-|٣|-

437 68 74
                                    

صمتٌ طويل بلا نهاية يعانقه، لم يترك القلم من يده لكنه لم يكتب حرفًا واحدًا،
يتحسر على عينه اليسرى التي لا يستطيع
النظر بها بعد الآن، و كان متأكدًا أنها إحدى نوباته اللعينة،

شوّش فتحُ الباب تفكيره، و أبعد دموعه إلى حينِ حينْ،
لمح حذائها ذي اللمعة و الكعب المنخفض نوعًا ما لقد راهن
أنه سيكون ثلاثة سنتيمترًا فقط..

- لم تنقذوا عيني ما سبب وجودي هنا إذن؟

- لقد تشنجتَ بشدة و ارتعشت يدكَ التي كنتَ تُحكِم إغلاقها
على القلم و فُقِعت عينكَ، آسفة لهذا.

- تتأسفين؟ حمدٌ للإله أنني لم ابتلعه لأنه لا غيري يتحمل مرارة
تلك النوبات، و كل ما أريد معرفته ما سبب وجودي هنا!

- جين اهدأ.

- أمقتُ الأبيض و ها أنا هنا مزجوج في بياض اعتقدته نعيمًا
و كان تفكيري فقط هو ما ينعم بالجمال.
كان يصرخ بملئ أشداقه و احمر وجهه و أذنيه و هو ينهج.

- مَن جاء بي إلى هنا حتى سحقًا لكم!

- هل تتذكر من أنتَ؟ عائلتك والدتك والدك هل تذكر؟

- أُدعى جين هذا فقط ما أعرفه.

- ما تعرفه هو سبب وجودك جين لذا اهدأ و تجاوب معي.

زفر أنفاسه بسخرية لقد فقد عينه منذ قليل دون أن يشعر
و هذا ما يتلقاه أليسَ مضحكًا!

- بماذا تشعر؟

- لا شيء سوى القرف من هذا المكان.

- ما هي أفكارك الآن؟

- قتلكم واحدًا تلو الآخر و الانتحار بعدها.

- انتهينا.
قالت هذا و شرعت تلملم أغراضها.

- أيتها الطبيبة ما هو اسمكِ؟

- لابد أنكَ لا تريد معرفته الآن..

- ما هو موقعكِ من الإعراب أصلا عدى أنكِ طبيبتي؟

- أنا نقطة فاصلة بالنسبة لكَ يا جين إن مُحيتُ انتهيتَ معي.

- تبدين واثقة على كل يمكنكِ الخروج أيتها الطبيبة البلا اسم.
ابتسمت له بهدوء و خرجت تفصل نفسها عنه مجددًا و مجددًا.

لكنه جمعَ بقاياه المهشمة على أي حال لا يوجد من يعيد ترتيبها سواه.

أحكم إمساك القلم على مذكرات : «قلمٌ يصارع ، و حبرٌ ضرير»

'فقدتُ طرفًا من أطرافي، عيني، شغفي، إشراقي،
و إيماني بوجود ما يستحق العيش، لن أُذنب بحقِ
نفسي يكفي ما أمر به، لكن من أنا؟ أين أنا؟ و لماذا؟
أنا مجرد نقطة منسية لا تجد من يضعها ختامًا لكلامه
أنا لاشيء لنفسي و لأي أحد يعرفني من الجميع،
كانت فرصتي الأولى لأحيا و الأخيرة لفهم نفسي.'

- أيتها الطبيبة هل أكتُب بعضًا من الجمال لكِ؟ ، مع أنكِ شمطاء
لا تستحقين لكنني سأكتب فقط لجمالكِ الأسمر فقط جمالكِ.

«جميل متجمل بأجمل الكلام»
---------
'صديقةُ القهوةِ بسمارِها و حبيبةُ البندقِ في تبسمها
الخشبُ يغارُ مِن وهجِ عينيها و الطينُ يسعد أنها ابنته
قمحيةٌ غبراء، و البُن تحت أقدامها بهاء'

ابتسم حيث كلمات نَصوح متلمسها بيديه ثم قال:
- نَصوح يا صديقي هل تنعم بالراحة أينما كنت؟ لن أبرح مكاني
متذكرًا كلماتك دومًا، لا تخف لستَ منسيًا كحالي.

و كانت الأرض فِراشه و الفِراش مضجع أوراقه و قلمه.

قلم و جمجمة✔︎حيث تعيش القصص. اكتشف الآن