إياك أن تتزوج من أجل الزواج

50 14 4
                                    

إيَّاكَ أن تتزوّجَ من أجل الزواج؛ فإنّهُ لا يتزوّجُ من أجل الزواج إلّا البهائم وبعض مَعَاتيه بني آدم، ولا لأنّكَ تكبرُ والعمرُ يَمضي، فإنَّ العمرَ يَمضي سواء عليك أتزوّجت أم بقيت بلحاف عُزوبيّتك مُتدثّرًا، ولا لأنَّ كلام الناس عليك قد كَثر، فإنّهم لا يَصمتونَ عنكَ حتّىٰ وإن نبتت لكَ أجنحة، ولا لأنَّ أهلك يُلحّونَ عليك أن تفعل، فأنت من ستتزوّج لا أهلك، فلماذا تخضع لإلحاحهم والشأنُ شأنكَ وحدك ولا غيركَ؟!

تزوّج فقط حينَ تجدُ الشخص الذي يُكملك، الذي تستشعرُ أن ثمّة صداقة قديمة قد انعقدتْ بين روحَيْكما في عالم الذرِّ مُنذ الأزل، الذي تجدُ فيه نفسك أو بعض نفسك، الذي تستطيعُ أن تخلع أمامَهُ عباءة مزاياكَ لتتجلّىٰ أمامه كلّ عيوبك عَارية لا يحجبها عن عَينيه شيء من دون أن تشعر بمثقال ذرّةٍ من خزيٍ أو خجل، الذي يُهدِّئُ ثوران نفسك الجامحة، ويُلَمْلِمُ خُيوط فِكرك المُبعثر، ويعيد إلىٰ نفسك توازنها المفقود، وطمأنينتها التي فقدتها في مَعمعمة الحياة.. لا يُشترط أن يكونَ بينكما تطابق، يكفي أن يكون ثمّة تشابهٍ، إنّه الشخص الذي يُكملك لا الذي يكون انعكاسًا لك وكأنّك تقفُ أمام مِرآة، لا يُشترط أن يكونَ له نفس اهتماماتك، يَكفي أن تكون ثمّة نافذة للحوار بينكما، لا يهمّ أن يكونَ وسيمًا أو جميلًا أو خفيف الظلّ، المهمّ هو أن تراهُ أنت كذلك.

هذا هو توأمك الروحيّ فابحث عنه، فإن ظفرتَ به فالزواج الزواج، وإلّا فالعُزوبية لكَ شِعَارٌ لحين إشْعَارٍ آخر.

"مَا نَلمسهُ شُعورًا بأَرواحِنَا؛ لَا يُنسَىٰ" ..

تـوعـيـةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن