رواية(الإرث الملعون)
الفصل السادس والعشرون والأخير.
بعد أن انتهى مالك وعائلته من تناول طعام العشاء...اجتمعت العائلة كالعادة يتناقشون فيما حدث في يومهم ويتسامرون....أشارت عبير لضحى خفية لكي تبدأ في الحديث.
فتحدثت ضحى قائلة :احم...مالك كنا عايزين أنا وماما نفاتحك في موضوع كدا.
مالك: قولوا يا حبايبي ايه هوا الموضوع دا؟!
عبير: بص يا ابني ،صل على النبي كده الأول.
مالك: عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
عبير: أنا مفضليش في الدنيا كتير وعايزة أفرح بيكم وأطمن عليكم...ضحى أهو الحمد لله اتكتب كتابها وهتتجوز قريب بإذن الله قريب مش فاضل غيرك....مش ناوي تتجوز بقا.
مالك بحب: بعد الشر عليكي يا أمي ربنا يحفظك لينا....وبعدين جواز ايه اللي بتتكلمي عنه يا ست الكل... ثم أكمل ضاحكًا: أنا راجل هتطمني عليا إزاي ؟.
عبير بجدية :أيوة طبعا أطمن عليك ...عايزة أشوف أحفادي كدا بيتنططوا حواليا قبل ما أموت.
مالك: لأ دا شكلك بتتكلمي بجد.....أنا مش عايز أتجوز وكمان الأهم لما اطمن على ضحى الأول.
عبير: ضحى إيه يابني ما خلاص أهو.. . وبعدين طبعا يا مالك بتكلم بجد أمال ههزر يعني؟ وإيه مش عايز اتجوز دي يبني؟!...العمر بيعدي يا مالك وأنا عاوزة أفرح بيك.
مالك: حاضر ياماما إن شاء الله، بس أنا حقيقي مش بفكر في الموضوع دا دلوقتي.
قاطعته ضحى مسرعة : ممممم أيوة أيوة قولتلي مش بتفكر خالص، مش بتفكر ها ولا حتى هاجر.
فقد ظهر على مالك التوتر عند ذكر اسم هاجر: لا لا مش بفكر وحتى لو هاجر، هي مش بتفكر في الجواز دلوقت.
قاطعته ضحى: ملكش دعوة أنت بيها كلمتها وهي موافقة بس أنت وافق بقا ياعم، حيرتنا معاك.
عبير : يلا يا بني، هاجر دي بنت كويسة مفيش في أدبها ولا أخلاقها، وأنا وأختك عارفينها وبنحبها، وكمان أخوها رجع وبقي كويس، يعني هتناسب ناس كويسه يابني....وكمان مش هتلاقي واحدة أحسن من هاجر بقا، ودا رائي .
مالك بتفكير: طب ياماما دلوقتي هي ممكن تكون وافقت علشان متحرجكمش.
عبير مسرعة: لا لا يابني هاجر أحنا عارفينها كويس، أنت بس كلم أخوها وحددوا معاد بقا يابني، عاوزة أفرح بيك.
مالك برفض: بردو ...هيا في إيه ولا في إيه؟!
مينفعش أجي دلوقتي بعد كل اللي حصل دا وأروح أقولها أنا طالب إيدك.
ضحى: ما قولنالك إن أحنا كلمناها ووافقت... وكل حاجة جاهزة...مش فاضل غيرك بس اللي توافق.
شعر مالك بالفرحة الشديدة بداخله، لأنه حقًا يعشقها، ينتظر اليوم التي تكون بجانبه، وينام على صوتها وفي دفء احضانها، فهي الملكة التي احتلت عقله وكيانه وهي التي ينتظرها طوال عمره، دائمًا كان يشعر بأنها مسئولة منه مثلها مثل ضحى، فهي أخته وحبيبته، كان ينتظر رؤيتها عند مجيئها إلى الصيدلية، أو عندما يأتي ليأخذ والدته وشقيقته بعد الندوة، كان ينظر لها بعشق، ينظر لعينيها البُنية اللامعة ليغيب معها ف كلام العيون والحب، نظرات وكلام لا يفهمه سواهما.
مالك بحب: طيب.....مقدرش أرفضلك طلب أصلا يا حبيبتي... أنا موافق يا ماما، أنا موافق يا ضحى.
فرح كلًا من ضحى وعبير فرحًا شديدًا لموافقة مالك على الزواج، فأخيرًا سَيُجمع حبهما الذي لم يعترفوا به حتى الأن...
.................………………………………………
في الظهيرة ،اتجه مالك إلى المسجد لكي يقوم يإداء فريضة صلاة الظهر، ومن ثَم يجتمع بالناس لكي يقدم لهم النصائح على هيئة دروس...
بعد أن أنهى الجميع صلاتهم جلس مالك ليجلسوا حوله، وكان من ضمنهم هشام الذي أصبح يواظب يوميًا على حضور تلك الدروس، بدأ مالك بالتحدث قائلاً :السلام عليكم ورحمه الله وبركاته ....أحبتي في الله نبدأ في موضوعنا اليوم، وهنتكلم عن القناعة...
إنَّ الحمدَ للهِ نَحمدُهُ، ونَستعينهُ ونَستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ -تعالى- من شُرورِ أنفُسِنا، ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، مَنْ يَهدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ لَه، ومن يُضْلِلْ فلا هادِيَ له، وأشهدُ أنْ لا إلَهَ إلّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، جَلَّ عن الشبيهِ والـمَثيلِ، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُه.
القناعة ... من الأمور التي تحقق السعادة للإنسان في حياته الدنيا والآخرة الرضا بما قسمه الله تعالى له، فالغنى ليس بكثرة الأموال والأملاك، وإنّما الغنى غنى النفس، كما أخبرت بذلك السنة النبوية، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليسَ الغِنَى عن كَثْرَةِ العَرَضِ، ولَكِنَّ الغِنَى غِنَى النَّفْسِ..
وقد علّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أُمته وسَنَّ فيهم السُنن التي من شأنها تربية نفوسهم على خُلُق القناعة، فأمرهم بالنظر إلى من هم أقل منهم في النِعم، فقال في الحديث النبوي: انْظُرُوا إلى مَن أسْفَلَ مِنكُمْ، ولا تَنْظُرُوا إلى مَن هو فَوْقَكُمْ، فَهو أجْدَرُ أنْ لا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ.
فالله -تعالى- أعطى كل عبد من عباده نعماً وحرمه أخرى، فينبغي على النفس التخلُّق بخُلُق القناعة لما فيه من راحةٍ قلبية، وراحةٍ نفسية.
القناعة في الإسلام من الآداب والأخلاق العظيمة، التي من شأنها أن تجعل نفس العبد في راحة، وقلبه في طمأنينة، وجوارحه بعيدةً عمّا حرّم الله تعالى، فهي من أخلاق الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام، وهي من صفات عباد الله الأتقياء، ومن لزمها كان من أهل الفوز والفلاح.
فـ القناعة رضا العبد بما أعطاه الله تعالى وكتبه وقسمه له، واستغناءه بالحلال الطيّب عن الحرام الخبيث، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على التخلُّق بهذا الخلق العظيم في كثيرٍ من الأحاديث النبوية، فقال: قَدْ أَفْلَحَ مَن أَسْلَمَ، وَرُزِقَ كَفَافًا، وَقَنَّعَهُ اللَّهُ بما آتَاهُ.
وقال أيضاً: مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا.
والقناعة تكون في القلب؛ فمن غني قلبه غنيت يداه، ومن افتقر قلبه، لا ينفعه الغنى.
هي خُلُقٌ يسبب الفلاح والفوز لصاحبه، وتُكسب صاحبها محبة الله تعالى، ومحبة الناس، وهي سببٌ من أسباب الحصول على الثناء والعيش الطيب، كما تورّث في صاحبها غنى النفس، وتُرفعّه عن الشهوات، وتُورّث في صاحبها العزة، وبها يتحقق شكر العبد لخالقه، وكما أنّها سبب في نيل البركة في الرزق.
أنا أسف، أنا كدا خلصت اليوم، عشان عندي مشوار ضروري وإن شاء الله اعوضكم في يوم تاني، السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
رد الجميع : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
ذهب الجميع معادا هشام، اقترب مالك منه ليتحدث معه..
مالك بحب: هشام... أنا فرحان إني لقيتك في المسجد مرة تانية
هشام بابتسامة: اهو، الحمدلله بحاول اتغير واحدة واحدة..
مالك: ربنا معاك، ويثبتك على إيمانك.
ايه رائيك في موضوعنا النهاردة
هشام بابتسامة: حبيته جدا...وحسيت برااحه جداا والله، أطمنت بعد ما صليت كمان.
مالك: الصلاة وقرأت القرأن بتريح القلب، ياريت تفضل علي طول كده.
هشام: إن شاء الله.
مالك:طب بما إنك موجود دلوقت عايز اقولك علي حاجه، أنا عارف إنه مش وقته ولا مكانه، بس هقولك واخد منك معاد واجيلك البيت..
هشام بتساؤل :اتفضل.
مالك: كنت عايز أطلب ايد الأنسه هاجر ..
هشام بابتسامة: أنا أتشرف طبعا بحضرتك، واتفضل شرفنا في البيت في أي وقت .
مالك بابتسامة: ربنا يقدم اللي فيه الخير، خلاص تمام هجيلكم الليلة الساعة ٨ أنا والعيلة.
هشام: تنورنا، خلاص هستناك.
وذهب كل منهم في اتجاه بيته.
عاد هشام إلى منزله وطلب من شقيقته القدوم إليه ...
جاءت هاجر إليه قائلة : نعم يا هشام.
هشام بابتسامة: في عريس متقدملك .
هاجر بصدمة : عريس ؟! عريس إيه أنا لسه بدري على الكلام دا ...
هشام : اهدي يا هاجر، على العموم هما جايين بالليل، ابقي شوفيه وقولي قرارك، وعادي لو مش موافقة.
هاجر بعصبية : هما مين دول اللي جايين يا هشام، انا م هقابل حد...
هشام :حتى لو كانت طنط عبير ومالك وضحى ..
انصدمت هاجر وابتسمت في خجل وتوتر قائلة :طب بعد اذنك عشان عندي مذاكرة كتير ..
هشام ضاحكًا : إيه دا أنتي مردتيش عليا ؟
هاجر وهي ذاهبه إلى غرفتها : هبقى ارد عليك بالليل بقا...
ابتسم هشام على حال شقيقته وقال: ربنا يسعدك يا هاجر، وربنا يقدرني إني اعوضك عن اللي عملته فيكي.
.................………………………………
كانت شهد تجلس في غرفتها شاردة الذهن، تُفكر في كريم ... وأنها كيف كانت غبية لدرجة أنها كانت تُعامله معاملة سيئة لأجل ناجي... وتنتظر مكالمة منه بـ فارغ الصبر...
ولكن قطع شرودها رنين جرس الباب....
فتحدثت قائلة: مين إللي جايلي دلوقت؟
ذهب لكي تفتح الباب ... إذ تفاجئت بوجود جنى أمامها ...
فتحدثت قائلة بعصبية: جنى!! خير فيه إيه، عايزة تعملي فيا إيه تاني ها؟
فطأطأت جنى رأسها ثم قالت: أنا عارفة إني غلطانة والله ، بس ممكن بس أتكلم معاكي كلمتين؟
كانت سترفض شهد ولكنها تريد أن تعرف ماذا جاء بها الأن ...
شهد: ادخلي.
دخلت جنى ثم أجلستها شهد في الصالون، فنظرت لها بعيون دامعة قائلة: بصي يا شهد أنا عارفة أنك زعلانة مني ، وإني مهما إتكلمت برضوا مش هتسامحيني.
فردت شهد بجفاء: طيب مـ أنتي عارفة أهو جاية ليه بقى؟
فبدئت جنى بالبكاء وتحدثت: أنا من ساعتها وأنا ضميري مأنبني ومبعرفش أنام، وكل أما أفتكر أعيط وأبقى عايزة أضرب نفسي بالجزمة على إللي عملته... أرجوكي سامحيني.
فضحكت شهد باستهزاء ثم قالت: أسامحك هه!
ليه كان عجبك حالي لما كنت في الكباريهات عشان متفضحش هاا؟
كان عجبك حالي لما كل يوم كنت بموت وكنت بفكر في الانتحار هاا؟
كل ده عشان الفلوس!!
شوية فلوس تخليكي تبيعي صحبتك وتهيني شرفها؟
مفكرتيش ولو للحظة أنك ممكن تكوني مكاني؟
بس حقيقي أنا عمري ما كنت هعمل فيكي إللي إنتي عملتيه فيا دا عارفة ليه؟
عشان مش أنا إللي أبيع صحبتي وأهين كرمتها وشرفها عشان الفلوس.
كنتي هتدمري حياتي ومستقبلي .... كنتي هتخسريني كل حاجه في حياتي ...
عشان أي ؟؟
عشان أي كل دا حرام عليكي ، أنا امنت ليكي ، وعمري ما شكيت ولو للحظه فيكي ... دخلتك بيتي واعتبرتك صحبتي واختي .... لم قولتي والدتك تعبانه جتلك جري كأنها امي .. لي كده ليه؟!.
ازداد بكاء جنى ، تعلم أنها مخطئة ولا تعرف كيف ترد عليها: بصي أنا عارفة إني غلطانة ومستهلش إني أبقى صاحبه لأي حد، وكمان عارفة أنك مش هتسمحيني... بس حبيت أقولك حاجة عشان أكون ريحت جزء من ضميري.... أنا قبل ما ناجي يموت أخدت تليفونه ومسحت كل الصور اللي عليه عشان تبقي في أمان ، حزفت كل الحاجات اللي صورها سواء صور أو فيديوهات .... قبل ما يتقال تقريبا بساعات كان معايا وعملت كده .... قولت يمكن كدا أكون كفرت عن ذنبي إللي عملته، وبجد بتمنى من قلبي تسامحيني عشان ضميري يرتاح، أنا همشي دلوقتي عشان أنا عارفة أن وجودي مش هيغير حاجة ، سلام.
خرجت جنى وهي في حالة لا يرثى عليها وأغلقت الباب خلفها دون أن تنتظر ردًا من شهد...
ففرحت شهد لما قالته جنى فهي كانت خائفة أن يجد أحد هذه الصور وتُصبح في هذا الجحيم مرة أخرى... ولكنها تركتها، تذهب فهي ارتكبت خطأ كبير لا تستحق المسامحة عليه.
..….………………………………………
في المساء في منزل مالك
مالك مسرعًا :يلاا يا ماما....يلا يا ضحى بتعملي إيه كل ده؟
ضحى: براحه يا اخي، مستعجل ليه كده؟!
تحدثت بنبرة ضاحكة: وقال إيه مش بفكر في الجواز دلوقتي يا ماما.
عبير ضاحكة. :مالكيش دعوه بـ أخوكي يا بت انتي.
مالك بابتسامة: ربنا يخليكي ليا يا ست الكل، فين حازم بقا يا ست ضحي؟
ضحى: تحت مستنينا.
عبير بتساؤل: مخلتهوش يطلع ليه يا بنتي؟!
ضحى: قولتله والله يا امي، بس هو قالي إني هستناكم تحت.
مالك: طيب مااشي، يلا بقا ننزله.
اتجه كل منهم إلي منزل هشام .
داخل منزل هشام.
هاجر في غرفتها تهندم من ملابسها.
ذهب هشام إلى غرفتها، ثم دق باب الغرفة قائلًا: هاجر أنتي جهزتي نفسك؟
هاجر: اتفضل يا هشام أنا خلصت.
دلف هشام إلى داخل الغرفة وتحدث بحب : بسم الله مشاء الله، قمر يا روحي، بس كنت سامع حد كدا الصبح مش عاوز جواز ولسه بدري على الكلام دا وبتاع، متعرفيش الشخص دا راح فين ؟
هاجر ضاحكة :لا معرفش ....حبيبي، ربنا يخليك ليا يارب وعقبال ما اشوفك مع واحده تستاهلك.
هشام بحزن :مش وقته خالص الكلام دا، لما اظبط حياتي وشغلي الأول..
لسه عايز ادير شركات والدي بالشكل الصحيح ... بدءت اليومين إللي فاتو في أن اظبطت بعض الأمور ، وأن شاء الله الفتره الجايه كل حاجه هتبقي بخير ...
هاجر بحب: إن شاء الله يا حبيبي
هشام : وانت كمان هتشتغلي معايا في الشركه الام .... هتمسكي الحسابات بما انك في تجاره وكده .
هاجر : لا لا ... لسه بدري على ما ، أنا لسه بدرس ...
هشام : في الاجازه تجي تتعلمي من المحاسب المالي ... وإن شاء الله اول ما تخلصي دراستك تشتغلي وتديري الشركه معايا ..
أنت تقرأ
الإرث الملعون
Romanceفي زمان ماتت فيه النوايا. وتحجرت القلوب ، في زمان تحول فيه السند والأمان هو السلاح الذي أصابك من ظهرك ليدمر بقايا ما تركته الحياه في قلبك . في زمان صارت فيه الأموال هي من تتحكم في جُل امور الحياه . في زمان ركعت فيه الشوارب إلى نعال النساء ، وحكمت...