الجدّات لا يواجهن الحزن بالبكاء، بل بالعجين.. يُشكِّلنه خُبزًا، ويقدحن الأفران ليُذيقنّه حرارة قلوبهن؛ تسأل أمّي: ما هي رائحة البيت؟
تجيب جدّتي: رائحة "خُبزَة".الجدّات لا يواجهن الحزن بالبكاء، بل بالخيوط.. يغزِلنهُ كنزة حمراء بأكمام طويلة تكفي لإخفاء آثار اشتياقهن، لإخفاء الجروح علىٰ معاصمهن، والكدمات في صدورهن، يترك الخيط علىٰ أصابع أختي خطوطًا زرقاء، تخبرها أمّي إنّها دلائل الإتقان، فتقول جدّتي: إنّها دلائل العِفّة.
الجدّات لا يواجهن الحزن بالبكاء، بل باللّآلئ.. تنظِمنهُ في عُقَدٍ شفّافة، إنّها اللّؤلؤة السابعة في عقدي، لؤلؤة لكلّ خذلان، تسأل أمّي: هل تَقِي هذه التمائم من الأرواح الشرّيرة؟
تخبرها جدّتي: الأرواح الشرّيرة لا تفزع من التمائم، بل من الإيمان.الجدّات لا يواجهن الحزن، بل يصاحبنه.. يجعلن منه رائحة البيت، ولون الخيط، ونظم اللّآلىء، يتآلفن معه، يعطينه أرواحهن فيخجل، ومع الوقت.. يعطيهن بدوره الرضا والسعادة. ✨