"شكرًا للأمّهات اللّواتي لم تؤثّر حالتهنّ الماديّة الصعبة علىٰ نظافة أطفالهنّ، يُرسلنَهم للمدارس تفوح منهم رائحة النظافة، للّواتي يُعامِلنَ الأكواخ مُعاملة القصور، الأمّهات اللّواتي يعتريهنّ الخوف كلّما بدأ عام دراسيّ جديد؛ لأنّ شراء الملابس المدرسيّة والقرطاسيّة يُعدّ أمرًا جللًا علىٰ دَخل أزواجهنّ المتواضع، للّواتي كانت أيديهنّ مرّة في قِدر الطعام ومرّة في كُتُبِ أبنائهنّ ومرّة في مِجلاة الصحون ومرّات كثيرة في أيدي أزواجهنّ، اللّواتي ساعدنَ في شراء الطابوق وإنشائيّة المنزل بأقراط وأساور عُرسهنّ فأصبحن أعمدة المنزل بالروح والقول والفعل، للأمّهات اللّواتي يتوخّين الحذر من إضافة الملح الزائد كي لا يفسد الطَبَق، لمن قاومن النعاس من أجل إتمام أبنائهنّ واجِباتهم المدرسيّة ثمّ ترتيب قمصانهم البيضاء تحت الوسادات حيث يتعذّر وجود المِكواة، لمن خيّطنَ البساط مرّات كثيرة حتّىٰ أصبحت أجزاؤه كخارطة العالم، للأمّهات المُغيّبات عن العالم الافتراضيّ وزيف التكنولوجيا، المُنهمِكات بتربية أبنائهنّ أفضل تربية: أنتُنّ الخارطة، والعالم، وملح هذا الكون الباهت".