صقيع صيف المنتصف

24 1 0
                                    




أيؤلمك البرد ؟ لأن الصقيع في أحشائي لا يفعل لكن مع كل نسمة هواء أشعر به يلفح جوفي قبل جلدي , المنتصف الرمادي حيث تقف لا تعرف للتقدم طريقا ولا للعودة طريقة أنت فقط عالق بلا أغلال مشتت بين الماضي الحاضر متشبث بالذكريات, عندما لا تستطيع أن تبتعد ولا تستطيع أن تقترب  ولا تستطيع أن تنسى و لا يمكنك التجاوز فأهلا بك في المنتصف المميت حيث لا حول لك  ولا قوة , المنتصف هو اللاحزن و عدم السعادة هو الفراغ واللاشعور حين تكون الغيوم أكثر إشراقًا من الشمس وتمطر ترابًا يمتص الهواء الباقي في رئتيك فلا أنت تتنفس ولا أنت مختنق أنت تحاول البقاء ولكنه الغبار في داخلك , بين أسود و أبيض بقايا قوة و استسلام تام

المنتصف أبشع من القاع بكثير لأنك معلق في الهواء لا تعرف مكانك, أين أنت؟ أنا قبل القاع ببضعة سنتيميترات أنتظر الإرتطام ولا يأتي مازلت لم أصل بعد أنا ثابت, أهو الأمل أم الخوف من المجهول ؟ مأساة غير مكتملة , أصبحتَ نصفًا...نصف قلب يحب نصف حب , المنتصف هو السرمدية و الشك , جزء من العالم الذي ستواجهه إن نجوت, البعض لا يتحمل الوسط فيختار إنهاء الرحلة ببساطة...هذه الأجساد على دفتي الطريق والخواء والصمت هم سبب البرودة القارصة إذا كنت قويا بما فيه الكفاية وتخطيت الطريق حتما ستفزعك الأجساد المعلقة على حائط منزله جدار الفخرخاصته نصف أحياء نصف بؤساء يبدو غبار الزمن بين تقاسيم وجوههم يسكن اليأس تحت جفونهم و بين أظافرهم وجلودهم الشابة ،موتى بروح حية يتفقدهم يوميا بشغف ورغبة للمزيد , يعتز المنتصف بمن قبلوا به وأصبحوا أنصافًا مصدر غذاؤه ودافعه وحفزه الوحيد هي تلك النظرة في أعينيهم و تساؤلاتهم اللامنتهية و غرقهم في أفكارهم ليل نهار حتى يقرروا أخيرا رفع الراية البيضاء وقتل الأمل والموت واقفين فيعطيهم نصف حزن و نصف سعادة و نصف دمع ونصف ابتسامة نصف حلم ونصف أمنية ونصف أمل كاذب، قال جبران : { لا تجالس أنصاف عشاق ولا تصادق أنصاف اصدقاء و لا تقرأ لانصاف موهوبين ولا تعش نصف حياة ولا تمت نصف موت و لا تختر نصف حل ولا تقف في منتصف الحقيقة ولا تحلم نصف حلم ولا تتعلق بنصف أمل,إّذا صمتت فاصمت حتى النهاية و إذا تكلمت فتكلم حتى النهاية }

تعلم أنك في المنتصف حين تصبح عبدا للماضي هلعًا من المستقبل فتصبح أضعف من المواجهة حيث أن صدمة الفشل مميتة إذا فالتوقف هو الحل أو هكذا تقنع ذاتك, الثبات مع أنقاض أمل أرحم من اصطدام آمالك باليابسة القاسية, أعرف كثيرا من الانصاف يعيشون نصف حياة بنصف عقل ونصف تركيز ونصف شرود لديهم أنصاف أصدقاء حياتهم نصف صعبة يواجهونها بأنصاف حلول فإن تسائل فضولك عن النصف الأخر أفاجئك بأن لا أخر لقد أستسلموا للنقص قانعين أنفسهم أنه الكمال ذاته وأن هكذا تكون الحياة , بيت قصيد كان ذو معنى و أصبح مجرد شطر لا قيمة له ناقص بلا حكمة ولا قافية وهذه وحشية المنتصف , واجهوه , واجهوا المنتصف بعقل كامل و فكر واعي , واجهوه بكلمات لا تصمت وموهبة كاملة واجهوا واصمدوا حتى النهاية لأن النهايات حتمية حتى اللانهائية لها نهاية لا يوجد أبدية في دنيانا فلا تستسلموا, لا تكن نصفا ولتحب بقلب كامل , دع شعاع الأمل يحتضن قلبك وأشعر بالدفء اليأس موت فلا تمت وفيك روح حرة, كن شجاعًا و أقدم على كل خطوة، السفينة آمنة في المرفأ لكن ليس لهذا تصنع السفن , أحلم أحلامًا كبيرة بكبر قلبك و تحدث بوسع الفضاء في صدرك، تعهد لنفسك أنك لن تكون نصفًا وتحرر من الماضي أترك الماضي إلى حيث ينتمي وأصنع مستقبلًا تفخر به .

حُـطَـامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن