التاسع عشر من نيسان ، 2013
تُنهي جُلّنار غسل الصحون .. يصلها صوت فتح باب الشقة لتطل برأسها من باب المطبخ بينما تجفف يديها لتجد إنّهما لُمى وزينب قد وصلتا للتو تتجه زينب لغرفتها بعد القاء التحية أما لُمى فنحو المطبخ ومن ثم البراد ..
- أنا جائعة .
- لم اطبخ شيئاً اليوم ، فلا شهية لدي وسمر مدعوة على الغداء عند عمتها .
- لحظة ما هذه الرائحة الزكية اذن ؟
- اعددتُ الكعك بما إن لدي متسع من الوقت ..
تبتسم جُلنار وهي ترى لُمى تتوجه نحو الفرن متحمسة بينما تدلف زينب متسائلة
- رائحة تفتح النفس ، لكن هل كُل شيء بخير ؟ فانتِ تخبزين الكعك حين تكونين منزعجة لترفهي عن نفسك ..
- لا ادري ، فقط راودني خاطر اعداد كعكة خصوصاً إنّي نهضت متأخراً اليوم ولم املك شهية لتناول اي شيء .
- حسناً اذاً .
- الكعك جيد لكن انا جائعة للغاية ، أريد طعاماً
- ألم تتناولي الغداء قبل مجيئنا ؟ يا لسرعة شعوركِ بالجوع !
- زينب اصمتي ، انا انسانة حساسة عكس هذه التي تتجاهل معدتها ليوم كامل !
- ليت إحساسك ِ هذا يعمل في غير اتجاه عزيزتي
- جدي شيئاً تتناوليه من البراد يا "حساسة " ، فالقاسية هنا لا رغبة لها بفعل اي شيء .
- اظن اني سأطلب من الخارج ..
- لحظة لدي فكرة ، ما رأيكم ان نتناول العشاء خارجاً ونتجول قليلاً ، لقد مللتُ البيت .
- انا موافقة شرط ان يكون عشاءاً مبكراً ، فكعك جولنار لن يسكت معدتي لوقت طويل .
- لقد وصلتن للتو ، ألستن متعبات ؟
- بالطبع لا ، ثم انتِ تعرفين الاجواء في منزلي حينما اعود لا افعل شيء سوى الجلوس في الصالة والابتسام في وجه الزوار حتى يتشنج وجهي . اختنقت !
- حسناً لننتظر عودة سمر ومن ثم نخرج معاً .
تتجه زينب بعدها للاستحمام بينما جُلنار تعود للمطبخ اثر سماعها صوت الفرن فقد خُبز الكعك .. تسكب لُمى لكليهما الشاي مع الكعك وتعود للصالة
- حسناً لا تتأخري وبلغي العمة تحياتي .
- أهذه سمر ؟
- نعم تقول إنها عائدة بعد ساعة تقريباً ،
- جيد .بعد ساعتين كانت الفتيات تتجولن في شوارع الكرادة ما بين محلات الملابس والاحذية الى محل للاكسسوارات والاحجبة ..
- ما رأيكم بهذا ؟
سألت جُلّنار الفتيات وهي تجرب وشاح بلون سماوي مطرز بورود صغيرة
- اعجبني انه يزيدُ مظهركِ نعومة
- نعم ولونه هادىء يتماشى مع الكثير من الثياب .
- حسناً سأقتنيه اضافة الى الاسود
- لُمى انظري أليست هذه الاساور التي اعجبتكِ منذُ مدة
- يا للهول ، إنّهم هم بالفعل
- سمر تعالي جربي هذه
تربط جُلّنار شعر سمر على هيئة ذيل فرس وهي تجرب مجموعة ربطات شعر مزخرفة لها
- جوجو أحببتهم للغاية
- منظرهن جميل ويضفن طابع جذاب للشعر حتى وان لم تصففيه ، زيادة على ذلك ستنقذكِ حينما تنهضين متأخرة صباحاً ايام الدوام .
- سآخذ الثلاث
- وانا اعجبتني هذه الصفراء ستتماشى مع فساتني الازرق .
بعد دقائق كانت الفتيات قد دفعن الحساب وغادرن والوجهة هي محل الايس كريم ، تضحك جُلّنار على سمر ولُمى اللذان لم يكفا عن الجدال وكل منهما تحاول اقناع الأُخرى بإن طعم الايس كريم الذي تفضله مقرف بالنسبة للاُخرى وعليهما تغيير ذوقهما بينما زينب تحاول تهدئة ثورتهن قائلة العصير افضل صدقوني لتصرخ الاثنان بوجهها " اكرمينا بسكوتك " .
هؤلاء الاثنين كالاطفال ، شجاراتهن لا تنتهي وتذمرهن كذلك لكنها ممتعة لأن بالنهاية الاثنان يحترمن بعضهن البعض رغم الاختلاف الكبير بين شخصية الاثنتين ، الايس كريم مثلاً لُمى تفضله بنكهة الشوكلاتة او الموز مع المكسرات بينما تفضله سمر بنكهة الليمون او النعناع والتي تجدها لُمى مقرفة وطعهما اقرب لدواء الزكام مما للطعام نفسه !
لكن لو اخبرت الاثنين ان يخترن صنف واحد يشتركن بتناوله ستقول لُمى فوراً الليمون وتصر سمر على طلب الموز مع المكسرات ، فلا شي اهم من راحة من نُحّب ولو على حساب أنفسنا .
يلفت انتباه جُلّنار صيدلية مجاورة لمحل الايس كريم فجأة وكأنّها تذكرت امراً نسته دون وعي تتباطىء خطواتها بينما تخبر الفتيات إنها ستوافيهن حالاً وليطلبوا لها " ايس كريم الفستق " ، تحدق لبرهة بالصيدلية من الخارج ومن ثم تدلف .
- مرحباً
- اهلاً تفضلي .
- أردتُ مرهماً لعلاج الجروح .
- اي نوع من الجروح ؟
- حسناً ، أنه خدش من الدرجة الثانية .
- امهليني ثوانٍ.
تعود الصيدلانية مع المرهم المحتوي على مضادات حيوية وكذلك علبة ضمادات لاصقة تتأكد جولنار من جودة النوعية للاثنين ومن ثم تأخذهم و تغادر نحو محل الايس كريم حيث الفتيات .
تقول لُمى ؛
- هل قررتم اين سنتناول العشاء ؟
- يا الهي ، لا زال الايس كريم لم يصل معدتك حتى !
- اختاروا ما ترغبون بتناوله وبناءاً على ذلك نحدد المطعم .
تعقب جُلّنار لتقول الثلاث تباعاً ؛
- معجنات
- فلافل
- انا اريدُ مشويات
- أتمزحون ؟ هذه اشياء لا علاقة لها ببعض !! جدوا حلاً وسطاً .
- المشويات
ترمق جُلّنار لُمى بسخط
- سمر انسي الفلافل ، وزينب يمكنك تناول البيتزا حيث سنذهب
- اين سنذهب ؟
- " تنور الريف " .
تصفق لُمى بانتصار وهي تقول " اذاً مشويات " .
أنت تقرأ
غـِـمَار
De Todoيقطع عثمان الصمت الذي طال بينهما وهو يسألها - هل كان جرحـهُ أكبر من عفوكِ ؟ تبتسم بمرارة مُردفة : " لم يكن جرحاً ، بل كان اليد التي ضمدت ذاكرتي المعطوبة وكنتُ الخنجر الذي تراجع عن طعنه لكن بعد إن عكستهُ المرآة " . . . لم يبدؤوا يوماً لنسأل كيف انت...