صوت الرنات الهادئ يتسلل لأذني، برتمٍ بطيءٍ كان مزعجاً بالنسبة لي، كنتُ أنتظر إجابته، وعرفتُ أنه قد يكون مشغولاً، ولكني أردتُه أن يجيب حتى لو قطع عمله لأجلي.
لم يرد فاتصلتُ ثلاث مرات مجدداً لأسمع صوته أخيراً على الجانب الآخر من الهاتف.
"بحق الجحيم مارتن.. هل مت؟"
"لا لويس.. للأسف مازلتُ على قيد الحياة."
"إذا لا يوجد شيء مهم، لم تتصل بكل هذا الإلحاح؟ لقد قطعتُ محاضرةً لطلاب السنة الخامسة بسببك."
"أحتاج أن أتحدث معك، أعتقد أنها آخر محاضرة لكَ اليوم."
سمعتُه يتنهد بسخط ثم أجاب "مازال لدي بعض العمل ولكن بما أنني صرفتُ طلاب السنة الخامسة فأنا متفرغ، أخبرني ماذا تريد؟"
"لويس.. أنتَ تصدقني صحيح؟ كل الهراء الذي أقوله والأشياء التي تسمونها أنتم بالخوارق.. أنتَ تصدقني صحيح؟"
"أنا أمشي على قدميَّ بسبب ذلك مارتينوس."
أجابني بصوتٍ هادئ، أنفاسه باهتة، لا أدري كيف ذلك ولكن لويس لم يكن يتحدث حول هذا مطلقاً.
"لويس.. أنا متعبٌ حقاً."
قلتُها بتشتت، غير مدركٍ لما أتكلم به، لماذا اتصلت به كل هذه المرات، لماذا أنا هنا لنتحدث وحدنا، لماذا قاطعتُه عن محاضراته ليسمعني.
في أعماقي كنتُ أعرف السبب، لأني أُنهكتُ تماماً من كل هذا الضغط النفسي والجسدي عليَّ، لأنني متعبٌ بسبب ما يحصل ولأني كدتُ أخسر أجنحتي ولأن قوة ذئبي كُبتت مرتين في هذه الفترة ثم مكثتُ في المستشفى ثلاثة أيام بسبب ارتجاج في الدماغ، لأن آفيلين أصيب في وجهها، ولأني كدتُ أخسرها اليوم، ولأن روسلين كادت تموت بين ذراعي، ولأن أبنائي يتعرضون للتنمر بسبب اختلافهم واختلافي، ولأني أشعر أن هيلر شخصٌ جيد ولكني أراه غارقاً في الظلام عميقاً، كل ذلك يصنع ضغطاً علي، وهذا الضغط يرهقني.
"ما الأمر؟ أخبرني ما بك؟" سمعتُه يغلق باب مكتبه، يسأل باهتمام وكأن الأمر متعلق به.
لويس هو هذا النوع من الأصدقاء، لسنا نتواصل كثيراً حقيقةً، ليس من الضروري أن نتحدث كل يوم، ليس من الضروري أن أخبره كل شيء، لقد تجاهلتُ الكثير من رسائله منذ أتيتُ إلى هنا، ولكنه النوع من الأصدقاء الذي لن يردَّني مطلقاً وأنا أخبره بمقدار تعبي، وبكم الضغوط على عاتقي، هو مستعدٌ ليشاركني ذلك الحمل.
لقد كان معي منذ البداية، قابلتُه منذ أول يومٍ في كندا، ووقف بجانبي في الصحة والمرض، وآنس وحدتي الكبيرة في تلك الأيام، حفظ سري وأقحم نفسه في عالمي.. ربما فعل ذلك بدافع الفضول ولكن بسببه لم أعد وحيداً تماماً، وقف بجانبي يوم قدمتُ رسالة الماستر والدكتوراه ويوم زواجي ويوم ولادة زوجتي، أليس هذا الصديق الذي أستطيع إخباره كل شيء؟!
أنت تقرأ
Hybrid 2 | هجين 2
Người sóiلسنا مختلفين عن بعضنا البعض، نحن مجموعةٌ من الكائنات التائهة، تُسيِّرنا رغباتنا الدفينة، والوحوش القابعة في أعماقنا، تدفعنا نحو الشر أو الهلاك، ولكني لم أدرك يوماً أن الوحش في رأس أحدهم قد يتحول لشيطان! هجين2.. "مارتينوس إيثوس" R.M مرتبطة بشكلٍ كا...