الجزء الثانى من الفصل ٤٢

6.5K 323 46
                                    

‎الجزء الثاني من الفصل الثاني و الاربعون   

‎بعد مرور ثلاثة ايام .... كان صفى يقف امام النافذة فى غرفته بالكلية عقله سارح فى كل ما يحدث يحاول تحليل الموقف و ربط الاحداث حتى يستطيع الوصول الى ما تفكر به فتون حتى يستطيع ايقافها عند حدها فى الوقت المناسب
‎فهى منذ ما حدث اخر زياره له لم يحدث منها شيء جديد فنسيم لم تخبره انها قابلتها او ضايقتها بأي شكل و ايضا والدته لم تخبره بأي شيء غريب قد قامت به بل هي هادئة تماما و مسالمه تماما .... ترى ما هي خطتها الجديد ؟
‎و ايضا هو قلق على اخيه فأمه قد اخبرته انه ليس بصحه جيده و لا احد يعلم السبب
‎نفخ بضيق فهو لن يستطيع الذهاب اليهم هذا الاسبوع ايضا و لكنه يريد ان يطمئن على اخيه بنفسه ان يراه بعينه ان يذهب معه الى الطبيب يعلم ما بأخيه من عله
‎كان اسر يجلس على سريره يتحدث  الى خديجه عبر احدى تطبيقات الرسائل و ابتسامته لا تفارق و جهه حتى انتبه لوقوف صديقه الذى طال أمام النافذة فأقترب منه و وضع يديه فوق كتفه لينظر صفى له سريعا ليقطب اسر حاجبيه باندهاش قائلا
- ايه يا ابنى فى ايه ؟ مضايق اووى كده ليه ؟ مش خطيبتك و الحجه بخير ؟
‎هز صفى راسه بنعم و قال
- عتمان هو اللى تعبان شويه
‎- خير ماله ؟
‎قالها اسر بأستفهام ليأخذ صفى نفس عميق ثم قال
- معرفش يا اسر بيجولوا انه صحته مش تمام و ضعيف كده و رچله مش شيلاه انى خايف عليه جوى جوى
‎ليربت اسر على كتف صديقه بمواساة  فلقد شعر هو الاخر بالقلق و لا يعلم سبب ذلك الشعور
‎فهو قد قابل عتمان مره واحده فقط لكنه يعرفه جيدا من كلمات صفى عنه فهو الاخ الذى اصبح فى مكانه الوالد و اصبح السند و الحماية هو الكبير الذى يضم الجميع تحت جناحه و هو من يدعم صفى بقوه  و مؤكد صفى يشعر بالخوف عليه و خاصه وهو لا يستطيع الذهاب و الاطمئنان عليه
‎- طيب ما تقول للقائد يمكن يسمحلك بأجازه
‎قال اسر تلك الكلمات كمحاوله منه بأن يهدىء من قلق صفى و ضيقه و ايضا ان يجعله يشعر ببعض الامل و الذى نظر اليه بشك وهو يقول
- تفتكر ممكن يوافج
‎هز اسر راسه بنعم ليقول صفى بهدوء
- هسأله بكره ان شاء الله
‎ليربت اسر على كتفه من جديد فهو ليس بيده شىء ... لا يستطيع انتزاع الخوف من قلب صديقه و لا يستطيع منعه من الشعور بالضيق و ايضا لا يستطيع مساعدته فى الذهاب الى اخيه للاطمئنان عليه
‎ولكنه سيظل بجانبه دائما 
•••••••••••••••••••••••••
‎كانت تدور فى غرفتها تشعر بالم قوى فى قلبها وتشعر ان شيء سيء سيحدث خوف كبير يسكن قلبها وروحها تشتاق لسماع لو خبر عنه فأخر مره اتصل بها صباحا قبل نزوله الى عمله  حين اخبرها انه كلف بتأمين احدى اماكن دور العبادة ومن وقتها وهى تشعر بالخوف
•••••••••••••••••••••••••••
‎استيقظ ادم على صوت هاتفه فأجاب سريعا حتى لا تستيقظ جورى فلقد غفوا متأخرين ليله امس بعد سفرهم الى احدى الشواطئ المميزة و بعد سهره لطيفه كان قد اعدها لها كمفاجئة
‎انتبه بكامل تركيزه حين وصله صوت راجح و هو يقول بمرح و بصوته المائع الان كما يفعل دائما حين يمازح ادم
- كده يا سى ادم تسيبني و تروح تتجوز هو انا يا اخويا قصرت معاك فى ايه ؟ ده انا ديما تحت رجلك يا سى السيد
‎ليضحك ادم بصوت عالى بعد ان دلف الى الشرفة و اغلق الباب خلفه ثم قال
- يا بت ده انتِ اللى فى القلب هو حد بيريحني غيرك  يا حته من قلب سى ادم
‎ليصله صوت راجح من جديد و هو يقول بدلال يثير الغثيان
- بجد يا سيدى يعنى انا هفضل حبيبتك الاولى و الأخيرة
‎ليعود ادم يضحك من جديد حين قال راجح بمرح
- ايوه يا عم ناس عايشه و بتتمتع بشهر العسل و ناس مهروسه فى الشغل و  مطحونه تأمين
- معلش يا بطل بقا يوم ليك و يوم عليك و ان شاء الله نجاملك كده يوم فرحك و نشيل عنك الشغل
‎اخذ راجح نفس طويل وهو يقول
- عايز اتجوز بقا يا ادم ... لقد هرمنا من اجل تلك اللحظة و البت هرمت معايا و الله يعنى كده كتير الصراحة
‎ليضحك ادم على كلمات صديقه المرحة فراجح هو الشخص الوحيد القادر على اخراج الجانب المرح من ادم بشكل كبير فهو لديه القدره على انتزاع الضحكة من قلبه من كثره حديثه المرح
- بس قولي يا ادم و اصدقنى القول الجواز حلو فعلا و لا مقلب بشربه بس بمزاج
‎ليضحك ادم من جديد و هو يقول
- المهم انه بمزاج يا راجح بس اللى اقدر اقوله و انا بأصدقك القول الجواز حلوووو اووووى يا صاحبى
‎ليزوم راجح كأسد خبيث ثم قال
- جوزونى بقا بدل ما افضحكوا
‎ليعود ادم ليضحك بصوت عالي ليكمل راجح بدرامه
- روح يا صاحبي روح سيبك من صاحبك البائس و روح انت من الاحرار يا على
‎لم يستطع ادم ان لا يضحك من جديد ليقول راجح مره اخرى
- ربنا يفرح قلبك يا صاحبي ... هقفل انا بقا علشان هنتحرك للتأمين دعواتك يا ادوم
- ربنا معاك يا صاحبى قدها وقدود سايب رجاله ورايا
‎قالها ادم سريعا و بصدق ليقول راجح قبل ان يغلق الهاتف
- لا اله الا الله يا صاحبى هتوحشنى
‎و اغلق الهاتف ليظل ادم واقف فى مكانه ينظر الى ذلك المشهد البديع البحر  الواسع و السماء الصافيه مع اول ضوء للنهار فكم كان المشهد يستحق التأمل و ايضا جعله يهدء ذلك القلق الذى اقتحم قلبه فجأة و دون سبب
••••••••••••••••••••••
‎كان يجلس داخل ورشته يتابع العمال بعقل شارد فى كل ما هو حبيس قلبه ... الذى لم و لن يغادر قلبه ابدا ... فهو لن يكون سببا فى حزن اخيه يوما و لو مات هو بسبب ذلك الحزن و الالم .... فراجح ليس اخيه فقط هو و لده الذى لم ينجبه ولن ينجبه يوما
‎اغمض عينيه قليلا يحاول ان يتجاهل ذلك الالم القوى بقلبه و الذى اصبح ملازم له خلال تلك الفترة
‎انتبه من افكاره على صوت هاتفه
‎ابتسم ابتسامه واسعه حين شاهد اسمه ينير الشاشة فأجاب سريعا
- راجح طمني عليك ؟
‎اجابه راجح سريعا
- ازيك يا بلال انا كويس يا حبيبى بس حبيت اكلمك علشان انا هقفل تليفوني علشان خارج فى مهمه تأمين و مش عايزك تقلق عليا
‎ظل بلال صامت ليكمل راجح كلماته
- خلى بالك من نفسك يا اخويا و ابويا يا صاحب الفضل ... مش هوصيك على موده يا بلال و انا غايب
- متقلقش يا ابنى فى ايه ؟ خلى بالك من نفسك و ارجع بالسلامه و متقلقش الناس شغاله فى الشقه
‎قالها بلال مقاطعا سيل كلماته التى تؤلم قلبه رغم انها اصبحت عاده راجح مع كل مره يخرج من البيت
- ربنا يباركلى فى عمرك انا هقفل بقا .... سلام يا بلال لا اله الا الله يا اخويا هتوحشنى
‎قالها راجح واغلق الهاتف سريعا ... ظل بلال على وقفته و الهاتف فوق اذنه يشعر بألم حاد و قوى داخل قلبه و خوف لا تفسير له لكنه ذكر الله فى قلبه حتى يهدء و ظل طوال الوقت يدعوا الله ان يعيد له اخيه سالماً
‎و لأول مره منذ سنوات طويله يحول محطه التلفاز عن قناه القرآن و احضر احدى قنوات الاخبار و ظلت عينيه متعلقة بها بلا سبب
•••••••••••••••••••••
‎ يقف مع زملائه امام احدى دور العبادة الموجودة فى احدى الاماكن الهامه و الذى سيقوم ضيف البلد بزيارتها يراقبون كل شىء يقومون بتفتيش كل من اراد الدخول الى ذلك المكان و كان الجميع على اهبه الاستعداد و كان راجح يمرح مع الجميع و يرسم الابتسامة على وجوه الجميع فتلك هى عادته و تلك هى طبيعة شخصيته
‎كان يقف بجانب الباب الإلكتروني الذى يمر منه الراغبين فى دخول الى دار العبادة حين اقترب شخص و اراد المرور و لكن ليس من ذلك الباب فأوقفه راجح قائلا
- من هنا يا استاذ
‎نظر له ذلك الشاب نظره قويه و هو يقول
- مش لازم يعنى
‎ليعتدل راجح فى مواجهته و قال
- هو ايه اللى مش لازم ... مفيش دخول الا لما تتفتش و تمر من الباب ده
‎ظل ذلك الشاب ينظر الى راجح بشر مستتر و تحرك خطوه ليقف امام الباب الإلكتروني و قال
- شكلك مسلم
‎لينظر اليه راجح بأندهاش ساخر و هو يقول
- وهو المسلم له شكل و المسيحي له شكل كلنا واحد يا استاذ
‎قطب الشاب جبينه بشر و قال من بين اسنانه
- مسلم و واقف تحمى شويه كفره
‎انتبه راجح لكلمات ذلك الشاب و شعر انه غير سوى .... به شىء مريب ملابسه و هيئته و كلماته التى تدل على تفكير خاطئ و افكار مغلوطه فقال و هو يشير الى زملائه دون ان يلاحظ ذلك الواقف امامه
- محدش هنا كافر كل الناس هنا موحده بالله و مش انت و لا انا و لا اى حد له الحق يكفر حد دى دار عباده  واللى فيها بيعبدوا ربنا
‎اقترب اثنان من العساكر و ايضا قائد مجموعه راجح جميعهم من خلف ذلك الشاب حتى يستطيعوا السيطرة عليه دون خسائر لكنه كان قد وصل غضبه من كلمات راجح لاشده و فى لحظه خاطفه و دون ان يترك فرصه للتفكير ضغط ذلك الذر فكان صوت الانفجار يدوى فى كل مكان اسوار تتحطم و نوافذ تتهشم و سيارت كثيره يعلو صوت انذارها و النار تشتعل فيها من كل مكان و دماء منتشرة على الطريق و فوق الجدران و اشلاء كثيره مبعثره لرجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه و لم يسمحوا لذلك الشاب ان يقتل الابرياء العذل داخل ذلك المكان فكانت النتيجة موت اثنان من العساكر و ملازم و رائد و ايضا خسائر ماديه كبيره و بعض المارة بالشارع فقط القدر و عمرهم الذى كان موعد انتهائه جعلهم متواجدين فى ذلك المكان الان .... مشهد يدمى القلب و يبكى العين فكم يتكرر ذلك المشهد كثيرا بسبب عقول ضاله و نفوس مريضه يقومون بأشياء ما انزل الله بها من سلطان يقتلون باسم الدين و الدين برىء منهم  يحاربون تحت رايه الاسلام و الاسلام فى حل منهم ... دم المؤمن على المؤمن حرام .... قتل النفس بغير حق حرام
‎و رسولنا الكريم قال ((  من آذى ذميا فأنا خصمه و من كنت خصمه خصمته يوم القيامه )) (( من آذى ذميا فقد آذانى و من آذانى فقد أذى الله )) فاين انتم من اخلاق حبيبنا و اين اسلامكم من اسلام محمد ابن عبد الله (( صل الله عليه و سلم ))
•••••••••••••••••••••
‎انقلبت الاحوال و تحولت كل الاخبار تتحدث عن ذلك الانفجار الذى حدث و عدد الضحايا و تصوير المشهد لكل المتابعين
‎حين استمع الى ذلك الخبر شعر ان قلبه يتمزق و روحه تغادر صدره فهناك الم حد بين ضلوعه و كأنه خروج الروح من الجسد ظل ينظر الى الشاشة الكبيرة و يستمع الى الاخبار التى تصف المشهد و ذلك التسجيل الصوتي الاخير للرائد هاشم العسوى الذى كان يبلغ عن وجود مشتبه به و انه جارى التعامل معه ولكنهم بحاجه الى الدعم لشكهم فى وجود متفجرات و لم يمر ثوان على ذلك التسجيل و دوى صوت الانفجارات فى كل مكان و كل الاخبار تؤكد ان جميع من كان فى محيط ذلك المكان قد تحولوا الى مجرد اشلاء منثورة فى كل مكان
‎تهالك على الكرسي قلبه يخبره ان اخيه قد نال الشهادة و عقله يحاول الرفض و عدم التصديق الم قلبه و روحه يخبره انه قد فقد ابنه الذى انشئه على يديه و انه سوف يزفه الى الجنة و حور العين قبل ان يتزوج من ملكت قلبه و روحه اخرج هاتفه يتصل به فى محاوله بأسه ان يصل اليه ان تحدث المعجزة و يستمع الى صوته لكن لا رد فالهاتف مغلق ... و مأن ابواب الرحمة جميعا اغلقت فى وجهه فجلس ارضا بتهالك يبكى خبر اكيد يشعر به بكامل كيانه فأحبه اصبح عريس فى الجنه
‎التف حوله جميع من يعمل فى الورشة يحاولون مواساته يحاول بث الامل فيه ان يكون بخير  و لكنه يعلم بقلب اب انه قد فقد ولده الى الابد
•••••••••••••••••••••
‎كان يجلس فى مطعم الفندق يتناول الطعام مع جوري حين لفت نظره ذلك الخبر الذى يراه على التلفاز اقترب من الشاشة ينظر اليها بعيون حمراء و قلق يتصاعد داخله حد الخوف بل الرعب اخرج هاتفه يتصل به لكن الهاتف مغلق فتصل سريعا بأحد زملائهم يسأله عنه فكانت الإجابة التي جعلت ذلك العنيد القوى يبكى و تهتز يديه ليسقط الهاتف من يديه ارضا متهشما كقلبه الذى ينزف دما على صديقه الوحيد اخيه التى لم تنجبه امه يبكى ابتسامه قد اختفت عن وجه الارض الى الابد
‎عن رجل ندر وجوده تلك الايام الصديق و السند .... لتقترب منه جورى سريعا تجثوا بجانبه ارضا و هى تقول بخوف
- فى ايه يا ادم ؟
‎نظر اليها من بين دموعه و عينه شديده الحمرة و قال بصوت متألم كطائر مذبوح
- راجح استشهد
‎لتشهق بصوت عالي و هى تضع يديها فوق فمها تبكى رجل قابلته مره واحده لكنه جعلها تفتح عيونها على حقيقه زوجها و حقيقه تفكيرها على شخص كان السبب الرئيسي فى ابتسامه زوجها الدائمة رجل حقيقى قوى  رحل بسبب الخسة و الدناءة و افكار خاطئة و شعارات كاذبه
‎وقف ادم سريعا و هو يقول
- احنى لازم نمشى
‎هزت راسها بنعم و توجه هو مباشره الى احد مسؤلى الفندق و طلب منه حجز تذاكر الطائره سريعا
•••••••••••••••••••
‎وصل ادم امام ورشه بلال بعد ان طلب من جورى الذهاب الى القصر ..... ينظر الى التجمع الذى امامها بصدمه و كأنه كان يتمنى ان يجد عكس ما يراه الان كان يود لو يجد احد يكذب له ما عرفه
‎ان يجد بلال يقف امامه يبتسم و يخبره انها احدى مزحات راجح لكن للاسف  ان الامر حقيقي واقع لا يستطيع تصديقه و لا يريد
‎كاد ان يدلف الى الورشة حين وضعت يد على كتفه التفت سريعا بأمل كاذب ليجده والده يقف امامه و يبدوا على ملامحه الحزن الشديد
‎فتح ذراعيه لولده ليرتمي بين احضانه يبكى بقهر و الم صوت بكائه العالى الذى لم يستمع اليه سفيان من قبل جعل الدموع تتجمع فى عينيه فما سمعه و علمه عما حدث لراجح ليس بهين و لا يتحمله اى انسان بداخل جسده قلبه ينبض
‎ظل ادم داخل احضان والده لعده ثوان اخرى ثم ابتعد عنه يحاول اخذ بعض الانفاس المتسارعة حتى يهدء ثم سار بخطوات غير ثابته يخترق الجموع الواقفه امام الورشة و خلفه سفيان  حتى وصل الى بلال الذى يجلس ارضا ينظر الى شاشه التلفاز بصدمه و عدم تصديق اقترب ادم منه و جثى على ركبتيه امامه و قال و الدموع تسيل فوق وجنتيه
‎- البقاء لله يا بلال
‎نظر بلال له بصمت تام و هو يهز راسه بلا دون اى تعابير ليشعر ادم ان بلال غارق فى الصدمة و لا يريد تصديق ما حدث ليقترب منه اكثر و قال  ما يصعب على نفسه
- وحد الله يا بلال راجح شهيد يعنى حى عند ربنا و فى مكان احسن كتير 
- انت عايز تقولى ان ابن عمرى راح ... الزهرة اللى سقيتها بعمرى و بشبابى و بقلبى راح طيب ليه ليه
‎قالها بلال بألم اب فقد كل ما له فى الحياه فراجح كان كل شىء فى حياه بلال لقد ضحى من اجله بكل شىء 
- وحد الله يا بلال حرام كده
‎اغمض بلال عينيه و اهو يأخذ نفس طويل و مؤلم و قال بصوت عالى
- انا لله و انا اليه راجعون ..... انا لله و انا اليه راجعون الصبر من عندك يارب .... يااااااارب ....  اللهم مالا اعتراض .... اللهم مالا اعتراض الصبر يارب اللهم اجرنى فى مصيبتى اللهم اجرنى فى مصيبتى
‎كان الجميع يبكى على ذلك الشاب الذى مات بسبب الغدر و الخيانة و الشعارات الكاذبة و الدين الجديد الدين الذى يدعوا له تلك الجماعات التى لا تعلم الله و لا تفهم الدين خسر اخيه و كل ما تبقى له فى هذه الحياه
‎يبكون انهيار شخص كبلال على اخيه الوحيد و كل ما له من بعد موت والديه و كان سفيان يشعر به بقوه ان مجرد التخيل فقط ان يصيب ابنه شىء لهو مؤلم للقلب و يشعره انه سيموت من التخيل فقط فكيف شعور بلال الان و خاصه مع تلك الموتة الغير ادميه
••••••••••••••••••••••••
‎كانت تجلس بجانب والدها تشاهد الاخبار حين ظهر خبر عاجل بتفجير احدى دور العباده  لتشعر ان قلبها سقط ارضا مع صرخة بأسمة
- راااااااااااااجح
‎و كما هى بملابس البيت و دون حجابها و الدموع تغرق وجهها ركضت خارج البيت متوجهه الى ورشه بلال وخلفها والدها  لتجد الناس جميعا متجمعة هناك حين شاهدها الناس على تلك الحالة ابتعد الجميع لها حتى تدخل الى الورشة بشعور كبير بالشفقة على حالها
‎اول من رأها كان ادم الذى اخفض راسه ارضا و هو يشعر بالألم يتصاعد داخل قلبه فصديقه ترك حبيبته و رحل لم يحقق حلمه فى الزواج منها و العيش بنعيم بجانبها و تركها تتألم بسب غيابه
‎جلست امام بلال و قالت
- راجح فين ؟
‎لم ينظر اليها و لم يجيبها لتمسكه من مقدمه ملابسه و هى تقول  بصوت عالي
- راجح فين بقولك ؟ رد عليا جوزي فين ؟
- انا لله و انا اليه راجعون
‎هذا ما قاله لتضرب صدره بقوه و هى تقول
- رد عليا راجح فين راجح مش ممكن يسيبنى و يمشى راجح بيحبنى لا يمكن يسيبنى و يمشى لايمكن قولى يا بلال قولي انه هو كويس قولى انه فى الطريق راجع على هنا قولى يا بلال قولى بالله عليك انه عايش
‎ليرفع عينيه ينظر اليها بدموع حبيسه تأبى النزول و قال
- راجح شهيد .... راجح بقا عريس فى الجنة
‎ثم خلع الجاكت الخاص به و وضعه فوق راسها يدارى به خصلات شعرها المنساب  على وجهها فى نفس اللحظة التى حضر فيها بعض العساكر و الضباط ليزداد الم الجميع و بدأ صوت الشهقات من السيدات تعلو و التوحيد بالله ايضا من الرجال
‎و فى صباح اليوم التالي كانت الجنازة التي حضرها كل اهل الحى و اصدقاء راجح الكثر من الذين عملوا معه و من اهل الحى و اى شخص تعامل معه من قريب او من بعيد كان ادم يسير بجانب بلال الذى يسير على قدميه و لكن روحه معلقه بذلك النعش الذى لا يحمل سوا قطع صغيره فقط من جسد راجح كل ما تبقى منه بعد الانفجار و ليس بالكثير
‎كانت العساكر تحمل نعش راجح ويسير خلفه الجميع يوحد بالله بصوت عالي و منهم سفيان و كأنها مظاهره فى حب راجح رحمه الله و كانت مودة تسير بجانب والدتها التي تسندها مع احدى سيدات الحى كانت تبكى بلا صوت فصوتها قد ذهب من كثره البكاء و الحديث عن راجح حين انتهى الامر و اقترب الجميع من بلال و ادم لتقديم واجب العزاء لم يعد ادم فى حالته و بدء يشعر ان قدماه لم تعد تحملانه فسنده والده و رحلا بعد ان وقف امام مودة لدقيقه كامله لا يعلم ماذا يقول لكنه بالأخير جثى امامها فهي كانت تجلس ارضا امام شاهد قبر راجح و قال
- اوعدك اجيب حقه .... حقه هو و كل شهيد راح معاه حقهم دين فى رقبتي
‎رفعت راسها تنظر اليه بوجهها المتورم من كثره البكاء و ظلت صامته ليظن انها لن ترد عليه ابدا و كاد ان يتحرك حين قالت بصوت ضعيف
- كان بيحبك اوووى كان ديما بيقول ادم راجل وصاحب صاحبه و ديما فى ظهري وراجح راح .... راح يا ادم
‎ظل يستمع الى كلماتها و بداخله شيء يتغير  شيء يتحول الى شيء لا يفهمه و لكن هو يعلم الان ما عليه فعلا و كان سفيان يضمه بقوه و قلبه يتلوى الما على تلك الفتاه الصغيرة التى تتعذب لفراق حبيبها 
•••••••••••••••••••••
‎كان بلال ينظر الى مودة الصامتة رغم انهيارها عيونها الزائغة  فى كل مكان و كأنها تبحث عن احد تضحك احيانا و تبكى احيانا تصرخ بأسم راجح تناديه و تنظر اجابته و رغم الم قلبه عليها الا انه لم يستطع الاقتراب منها  فقلبه لا يحتمل كلماتها التي تمزقه حين بدأت تقول
- هو المفروض اسيبك هنا و امشى هو المفروض اسيب كل حاجه بينا هنا وامشى هو المفروض انى انساك ... طيب ازاى ازاى يا راجح ازاى انسى عمرى كله ازاى دقه قلبي ليك أزاي انسى الامان و الراحة و السعادة
‎كان بلال يستمع لكلماتها وقلبه الذى يشعر انه توقف عن ضخ الدم يؤلمه بشده لكنه غير قادر على مواساتها فكيف يواسيها و هو يحتاج من يواسيه كيف يطلب منها الصمت و هى تقول كل ما يريد قوله كيف يطلب منها صبر و هو يشعر برغبه قويه بالحاق بأخيه
‎الان يشعر برغبه قويه  فى الرجوع  الى البيت ان يدخل غرفه راجح عله يجده هناك ... يجده فى رائحته المميزة التي تملئ الغرفة و ايضا بين ملابسه و كتبه بين اوراقه و صوره بين كل ما يتعلق به
‎تركها هناك هى و والديها هو لم يعد يحتمل البقاء اكثر فغادر  و هو يجرجر اقدامه بتثاقل و كأنه يحمل جبل فوق راسه 
‎حين وصل الى البيت وقف امام البيت لا يجروء على الدخول ... لتنحدر تلك الدمعة من عينيه بألم وهو يدعوا لأخيه بالرحمة و المغفرة و الثبات عند السؤال و يدعوا الله له ان يدخله فسيح جناته و يحتسبه من الشهداء
‎دلف من الباب و مباشره لغرفه اخيه يأخذ كل ما يخصه بين ذراعيه يزرعهم داخل قلبه حتى يظل بداخله لا يغيب احتضن كل ملابسه و اغراضه و تمدد على سرير اخيه يحاول ان يجده و ظل يبكى بصمت حتى غفى  بقلمى ساره مجدى
•••••••••••••••••••••
‎ظلت جالسه امام شاهد قبره تحدثه بكل ما يجول بخاطرها و اوقات كثيره تبكى و تتحدث حتى سقطت مغشى عليها و ها هو يمر يومان وهى هاربه من واقعها
‎وحين فاقت وجدت امها جالسه بجانبها ترتدى الاسود وتبكى اعتدلت و هى لا تتذكر شيء و كأن شيء لم يحدث  و مأنها فقدت ذاكرتها وقالت بصوت ضعيف
- ايه الى حصل انتِ لابسه كده ليه يا ماما
‎لتضع والدتها يدها على فمها بصدمه من حال ابنتها و خاصه بعد كل ما حدث وهى تقول
- وحدى الله يا بنتى  ومتعمليش فى نفسك كده ... كلنا رايحين
‎لتنظر اليها مودة باستفهام وهى تقول
- كلنا رايحين فين ... ايه الى حصل لابسه اسود ليه مين الى مات
‎لتبكى والدتها من جديد فى نفس اللحظة الذى دلف فيها والدها وهو يقول
- قومي يا موده بلال اخو راجح بره وعايزك
‎لتقطب جبينها وهى تغادر السرير وتخرج سريعا و هى تقول
- و بلال عايز منى ايه ؟
‎ليقول لها والدها سريعا فى محاوله لإيقافها
- استنى غيرى هدومك الاول والبسى اسود ماينفعش  تطلعي كده
‎نظرت اليه باندهاش وقالت
- مش لمًا اعرف الاول مين الى مات ابقا البس اسود
‎ليشعر بالحيرة من حديثها و لكنه قال بألم 
- راجح
‎ظلت واقفه مكانها تنظر اليه بعدم تصديق ثم ضحكت باستخفاف و تحركت لتقف امام بلال وهى تقول
- راجح فين ؟
‎اخفض راسه وهو يقول باندهاش
- البقاء لله يا موده
‎لتبتعد خطوتان للخلف وهى تهز راسها بلا وقالت بصوت ضعيف مكتوم
- انت بتقول ايه ...  البقاء لله فى مين ... راجح    
ظلت راسه منخفضه  بحزن هو يتفهم صدمتها و رغبتها فى انكار كل ما حدث و رغم تأكده من وجودها وقت الجنازة و ما قامت به و رؤيته بعينيه لألمها و نحيبها لظن انها لم تعرف بعد بالأمر  وظلت هي تنظر الى راسه المنحنى لعده ثواني ثم قالت
- انت عايز تقول ان راجح سابنى ومات فعلا يعنى ده مكنش كابوس يعنى حقيقه .... يعنى انا مش هلاقيه داخل عليا دلوقتى و هو بيقول انا جيت يا مودتى ... يعنى بعد خلاص ما بقيت مراته سابنى دى كلها ايام و نكون فى بيت واحد ... انت بتقول اااايه
‎وقالت الأخيرة بصوت عالى ليرفع راسه ينظر اليها بحزن كبير وقال بأيمان اقوى رغم الم قلبه الذى يتمزق حزنا
- راجح مات شهيد يا موده .... بلاش تعذبيه بالصويت ادعيله ان ربنا يرحمه ويصبرنا
‎تهاوى جسدها ارضا وهى تبكى بقهر وحزن تتذكر يوم عقد قرانهم يوم ضمها لاول مره الى صدره وبكى يوم قال لها 
- انتِ بقيتى كل ما املك يا موده ... كل ما   املك
‎حب السنوات حربهم مع والدها خطبتهم وعقد قرانهم ضحكهم سويا ... احلامهم الكبيرة اغمضت عينيها وهى تبكى جثى بلال امامها ومد يده لها بظرف كبير و جده بين اغراضه و حين فتحه وجد بداخله مظروفان كتب على احدهم اسمه و الاخر كتب عليه اسم موده و حين فتح الظرف الخاص به كانت صدمته قويه لكنه لن يتحدث عنها الان اخذ نفس عميق ثم قال
‎- دى وصيه راجح  لقيتها فى حاجته .... اقرى الى فيها وانا هجيلك بكره علشان نتكلم لانه سايب ليا انا كمان وصيه ولازم انتِ كمان تعرفى ايه اللى فيها
‎غادر سريعا وظلت هى على جلستها ارضا تبكى بصمت تبكى رحيله التى لم تتوقعه يوما تبكى جنه كانت تحلم ان تعيش فيها معه و بجواره .... تبكى حياه ظلت طوال عمرها تحلم بأن تعيشها .... تبكى الم قلبها على رحيله بتلك الطريقة راجح تلك الابتسامة الكبيرة التى تسير على قدمين ... الذى لم يأذى احد فى حياته الذى عانا كثيرا حتى يجتمعا انتهى بهم الامر الان اصبح شهيد و هى اصبحت وحيده من جديد علا صوت بكائها من جديد و احساس الفقد و الخسارة يجعل المرارة تزداد بحلقها مراره اخر ذكرى له معها قبل يومان
‎كان يجلس معها فى بيت والدها ينظر اليها بابتسامة كبيره و مشاغبة قائلا
- خلاص يا مودتي اسبوعين ثلاثة و احدد مع ابوكى الفرح
‎ابتسمت بخجل و لكن السعادة كانت تملئ و جهها و قلبها و هي تقول بعدم تصديق
- بجد يا راجح خلاص هيجمعنا بيت هتكون ليا و هكون ليك اخيرا
‎ليقترب منها اكثر بعد ان نظر الى باب الغرفة و حاوط كتفيها بحنان
- خلاص يا قلب و روح راجح ... تعرفي يا مودتى انا بحس انك شبه الجنة لازم اعمل حاجات كتير كويسة علشان اوصل ليكى زى ما لازم اعمل حاجات كتير صح علشان ادخل الجنة
‎اتسعت ابتسامتها بسعادة لتشبيهه لها بالجنة فكم هو حساس و كلماته رقيقه و مميزه
‎عادت من افكارها تنتحب بصوت عالى و هى تتذكر انها لم تعرف حتى الان كيف استشهد رفعت عيونها الى والدتها التى تقف جوار والدها تبكى بقهر على شاب من خير الشباب ... شاب لن يعوض باهتمامه بكل من حوله ... و ايضا ضحكته التى تزين و جهه طوال الوقت
- انا عايزه اعرف ايه اللى حصل ؟ هو ... هو مات ازاى قوليلى تانى يا امى يمكن اصدق انه مات يمكن اقدر اصدق
‎قالتها بمرار و صوت متقطع .... لتقص عليها والدتها كل ما حدث لتعود للبكاء بصوت عالى و هى تنادى عليه قائله
- سبتنى  ليه يا راجح ليه ده انا مودتك حبيبتك سيبتنى علشان تروح لحور العين دخلت جنه ربنا قبل ما تدخل جنتك اللى على الارض خلاص يا راجح عملت كل حاجه صح علشان تدخل الجنة طيب ليه مخدتنيش معاك ليه سيبتنى لوحدي ليه يا راجح ليه ... ليييييييه حسبى الله و نعم الوكيل فى اللي كان السبب حسبى الله و نعم الوكيل الصبر يارب الصبر الصبر
‎رغم جحود قلبه و بروده الا انه لم يتمالك نفسه و لم يتوقف عن البكاء من وقت معرفته بالخبر و كلما تذكر  مواقف راجح  يبكى و ايضا يبكى حال ابنته التى تقف على حافه الانهيار مره اخرى  تتشبث بملابس والدتها تبكى بقهر

للعشق أسياد (( جاريتى ٣ )) بقلمى ساره مجدى حيث تعيش القصص. اكتشف الآن