الفصل ٣٧

7.4K 332 26
                                    

الفصل السابع و الثلاثون
كان يجلس داخل مكتبه يستمع بتركيز شديد الى كلمات شريف الموضحه للرسم الهندسى الذى امامه لذلك المشروع الضخم الذى سيعوض تلك الخسارة الكبيرة التى وقعوا فيها بسب ذلك المقاول الغشاش
لكنه يشعر بعدم الراحة كل ما يقوله شريف جيد جدا لدرجه تجعله يشعر بالشك هل اصبح الان فاقد الثقه فى كل شىء
- خلاص يا شريف
قالها بشىء من العصبية مقاطعا شرح شريف للرسم لينظر اليه شريف باندهاش ثم قال
- خير يا باشمهندس حضرتك تعبان ؟
ليقف صهيب و غادر طاولة الاجتماعات و توجهه الى مكتبه و هو يقول
- شوية ... روح على مكتبك و انا هرتاح شوية و بعدين نكمل
- حاضر
قالها شريف باستسلام و غادر غرفة الاجتماعات و هو لا يفهم شىء
اغلق صهيب باب غرفة مكتبه و اخرج هاتفه يتصل بها انه يحتاجها الان
حين اجابته بصوتها الذى يبعث داخل قلبه الراحة و الهدوء و الامان اغمض عينيه و كأنه يحاول حفظ نغمة صوتها داخل اذنه و لا يريد سماع شىء بعده و قال برجاء
- وحشتينى ومحتاجك
قالها بهدوء شديد لتقول هى بلهفه
- مالك يا صهيب انت تعبان ؟ انا جاية فورا
و اغلقت الهاتف ليبتسم ابتسامة صغيرة يعرف انها سوف تثور و تغضب منه و يعلم ايضا انها الان قلقه حد الرعب عليه لكنه لا يستطيع شرح ما يشعر به عبر الهاتف يريدها بين يديه يضع راسه على صدرها يشعر بلمسات اصابعها بين خصل شعره و نعومه صوتها بجانب اذنه يخبره ان كل شىء سيصبح بخير لم تمر دقائق معدوده و كانت زهرة تقتحم المكتب ليبتسم شريف و هو يفهم الان تغير رئيسه المفاجئ
- صهيب انت كويس ؟
قالتها بقلق و خوف و كان هو خلف مكتبه متكىء الرأس مغمض العينين لم يتحرك من موضعه و لكنه رفع يده اليها بدعوه صريحه لاقترابها منه
شعرت هى بغرابته و لكنها استجابت له و القت حقيبتها و مفاتيح السيارة ارضا و توجهت اليه و جلست فوق ساقيه ليريح راسه فوق صدرها و هو مازال مغمض العينين و اخذ نفس عميق محمل برائحتها لتداعب خصلات شعره و هى تقول
- مالك يا صهيب فى ايه ؟
ظل على صمته لعدة ثوان ثم قال بهدوء
- خايف و شاكك و مش واثق فى حد حتى شريف احساس مؤلم اوووى يا زهرة اوووى
لتقطب زهرة حاجبيها باندهاش و قالت
- ليه .... شريف بيشتغل معاك من زمان و هو اللى ساعدنا فى كشف المقاول على حقيقته كمان زى ما فى ناس معدومة الضمير فى ناس شريفة و نظيفة و ضميرها صاحى زى شريف اوعى تفقد ايمانك بالله و ثقتك فى انه دايما جمبك و معاك كمان متخليش تجربة فاشلة تخليك تخسر كل حاجة نتعلم من غلطنا لكن منقفش محلك سر و نقول خايفين
ابعد راسه قليلا و رفع عيونه التى لا تراها و قال برجاء و توسل
- طيب ممكن تريحينى و تشوفى التصميم محتاج اطمن يا زهرة ارجوكى
ظلت تنظر اليه انها تشعر به ان ذلك المشروع كما هو فرصه لتعويض خسارة مادية كبيرة حدثت و لكنه ايضا سوف يكون الضربة القاتلة فى حياة صهيب المهنية و شركته اذا حدث اى نوع من انواع الخسائر اخذت نفس عميق و قالت بمرح محاولة التخفيف عنه
- افضل استغلنى انت كده
ليبتسم و هو يقف على قدميه بعد ان امسك يديها و سار بها الى غرفة الاجتماعات نظرت الى الرسم بتفحص ثم بدأت فى شرحه له ليجده كما كان يقول شريف دون تغير فى حرف واحد ليبتسم باتساع ثم قال
- خلاص يا زهرة ممكن تنادى شريف يكمل شرح ليا و ليكى
لتنظر اليه بابتسامة و قالت بلوم مرح
- تعالى يا زهرة تيجى زهرة اشرحى يا زهرة تشرح زهرة و لما تخلص مصلحتك من زهرة نادى شريف يا زهرة ..... زهرة هتستقيل على فكرة
ليضحك بصوت عالى على مزاحها لتقف مكانها تنظر اليه بأعجاب شديد رغم تلك الخصلات البيضاء التى غزت راسه و تلك الخطوط التى ترسم مرور السنين على وجهه الا انه مازال الى الان يخطف قلبها و عقلها و روحها و يجعلها اسيرة هواه و عينيه
••••••••••••••••••••
خرج حذيفة من الحمام يلف نصفه السفلى بمنشفة و الاخرى حول عنقه حين قابلته لمى فى الممر لتشهق بصوت عالى وهى تضع يديها فوق عينيها و هى تقول
- مش عيب يا دكتور تخرج من الحمام كده مش عارف ان فى انسات فى البيت و لا ايه عجايب و الله
و مرت سريعا من امامه و دخلت الى غرفتها و اغلقت الباب ظل هو على وقفته لعدة دقائق مصدوم انه لاول مرة يستخدم الحمام خارج غرفته فجودى بالداخل و لم يرد ازعاجها و هو بالاساس متأخرا عن عمله ففضل استخدام الحمام الخارجى
فى تلك اللحظة خرجت جودى من الغرفة لتجده على وقفته تلك شعرت بالاندهاش و قالت بقلق
- واقف كده ليه يا حذيفة انت تعبان .... اوعى يكون هتجيلك غيبوبة سكر
نظر اليها و قال بصدمة
- هو احنى مش عارفين نربى البت دى ليه
لتزداد حيرتها لكنه تحرك ليدخل الى الغرفه بعصبية فدخلت خلفه وهى تقول
- فى ايه يا حذيفة ما تفهمنى
قص عليها ما حدث لتضحك بصوت عالى ليشعر هو بالغضب يتصاعد داخله و قال بعصبية
- البنت مش بتحترمنى يا جودى و انت بتضحكى
لتبتلع ضحكاتها و ظلت تنظر اليه بصمت لثوانى ثم اقتربت منه و ربتت على كتفه وهى تقول
- مين قال كده بالعكس البنت بتحبك و بتحترمك بس هى سابقة سنها لسانها طويل و مش بتفوت و بعدين بصراحة يعنى يا حذيفة
و صمتت لينظر اليها بفضول و قال بعصبية
- بصراحة ايه ؟!
و ضعت يدها على صدره العارى و قالت بصوت هامس
- انت شكلك كده مغرى اوووى و البت طبعا لازم تنكسف و هى شايفة شاب طول بعرض و عضلات بسم الله ما شاء الله يعنى زى القمر فى التلاتينات يعنى الرحمه حلوة
ليبتسم باستمتاع من تأثير لمساتها الناعمة على بشرة جسده العارى لم يستطع الاحتمال لينحنى و يخطف شفتيها فى قبلة شغوفة متطلبه تجاوبت هى معها بكل حواسها لينسوا سويا لمى و موعد عمله و كل شىء و يغرقان سويا فى بحر عشقهما الذى لم يقل يوما بل كان يزيد مع الايام
••••••••••••••••••••••••••
اجتمع الجميع فى غرفة مكتب سفيان داخل القصر يبحثان خطة رحيم بين قلق و خوف و عدم اقتناع رغم المساندة القوية
كان الجميع فى انتظار اخبار رحيم لهم بفكرته التى كانت صادمة بالنسبه للجميع
و حين انتهى قال بهدوء
- عايزين حد يكون ثقة و مضمون نتفق معاه علشان ينفذ اللى احنى قولناه و نعرف شمس و نشوف رد فعلها هيكون ايه
ليقف ايمن و قال بغضب
- انت اكيد مجنون ايه الكلام اللى انت بتقوله ده انا لا يمكن اقبل انى اعرض بنتى لموقف زى ده حتى لو علشان اختها
ظل الجميع صامت فالجميع يتفهم خوف و قلق ايمن و انفعاله شىء طبيعى و من ناحية اخرى ان الموقف الذى طرحه رحيم قريب جدا من افكار شمس الشيطانية و لكن ايضا جميعهم لديهم نفس الخوف الذى عبر عنه ايمن الان و كانت ملك تجلس و هى تحتضن ابنتها بحماية و خوف شديد يملىء قلبها و يرتسم على ملامحها
و قف سفيان و هو يقول
- دى بنت صغيرة يا دكتور ومهما كانت ثقتنا فى الشخص اللى هنختاره الموقف هيكون مخيف جدا ليها
كان رحيم يتفهم مخاوفهم و يتفهم كل ما يقوله لكنه لن يسمح لتعرض الصغيرة الى اى نوع من انواع الخطر فقال موضحا
- يا جماعة ممكن نغير الفكرة شوية نختار شخص منكم يلبس ماسك مثلا و ينفذ الحكاية بس لو الموضوع انكشف لشمس ممكن تكون النتيجة عكسية لازم تكونوا عارفين ده
استحسن الجميع الفكرة خاصة ان ليل ستكون تعلم من ذلك الشخص جيدا و لن تشعر بالخوف رغم القلق من باقى حديثة ورد فعل شمس وكان الجميع يفكر فى حل حين قالت مهيره
- ايه رأيكم فى آسر ؟
نظر الجميع الى بعضهم البعض بتفكير و ابتسم سفيان بأعجاب و قال
- فعلا آسر ليل عرفاه كويس و احنى كمان واثقين فيه جدا بس كمان تفضل مشكلة لو الموضوع انكشف
ظل الجميع صامت لعدة دقائق حين قال ايمن
- خلونا نفكر بهدوء الاول احنى نتكلم مع آسر و نشوف بعد كده الموضوع ده
ايد الجميع كلمات ايمن فى الوقت الذى كان فيه رحيم سارح فى تلك المغامرة التى يقوم بها انه يغامر على احساسه بشمس من كلماتها معه طوال تلك الجلسات و رغبتها فى ان تكون مصدر الاهتمام ان تكون محور الحديث ان تشعر ان لها اهمية كبيرة فى حياة من حولها
خرج من افكاره على كلمات سفيان وهو يقول
- هو اجازته كمان يومين هكلمه النهاردة فى التليفون و افهمه كل حاجة و لما ينزل الاجازة ننفذ
ليهز أيمن راسه بالموافقة فى حين كان جواد يشعر بنار داخله تشتعل شعرت به ليل و لكنها لا تعلم ماذا عليها ان تفعل لكن كان هناك ايضا عينان تتابع ما يحدث بأحراج و سعادة و قررت التدخل
••••••••••••••••••••••••••••
لم يذهب اليها طوال فترة اجازته ليس لانه يشعر بالضيق مما فعلت فقط و لكنه ايضا كان يعمل ليل نهار حتى يستطيع اكمال المبلغ المطلوب لاكمال الاشياء الناقصة فى الشقة
كان اخيه يتابعه طوال ايام الاسبوع و من داخله احساس مؤلم ان اخيه المبتسم دائما كان طوال الوقت حزين و يرتسم على ملامحه معالم الضيق
كان راجح يلملم (( العدة )) و ينظف المكان حتى يكون جهاز للعمل فى صباح اليوم التالى حين اقترب منه اخيه يربت على كتفه و اخذ الاشياء التى بين يديه و هو يقول
- خلينى اساعدك علشان نلحق نروح نرتاح شويه
نظر اليه راجح باندهاش و قال
- هو انت لسه مروحتش
لم يجيبه اخيه بشىء و بدء فى وضع الاغراض فى اماكنها ثم امسك المكنسة اليدوية و بدء فى تنظيف الارض ليمسك راجح يده و هو يقول بإحراج
- هات يا حبيبى انا هكمل
ظل اخيه ينظر اليه بلوم و حزن شديد و ابعد يد راجح عن يديه و اكمل ما كان يفعله دون ان يرد على كلماته و ظل راجح واقف فى مكانه ينظر اليه بضيق من نفسه قبل كل شىء فهو من فعل بنفسه هذا هو من اختار و لابد ان يدفع ثمن اختياراته لكن من الواضح ان اخيه ايضا يدفع معه و هو لن يقبل بذلك
اقترب اخيه منه بعد ان انتهى من تنظيف الارض كاملة و وضع المكنسة فى مكانها و قال بعصبية
- ممكن نروح نرتاح بقا و لا لسه عايز تنضف الارض اللى حولين الورشة كمان
ظل راجح صامت لعدة ثوانى يتبادل فيها النظرات مع اخيه و فى لحظة خاطفة القى بنفسه بين ذراعى اخيه يضمه بقوة و هو يقول بصوت مكتوم
- انا اسف .... انا اسف
ليبعده اخيه عن حضنه و قال باستفهام
- انت بتعتذر عن ايه و لمين ؟ يا واد انت ابنى قبل ما تكون اخويا انا كلى ملكك يا راجح بالله عليك ما توجعلى قلبى عليك
لينحنى راجح يقبل يد اخيه بأحترام و هو يتذكر حين كان صغير بعد وفاة والديه حين اقترب اخيه منه و ضمه الى صدره و اخبره بكل قوة انه بجانبه و انه اصبح له والده و اخيه رغم ان الفرق بينهم سبع سنوات فقط الا انه طوال حياته رجل يعتمد عليه من صغره يعمل مع والده و كل التجار يعرفوا من هو و ذلك سهل عليه العمل بعد والده رحمه الله و من حب الجميع لوالده و له ساعده الجميع حتى اصبحت ورشته من اهم ورش النجارة التى تتعامل معها اكبر شركات الاثاث
و قد كان منذ ذلك اليوم لم يشعر راجح يوما باليتم او الاحتياج لاى شىء دائما اخيه فى ظهره و لذلك اشتد ظهره
•••••••••••••••••••••••
كان يجلس معه داخل السيارة الذى ارسلها سفيان معهم لتوصلهم الى بيوتهم يخيم الصمت عليهم لكنه يشعر بتلك النار المشتعله داخل صدر الصغير اخذ نفس عميق و قال بابتسامة
- غيران
نظر اليه جواد بخجل و هز راسه بنعم ليربت الحج راضى على ساق الصبى و قال بحنان
- خايف عليها و مش مطمن انها تكون مع راجل غريب لوحدها مش كده
- ما هو مين اسر ده يعنى علشان يثقوا فيه كده و يسبوها معاه لوحدها
اجابه جواد بشىء من العصبية بسبب غيرته و خوفه لتتسع ابتسامة الحج راضى و هو يقول
- طيب و لو قولتلك انى هبقا معاها و مش هتكون لوحدها هتطمن وغيرتك هتقل
قطب جواد حاجبيه بعدم فهم و قال مستفهما
- ازاى شمس كده هتكشف الحكاية و كل اللى هنعمله هيروح على الارض
ليبتسم الحج راضى و هو يفكر ان هذا الشاب طيب القلب رغم خوفه الشديد على ليل و رفضه لتصرفات شمس الا انه خائف عليها ايضا و يريد شفائها فهو ايضا معدنه نظف و اصله طيب
فاعتدل الحج راضى و قال له بهدوء
- متقلقش اكيد يعنى مش خليها تشوفنى و اكيد هما ليهم خطتهم و كمان علشان انا اكون مطمن و انت كمان و لا ايه
هز جواد راسه بنعم مع ابتسامة واسعة سعيدة ليربت الحج راضى على قدمه من جديد ليأخذ جواد نفس عميق براحة و هو ينظر الى الطريق مع ابتسامة صغيرة و امل فى ان ينتهى ذلك الكابوس
••••••••••••••••••••••
كان يجلس على سريره يتحدث فى الهاتف اليها ككل يوم منذ عقد القران يتعرف اليها و يعرفها اليه فكم هى رقيقة ناعمة و هادئة تزن الامور بعقلها رغم رومانسيتها والتى تظهر قليلا بسب خجلها
- تعرفى ان اسمك لايج جوووى مع اسمى نسيم صافى
لتقول سريعا و بأندفاع
- كيف يعنى انت صفى يعنى المختار كيف بجا نسيم صافى دى
ليضحك بصوت عالى و هو يقول
- معنى اسمى مش المختار بس شوفى يا ستى معنى اسمى (( المخلص او الصديج المنتقى و الصافى الجلب )) شفتى بجا ان من ضمن معانى اسمى نسيم صافى
قالها بطريقة موحية جعلتها تشعر بالخجل و ظلت صامتة لم تجيب ليبتسم هو الاخر بسعادة و عقله يفكر فى كل شىء يود ان يتقرب منها اكثر ان يفهمها و يعرف عنها كل شىء و تعرف عنه كل شىء يريدها ان ترى صفى من الداخل حتى يستطيع الاحتماء بها من افكار فتون الشيطانية فقال بهدوء
- ايه السبب اللى خلاكى توافجى عليا و تجبلى تتچوزينى
ظلت صامته لبضع ثوانى ليقول هو من جديد
- ارچوكى يا نسيم چاوبينى
- لانى ساعة ما رفعت عينى لاول مرة علشان اشوفك وجت عيني فى عينك حسيت انك محتاچنى معرف ليه او محتاچنى فى ايه بس هو ده اللى انا حسيته و حسيت ان جلبى اتخلع من مكانه و مبجاش معايه
اجابته سريعا فهى لم تتحمل رجائه و توسله لها خاصة و هى كل يوم تتأكد من ذلك الاحساس التى لا تعلم اذا كان لفتون زوجه اخيه دخل فى كل ذلك او لا و لكنها من داخلها يتصاعد يقينها ان هناك سر كبير خلفها
عادت من افكارها على صوته و هو يقول
- فعلا انا محتاچج جوى يا نسيم محتاچ و چودك فى حياتى محتاچ حبك الكبير محتاچ جلبك يخبينى و يحمينى من غدر الزمن و الالم يحمينى من كل حاچة يا نسيم من كل حاچه
لم تستطع الرد على كلماته فهى لا تعلم ماذا تقول و بماذا تعده حتى يطمئن قلبه ويطمئن عقله و شعر هو بحيرتها و عدم استيعابها لكلماته فقال بهدوء
- وچودك چمبى كفاية يا نسيم .... يا نسيم صافى
•••••••••••••••••••
و بالجهة الاخرى من الغرفة كان اسر يقف امام النافذة يضع الهاتف فوق اذنه و يستمع بتركيز شديد لكلمات سفيان الذى اخبره فيها بكل شىء منذ البداية دون الدخول فى تفاصيل كثيرة تجرح الفتاتان او ايمن بأي شكل
كان اسر يشعر بالقلق الشديد على الجميع فما سمعه الان رغم معرفته ببعض تفاصيله الا ان السماع للتفاصيل بتلك الطريقة امر مختلف تمامًا و حين انتهى سفيان من سرد كل القصة قال بهدوء
- انا تحت امرك طبعا يا كبير همخمخ فى الحكايه اليومين دول من كل الابعاد وهتلاقينى عندك بعد الكلية على طول و الخطة كلها فى راسى
اغلق الهاتف مع سفيان و التفت الى صفى الذى كان ينظر اليه باندهاش ليبتسم اسر بمرح فما يدور بعقله الان لخطة جنونية و ستسهل الامر و تجعل شمس واثقة تماما من ما حدث لاختها اقترب خطوتان وى نظر فى عينيه صفى بتركيز و هو يقول
- عصافير الكناريا خلصوا كلام الحمد لله و الله عشت و شفتك صفى يا ابن الحجة صفية بتحب فى التليفونات
ليلوى صفى فمه بضيق مصطنع و قال باستخفاف
- وانت كنت بتتفج على سرجة بنك
ليقترب اسر منه و قال بشر مصتنع و بلهجه صفى
- لاع يا واد عمى هنخطف بنت صغيرة
ليرفع صفى حاجبيه باندهاش و صدمة كبيرة ليكمل اسر كلماته قائلا
- و هنخبيها عندينا لحد اهلها ما ياچوا ياخدوها
خيم الصمت على الاثنان و هم يتبادلان النظرات الحادة من اسر و المصدومة من صفى
ليبتسم اسر فى الاخير وهو يقول
- معايا و لا اشوف حد تانى يخطفها معايا و نجسموا الفلوسات
وقف صفى على قدميه و هو يقول بعصبية وغضب شديد
- انت بتجول ايه يا واد انت خطف ايه و بت صغيرة ايه انت اتچننت
ظل اسر صامت وهو يفكر حين اخبره سفيان بالامر ظل يفكر فى حل ان يكون معه شخص غريب عن ليل و شمس و هو من يتعامل مع شمس وقت المواجهة حتى تصدق كل شىء و لا يكون هناك احتمالية لفشل المخطط لذلك اخبر صفى بالامر و لكن عليه الان ان يوضح له الامر دون الدخول فى تفاصيل
- شوف يا صفى بنت عمى مريضة و الدكتور عايز يعملها زى صدمة كده و يشوف رد فعلها هيكون ايه فهنخطف اختها و علشان متكتشفش اللعبة انت اللى هتتعامل معاها على انك الخاطف فهمت
هز صفى راسه بنعم ثم قال بشك
- بنت عمك صوح
ليرفع اسر حاجبه الايسر باندهاش و بعض الغضب و قال
- هو انا هكدب عليك على العموم قبل ما نعمل اي حاجه هتقعد مع بابها و عمها تصبح على خير يا...... صاحبى
و توجه الى سريره ليتمدد عليه وهو يشعر بالضيق من ظن صديقه السىء به
و ظل صفى واقف مكانه ينظر الى ظهر اسر بضيق هو لم يقصد ان يضايقه وايضا هو يثق فى اسر بشدة لكن الامر برمته غريب توجهه الى سريره و تمدد هو الاخر ولكنه لم يتحمل ان يترك صديقه يشعر بالسوء منه فنهض و توجه اليه و ربت على كتفه و قال
- انى اسف يا صاحبى مجصدش ازعلك بس مكنتش فاهم
نظر اليه آسر بطرف عينيه و قال بنصف ابتسامه
- عارف يا صفى و مش زعلان منك يا صاحبى
ليبتسم صفى و قال بمرح
- و الخطف ميتى
ليضحك اسر بصوت عالى ثم قال
- فى الاچازه الچايه يا واد عمى
ليربت صفى على كتف آسر و وقف و هو يقول
- نچهز السلاح ... و نجتله و نديهم رنه
ليضحك اسر بصوت عالى وهو يهز راسه بدون معنى
•••••••••••••••••••••••••••
مر يومان كانت شمس تخرج فيهم اللى حديقة القصر بعد ان سمح لها رحيم بذلك و ايضا سمح لها بهاتفها لمده ساعة واحدة فى اليوم و يال الغرابة حين اخذته كانت تفكر ماذا عليها ان تفعل به ...... ظلت ممسكه به و لم تفتحه حتى رغم رغبتها القوية فى معرفة مَن مِن اصدقائها اتصل بها و مَن مِنهم شعر بغيابها و افتقدها لكنها لم تفتحه حتى اعادته الى والدتها ..... و خلال اليومين لاحظت انها لم ترى ليل ولو لمرة واحدة لماذا تشعر بالشوق لرؤيتها الان الم تكن هى سبب ازعاجها و ضيقها الم تكن ليل هى كل هواجسها و اسباب خوفها لماذا الان تشعر بالشوق اليها
انها تشعر بالقلق ايضا عليها هل هى مريضة ام تتجنب الظهور طوال وقت تواجدها خارج غرفتها هل مازالت حزينة و تشعر بالضيق ابتسمت بسخرية على تفكيرها
و هل حدث شىء يجعلها تنسى ذلك الحزن و كل ما حدث عادت الى غرفتها من جديد و افكارها سارحه فى ليل لتجد جواد يقتحم الغرفة و هو يصرخ بها
- فين ليل يا شمس عملتى فيها ايه اذيتيها ازاى المرة دى ؟ ردى عليا فين ليل؟!
كانت تنظر اليه باندهاش لا تفهم منه شىء فقالت بصوت عالى نسبيا
- انا معرفش هى فين انا مشفتهاش من فترة طويلة
ليقترب منها و معالم الغضب ترتسم على ملامحه
- تانى هترسمى دور الملاك البرىء و انتِ بتبقى قاتلة القتيل و جاية تمشى فى جنازته ردى عليا فين ليل عملتى فيها ايه
و يال الدهشه كانت هناك دموع تسيل من عينيها فوق وجنتها بصمت رهيب و هى تنظر الى جواد بحزن شديد و بصوت مهزوز قالت
- انت بتتكلم جد انتو فعلا مش لاقين ليل
ليدخل ايمن فى تلك اللحظة و قال
- كلام جواد صح يا شمس طيب يا بنتى مين ده اللى خطف اختك ليه يابنتي تعملى فى اختك كده دى بتحبك
وقفت شمس مبهوته من كلمات و الدها و لكنه اكمل قائلا
- هو انتِ يا شمس فعلا مش بتحبى اختك انا مش مصدق و لا هصدق انك تعملى كده بس يا بنتى رجعيلى اختك انا مقدرش اخسر واحدة منكم انتوا عندى اغلى من حياتى ساعدينى يا بنتى الاقى نصك التانى
ظلت شمس صامته تشعر بالصدمة تنظر الى والدها من بين دموعها ليقف ايمن على قدميه و قال بألم
- لو تعرفى حاجة يا شمس قوليلى عليها حاولى تفكرى و تحسى بنصك الثانى يا حبيبتى و قوليلى نعمل ايه احنى بلغنا البوليس بس محدش و صل لحاجة و كمان محدش اتصل بينا
ربت على كتفها و غادر و هو مهموم منحنى الاكتاف تاركا خلفه هاتفه الذى يعلو رنينه الان برقم ليل
اجابت شمس سريعا و اقترب منها جواد و قال
- افتحى الاسبيكر
جائهم صوت خشن بلهجة صعيدية يقول
- بنتكم معانا ... لو عايزينها تنفذوا طلباتنا
ليقول جواد سريعا
- قبل اى حاجه عايزين نسمع صوتها و نطمن عليها
- حجكم
و بعد ثوانى قليلة وصلهم صوت ليل المرتعش و هى تقول
- الو
لتقول شمس بلهفة لاحظها جواد و صدم بها للحقيقة
- ليل حبيبتى انتِ كويسة حد عملك حاجة انتِ فين يا ليل انتِ عارفة المكان اللى انتِ فيه فى علامة مميزة
ليصلها صوت ليل المرتعش بخوف مرة اخرى
- شمس ساعدينى انا خايفة اوووى
لتقول شمس بصوت منخفض
- هما كام واحد يا ليل
وكان جواد فى ذلك الوقت يبحث عن موقع اشارة هاتف ليل عبر الانترنت
- اللى شفتهم اتنين معرفش فى تانى و لا لا ساعدونى انا خايفة
تم تحديد الجاهز لموقع اشارة الهاتف فى نفس اللحظه التى عاد فيها الصوت الخشن من جديد يقول
- چهزوا ١٠ مليون بنتكم ترچعلكم سليمة ... هبقا اتصل تانى
قال جواد سريعا
- حددنا الموقع .... هنعمل ايه ؟
لتقول سريعا
- هنطلع نبلغهم فورا طبعا لازم يلحقوها
و ركضت الى الخارج و بالفعل اخبروا الجميع بكل ما حدث ليقف سفيان سريعا و اتصل بالشركة و طلب كل رجاله و تحرك ليغادر هو وايمن و ادم لتركض شمس خلفهم ليوقفها سفيان وهو يقول
- رايحة فين يا شمس
- رايحة معاكم رايحة لاختى
قالتها سريعا و بلهفه و خوف و قلق صادق ليقول سفيان بهدوء قدر استطاعته
- مينفعش يا شمس احنى هنروح نجيبها و الشرطة معانا خطر اخدك معانا
- ما اختى فى الخطر ده
قالتها برعب ليصدم الجميع من كلماتها و احساسها الحقيقى بالخوف على توأمتها و ايضا سعادة كبيرة لذلك التغير الكبير و الحب الواضح
لينحنى سفيان قليلا و هو يقول بابتسامة صغيرة
- و احنى هننقذها من الخطر ده و نرجعها سليمة اوعدك
لتهز راسها بنعم و عيونها تنظر اليه برجاء و توسل لمس قلبه ليبتسم ابتسامة صغيرة و تحرك خطوتان لتقول له شمس برجاء و بصوت باكى
- رجعلى اختى يا عمو ..... ارجوك
لينظر اليها من جديد و قال بثقة
- اوعدك يا شمس اوعدك
و غادر سريعا لتظل عينيها ثابتة على السيارات حتى اختفت لتنظر الى والدتها لتجدها تفتح ذراعيها اليها لتركض الصغيرة و تلقى بنفسها بين ذراعى والدتها تبكى بخوف و تبحث عن الامان بين احضان والدتها ذلك الصدر الرحب الواسع الذى مهما ضاقت الدنيا يظل هو وسع السماء و الارض
•••••••••••••••••••••
كان الجميع سعيد جدا بردة فعل شمس و خوفها و قلقها على تؤمها و عدم قدرتها على الجلوس من كثره الخوف و وقوفها امام النافذة الكبيرة تنظر الى بوابة القصر بلهفه و رجاء و كأنه هو من سيعيد لها اختها
و كانت ملك و مهيره و جواد و فجر و الجميع يتابع حركاتها دموعها التى تسيل بصمت و بداخلهم يقين يتأكد ان الاصل الطيب و المال الحلال و التربية الصحيحة على الحب و الاحترام و ثقة ايضا تزداد فى الدكتور رحيم
••••••••••••••••••••••
وخارج ابواب القصر كان الرجال يقفون حول بعضهم يستمعون لتحليل رحيم لما حدث و تأثير الخطوة الاخيرة على الفتاتان
و كانت ليل تستمع لكلماتهم بسعادة كبيرة و هى تبتسم لتذكرها مناوشات اسر و صديقه مع الجد راضى الذى رفض ان يتركها بمفردها انها لم تكن مختطفه انها كانت فى رحلة مع مجموعة اصدقاء سعداء
فى تلك اللحظة علا صوت هاتف سفيان ليصله صوت مهيره و هى تقول بخوف
- اتأخرتوا ليه يا سفيان شمس منهارة على الاخر انا خايفة عليها جدا
- حاضر يا حبيبتى بس متنسيش ان المفروض انها مخطوفة و فى بوليس و لازم كل حاجة تاخد. وقتها علشان بس تبقا الحكاية صح و هى تصدقها
اغلق الهاتف مع مهيرة و نظر الى ليل و قال بابتسامة
- وقت اصعب و ارخم جزء
لتقطب الفتاة وجهها باستفهام و قالت
- ازاى يعنى ؟!
ليخرج من جيب بنطاله علبة صغيرة و طلب منها تلطيخ وجهها بما بداخلها و يديها و قدميها ثم حضر ايمن لينسحب سفيان ليبتسم الى ابنته بمحبة و امسك يديها و قال بحب ابوى
- انا مش عارف يا بنتى اشكرك و لا اعتذرلك
صمت لثوانى و اكمل بعد ان اخذ نفس عميق
- الحقيقة المفروض اعمل الاتنين انا ظلمتك و صدقت عليكى كلام مش فيكى و اختك ظلمتك و جرحتك و مع ذلك عملتى كل اللى تقدرى عليه علشان تساعديها تخف ربنا يباركلى فيكى يا بنتى و يحميكى
كانت تستمع الى كلماته و كأنها دواء لكل جروحها و حزنها و آلامها و خوفها و سالت دموعها فوق وجنتيها و القت بنفسها بين ذراعى ابيها تبكى بصوت عالى تخرج كل ما بداخلها من الم كان يخنق روحها و قلبها طوال تلك الفترة
ظل يربت على ظهرها بحنان حتى هدأت تماما ثم ابعدها عن حضنه قليلا و قال
- انا هقطع البلوزة بتاعتك من كذا مكان و تحطى على وشك و ايدك و رجلك من العلبه دى و تلبسى الچاكيت بتاعى ماشى علشان يبان عليكى انك كنتى مخطوفة
قال اخر كلماته بغمزة شقاوة لتهز راسها بنعم و بدأت فى تنفيذ كلمات والدها حتى انتهت ليخلع الجاكيت الخاص به و البسها اياه و قبل اعلى راسها و غادر السيارة
فى نفس الوقت بالخارج كان سفيان يضحك بصوت عالى
على مزاح آسر و صفى الذى كان يشعر بالصدمة حين اخبره آسر بالامر و لكنه ادرك مقصده بعد شرح الامر له و بعد ان رأى تأثير كل ذلك على شمس حين خرج ايمن قال
- احنى جاهزين

للعشق أسياد (( جاريتى ٣ )) بقلمى ساره مجدى حيث تعيش القصص. اكتشف الآن