الفصل الثامن
تحلق هاشم وعرفه حول فاروق طريح الفراش.. وجاورتهما زوجته الباكية مع ابنتيها الصغيرتين..
"إنها عين وأصابتك يا فاروق..يا ويلي! ماذا سنصنع وقد أقعد المرض رجل البيت؟"
تأثر الشقيقان بحال وفاء وخاصة عرفه الذي رأى أنها محقة.. فقد حسد ابن عمه على عيشته البسيطة الهانئة حتى أضحى عاجزًا عن العمل لفترة قد تجاوز الشهر..
وبادر شقيقه يطمئن الزوجة المفجوعة :"لا تهتمي يا أم روان ..أنا سأزرع الأرض وسيُحصد المحصول في وقته بمشيئة الله وكأن فاروق لم يفارق أرضه قط.. فقط اعتني بصحة زوجك ودراسة هاتين الشقيتين ولا تبتأسي"
ابتسمت روان لعمها كأنها تخبره بشجاعتها رغم عينيها التي حجزت دموعها.. بينما لم تتوقف رنا عن ذرف الدموع بشهقات مكتومة..
"ماذا قصدت بزراعة الأرض؟...والمصنع؟..أجبني ماذا تعني فعلتك بالداخل.. هل تبيع الآمال الزائفة للجميع؟"
تصدى هاشم لشقيقه الأصغر في بادرة نادرة وزجره قائلًا:"كنت أحسب أن ما أظهرته من تأثر على وجهك سيدفعك لفعل المثل.. على كل حال أنا سأهتم بالأرض كما أخبرت وفاء وأنت افعل ما تريد"
وأضاف محذرًا:"هذه المرة الأخيرة التي ترفع فيها صوتك علي ..هل فهمت؟...هيا اذهب لعملك الذي فضلته على ابن عمك"
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
لم تفهم الشقيقتان سبب الإحباط البادي على وجه نعمة ومهما حاولتا تكتمت الأم على ما قاله المحامي..
وحين علمت عن عمل هالة ابتهجت بشدة ودعت لها بالتوفيق خاصة أنها ستعمل بذات الشركة مع والدها الذي تلقى مشغله طلبية ضخمة ..فانشغل بالتحضير والإشراف على إعدادها كأفضل ما يكون متناسيًا مخاوفه..
وفي الصباح غادرت الفتاتان مع والدهما كل لعمله حيث استغلت نوران عدم تكليفها بدروس باكرة لهذا اليوم في المدرسة وقادت سيارتها للسوق وقد رفعت الهاتف على أذنها بصمت بينما تهذر هالة في أذنها كم هي متحمسة لجلسة التصوير الأولى في عملها الجديد:
"تصوري لم أستطع حتى التقاط أنفاسي منذ دخلت...إنها حياة العمل !.. لكن للأسف تم توقيع العقد معي كمشرفة في قسم التصميم مع السيد خالد...وهناك أخرى من ستعرض الأزياء مبدئيًا"
وتنهدت قائلة:"ورغم ذلك..ها أنت ترين لا يأتي فارسي إلا بالخير"
"هالة! أذكرك في حال نسيتي..أفنان هي من اقترحت تلك الفكرة وعرضت حسابك على والدها ولا علاقة لزيد حتى أنه رحب بنا يومها بفتور .. أرجوك تخلي عن تلك الفكرة الحالمة...إنه مجرد رجل من آلاف ستتعاملين معهم فيما بعد "
لم تقبل هالة بمحاولة نوران لإثنائها عن عزمها ودافعت بجدية عن موقف زيد:
" لم يكن فاترًا بل منشغلًا .. كان واضحًا من مراقبته لشقيقته طوال الأمسية كأنه يفكر في أمر يخصها... الرجال يا عزيزتي لا يشاركون مشكلاتهم ويكتمونها داخلهم بحثًا عن حل ..كم هو أمر رائع!! أن يراعي الرجل من حوله ولا يشغلهم بهمومه "
هذه المرة لم تنهرها نوران بل تابعت النقاش توضح رأيها :"أختلف معك تمامًا ..لو أن الشخص يدرك قيمة من حوله وكم هو بحاجة لوجودهم في أوقات ضعفه لما كتم مشكلاته كما تقولين"
أجابتها هالة بما لم يصل مسامعها لأنها انشغلت بما تراه أمامها حين لمحت سيارة مازن وقررت أن تلحق بها في لحظة تهور..فأنهت المكالمة مع شقيقتها بحجة زائفة وهي تلتف بسيارتها :
"لحديثنا بقية لاشك.. أتمنى لك التوفيق في عملك..سأنهي المكالمة حتى لا أتأخر في عودتي للمدرسة"
وسرعان ما ابتسمت وهي تنتبه للسيارة أمامها وتهمس يمكر:"الآن نرى يا سيد مازن كم ستحب فكرة إزالة الحدود !!"
التفتت هالة لتباشر عملها فتفاجئت بوجود زيد الذي يحدق بها على نحو غريب.. فرمشت بارتباك خشية أن يكون قد سمع فحوى مكالمتها مع شقيقتها لكنه بادرها قائلا:"مرحبًا يا آنستي..مبارك لك عملك الجديد..هل تعرفين أين أجد أبي؟"
عبست هالة حين وصل لسؤاله الأساسي إذا لا يهمه معرفة أحوالها في عملها الجديد بل أتى للبحث عن والده.. ربما نوران محقة هل فارس أحلامها شحيح المشاعر؟
"حسنًا هاهو ذا أبي.. أراك فيما بعد.. حظًا موفقًا"
مطت هالة شفتيها بتفكير ثم أقنعت نفسها أن الوالد يتقدم على الحبيبة بالطبع.. فارس أحلامها بار بوالديه.. فعادت إليها ابتسامتها وتابعت العمل بهمة..
بينما اتجه زيد لوالده الذي طلبه على وجه السرعة كما قال ولم يستطع منع نفسه من التفكير بهالة.. هل تجد صعوبة في فهم من يحادثها أم أنها ترتبك من التعامل مع الغرباء؟! رغم أنها لم تبدو له من هذا النوع في المطعم.. ولم يكن يعلم أن هالة تجري حوارات مع نفسها قبل أن تلتفت لمحدثها !!
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
كانت تلك هي المرة الأولى التي تقود بها نوران داخل هذه الشوارع المثيرة للقلق وعرفت أنه الحي القديم الذي لطالما سمعت عنه وعن غوغائية من يسكنونه.. لكنها لم تتراجع عن عزمها ولحقته حتى وصل لمنزل متهالك وراح يطرق بابه دون مجيب كما يبدو حيث بدأ يتلفت حوله بيأس بحثًا عمن يسأله..
أسندت نوران ذقنها إلى يديها الممسكتين بالمقود وتابعت ما يفعل كأنها تشاهد أحد الأفلام...واكتمل الفيلم حين ضرب أحدهم على زجاج نافذتها بغضب حتى اضطرت أن تُنزله لتعلم ما يريد وقد تمكن منها شئ من الخوف ..
لم يكن الرجل طبيعيًا فقد صرخ بها فورًا:"ماذا تفعل آنسة تملك سيارة مثلك في هذا الحي ؟.. اخرجي فورًا وسلمي السيارة ومن الأفضل أن تخبرينا من أرسلك ولأي غرض؟"
حاولت نوران الدفاع عن نفسها وإقناعه بالهدوء لكن دون جدوى حتى بدأ يستخدم القوة ويمد يده من نافذتها يحاول جذبها للخارج...وما لبث أن عثر على قضيب حديدي كاد يكسر به زجاج نافذتها حين أمسك مازن يده يمنعه الاستمرار..
ترجلت نوران فور رؤيتها مازن يحدث الرجل الغاضب ..ووقفت تحتمي خلفه وقد لاحظت تجمع الناس حولهم ..
قال مازن:"هذه شقيقتي..جئنا للبحث عن العم سعيد كان يسكن هذا البيت"
"من تظنني لتحاول خداعي بهذه الحجة التافهة؟ وإن كانت شقيقتك فلم تلحقك وتراقبك كجاسوسة ؟"
فجذبها مازن لتجاوره وضغط على ذراعها بغضب مصطنع ثم قال:"هذه الحمقاء خالفت أمري ولحقت بي...تظن أننا في أحد أفلام المغامرات التي تروق لها.. لو سمحت أرشدني لمكان العم سعيد وأعدك ألا نزعجكم من جديد"
نظر الرجل لآخرين خلفه كأنه يطلب رأيهما ..فقال أحدهما:"حسنًا ستذهبان لكن ليس قبل دفع رسوم إدخال هذه السيارات إلى الحارة وإقلاق راحة ساكنيها ..وهذا فقط لخاطر الحاج سعيد الذي لم نر منه شرًا طوال فترة إقامته هنا"
دفع مازن ما أراده الرجل الذي أرشده لعنوان سعيد مع تعليق سمج عن إمكانية تزويجه بشقيقته..
خالت نوران أنها نجت حين قادت سيارتها وقررت أن تسبق مازن وألا تبرر له موقفها لكن هيهات فقد لحق بها واعترض بسيارته طريقها يوقفها..
فتنفست بعمق واستعدت لاختلاق حجة مناسبة..ماذا ستقول؟...
(مازن الحق بشقيقتك ..أفنان تطلبك بشكل عاجل..) أي حماقة تلك ؟!!وكيف علمت أنه يقود في هذا الطريق ؟ ولماذا وقفت تراقبه دون أن تخبره ما تريد؟
استبدت الأفكار الحمقاء برأسها حتى وجدت نفسها وجهًا لوجه مع مازن المنتظر..إنها حتى لا تدرك ما يدفعها لتصرفات كهذه !! فعلى عكس تحفظها مع الجميع تجد نفسها تندمج معه في الحديث وهاهي لحقته لتثبت له صحة وجهة نظرها!
فقالت ببراءة:"هل يسكن قريبك في هذا المكان؟ ماذا كنت تفعل هنا؟"
أمال مازن رأسه وضيق عينيه كأنه سيخترق رأسها ويعرف فيما كانت تفكر حين لحقت به.. فنظرت نوران في ساعة يدها وقالت بهلع مصطنع:"يا إلهي! تأخرت .. علي العودة للمدرسة فورًا "
واستدارت مغادرة حين قبض مازن على ذراعها وأعادها حيث كانت تقف وقال آمرًا :"كنت أول من كسر الحدود لذا لابد أن تكملي ما بدأته .."
ثم ألان نبرة صوته وقال مستثيرًا حبها لتقديم العون:"اعتبري أنني من يطلب مساعدتك هذه المرة ..ما رأيك هل نلتقي اليوم مساء؟"
شعرت نوران كمن وقع في مصيدة جاهد للفرار منها.. ولم تسعفها بديهتها برد مناسب بل وجدت نفسها مجبرة على مجاراته حين قال:"في السابعة سأنتظرك في الحديقة العامة...دعينا لا نلتقي في مطعم شقيقي فلا أريده أن يعرف عن هذا الأمر"
وكأنه يخبرها بإمكانية أن تحذو حذوه وتخفي أمر لقائهما عن شقيقتها ومن شاءت.. فاكتفت بأن ودعته بصمت حتى لا تتأخر..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
لم يعر فادي أي من زملائه اهتمامًا وقد رأى أنهم لا يستحقون أن يهبهم صداقته ووقته..ولكن رغمًا عنه كانت عيناه تراقب منة التي تقضي أغلب وقتها وحيدة مثله..أو مستسلمة لتنمر ذات الفتاتين..
وهاهي تجلس بهدوء على مقعد منزو في فناء المدرسة وتناظر الأرض..لقد بدأ يشك أنها تشكو من علة ما تجعلها لا تستطيع رفع بصرها عن الأرض..
تنهد بغضب لا يدري سببه وجاورها مجفلًا إياها بقوله المفاجئ:"اسمعي أنا لا أحب ساندوتشيات الجبن لذا عليك أن تساعديني لأتخلص منها"
رمشت منة وتحركت بخفة لتصنع مسافة بينهما على المقعد قائلة:"لا أفهم!.."
ففتح الكيس متوسط الحجم الذي مهما رفضه يجد والدته قد استغفلته ووضعته في حقيبته دون علمه..وأردف:"هاك..شاركيني وجبتي .."
وتطلع لحقيبتها التي وضعتها بينهما متابعًا:"إنني موقن أن حقيبتك تفتقد واحدة كهذه..ألا ينتابك الجوع أبدًا طوال هذا اليوم الممل؟"
قبضت أصابع منة على حقيبتها وقد أصابت جملته حزنها الدفين الذي تشك أن ينجلي يومًا..والتوى فمها في ابتسامة حزينة قبل أن تجيبه:"ليس لدي الشهية لمشاركتك وجبتك"
قطب فادي بين حاجبيه ثم أظهر لطفًا غريبًا عن طبعه المستجد الذي يميل لنبذ العواطف وسألها مغيرًا الموضوع :"لا بأس.. أخبريني هل يكون امتحان التقييم الشهري هذا صعبًا؟..أو بالأحرى كيف تجدين في نفسك القدرة على دراسة كل هذه المواد التي لا تجدي نفعًا؟..شقيقي افتتح مشروعًا خاصًا به بعيدًا تمامًا عن مجال دراسته وأظنني سـأفعل المثل حين أكبر..ما الداعي إذا لإجهاد نفسي الآن؟"
"أبي دائمًا يخبرني أن قيمة الرجل بعلمه وعمله.. وأنا واثقة أنك لن تتمكن من تحقيق مشروعك دون إتمام تعليمك..ومن سيمول مشروعًا لشخص تافه دون شهادة جماعية أو خبرة كافية؟!"
قالتها بتلقائية دون أن تتقصد إهانته لكنه شعر بها وكأنها صفعت كبريائه العقيم ..فنهض غاضبًا وناظرها باحتقار:"ومن أنت لتصدري حكمًا كهذا على أفكاري ومستقبلي؟!..أؤكد لك أن الكثيرين سيتمنون العمل تحت إمرتي حين يظهر مشروعي للعلن ولا أحتاج ممولًا مستبدًا يثقل ظهري لأن عائلتي تملك المال الكافي لدعمي"
وأمعن في إهانتها فتابع:"أنصحك أن تنظري لوجهك في المرآة قبل إسداء النصيحة إلي..تبدين كهيكل عظمي ينفر من حوله من بشاعته"
شهقت منة وبدأت دموعها تهطل دون قدرة على إيقافها..حاولت الرد وإلزامه حدوده لكن دون جدوى فهذا يفوق قدرتها!..
أخفت وجهها بين كفيها وأجهشت بالبكاء حتى وإن جلست وحيدة فلا مناص من تنمر الآخرين!
أما فادي فقد ارتاع من تأثير كلماته القاسية عليها وكم ود لو يعتذر منها! لكن أمنيته ظلت طي الكتمان حين تراجع بظهره ثم التفت مبتعدًا عنها ..مما جعله يفقد حذره واتجه لباب المدرسة يبتغي الخروج عله يجد منفذًا لشعور الذنب الذي يكتنفه في هذه اللحظة..
وأثناء ذلك اصطدم بنوران التي لا تزال تفكر كيف ستتحمل مسئولية تصرف أرعن كالذي قامت به منذ لحظات..
وكأن الاثنين عادا للواقع على حين غرة فراحا يناظران بعضهما بصمت قبل أن يبادر فادي بقوله الساخر:"إلى اللقاء يا أستاذتي!!"
تابعت نوران طريقها وأعرضت عنه فمزاجها في هذه اللحظة لن يتحمل المزيد من أفراد عائلة السفيري ..
حتى وصلت للطابق الذي يضم غرف المعلمين فاستعادت صفاء ذهنها لتدخل غرفتها بسرعة وتطل من نافذتها حيث الشارع الذي بدأ يزدحم في هذه الساعة وميزت فادي من بين الجميع يمشي مختالًا كالطاووس ..
فتنفست بهدوء وأخذت تعد العدة لوضع خطة مناسبة للتعامل مع هذا الفتى .. إن لم يكن قد تلقى التوجيه اللازم في المنزل فهي ودون شك كفيلة بهذا..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
"هاشم..هل أشاركك العمل بالأرض؟"
طلب عرفه وقد طأطأ رأسه كطفل مشاغب يأبى الاعتذار صراحة.. فوجهه هاشم بخشونة وهو يعطيه الفأس:"هيا ليس لدينا وقت"
ومضى الوقت وهما على صمتهما حتى غربت الشمس وغادر العمال لبيوتهم ..
فصارح عرفه شقيقه بكل ما حدث:
"وجدت المصنع مغلقًا بالشمع الأحمر.. وقد مُنع العمل فيه.. قال عماد أن المصنع مديون لشركة السيد خليفة ولا أفهم متى حدث هذا؟"
ورغم سخط هاشم على شقيقه لم يملك إلا أن يعود لطبعه الرقيق ويجيبه بهدوء:"حسنًا لا بأس نعمل بالأرض ريثما يعود صاحب المصنع من إجازته المرضية ويجد حلًا لهذه الأزمة.. لعل ما حدث لفاروق كي لا نبقى عاطلين حتى عودة السيد عبد الرحيم... مع أنني لم أتمنى أن أرى فاروق طريح الفراش .."
نظر عرفه لوجه شقيقه وقد ألقى الشفق بوهجه عليه وتوصل لموطن الاختلاف بينهما .. شقيقه يرى الخير خلف كل مأساة ..أما هو فقد جمد حياته عند مشهد طرد عمه فلا خير ولا هناء بعد هذا اليوم!!
"هاشم أنا أهدد مازن.. طالبته بهدم المدرسة وإعطائي الأرض .. أنا.."
صدم هاشم من اعتراف شقيقه وهزه بقسوة ينهره على سوء فعله:" ماذا فعلت؟ ماذا تعني بهدم المدرسة؟.. هيا اشرح لي فورًا كل شئ"
وشرح عرفه لشقيقه كل شئ لكنه أغفل ذكر وفاة سعيد.. لن يذكرها الآن وإلا فإن شقيقه سيسقطه بنفسه من فوق الجرار ليصبح طريح الفراش كفاروق أو يلقى حتفه!
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
"كيف هي ردود الأفعال؟"
سأل خليفة.. فأجابه عماد:"لا شئ.. حياتهم بسيطة إلى تلك الدرجة يا سيدي!.. كما تعلم السيد عبد الرحيم لم يخبرنا عن طلبية شركتك ولم نعمل أبدًا على تنفيذها ولا أحد يعلم بهذا التعاقد الأخير غيركما.. حتى أنني حين أشعت بينهم سبب غلق المصنع وأخبرتهم عن الدين.. لم يهتم أحدهم وتفرقوا للبحث عن عمل آخر يعيلهم حتى عودة صاحب المصنع"
"اممم...هذا أغرب ما سمعت.. هل انعدمت حيلتهم لتلك الدرجة!! لقد تخيلت أن يزورني وفد منهم يستعلم عن سبب الدين ومتى أُدين به المصنع؟"
وصمت خليفة يفكر فيما خفي عن عماد الذي طلب مستعطفًا:"لما لا تلغي هذا الحجز يا سيدي حتى عودة السيد عبد الرحيم على الأقل؟ إنهم كما قلت بلا حيلة يعملون لإعالة أسرهم فقط.. حياتهم بهذه البساطة.. هدف وحيد دون اهتمام بتبادل الإشاعات التي أُطلقها أو يطلقها غيري .. "
ناظره خليفة لثوان بصمت ثم ابتسم قائلًا:" اذهب لاستلام عملك في الشركة غدًا يا عماد دون أداء دور المحاماة الذي لا يليق بك.. هيا !"
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
دارت هالة حول شقيقتها المتأنقة بسخط شغلها عن إدراك ارتباك شقيقتها.. وزمجرت باعتراض:
"هذا ليس عادلًا..كيف تحددين موعدًا للخروج مع صديقاتك دون أن تخبريني ؟.. لن أستطيع مرافقتك اليوم لما لا تؤجلين الموعد للغد؟"
"أعتذر لن أستطيع تأجيلها.. تعلمين كم يستغرق الإعداد لموعد كهذا!! أنت أعدي لنا الحلوى الجديدة التي تعلمتها من الإنترنت .. وتخيلي نفسك تعدينها لفارسك الهمام"
وكان ذكر الفارس كافيًا فابتهجت أسارير هالة وتركت شقيقتها لموعدها الغريب!
(كافتيريا الحديقة العامة)
اجتمعت الصديقات وتدرجت الأحاديث عن شتى الأمور فشاركتهم نوران وعيناها ترقب المحيط كل حين بتوجس!
"مساء الخير"
سعلت نوران واحمر وجهها وكادت تبصق العصير الذي شربته حين سمعت صوت مازن المباغت من خلفها وتقدم الوسيم من طاولتهن التي انبثقت منها النظرات الفضولية والمتسائلة..
فتنحنحت نوران ونهضت قائلة:"هذا مازن.."
واحتارت بأي صفة تعرفه فنطق لسانها لاإراديًا:"جاري"
ابتسم مازن بخفة وهمس بما لم يصل لمسامع صديقاتها:"اقتنعت بنظرية جيران المدينة أليس كذلك؟"
ثم وجه حديثه لجمع الفتيات:" هل تسمحن لي باختطاف نوران لبضع دقائق؟"
"طبعًا" ..."لكن لا تتأخرا"
تفاوتت ردود الفتيات فانصرف الشابان وكلاهما حانق من تصرف الآخر
فبادر مازن :"ألم يمكن من الأفضل أن نلتقي بمفردنا دون أن تحتمي بكل هؤلاء؟"
أجابته نوران بانفعال:"ومن أنت حتى ألتقي بك بمعزل عن الناس؟...كنا لنتجنب هذا الإحراج إن أشرت لي من بعيد دون أن تظهر نفسك لهن...ثم ماذا يعني اختطاف نوران ؟؟"
جذب مازن مقعد الطاولة الأبعد عن الفتيات فجلست نوران الساخطة ثم قال:
"أتساءل من التي لحقت بي اليوم وأرادت معرفة أين أذهب؟!"
"أوووف..حسنًا فهمت..أخبرني ما تريد وبسرعة"
أشار مازن للنادل وأردف بمشاكسة:"سأخبرك ما تريدين ولكن بعد أن أطلب العشاء"
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
قدم زيد البيتزا الساخنة لأفراد أسرته المجتمعين في صالة منزل سالم..
"وهاهي البيتزا خاصتك دون جبن كما طلبتي"
شكرته أفنان على اهتمامه .. ثم شرع الجميع بتناول طعامهم .. حين سأل خالد: "أين فادي؟ ألن يتناول عشاءه ؟"
فأجابته زوجته بتوعد خفي:"إنه معتكف بغرفته منذ عودته من الدرسة.. أرى أن ندع لمازن التصرف وإن ظل على هذا الحال ..."
ضحك خالد وتابع بدلًا عنها:"للأسف لن نستطيع إرهابه بإنشاءات علي.."
فعلق زيد وفمه ممتلئ بالطعام:"رجاء لا تذكراني بهذه الفترة.. الحمدلله أن خالي ترك هذه الأعمال "
بينما أردف هيثم بابتهاج :"الحمد لله لم أمر بتجربتك المريرة"
فأجابه زيد مغيظًا :"بلى لأنك كنت وحيد والدتك المدلل"
وعقب سالم:"بإمكاني أن أطلب من علي البحث عن عمل مشابه لك إن كنت مشتاقًا للتجربة كثيرًا"
فحرك زيد حاجبيه بسخرية مما جعل هيثم يدوس قدمه تحت المائدة يحذره من التمادي في وجود أفنان التي كانت تتناول طعامها بلامبالاة ظاهرة .. حتى سألت:"أين مازن؟"
فأمسكها زيد المجاور لها من مؤخرة عنقها ودفع برأسها يضغطه على المائدة قائلا:"ألم أخبرك أنك صرت تهتمين به أكثر مني؟"
فحاولت أفنان التملص من قبضته قائلة:"استغربت غيابه عن اجتماع العائلة فقط.. سأختنق !!"
واضطر زيد لرفع يده عنها بعدما لكزه والده موبخًا:"دع شقيقتك وشأنها يا ولد"
فسألها هيثم بقلق:"هل أنت بخير يا فراشة؟"
تنفست أفنان الصعداء وأجابته بوجه أحمر من أثر مزاح شقيقها:" أنا بخير "
وقالت نوال :"لا تقلقي يا حبيبتي مازن سيتناول العشاء في الخارج اليوم.. "
ووجهت حديثها لزيد عاتبة:"هل تنوي قتل شقيقتك ؟... ماذا تفعل ؟"
قرص زيد شقيقته بخفة قائلًا:"لقد اعتادت على هذا المزاح لا تقلقي يا عمتي... "
ثم سرحت أفكاره لمازن الذي ينشغل بأمر غامض هذه الأيام..وهو يرى كيف تربت والدته على كتف أفنان بحنان كأنها تطمئن أن مزاحه لم يؤذها فابتسم معترفًا أنه يغار من اهتمام أفنان بغيره ولا يعلم كيف سيتركها لهيثم إن قبلت الزواج به؟!
واسترجع قسمه قبل سنوات يوم وعى هذه الدنيا واقتحم معتركها ليثبت جدارته ألا يترك مكروهًا يصيب أشقائه ويحميهم بروحه إن اضطره الأمر..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
"عرضت عليك أن نلتقي هنا لأنني لم أخبر أحدًا قط .. ولم أرد أن يصل الأمر لمسامع زيد "
رأى نظرات نوران ترتفع إليه بصدمة ثم أخفضتها لتناظر طبقها بصمت فضحك بخفة وقال:
" أنت ظننت أنني لا أريد إخباره عن لقائي بك أليس كذلك؟... قطعًا لا .. هل تعلمين؟ أنا كنت أبحث عن طريقة أستدرجك بها لهذا اللقاء... شكرًا لأنك جعلت الأمر سهلًا"
ضغطت نوران شفتيها بنفاذ صبر قبل أن تنفجر به:
"تستدرجني لهذا اللقاء! صارت لديكم الجرأة الكافية هذه الأيام للكشف عن نواياكم الدنيئة"
ونهضت بغية المغادرة إلا أن مازن استوقفها قائلًا بجدية:"مصنع البلدة وشراكة الأصدقاء القدامى"
عادت نوران للجلوس وسألته:" ماذا تقصد؟هل...ما هو اسمك الثلاثي؟"
ابتسم مازن بخفة قبل أن يجيبها:"مازن خالد السفيري.. "
وأضاف:"خالد السفيري..طاهر المغاوري...عبد الرحيم القتيل..."
أي صدفة تلك! إنها تجلس مع ابن صديق والدها الذي وقع عليه الظلم مع والدها على يد صديقهما الثالث المتجبر الخائن ..هذه هي الفرصة التي أتيحت لها لاستعادة حق والدها المسلوب والذي توانى عن المطالبة به..
لذا قاطعته دون تفكير:"جيد..كنت أبحث عن طرف خيط لاستعادة حق والدي... أخبرني هل تمتلك وسيلة لهذا؟"
"دعيني أنقل إليك القصة الكاملة أولًا ..في فترة مراهقتنا مررت أنا وزيد باضطرابات كالتي يعاصرها فادي الآن..ضعيفا الثقة بالنفس..متوتران.. يثور غضبنا لأتفه الأسباب لذا أرسلنا والدي للعمل في الإنشاءات مع خالي.. هذب العمل البدني الكثير من طباعنا وكان المنفذ المناسب لطاقات العنف داخلنا .. بعدها تابعت العمل وحدي حين انشغل زيد بالشهادة الثانوية والجامعة ...حتى أنني كنت قد قررت أن يكون هذا مجال عملي وأخبرت والدي أنني لا اريد متابعة دراستي..."
وضعت نوران ملعقتها بذهول وأنصتت له حين أضاف:"لن تصدقي ما حدث.. فقد وافق والدي فورًا بشكل أدهشنى.. لكن حقيقة الأمر أنه كان واثقًا أنني يومًا ما سأجد هدفًا أتشبث به وأسعى لتحقيقه لذا تركني أتخبط كما يحلو لي ..وقد نجح العم سعيد في إنهاء هذا التخبط أسرع مما توقع والدي"
"العم سعيد الذي كنت تبحث عنه اليوم أليس كذلك ؟ "
أجابها مازن بحنين :"نعم... كان شريك خالي وأفضل مقاول عرفته المدينة .. اعتنى بي ونجح في جعلي أحب الدراسة وأنصرف عن العمل حتى التحقت بالجامعة.. وبعدها عدت لأحل محله حين تعرض لحادث أثناء العمل ولم يعد يقوى على مغادرة منزله... ثم أوكل إلي أمانة كبيرة تؤرق مضجعي إلى الآن"
تابع وقد رسم الهم ملامحه:"قطعة أرض اختلف عليها مع ابن عمه الذي يرغب بشرائها رغم عدم امتلاكه ثمنها .. سجلها العم سعيد باسمي وأجبرني على التظاهر أنني مالكها وأشرفت على بناء مدرسة العلماء التي تعملين بها.. وكي ألتزم بدوري أعطاني الصالة الرياضية لأبدأ تحقيق حلمي"
وضعت نوران يدها على فمها بصدمة مما تسمع وسألته :"أنت لست مالك المدرسة إذا ... يا إلهي! وهل آذاك ابن عمه بعدها ليستعيد أرض المدرسة؟"
"شكاوي كيدية وضرائب يومية ... لقد أوقف تجهيز الصالة الرياضية مرارًا بما يفعل حتى أنني بت ليلة كاملة في قسم الشرطة حين أردت إدخال المرافق للصالة.. والآن بعدما استقر عملي هاهو يعود لتهديدي من جديد... إنه يأمرني بهدم المدرسة حتى يستعيد الأرض "
"يا إلهي!وأنت رأيت أن عليك استشارتي في أمر كهذا ! لماذا ؟ هل بدوت لك المرأة الخارقة ؟!"
ضحك مازن وقال:"لديك ردود مضحكة بشكل لا يعقل .. على كل تلك كانت حجتي في استدراجك كما أخبرتك..أما ما أردت مشاركته معك حقًا هو قصة المصنع..ربما يكون الأمر أفضل لو تبادلنا الأفكار وتعاونا لكشف المؤامرة التي حيكت ضد والدينا "
تعلقت نظرات نوران الفضولية به فتابع:"لا أدري أكان الأمر خيرًا أم شرًا؟ إلا أنني كنت موطن أسرار العم سعيد وأهم هذه الأسرار هو قصة المصنع القديم.. ولم أكتشف أن القصة تمس عائلتينا بهذا الشكل الوثيق إلا من فترة قريبة"
"ماذا أخبرك؟ هل يملك دليلًا ضد عبدالرحيم؟"
شرح مازن بهدوء:"كما أخبرني فقد باع المصنع لأحد أقاربه مع شريكين آخرين
وبعد سنوات من ازدهار العمل به وشهرته في البلدة استولى عليه قريبه ونسب ملكيته له وحده وتمكن بطريقة ما من خداع الشرطة...وقد اعترف الرجل له بخيانته لصديقيه بكل وقاحة .."
"وكيف استنتجت أنه يقصد مصنع والدينا؟"
تابع مازن بمرارة:"للأسف العم سعيد لا يحب التدخل في نزاعات من هذا النوع لذا باع كل ما يملكه في البلدة وبدأ عمله من جديد مع خالي مكتفيًا بدعواته للمظلومين...وقد تأكدت أنه كان يقصد المصنع ذاته بعد حادثة عبد الرحيم .. لديهما نفس اللقب..والدي أخبرني مؤخرًا عن خيانة عبدالرحيم القديمة.. هل نحتاج أدلة بعد ؟"
لم تجب نوران سؤاله بل هتفت كأنها تذكرت أمرًا هامًا:"لحظة لم لا تسأل خالك عن العم سعيد؟ألم يكن شريكه في العمل؟"
فأجابها بيأس:"خالي تفرغ للمحاماة منذ سنوات حتى قبل حادثة العم سعيد وكنت أنا وحدي من يراه في الفترة الأخيرة .. حتى أسند إلي كل مسئولياته واختفى بين ليلة وضحاها"
عادت نوران تسأل بفضول:"هل تعني أنك لازلت تعمل مقاولًا ؟"
أجابها مازن مبتسمًا ببهجة خالصة تتلازم مع حديثه عن عمله :" نعم.. لقد صار جزءًا لا يتجزأ من حياتي .. أشعر أثناء العمل أنني أبذل جهدًا لأحصد نتاجه حين أرى البناء يكتمل ويستقر به ساكنيه "
رمشت نوران كأنها تنفض عنها اهتمامها الغير مبرر بعمله وعادت لقضية المصنع قبل أن يجرفها فضولها أكثر:"لنعد لصلب موضوعنا...كيف يمكننا إثبات خيانة عبد الرحيم؟"
أجابها مازن :"سأزور العم سعيد ربما يستطيع مساعدتنا..كما أن علي التخلص من عبء تلك المدرسة وإعطائه أرباحه من الصالة الرياضية "
لاحت نظرة إعجاب في عيني نوران وسألته لتتأكد:"أية أرباح؟"
"لقد اعتبرته شريكي وحفظت له حقه..بالطبع كان مستحيلًا أن أقبل هدية كهذه لمجرد جميل أسديه إليه.."
"حسنًا..لنسجل هذا التاريخ حتى تحين لحظة احتفالنا بالانتصار على عبدالرحيم"
ابتسم مازن من حماسة نوران الظاهرة وأومأ يوافقها الرأي وتابعا تناول عشائهما
رافعين شعار استعادة حقوق العائلة ..إلا أن ما أضمراه تعدى مجرد شعور بالمسئولية!!
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
شعرت أفنان بدوار مفاجئ مع غثيان لا يحتمل فركضت للحمام قاطعة تسامر العائلة الذين لحقوا بها قلقين .. وكان زيد هو الأسرع فأسندها بينما تستفرغ كل ما تناولته توًا .. وبعد أن ساعدها لتغسل وجهها وفمها همست له بصوت مجهد:"خذني إلى المشفى يا زيد ..لا أحتمل هذا الألم"
وقالت علياء وهي تسند ابنتها من الجهة الأخرى:"هذه أعراض الحساسية أليس كذلك؟ يبدو أنك وضعت الجبن في طعامها يا زيد"
وسط هذه الفوضى تمتم هيثم بصدمة:"يا إلهي! لم أتوقع أنها تمتنع عن تناول الجبن لهذا السبب"
أما فادي الذي لايزال رابضًا في غرفته فقد وصلته الضجة في شقة عمه وصوت انطلاق سيارة العائلة..لكنه لم يعر كل هذا اهتمامًا..هذه حياة العائلة المعتادة ..إثارة يومية وعقد لانهائية!!
وعلى ذكر العقد ...هل هناك عقدة أكبر من حياته!!
إنه يشعر نفسه كسجين في قفص حديدي..وليته على ضيق عيشه يستطيع أن يلتقط أنفاسه لكن كلا سجنه في أعماق المحيط..ولا فرصة للنجاة في ظل انعدام ذرات الهواء..
إذ أنه لا أحد..قطعًا لا أحد من مجتمعه وحتى عائلته سيقبل بعمله في هذا السن..
يرونه صغيرًا بعد..عوده لين طري كما يقولون!!
يكره نظرية التفرقة هذه! فقط لو يعطونه المجال!!
وفوق كل هذا يجالس أطفالًا بعقول العصافير في مدرسته الجديدة لا يملكون عقلية رفاقه القدامى الذين طالما شجعوه لنيل بغيته ..
إلا أن مازن كان له بالمرصاد.. فقد سارع بنقله ليكون تحت عينيه ورهن إشارته بعد كم الإنذارات بالفصل التي تلقاها من مدرسته..
ومع حفنة الأطفال الجدد كانت منة بهيئتها الغريبة وخضوعها للتنمر أيًا كان مصدره ..
وهاهو انضم لحثالة المتنمرين بكل أسف وأوصل لها رأيه الصريح بها وبأسوأ طريقة!! والآن لسوء حظه عليه التفكير في طريقة للاعتذار منها دون أن تمس كبريائه..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
"حبيبتي ماذا بك ؟ .. "
حركت ليلى لسانها بثقل ولم تقدر على الحديث..مع حركة بؤبؤ عينيها الغريبة وثقل تنفسها وجسدها البارد.. أدركت وجدان أن أعراض الجلطة قد عادت إليها من جديد..لذا هرعت لاستدعاء الطبيب وهي ترتجف..
#ڤوت
#كومنت
اكتبولي تعليقاتكوا الحلوة وانطباعاتكوا عن الفصل وسير الاحداث❤️
YOU ARE READING
جيران المدينة
Romanceرواية اجتماعي..رومانسي..كوميدي.. تناقش عدة قضايا اجتماعية في إطار عائلي درامي انتظروا فصل جديد يوميًا بإذن الله ❤️