الخامسة فجرًا, أرغب حقًا لو أتقلب في سريري لعل النوم يتكرم عليَ بزيارة مع جنياته ...ناثرين ذاك الغبار السحري لأسافر لأرض اللانهائية حيث أمضي بقدمين من أحلام و أمنيات ، تبدو السماء ملهمة جدًا اليوم تكون بلادي جميلة حقا في الخريف مع أني أحب الليل لكني أكره هدوءه لأنه يسمح لتلك العفاريت الصغار أن تتملك مني... سمعت ان اسمها (ذكريات) لكن أظن أنه لابأس اليوم في السماح لبعض الماضي ان يكون حاضرا ,تلك النجمة في السماء...تلك النجمة بالتحديد تجعل لا مفر من الأمر....أخبرتني جدتي يومًا أن أمي هي من اختارت نجمًا اسمًا لي و أنها كانت تحب النجوم و قصصها و أساطيرها أكثر مما يحب طفل سمين الكعك ولهذا أظن أن هذه النجمة البعيدة في السماء القريبة قرب جلدي ذاته ما هي إلا روح أمي و قد عادت لمكانها الأصلي وأن وجودها على الأرض ما كان سوى للزيارة و لهذا فأنا حقًا جزء من النجوم , تصاحبني هذه النجمة في كل حين و مكان أينما ذهبت و وقتما كنت أشكي لها و أخبرها ما أشعر فتشع أكثر لتملئني دفئا عوضًا عن العناق ,تعلم أمي أني لا أحب الأبيض ولا أحب النهار لذا أحب الشتاء لأن ليله أطول و ظلامه حالك ,أود لو أنادي مساعدتي الأن لتعدل وسادتي لكن لا بأس لعلها نائمة الأن سأعتاد أنا هذا ,قلة حيلتي الأن تذكرني بالجموح الذي كنته قبل تسع من السنين , كم أحب الطبيعة و كم أردت رؤية كل العالم حتى حبة الرمل في الصحراء حتى تلك الدودة المختبئة تحت صخرة في حديقة منزل ما , أردت الترحيب بها في عالمنا المتواضع , إن نسيت أسمي ومن أكون و ما كنت لا يمكنني نسيان ما حدث ذاك اليوم , الخامس عشر من الشهر السابع في العام الحادي عشر بعد الألفين ميلاديًا كنت في السيرك في أحد الولايات الأمريكية أزور بعض الحيوانات و أتأكد من أنهم بخير لأني أعلم أن البشر فيهم من الصفات الحيوانية ما يزيد عن الحيوانات الفعلية و لعل ذاك الثعبان أخطأ في تقدير وسيلة الترحيب المناسبة أو لعله كان عناقًا و تلك كانت قبلة لكني أسامحه على أي حال ربما قبل هذا اليوم كنت جسدًا كاملًا بروح ضالة عالقة في المنتصف و اليوم أنا نصف جسد ألي بروح كاملة , أصبحت مميزة يا أمي... أصبحت مميزة يا مفيدة , كتب إبراهيم جابر إبراهيم في أحد مقالاته أن يومًا من الأيام المستقبلية ستكون جميع الأصوات متاحة على الشبكة المعلوماتية فقط بالبحث عن الاسم و اليوم و التوقيت لكني لا احتاج لهذا ،على الأقل الأن، مازال صوتك يحتضن خلايا ذاكرتي و يدغدغني دافعًا إياي للإبتسام
-نجم..
-نعم ....و أنفاسها تتلاحق في سباق : قادمة يا أمي
- أخبرتني النجوم أنكِ أكلتي الحلوى.
-تلك النجوم الواشية تخبركي كل شيء لكنني أكلتها في الصباح كيف رأتني؟
-عدم رؤيتك للشيء لا يعني أنه غير موجود يا طفلتي...نجمتي الجميلة أمك راحلة قريبا انتبهي من الأشرار في الخارج لأني سأراك دائما من الأعلى
-إلى أين أنت ذاهبة؟ستصبحين نجمًا أيضا؟
-ربما قد أصبح لكن يا صغيرتي كوني انسانًا حرًا فالعالم غير عادل ,لاتكوني نصفا يا نجم
قبل عشرة اعوام تركتني, أعترف بجهلي حينها كيف أكون انسانا؟ و ماذا أكون في الأصل ؟! أو كيف أكون نصفا و جسدي كامل لا عيب فيه ؟ اليوم أعرف يا مفيدة أن هذه وصيتك الأخيرة لي و أعرف تمامًا ما تعنيه و اليوم جسدي نصف لكني لست كذلك , اعترف بجهلي أيضًا عندما جهلت سبب رحيلك مع أني رأيت الليل يتساقط من رأسك و رأيت الغيوم تتكثف تحت عيناك العسلية كيوم غائم غير ماطر , جميلة أنت يا أمي , إنك السبب الوحيد في بقائي على قيد الأمل و الحياة حتى هذه اللحظة الحاضرة ,الروح الحرة تعبر عن نفسها و أنا روحي تتقيأ ألوان على لوحات يراها البعض فن عبثي غير مفهوم لكنها رسائل غير مشفرة يفهمها قلائل هي فقط حديث مع الذات و الأرواح الأخوية , قد يراني البعض قدوة لكني أحب جسدي كما هو لم أكن لأعرف كيف أكون على قيد الحياة و الحرية إن لم يحدث لي هذا ,أراني إنسان لا يقبل بالنصف لذا دعوت الألوان للتحدث عني لتكملني و قبلت هي بتواضع شديد ، كانت أمي نجمًا و النجم لا ينتهي حتى إن مات يبقى وهجه ينير للضالين الطريق و أنا وهج أمي و طريقتي للتوهج لوحاتي و لوحاتي لن تصمت أبد الدهر ,تسكنين كل لوحاتي يا مفيدة كما تفعلين مع أفكاري أصبحت أقدس النجوم لأنك منها و أنا منك لذا تلك النجمة هناك..... تلك النجمة المشعة أكثر من الشمس ذاتها سميتها مفيدة .
أنت تقرأ
حُـطَـام
De Todo- كيف صمدت أمام العاصفة؟ =لم أصمد ....سقط كل ما بي أرضا إلا جسدي . . الصور و الكلمات كلها لها معنى و كلها لها مدلول ركز و اكتشف لأنك الأن في مكان غريب لا ملامح له ، مظلم أحيانا مشرق احيانا اخرى رمادي غالبا... انت الأن في اعماقك . داخلي زرقة داخلي...