبتلك دا، بيحبك من قبل ما يحصل كل المشاكل دي، وبردو لسه متعلق بيكي حتى بعد كل اللي ومسابكيش لحظة ، هو حابب يكون معاكي وعنده استعداد يعوضك عن كل الأيام اللي شوفتيها من ناجي الكلب دا.


شهد بتفكير: أنتي شايفة كدا يا ضحى؟

ضحي بابتسامة: طبعا يا شهد، كريم راجل ويُعتمد عليه.

شهد باقتناع : هحاول اديله فرصة، وهدي نفسي فرصة أنا كمان بس أنا خايفة.

ضحي: إن شاء الله خير يا شهودتي.
لتكمل حديثها بابتسامة لكي تخرج صديقتها من هذا الحزن: وبعدين مالك مكشرة كدا ليه؟ مش أنتي اللي ديما بتقوليلي إن كل مصيبة بتحصل علشان ربنا يختبر صبرنا وحبنا ليه وإيمانا بيه.
ابتسمت شهد قائلة : ونعم بالله، شكرا اووي يا ضحى لوجودك جمبي.
ضحى بحب : مفيش شكر بين الأخوات يا حبيبتي، المهم خدي بالك من نفسك وياريت متفتحيش الباب لأي حد..
بعد أن انتهى الحديث بينهم استأذنت ضحى للذهاب، نزلت ضحى إلى حازم واستأذنت منه بأن تتصل بكريم، لكي تخبره بما حدث وتطمئنه عليها ...
اتصلت ضحى على كريم، وعندما تلقت الرد منه، تحدثت قائلة....
ضحي: سلام عليكم، ازيك يا كريم؟!
كريم: وعليكم السلام، ازيك يا ضحي.
ضحي: أنا كنت لسه موجودة عند شهد واتكلمت معاها علشان موضوعنا دا، وأنا بطلب منك تكون ديما واقف جمبها وتغير فكرتها اللي اخدتها عن الحب..
هي كرهت ناجي وبقت خايفة تخطي خطوه الحب دي تاني، والصدمة في ناجي مخلياها خايفة من أي حد حواليها، بس احنا محتاجين نجيب الفيديوهات دي من ناجي الكلب دا.


كريم بجدية: اوعدك يا ضحى اني هجيب الفيديوهات دي حتى لو هتكلفني موتى.
وأكمل حديثه عن شهد: وأنا عندي استعداد أروح اخطب شهد علشان تصدق إني بحبها وإني مستعد أضحي علشانها وهسندها طول عمري.
ضحي: ربنا يكتر من امثالك يا كريم، واللي فيه الخير ربنا هيقدمه أن شاء الله، سلام عليكم.
كريم: وعليكم السلام.

انتهت المكالمة بينهم ومن ثم التقت ضحى مكالمه من مالك.

مالك: ضحي، انتي فين؟ واتأخرتي كدا ليه؟
ضحي: أنا مع حازم، كنت عند شهد صحبتي، هي ظهرت تاني بعد اختفائها، لما ارجع هبقي احكيلك كل اللي حصل.

قاطعها مالك بحديثه: لا لا لا يا ضحى متروحيش البيت، تعالى بسرعة على المستشفى، الست آيات ماتت، وهاجر في حالة وحشة جدا أكيد هتحتاجك تكوني جمبها..

التقت ضحى صدمة كبرى ولكن حاولت الاستيعاب: إيه!!! إن لله وإن إليه راجعون، حاضر يا مالك مسافة السكة وهاجي أنا وحازم.
.........................……………………………….
أنهى مالك حديثه مع ضحى ومن ثَم توجه مرة أخرى إلى الغرفة عندما سمع صوت صراخ هاجر، فتح باب الغرفة وقد وجد انها فاقت في انهيار تام ولا حد يقدر على ايقافها...
أسرع إلى الداخل واغلق الباب من خلفه، وقلبه يكاد أن يخرج من مكانه من هول ما يراه...
عبير بحزن شديد: اهدي يا هاجر يا حبيبتي، اللي بتعمليه ده حرام ..
هاجر ببكاء شديد وصوت مبحوح من كثرة البكاء: ماااااماا متسبنيييش ياماما والله ماليش غيرك، بالله عليكي متوجعيش قلبي عليكي اصحي ياحبيبتي انتي كويسة صح انتي بتهزري معايا عاوزة تعرفي غلاوتك عندي...
ضمتها عبير إلى صدرها وهي تبكي، تحاول أن تهدئها..
في حين كانت الطبيبة تجهز إبرة مهدئة لكي تعطيها لها...
وقف مالك قلبه ينفطر على من ملكته ولا يستطيع فعل شيء لها كي يهديء من روعها
سقطت دمعه حزنة من عينه ازلها سريعًا قبل ان يراه أحد وخرج مسرعًا من الغرفة واغلق الباب وأثناء خروجه اقبلت عليه إحدى الممرضات موجهه حديثها إليه..
الممرضة: لوسمحت يا استاذ ممكن تيجي معايا عشان تخلص الإجراءات وتصريحات الدفن..
مالك بحزن وألم تنهد قائلا:حاضر اتفضلي..
وعندما كان ينزل الدرج مع الممرضة قابلته ضحى وحازم، تحدثت ضحى بقلق: ايه يا مالك إيه اللي حصل وفين ماما وهاجر ؟!
مالك بحزن :الست آيات اتوقت يا ضحى أنا نازل اخلص شوية إجراءات وتصاريح الدفن، عشان مفيش حد معاهم، ابنها الله يكون في عونه د، ومفيش حد من أهلهم، وهاجر جالها انهيار عصبي ...
حازم : لا حول ولا قوة الا بالله طب أنا هاجي معاك يا مالك ..
ضحى بتأثر وحزن : طب هما فين دلوقت؟!
مالك :الدور اللي فوق الاوضة رقم ٤٧..
انهوا حديثم واتجهت ضحى إلى مكان الغرفة التي وصفها لها مالك، طرقت الباب فـ فتحت لها عبير وملامح الحزن تكسو وجهها، دلفت ضحى إلى الغرفة ثم أغلقت عبير الباب فتحدثت قائلة : إيه يا ماما؟ إيه اللي حصل دا؟!
عبير بحزن : الست آيات يا بنتي، ماتت، ادعلها يا ضحى كانت ست طيبة أوي..
ضحى : والله مالك لسه رانن عليا وقالي وجيت على طول أنا وحازم، الله يرحمها ويحسن إليها يارب.
ثم استكملت وهي تنظر لتلك النائمة وبيدو على ملامحها الإرهاق الشديد وكثرة البكاء: وهاجر عاملة إيه دلوقت يا ماما ؟
عبير بحزن شديد : زي مانتي شايفه يا بنتي تعبانة جدا من الصبح، ولما عرفنا الخبر اغمى عليها، فوقناها لقيناها بتسرخ وتعيط وهتقوم تكسر الحاجة.. الدكتورة قالت جالها انهيار عصبي وعطيتها حقنة ونامت..
ضحى : لا حول ولا قوة إلا بالله...يارب تكون بخير يارب.
عبير وقد أدمعت عيناها: صعبانة عليا اوي هاجر، يا عيني بقت وحيدة ملهاش حد في الدنيا، امها وابوها ماتوا وسابوها ياعيني، واخوها مش عارفين ظروفه ايه شكله ميعرفش حاجة، عاوزة ابقى اكلم مالك يتصرف ويقوله ..
ضحى بحزن: ربنا معاهم ويصبرهم ويكون في عونهم يارب ...
..................
بعد أن أنهى مالك إجراءات المستشفى وتصريح الدفن.
تحدث حازم مع مالك : طب احنا كدا يا مالك خلصنا.. هما ملهومش معارف أو قرايب أو حاجة ؟
مالك بحيرة : أنا مش عارف.... مش عارف حد..
حازم : خلاص يبقى مفيش حل غير إننا نذيع في المسجد..
مالك : ايوا تمام ...
وبعد أن تم إذاعة خبر وفاة آيات تجمع أمام منزل الحاج سليمان كثير من الناس الأقارب والمعارف والأصدقاء لتشييع الجثمان ....

...................................................................

ظل مالك وحازم يتلقون العزاء ... لعدم معرفة أحد اين هشام...
وبعد انتهاء العزاء، وخروج أخر المُعزيين ..
مالك: يلا يا حازم نطلع نتطمن عليهم.
حازم: ماشي يلا.
دق مالك الباب قبل الدخول ، فأذنوا له...
مالك: خلاص مبقاش فيه حد تحت..
ثم أكمل موجهًا حديثه إلى هاجر: خلاص يا هاجر استهدي بالله ، وهي أكيد دلوقتي في مكان أحسن من هنا بكتير ، لازم ندعلها بالرحمة .. العياط عمره مهيجيب فايدة.
فردت هاجر بحزن: ونعم بالله ، أيوا  هي في مكان أحسن بس ... بس أنا خلاص مبقاش ليا أي حد في الدنيا..
فأحتضنتها عبير ببكاء: لا يا حبيبتي متقوليش كدا ، كلنا حواليكي .. أنا زي أمك يا حبيبتي ، وضحى أختك ، ومالك أخوكي وكلنا جمبك ومش هنسيبك.
فإبتسمت هاجر بكسرة وتحدثت قائلة: شكرًا جدًا ، أنا عارفة أن كلكوا هتقفوا جمبي.
فتحدث مالك: أومال فين أخوكي يا هاجر ، المفروض كان يقف معانا يأخد العزاء؟
فإزداد بكاء هاجر مرة أخرى وقالت: هشام!
هشام هو السبب في كل اللي حصل ده.
تعجب الجميع ولم يفهموا ما تقصده ، حتى تحدثت عبير قائلة: السبب ازاي يعني يا بنتي؟
فردت بحزن وبكاء: الصبح جالنا البوليس بيدوروا على هشام وبيقولوا انه متهم في قضية قتل، زمانه اتقبض عليه دلوقت، هو قتل مراته وصاحبه... دا اللي عمل في ماما كدا، لما سمعت الخبر وقعت على الأرض وتعبت من الصدمة.
صدمة هائلة عمت على الجميع ، فهل يُعقل هشام يقتل ، هشام كان السبب في موت والدته ، وكأنهم أصبحوا صُمًا ... لا أحد قادر على الكلام من بعد ما سمعوه ، حتى قطع هذا الصمت صوت مالك قائلاً: إيه أزاي؟؟
هاجر بكسرة: البوليس قال أنهم كانوا بيخونوه سوا وهو قتلهم وهرب..
فتحدث مالك مع نفسه: لا حول ولا قوة الا بالله ... ليه كل الصدمات بتيجي مرة واحدة كدا .. مرة حبس أخوها ومرة موت والدتها ، وقبليها كان موت والدها، متستاهليش كل دا يا هاجر، بس هنقول إيه بقى الحمد لله، وسرعان ما مسح دمعته التي سقطت بدون إرادته وحاول تمالك نفسه ....
وقطع هذا الصمت صوت عبير قائلة: لا حول ولا قوة إلا بالله ، معلش يا هاجر إن شاء الله كل حاجة هتبقى كويسة، ربنا مبينساش حد.
هاجر بحزن: إن شاء الله.
ثم تحدث مرة أخرى: طيب احنا لازم نقوملوا محامي كويس ، وأنا ممكن الصبح اجيبله محامي شاطر اعرفه، ومتخافيش خير إن شاء الله.
هاجر: إن شاء الله.
مالك: بس ثانية واحدة ... لو مراته كانت بتخونه فعلاً ... فـ دي هتبقى قضية شرف ... وبكدا مش هيتسجن أساسًا ، فلازم المحامي يثبت كدا...
هاجر: أنا متأكدة إن مراته كانت بتخونه .. هشام أيوا مش ملتزم بس عمره ميقتل كدا بدون دافع...
فتحدثت ضحى: إن شاء الله يا حبيبتي خير ، متقلقيش.
فتحدث مالك: بكرة إن شاء الله هظبط كل حاجة.
ثم تحدث حازم: بس هو مين صاحبه اللي قتله هشام ده؟؟وليه يعمل كدا فيه يعني؟
هاجر: اعز صديق له، اعز صديق، صديق السوء اللي كتير حاولنا نبعده عنه، وكان بيغلط فينا بسببه، ناجي دا احقر شخصية هشام أخويا عرفها في حياته، ومراته كمان تان أحقر شخصية عرفها، اكيد هو اللي عرفه عليها، وف الاخر خانه، وطعنه في ضهرة، حسبي الله ونعم الوكيل..مش هقول غير كدا..
فتبادل كلاً من حازم وضحى نظراتهم في صدمة ... لا يُصدقوا ما يسمعونه ، فهل ناجي حقًا تم قتله ، أم هو شخص أخر؟؟؟؟
لا لا أكيد شخص أخر.
فتحدثت هاجر: انا اسفه يا جماعة تعبتكوا معايا اوي النهاردة وبجد كتر خيركوا مش عارفة أقولكوا إيه؟؟؟ بس بجد مبقاش ليا حد غيركم...
فردت عبير بحب: تعب إيه بس يا حبيبتي دي أقل حاجة ممكن نقدمهالك ... مامتك كانت ست طيبة اوي ووقفت جمبنا كتير ، ربنا يرحمها يارب.
فردت هاجر بحزن: يارب.
عبير بحب: احنا هنفضل معاكي النهاردة يا حبيبتي ... عشان متبقيش لوحدك.
فردت هاجر: بجد يا طنط كدا هبقى تعبتكوا كتير ...
قاطعتها عبير متحدثة : لا مفيش تعب ولا حاجة، أنا وضحى هنبات معاكي النهاردة، عشان مش هينفع نسيبك لوحدك...
هاجر بحزن وانكسار: عادي يا طنط لازم اتعود، بس هتنوروني والله.
مازالت الحيرة والصدمة تملأ وجه كلاً من ضحى وحازم...
قطع مالك شرود حازم قائلًا: يلا يا حازم نمشي أنت مذهول كدا ليه؟
حازم: لا سلامتك يلا....
مالك موجهًا حديثه إلى هاجر: هنيجي بكرة الصبح إن شاء الله عشان نشوف موضوع المحامي دا.
هاجر: إن شاء الله..
غادر مالك المنزل ولكنه ترك قلبه هناك...يشعر بحزنها وكسرتها، لكن ما باليد حيلة...
-________________________________$$$$$$_______

الإرث الملعون حيث تعيش القصص. اكتشف الآن