الإستعداد للضهور

59 19 21
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وال محمد الأطهار
اللهم عجل الفرج لسيدنا و مولانا المهدي المنتظر

إن آخر استعداداتنا للظهور هو "إصلاح الإدارة" وهنا تكمن نقطة ضعفنا الكبرى!
ما هي العوامل التي تهيئُنا للظهور؟ / التمهيد الأول للظهور هو أن يضيق الناس ذرعاً بالظلم

يدور موضوع حديثنا حول "آخر استعداد للظهور"، فلماذا نقول "إن آخر استعداد للظهور هو الاهتمام بموضوع الإدارة" وقد كان بإمكاننا القول إن هذا الأمر هو أحد هذه الاستعدادات؟ حين نقول "آخر استعداد" يعني لا يوجد بعد ذلك عامل آخر وقد تحققت قبله جميع العوامل الأخرى الضرورية للاستعداد للظهور.

حين نقول "إن آخر استعداداتنا للظهور هو إصلاح الإدارة" فهذا يعني أن النقص الكبير الذي نعاني منه يكمن في هذه النقطة بالذات وأن النهضة الحقة يجب أن تتحقق في هذا المجال، فقد تحقق الاستعداد النسبي وبالمقدار اللازم في باقي المجالات.

حين نتحدث عن "العامل الأخير" لا بد أن نأخذ بنظر الاعتبار ما هي العوامل الأخرى التي تهيئنا للظهور؟ سنحصي هنا بعضاً منها: من العوامل التي تهيّئ عصرَنا الحاضر للظهور هي أن يزيد الظلم (وبالطبع هذا العامل لا يتعلق باستعدادنا نحن، بل يهيّئ عصرنا فقط)، واليوم تشاهدون إلى أي مدى بلغ الظلم في العالم.

إنّ من الخِسّة بمكان أن يدّعي المرء بأن الظلم لم يزدَد في العالم! فالقنابل التي تُلقى على الشعب اليمني نموذج صغير من هذه المظالم، والمجازر في كشمير، وعمليات السلب والنهب التي يمارسها مستكبرو العالم ضد الشعوب الإسلامية، وجرائم الدواعش والتكفيريين، بل والحصار المفروض علينا من قبل الأعداء والذي يحول دون نيلنا حقوقنا كلها نماذج صغيرة من هذه المظالم.

هناك نماذج كثيرة من هذه المظالم وقد ضاقت البشرية بها ذرعاً في عصرنا الحاضر، كالشعب الفرنسي على سبيل المثال الذي ما زال مستمراً باحتجاجه ولم يترك مظاهراته الأسبوعية.

إن أول تمهيد للظهور هو بلوغ مرحلة الجزع من الظلم. وبالطبع لو زاد الظلم دون أن يشعر به أحد أو يتألم منه فلا يُعد هذا تمهيداً للظهور. لكننا نلاحظ اليوم في العالم أنه بالفعل قد ضاق الناس ذرعاً بالظلم والتعسف.

من التمهيدات الأخرى للظهور - والتي تُعد ضمن أهم العوامل - هو أن يعجز الجميع عن تقديم حل لإدارة المجتمعات الإنسانية. واليوم نلاحظ أنه لم يعد يوجد في العالم من يقدم حلولا لذلك! حتى تلك الفئة من المفكرين الغربيين التي كانت تدعي: "أن الديمقراطية هي نهاية العالم"، سحبت كلامها قائلة: "إن الديمقراطية ليست نهاية العالم!" وهذا يعني أن مُنظِّري نظام الهيمنة قد تراجعوا عن مواقفهم وبات صمت مميت يسيطر على العالم بأسره!

كان "الجزع من الظلم" هو أول تمهيد للظهور. أما التمهيد الثاني فهو أن يكون الظلم موجوداً اليوم دون أن تكتشف البشرية حلاً لردعه! لقد أدركت البشرية اليوم أن الديمقراطية ليست هي الحل وأن الرأسمالية والليبرالية والنيوليبرالية لا تجدي نفعاً ولم يعد لشعاراتها بريق ورونق.

البشرية اليوم تواجه هذا الفراغ النظري وتنتظر مجرد شرارة وليس انفجاراً! إنها تنتظر بصيص أمل. الجميع يبحث عن نموذج، ونحن لا نعرف أن نقدم لهم نموذجنا ونوضحه بلغة عالمية!

إن عجزجامعاتنا وحوزاتنا، و"الحوزات العلمية" بالدرجة الأولى، عن إيصال رسالة الدين إلى أهل العالم بلغة عالمية هو مؤشر على ضعفها للأسف.

نحن عاجزون عن تبليغ ديننا إلى أهل العالم! فلا يجوز أن نبلّغ ديننا بأسلوب يتصور المستمع من خلاله أننا نريد إجباره على "أن يُسلِم أولا!" فبالطبع لا يتقبل الأشخاص تغيير دينهم بهذه السهولة!

لقد كان لي حوارات مع مفكرين روس وبعض النخب الفرنسية - كان معظمهم مسيحيين وكانت كلا الفئتين تُعرب في بداية الحوار عن قلقها من أن نكون بصدد تعريفهم بديننا ودعوتهم إلى الإسلام! ولذلك فقد شرحت لهم "بأننا لا نريد منكم أن تُسلموا أبداً!" وقدّمت لهم أدلة على ذلك.

ومن الأدلة التي قدمتها لهم هي: أننا إن تكلمنا عن الحجاب فأسلمتم وتكلمتم عن الحجاب أيضاً، فستتضاءل قدرتنا على ترسيخ ثقافة الحجاب في العالم، لأن الجميع سيقول: "إن المسلمين هم من يريدون الحجاب!" لكنكم إن بقيتم على المسيحية وطالبتم بالحجاب باعتباركم مسيحيين فستزداد قدرتنا، لأن ما سيرسخ في الأذهان هو أن "قاطبة الأديان تبغي الحجاب المناسب وليس المسلمون فحسب!" وسنقول آنذاك لمخالفي الحجاب: "انظروا! إن جميع الأديان تريد الحجاب فلماذا تستهزئون به؟!" فالكثير من الحلول التي يطرحها ديننا لنمط الحياة يمكن تبيينها من منطلقات عقلية، ويتسنى لكل شخص، بغض النظر عن دينه، أن يقوم بدراسة هذه الحلول بعقله وأن يفهمها ويتبنّاها، وليس بالضرورة أن يعتنق الإسلام لتبنّيها.

▪️ والحمدُ لله رب العالمين ▪️
دمتم في رعاية الله تعالى و حفظه
نسألكم خالص الدعاء بالموفقيه
المشروع المهدوي الإصلاحي

المشروع المهدوي الاصلاحي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن