الواحد والعشرون من آذار ، 2014
الحادية عشر صباحاً ..
اهتز الهاتف معلناً عن وصول رسالة ، فتحتها جُلّنار وقرأت فحواها لترفع حاجبيها بدهشة.
" انا بحاجة للمساعدة !! لم اكن ادرك ان الأمر بهذه الصعوبة ، هاتفيني حينما يتاح لك وقت "
حدقت في الفراغ امامها لبرهة وهي لا تعلم أهو في مأزقٍ حقاً أم هذه فقط احدى مزحه السخيفة ، قررت تجاهل الأمر حتى انتهاء محاضرتها وبالطبع لم تستطع التركيز بشيء مما قاله الأُستاذ فقد تمكن منها الفضول لمعرفة ما يحدث مع ليث ، بعد قُرابة الساعة انتهت المحاضرة وغادرت جُلّنار متجهة لمحاضرتها التالية ، وقفت قرب باب القاعة تهاتف ليث وما هي الأ رنتان حتى فُتح الخط ليصلها صوت ليث على الجهة الأُخرى ..
- صباح الخير ، هل انتِ متفرغة الان
- أهلاً ، هل حدث شيءٌ ما ، ما بال هذه الرسالة ؟
- كما قلت انا بحاجة للمساعدة وبصورةٍ عاجلة
- لمّا ماذا جرى ؟ هلا وضحت أولاً بدأت اقلق
- دعينا نلتقي أولاً
- بل أخبرني ماذا هناك
- يجب عليّ شراء هدية لوالدتي فعيد ميلادها غداً
- فلتفعل إذاً ، ما الأمر المستعجل ؟
- لحظة ما اعنيه اني احتاج مساعدتكِ لأنتقاء هدية لأجلها
- ...........
- لو أنهيتي محاضراتكِ لليوم هلا رافقتني لشراء هدية لها من فضلك انا ابحث منذُ البارحة ولم اجد شيء بتعبير أصح لم اعرف اقتناء اي شيء ، أانتِ معي ؟؟
- لحظة واحدة دعني افهم أكانت كُل تلك الضجة لأجل هذا ؟
- نعم ، أنّها مسألة بالغة الأهمية بالنسبة لي
تتنهد جُلّنار بقلة حيلة وهي لا تعلم أهو أحمق فعلاً ام عفوي فقط ، تردف بحيرة متحججة ؛
- اتفهم لكني لا استطيع مرافقتك ، لدي امور كثيرة لأفعلها اليوم
- هل ستتخلين عن صديقكِ بهذا الموقف الصعب !
- لا تبالغ ، ثم إنّها والدتك انتَ خيرُ من يعرفها ستجد ما يعجبها بالنهاية
- اخبرتكِ اني لا اعلم
- كيف اخترت لها هدية في السنين الماضية اذا لم تفعل !
- كانت رؤيا تساعدني وأحياناً هي من تقتنيها حتى دون ان اتدخل ،
لكن بعد ما حدث في المرة الأخيرة لم يعد بأمكاني طلب مساعدتها وأختها ، لن آخذ من وقتكِ الكثير صدقيني
- وكأن هذه هي المشكلة ..
- أقلتي شيئاً ما ؟
تمتمت جُلّنارمع نفسها على الطرف الآخر من الهاتف مفكرة لخمس عشرة ثانية وهي تفرك صدغها لتلتفت بعدها مبتعدة عن القاعة و تجيبه على الهاتف ؛
- لا ، حسناً سأرافقك اين انت الان ؟
- سآتي لأُقلك من الجامعة ...
- لا داعي ، أفضل القدوم لوحدي
- سأشعر بالسوء هكذا
- المهم ان لا افعل انا ، العنوان ؟
يبتسم على الطرف الآخر متفهماً حذرها ليخبرها بعدها ان تقصد احدى مناطق التسوق حيث هو ينتظرها .
هاتفت زينب في الطريق تعلمها إنّها ستتأخر في العودة حتى لا تقلقا هي وسمر ، حدقت من نافذة سيارة الأجرة في حيرة اي هدية ستنصحه بأقتناءها خصوصاً وانها لشخص مميز كوالدتهِ من الحماقة إنّها وافقت فهي لا تعرف الشخص المعني حتى تعرف ماذا سيُحبّ ، تمتمت مع نفسها مرة أُخرى بتذمر ؛
- كان من الأفضل لو اخبرته ان يطلب مساعدة رؤيا مرة أُخرى ، المعتوه بماذا سيورطني !
- لقد وصلنا يا ابنتي
- شكراً لك ..
غادرت سيارة الأجرة واتخذت خطواتها على الرصيف بحذائها الرياضي وهي تتفحص خانات العرض للمحلات المختلفة ، توقفت عند أحدها متمعنة بحذاء جميل نُسق مع فستان خريفي الطابع وقبعة عريضة ، أحست بأحدهم يقف قربها ، كان ليث والذي ابتسم قائلاً ؛
- يقولون ان النساء ينسيّن كل هّم بمجرد الخروج للتسوق هل هذا صحيح؟
اين التي لم تكن تملك وقت منذُ قليل ، لم تنتبهي لي حتى حينما لوحت لكِ ..
- ليس حقاً، انا فقط اعزز نظريتي هنا
- أيّ نظرية ؟
- هممم ، ما رأيك بما ترتديه العارضة .. الاطلالة ككُلّ ؟
تطلع ليث قليلاً ليردف بعدها بعدم فهم ؛
- سارة للنظر ، متكاملة اعتقد .
- لو ابعدنا القبعة هل ستبقى كذلك ؟
- ستزداد حيوية - اي كانت من سترتدي الفستان - وقد تحرر شعرها .
- لو استبدلنا الحذاء بآخر ؟
- ستصبح حافية القدمين ويُغني لها كاظم !
- هل يجب ان اضحك ؟
- اعتذر سيدتي واصلي ..
- ما رأيك انتَ ؟
- انا لستُ من مهووسي الأحذية لكن يمكنني القول ان الحالي جميل جداً ولا يمكنني تخيل اخر يظهر الفستان بذات التكامل .
- جوهر اي اطلالة ومثري تفاصيلها يكمن في حذاء أُنتقي بعناية ، بالنسبة لسيدة حذاء جميل يعني وقفة واضحة .
- النقطة الأولى اللا ممتنة مهووسة أحذية .
تضحك على تعليقه وتلتفت ليواصلون طريقهم بينما تسأل بعدها ؛
- اي شخصية هي والدتك ، حدثني عنها قليلاً .
- لمّا سأفعل ؟
- كيف سأختار لها هدية ان لم اعرف عنها شيئاً
- اه صحيح ، الهدية
يقول ليث وكأنّه يذكر نفسه بأمر فجأة لكنها لا تولي الأمر اهتماماً مواصلة ؛
- ما عاداتها المميزة مثلاً ، اشياء مادية لا تتخلى عنها في حياتها اليومية وهكذا يعني ..
- لا اعلم كيف اصف الأمر ، إنّها الأم الكلاسيكية التي جميعنا نعرف
تنظر جُلّنار نحوه بوجه خالي من التعابير ليحك رقبته بحيرة ويقول بعدها ؛
- حسناً حسناً دعيني اركز قليلاً
- ..............
واصلوا طريقهم بصمت هي تتفحص معروضات مختلف المحال من حولها فقد مضى مدة طويلة لم تخرج فيها للتسوق لكثرة امتحاناتها وهناك الكثير من الاشياء الجديدة التي ستنال اعجاب زينب وسمر تحديداً وقد غيرت نمط ثيابها في الآونة الأخيرة ، أما ليث فقد راقب خطواتهم والى اين تتجه بحذر متظاهراً بالتفكير حول والدته بينما يختلس النظر إليها كل عشرة ثوان ودون ان يعرف سبيل للتصرف بطبيعية .
- لو كنتِ ترغبين بشراء شيء ما بأمكاني الانتظار ..
- لا ، انا اشغل نفسي ريثما تقرر .
- ماذا ؟
- الى اين سنذهب تالياً ؟
- المتحف .
- هاااه ؟
- لحظة اعني ماذا تقصدين ، انتِ من يجب عليه ان يقرر
- حدثني عن والدتك لأعرف اذاً ، الم تنتهي من تجميع افكارك ؟
- هي دقيقة ومنظمة الى حدٍ ما ، لديها هوس خاص تجاه الأواني
- كل الأمهات كذلك ..
- لا ليس هكذا ، هناك مجموعة خاصة تضعها في رف للعرض في الصالة ومن الممنوع لأيّ احد الاقتراب منها ومعظمها مصنوع من الخزف ، جميع الاشكال لكن الصحون منهم منقوش عليهم عدة رسوم وتجدينها ترتبهم بعناية .. تقول إنّهم هدية زفافها من احدى صديقاتها والتي صنعتهم لها بنفسها .
- وماذا ايضاً ؟
- لونها المفضل البنفسجي وتحب رائحة نبات الرازقي و ثمار الليمون هوايتها بالأساس هي البستنة ، فحديقتنا مليئة بأزهار لا اعرف ما هي حتى لشدة ما تزرع فيها من انواع جديدة كل اسبوع .
- جميل وبعد ؟
يعقب ليث وهو يفكر بجدية ؛
- لننعطف من هنا ، ماذا بعد ماذا بعد ، اه خالتي تقول إنّها كانت تحب تجميع الصور كثيراً وهي شابة لدرجة ان الكاميرا لا تفارقها لكني لستُ متأكداً فلم اراها تفعل من قبل .
- هل لديك الكثير من الصور بطفولتك ؟
- هناك سبع البومات على ما اذكر
تضحك جُلّنار بخفة مردفة ؛
- اذاً هي حقاً تحب التقاط الصور ، ما علاقتها بالسينما ؟
- مضيعة للوقت على قولها ، تفضل المسرح وأغاني محمد عبد الوهاب .
- أهذا كُل شيء ؟
- بذلتُ اقصى ما لدي
- لننتهي من اختيار الهدية ومن ثم سأصفق لك لا عليك
- يا لمراعاتكِ !
- هل نتجه للسوق القديم أولاً ام نحو اقرب مشتل لبيع النباتات ؟
- ماذا سنفعل في السوق القديمة ؟
- ستعرف حينما نذهب ، اه وقبلها هل تعرف اي مكان تصوير بالقرب يمكنك ان تستعير كاميرا رقمية منه ..
- هناك عدة محال للتأجير في السوق القديمة ايضاً
- جيد
- هل سنذهب سيراً ؟
- نعم
- كما يريحك .
بعد مسير لمدة أربعون دقيقة كانوا قد وصلوا السوق القديمة والتي كانت شيء اشبه بمركز تجاري عملاق لكن على الطراز القديم ، تجد فيه كل ما تريد ويضم الكثير من محلات بيع المواد التراثية والأهم من هذا ينطوي على سوق -مصغر- خاص للأعمال الحرفية والحرفيين ، ابتسمت جُلّنار بسعادة عند رؤية مدى كثرة الناس والازدحام في الازقة فهي تحب اجواء مشابهة دخل ليث احد محلات الالكترونيات لأحضار كاميرا صغيرة رقمية دون ان يعرف حقاً ما ستفعل بها .
عاد ليث من المحل بينما يتفحص الكاميرا بين يديه ليتسائل أخيراً وهو يناولها اياها ؛
- ماذا سنفعل بها ؟
- سنلتقط الصور
- أحقاً ! ظننتُ إنّا سنجمع بها البرتقال ..
أردفت جُلّنار بينما تدفع الكاميرا نحوه مرة أخرى :
- بالصور اعني يا ذكي إنّنا سنصور الاماكن المتفرقة بزوايا جميلة لأجل والدتك التي تحب تجميع الصور ومن ثم نضعها بألبوم ستعطيه لها .
- هدية معنوية تقولين ..
- وهناك مادية ايضاً لو قطعت وصلة الفكاهة خاصتك فلا وقت لدينا .
يبتسم مجيباً وهو يتقدمها بالمسير ؛
- معك حق انّ الوقت ثمين .
سارت بجواره بينما انهمك هو بأستخدام الكاميرا، توقفوا عدة مرات
مرة عند محل كبير لبيع البهارات بمختلف الانواع والالوان وقد وقف المالك في المنتصف يعيد ملأ احدى الصناديق بمسحوق أخضر اللون وقد وجدتها جُلّنار تفصيلة جميلة ليلتقط ليث صورة ، ومرة أخرى عند محل لبيع النحاسيات حيث انعكس ضوء الشمس مرتداً عنهم على وجوه المارة .. انشغلت جُلّنار تالياً بالبحث عن وشاح لوالدة ليث بينما واصل هو التقاط الصور ، انزل الكاميرا ملتفتاً حوله فلم يراها .. تقدم عدة خطوات للأمام ليسمعها تنادي عليه ؛
- ليث هنا ..
وصل إليها ليرى إنّها وقفت عند محل كبير لبيع المواد الخزفية لم ينتبه إليه من قبل ، نظر نحوه بدهشة لشدة ما فيه من اشياء جميلة ، تحدثتُ جُلّنار بحماس بينما ترفع احد الاكواب الخزفية بالقُرب تريه اياها ..
- هذا هو سبب قدومنا حتى هنا ، كُل شي مصنوع يدوياً ويمكن لهم اعداد اشياء على الطلب ايضاً .. انظر هناك في اقصى اليسار سترى العمّ وعجلة صنع الفخار خاصته ، موادهم أصلية وصلدة بالفعل ، هيا بنا لنختار شيئاً لوالدتك ..
- كُل شيء رائع بالفعل ، لم اتوقع إنّكِ تعرفين اماكن كهذه .
ضحكت جُلّنار معلقة وهي تلتفت إليه بسرعة قبل ان تنهمك بالبحث بين الصحون المعروضة ؛
- لنقل إنّي واسعة الاطلاع .
- ذكرني متى كان عيد ميلاد والدتك تحديداً ؟
- بعد مدة
أجاب ليث بتلقائية وهو يستخدم الكاميرا ملتقطاً عدة صور للمحل ، تنبه إليها حينما وجد جُلّنار تنظر نحوه بعدم فهم وتشكيك ليقول من فوره وهو يتحاشى مبادلتها نظراتها ؛
- أعني لا زال هناك مدة حتى يوم الغد مساءاً .
تنهدت بحيرة وهي تنظر في الارجاء
- رُبّما لن تلحق ، لنبحث عن شيء آخر ..
- ما هي ؟
- حسناً انظر هذا الاناء جميل جداً وخفيف الوزن حتى ويمكن لنا مطابقته مع جرة من أولئك لو نُقش عليهم عدة ازهار سيبدون في غاية الروعة...
- معكِ حق انه جميل ، حسناً دعينا نجرب
- لكن لا وقت لديك فالأمر يتطلب وقت حتى يجهزوا
- سأتحدث مع العم اني مستعجل ولنرى ، انتظريني .
- انا سأبحث عن اشياء بديلة لأنّي متأكدة انها لن تلحق حتى الغد
توجه ليث نحو الرجل الكبير عند عجلة الفخار المنهمك بصنع شيء ما بتركيز وقد مُلئت يداه بالطين ، دقائق حتى سمعت جُلّنار ليث ينادي عليها مبتسماً وقد ابتسم لها الرجل صانع الفخار بدوره ، اقتربت منهم متسائلة ليقول العمّ ؛
- اين الاواني التي اعجبتكِ يا ابنتي ؟ سمعتُ إنّكِ ترغبين ان تنقشي عليها
- لو كان هذا ممكناً سأكون ممتنة لكن ظننتُ إنّها ستأخذ وقتاً ونحن بحاجتها ليوم غد
تبادل الرجل وليث النظرات ليقول بعدها وهو ينادي على احد عمال المحل ليحضر له عدة الرسم بينما يمسح الطين عن يديه ؛
- حسناً صدف ان لا طلبات اخرى لدينا هذا الاسبوع لذا بأمكاني انهاءهم لأجلكم بوقت قصير وسيعود الشاب ليأخذهم مني غداً
- انا شاكر جداً
يعقب ليث بصدق وتكتفي جُلّنار بأبتسامة ، احضروا الصحن والجرة الخزفيات -التي طابقتهم جُلّنار- ليسألها العم بهدوء وهو يضع الصحن للعمل عليه أولاً ؛
- ماذا تقترحين يا ابنتي ؟
- هل يمكن رسم ازهار البنفسج اثنان او ثلاثة من حافة الاناء وحتى المنتصف بأتجاه افقي ..
- حسناً وأي لون للزهرة ؟
- البنفسجي بدرجته الغامقة .
- دعيني ارى ..
بدأ الرجل يحرك الفرشاة الناعمة بين يديه بهدوء ودقة بينما راقبت جُلّنار ما يفعل بأهتمام وسعادة أما ليث فقد اطال النظر بسعادتها هي بعيداً عن اي شيء آخر وابتسم برضا مفكراً " حسناً لم تكن فكرة حمقاء بقدر ما ظننت " .
بعد خمسة عشر دقيقة انتهى الرجل من الرسمة على الاناء والتي كانت دقيقة للغآية وكأنها طبعة جاهزة ، رفع رأسه من على منضدة العمل وناول الصحن لجُلّنار لتضحك الأخيرة بسعادة جمّة وهي ترى إنّها كما تخيلت تماماً
- سلمت يداك يا عمّ انها جميلة جداً ! انظر ليث
- إنها رائعة فعلاً
- ممتن إنّها اعجبتكم ، لكن لا زال هناك عدة خطوات قبل ان يصبح الاناء جاهزاً للاستخدام يجب معاملته حرارياً واضافة طبقة اخرى وعدة اشياء وإلا فهذه الرسمة ستزول بمجرد غسلها بالماء.
- حسناً .
- ماذا عن نقش الجرة ؟
- ذات النقش يا عم .
- حسناً
عاود الرجل الانحناء وبدأ الرسم على الجرة بينما ظلت جُلّنار تنظر للصحن بين يديها بأعجاب التمعت به عينيها ، ابتسم ليث ورفع الكاميرا بهدوء ملتقطاً صورة لها جوار العمّ الخزفي دون ان تنتبه ، ليخبرها بعدها ان عليهم الذهاب و شكروا العمّ مغادرين ، تسائل احد عمال المحل بعد رحيلهم وهو يرى الخزفي يواصل عمله على الجرة ؛
- هي لن تنتهي للغد خصوصاً هذه الجرة فمادتها صعبة مقارنة بصلادة بقية الاواني هنا ، لما أخبرتهم إن بالأماكن ذلك ؟
- معك حق سيتطلب انهاءها ثلاثة ايام
- إذا ً لما قلت.....
- لأن وقتهم أثمن من ان يُهدر بالإنتظار .
اكتفى الخزفي بقول هذا خاتماً النقاش بينما لم يفهم العامل شيئاً وابتعد نحو عمله ، ابتسم الرجل وواصل ما يفعل متذكراً ما قاله ليث
***
- اتمنى إنّ لا أزعجك بطلبي لكن صديقتي هناك أعجبها اناء وارادت النقش عليه ظناً منها انه هدية لوالدتي في الغد وتخشى ان لا ينتهي بالوقت المناسب
- معها حق يا ولدي يتطلب الامر عدة ايام حتى تنتهي اعمال التثبيت الخاصة بأي اناء خزفي ليكون جاهزاً للاستعمال
- أدرك لكن في الحقيقة إنّها هدية عيد ميلادها هي وانا اريد شراءه لأنّه اعجبها لذا ليس مهم متى ينتهي اعداده ما دامت ستظن إنّه سيجهز في الغد كهدية لوالدتي .
- تريدُ مني القول إنّي قادر على انهاءها يعني ؟
يردف ليث بخجل ابتسم له العّم ؛
- لو أمكن ..
- انا اتفهم .
***
تسائلت جُلّنار بعد مغادرتهم سوق الحرفيين تماماً ؛
- الى اين الان ؟
- لا اعلم ، قولي انتِ الى اين ؟
- ماذا عن الصور ؟
- جمعتُ العديد لكن ليس بالقدر الكافي لملىء البوم
- حسناً لنفكر بالاماكن التالية التي قد نجمع منها صور جميلة .
- دعينا نفكر بينما نعود أدراجنا ، فقد نفذ منّا ساعتين حتى الان
- صحيح ! أنت قلت قبل قليل ..
- ماذا ؟
- المتحف
يضحك ليث ويعقب موافقاً ؛
- معكِ حق ! كيف نسيت ، لكن المتحف يُفتح في الرابعة مما يعني لا زال هناك ساعة .
- يمكننا شراء الاشياء الأخرى في هذه الساعة إذاً
- لا لا لنتناول الغداء أولاً
- أيّ غداء الان ، لا وقت لهذا ..
- وهل سأدعُكِ تموتين جوعاً ! هيا هيا نتغدى أولاً ومن ثم نكمل ما لدينا .
- لـ.....
كادت جُلّنار تقول شيئاً لكن قاطعها ليث بحزم خاتماً الحوار ؛
- لا أُريد اعتراض ! ثم دعيني أقوم بهذا ع الاقل لأشكركِ على مرافقتي وتحمل العناء .
صمتت الأخيرة بأستسلام وابتسم ليث برضا ليصطنع الجدية بعدها قائلا وهو يمد يده يوقف سيارة أجرة ؛
- كنتُ قد ركنت سيارتي قرب مطعم جيد ، لنذهب لتناول الغداء هناك ومن ثم نتجه للمتحف ولا أعتقد انكِ ستقولين لنسير حتى المتحف هذه المرة ..
قال ليث جملته الأخيرة وهو ينظر نحوها بمرح وكأنّه يقول ؛" أُدرك إنّكِ متحفظة لدرجة تترددين معها ركوب سيارتي " ، عقبت بدورها وهو يفتح لها باب سيارة الأجرة :
- الأمر ليس متعلقاً بثقتي بك كما تعلم .
- أُدرك هذا لذا أسايرك بكذبكِ المفضوح .
أنت تقرأ
غـِـمَار
Ngẫu nhiênيقطع عثمان الصمت الذي طال بينهما وهو يسألها - هل كان جرحـهُ أكبر من عفوكِ ؟ تبتسم بمرارة مُردفة : " لم يكن جرحاً ، بل كان اليد التي ضمدت ذاكرتي المعطوبة وكنتُ الخنجر الذي تراجع عن طعنه لكن بعد إن عكستهُ المرآة " . . . لم يبدؤوا يوماً لنسأل كيف انت...