بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وال محمد الأطهار
اللهم عجل الفرج لسيدنا و مولانا المهدي المنتظرالإستعداد للظهور
قبل أن يلتفت الإنسان إلى أنه صاحب إرادة واختيار، وقبل أن يلتفت إلى أنه قادر على اتخاذ الأدوات، وقبل أن يلتفت إلى أن بوسعه إقامة علاقات مع الآخرين والتأثير عليهم والتأثُّر بهم من خلال هذه العلاقات، أي في الحقبة التي تدعى مثلاً باكورة المراهقة والتي يبدأ الإنسان فيها، شيئاً فشيئاً، بتعرُّف إمكانياته وقدراته، بل وحتى قبل تلك الحقبة، ينبغي على الإنسان أن يتعرّفَ الإدارة.
لا بد أن يعلم المرء أنّ "عليه أن يتحكّم بأمنياته، وبعلاقاته، وكذا بأدواته وإمكانياته"، ولولا ذلك سيتحول إلى كائن مجذوب، ينفعل بسبب الخوف ويُساق إلى كل صوب.
إما أن تكون مديراً وإما أن تكون مُنفَعلاً! / في ثقافة الغرب يعد الخنوع والانفعال امتيازاً
قد تكون المفردة التي يمكن استخدامها في مقابل مفردة الإدارة هي الانفعال والتأثر. فإما أن تكون مديراً وإما أن تكون مُداراً ومنفعلاً! وعلى وجه التحديد، إن إحدى الفروق بين ثقافة الإسلام وثقافة الغرب هي أن في الأخيرة يُعَد الإنسان المنقاد وخصلة الانفعال امتيازاً. وأحياناً يُشَمّ أن نظامنا في التربية والتعليم أيضاً يرمي إلى تربية إنسان خانع و"منفعل"، وهذا أمر خاطئ أيضاً. أي أن هذا التأثير التربوي غالب على عملية التربية والتعليم.
لا بد أن يكون كل شخص مديراً، فيقوم بإدارة نفسه في البداية، ثم يتولى إدارة الآخرين في المرحلة التالية. وبالمناسبة إن هذا الموضوع، أي إدارة الإنسان ذاتَه، هو مثار اهتمام كبير في حقل العلوم الإنسانية، ولا سيما علم النفس. يُقال في علم النفس: مَن تمكن من إدارة نفسه سيقوى على إدارة علاقاته، وإدارة بيئته، وسيحقق النجاح في حياته.
إدارة الآخرين تعني التحكم في عدد من الأشخاص وإدارتهم، أما إدارة الذات فتعني التحكم في ميولنا ورغباتنا المختلفة. والمقصود من الإدارة في العالم الخارجي هو أن تدير أهدافك. فحين يرى المرء أن لديه أهدافاً عديدة ومنوعة، أو أدوات متعددة، أو أنّ هناك عدداً من الأشخاص، أو التحفظات، ثم يحاول أن يربط بين جميع هذه الأمور، فهذا يعني أنه يمارس الإدارة.
إن "إدارة الذات" وأن يقوم الإنسان بإدارة نفسه هو مصطلح شائع نسبياً، ويعد ضمن القضايا التي اهتمت بها العلوم الإنسانية حديثاً، ومن هذه الزاوية لا بد أن نبارك للعلوم الإنسانية.
كما تحتاجون في الإدارة، بمعناها الاجتماعي، إلى معرفة الإمكانيات، فإنكم تحتاجون في إدارة ذواتكم أيضاً إلى معرفة الإمكانيات والطاقات والثروات التي تتمتعون بها.
وكما تأخذون بنظر الاعتبار "تحليل سوات" (SWOT) في الإدارة والتخطيط الاستراتيجي، أي تلاحظون نقاط القوة والضعف، والتهديدات والفرص، فلا بد للفرد أن يضع هذه النقاط نُصب عينيه هو أيضاً. لا ينبغي أن يخرج شخص من منزله من دون أن يحذر التهديدات، ولا ينبغي أن يبقى شخص لوحده في المنزل من دون الانتباه لهذه التهديدات، كما لا ينبغي أن يخرج شخص من المنزل دون أن يأخذ نقاط قوته بعين الاعتبار؛ إذ قد يلتقي بعدد من الأشخاص المتفوقين عليه بحسب الظاهر، مثلاً، فينفعل لذلك أو يرتعب. لا ينبغي للمرء أن يبدأ بالتخطيط قبل ملاحظة الفرص المتوافرة له! فإن لم تأخذ الفرص المتاحة لك بنظر الاعتبار فستشعر باليأس والقنوط. فكل ما يتحقق في الإدارة الناجحة على مستوى المجتمع يتحقق في "إدارة الذات".
لئن تمنيتُ أي أمنية ينبغي عليّ، بادئ ذي بدء، أن أرى هل هذا الوقت مناسب لتحقيق أمنيتي أم لا؟ هذا هو معنى الإدارة! حين يصغي المدير الصالح إلى مقترحاتكم أو طلباتكم - في ما يتعلق بشؤونه الإدارية - فإن أول عبارة ينطق بها هي: "دعوني أدرس الموضوع".
روي عن أمير المؤمنين(عليه السلام): «إِذَا تَفَقَّهَ الرَّفِیعُ تَوَاضَعَ» (غرر الحکم/٤٠٤٨). فالتواضع عند صاحب الجاه والمقام ليس بأن يضع يده على صدره وينحني أو يطأطئ رأسه باستمرار، بل إنّ تواضُعه هو في دراسته لجميع القضايا بشكل جيد. فإن لم يدرس المواضيع جيداً وأخذ القرارات من دون دراسة فهذا يعني أنه لم يتواضع وهو يمارس الإدارة بغطرسة واستعلاء.
وينطبق هذا على "إدارة الذات" أيضاً؛ فحين تقوم بإدارة نفسك عليك أن تقول لنفسك أولا كلما رغبتَ بأمر ما: "تمهّل حتى أدرس الموضوع"، وهذا بحد ذاته خطوة جبارة نحو إدارة الذات.
وما مخالفة الهوى ومقارعة الرغبات والميول الحقيرة إلا إدارةٌ للذات. فإدارة الذات لا تعني الوقوف في مواجهة اللذات على الإطلاق، بل تعني التخطيط والمنهجة لبلوغ أسمى اللذات.
يفتقر مجتمعنا إلى القدرة على استيعاب بعض الأدبيات الدينية الأصيلة، لأنه واقع بشدة تحت تأثير سطحية التفكير المنحطة التي تبثها الثقافة الغربية، فلا يمكن التفوّه ببعض الأمور في المجتمع، مع أنه ثمة أحاديث وآيات في هذا المجال.
ليست الإدارة بأن تقول للذّة: "اغرُبي عن وجهي!" فحسب، بل هي أن تخطّط وتبرمج للوصول إلى اللذة الطيبة. وما أكثر التعاليم الأصيلة في ديننا في هذا المجال! بيد أن هذه الثقافة الغربية التي تستهزئ بكل شيء ولا تريد أصلا أن يمارس أحد الإدارة أو حتى أن يفكر، قد أفسدت الأجواء، وبالنتيجة لا يمكن طرح الكثير من هذه التعاليم.
الإدارة تعني: "كيف أتعامل مع المعاناة والألم؟" فالتوصية الأولى في الوصايا الخاصة بالإسعافات الأولية عند الحوادث المفجعة هي: "عليك أن تلتزم الهدوء". هذا هو مبدأ إداري، ومعناه في الحقيقة هو أنّ "عليك أن تتحكّم بالمعاناة وتديرها".
يكفي أن يتعلم الناس الالتزام بالهدوء قبل كل شيء عند تعرضهم للآلام والمعاناة! هذه هي الخطوة الأولى في الإدارة. وماذا نفعل بعد ذلك؟ لا تقلق، لا تجزع، لا تفزع، كن هادئا، فقد تكون هذه المعاناة مفيدة لك!
▪️ والحمدُ لله رب العالمين ▪️
دمتم في رعاية الله تعالى و حفظه
نسألكم خالص الدعاء بالموفقيه
المشروع المهدوي الإصلاحي
أنت تقرأ
المشروع المهدوي الاصلاحي
Historical Fictionإبدأ مِنَ اليوم ومِنَ الآن... افعل أي شيء قَادر أن يوصلك لأحْلامك... أي شيء يجعلك تشعر أنك مبدع... لا تَـيأس أنت بإمكانك أن تفعل ماتُريد إذا أردت... المشروع المهدوي الإصلاحي نسألكم الدعاء صاحب الزمان ينتظر منا عملاً