28 ، أيار ،2013
كان صباحاً كأيّ صباح آخر ،
وصلت كُل من جُلّنار ولُمى الجامعة وهم في طريقهم الان نحو كلياتهم ، غادروا المنزل مبكراً اليوم فجُلّنار لديها محاضرة في الثامنة والنصف ولُمى امتحان وهذا حالهم اغلب الوقت فهذه السنة الدراسية أصعب من السابقة عليهن جميعاً .
يصلون كلية لُمى أولاً لتقول الاخيرة وهي تلوح لجُلّنار مودعة :
- دعينا نلتقي بعد المحاضرة
- محاضرتي تنتهي عند العاشرة ، سأتصلُ بكِ .
- حسناً ، الى اللقاء .
تواصل جُلّنار طريقها نحو كليتها وهي ترتشف ما تبقى من قهوتها .الساعة العاشرة وخمسة عشر دقيقة ،
كانت كُل من لُمى و جُلّنار بطريقهما نحو مطعم الجامعة لأن لُمى بالتأكيد لن تفوت الاستراحة دون تناول الطعام وتجر جُلّنار معها على مضض لتقول الاخيرة بتنهد متعب ؛
- ما هو الموضوع المهم الذي يجب علينا مناقشته الان بدلاً من تأجليه حتى المساء ؟
- لنأكل أولاً وسأخبركِ
- بربكِ ! هل سأهدر استراحتي الثمينة والوحيدة اليوم لأنتظرك تنهين تناول الطعام اللا منتهي لديك ؟
- لا بل ستتناولين الفطور معي
- تعلمين إن لا شهية لدي منذُ الأمس ..
- ولأنكِ لم تأكلي منذُ الامس انا اسحبكِ معي للمقصف الان .
- حسناً انا مغادرة ، ولنتحدث عند عودتي للمنزل !
تنهي جُلّنار كلامها وهي تلتفت تنوي العودة لكن لُمى تسحبها من يدها هاتفة بجزع ؛
- هيييي ! لا نستطيع الحديث في المنزل حتى لا تعلم سمر !
- ولمّا ؟
- أيمكن ان يكون لأنّنا نخطط لحفلة عيد ميلادها الاسبوع القادم ؟!
- اوه صحيح ! لقد نسيتُ موعده تماماً أتصدقين ، اللعنة على الباطنية والجراحة !
- هوني عليك ، فلديكم انا الرائعة التي تذكركم به .. أنتِ ممتنة أليس كذلك ؟ ادفعي لي ثمن الوجبة اذن
- وانا التي ظننتُ إنّك تعملين خيراً وترمين في البحر !
- لا وجود لهكذا منطق لدي عزيزتي ، الحياة أخذ وعطاء
- على ذكرِ العطاء ، أتسائل متى ستعيدين علبة الواني الزيتية ؟
- ما به منطق اعمل خيراً وأرمي بحراً ؟! انه منطق مذهل انا اعتنقه منذ اليوم !
تبتسم جُلّنار بأنتصار وهي ترى تحول لُمى السريع عند ذكر علبة الالوان الزيتية التي تعلم مسبقاً إنّها تحطمت ولم تصارحها لُمى بهذا وتحججت بأنّها لا زالت تحتاجها لأنهاء لوحتها .
توقفت خطوات جُلّنار البطيئة فجأة وكأنّها تسمرت بالأرض وهي تدرك هويته الان فقط وكان هو قد توقف مسبقاً والتفت بدوره يتأمل ظهرها الذي عرفه أكثر من ملامح وجهها وهو يراه لأول مرة يوم ساعدها ومرة أخرى حينما غادرت دون شكره غاضبة والان حينما توقفت فجأة وستلتفت إليه في أيّ لحظة ..قبل لحظات ،
انعطفت جُلّنار ولمى نحو المطعم بينما الاخيرة تواصل كلامها
غادر المطعم ثلاث شُبان رفقة بعضهم ، اثنان يضحكان مع بعضهم البعض بصخب وثالثهم يعبث بهاتفه .. رفع الأخير عينيـه عن الهاتف لتلتقي عينيه بخاصة جُلّنار للحظة ، يعود ليث بنظره للهاتف وتحيد جُلّنار بنظرها الذي استقر على يده اليسرى .. تحديداً ساعة يده ولا تعلم لما بدت مألوفة لهذه الدرجة !
لتدرك فجأة انه الشخص الذي التقت به قبل مدة في محل التسجيلات فهي وإن تناست ملامح وجهه لكنها لن تنسى ساعة يده المميزة الشكل والجرح الذي تسببت به الاسطوانة على ذات اليد .
التفت إليه لتجده ينظر نحوها بأبتسامة اتسعت حينما رأى الدهشة في عينيها ، أراد إن يقول شيء ما لكنها لم تمهله وهي تدير وجهها أثر امساك لُمى لذراعها قائلة ؛
- أانتِ بخير ؟ ما بكِ ؟
- ماذا ؟ اه نعم لا شيء فقط شردتُ بأفكاري لوهلة ..
تلتفت نحو ليث مرة أخرى بينما يناديه احدى الاثنان معه بصوت عالي " ليث هيا سنتأخر ، ماذا تفعل عندك ! " ليجيب ولا زال على وضعه - ينظر إليها - مبتسماً بثقة :
- لاشيء، فقط كنتُ أردُ على رسالة قديمة !
ترفع حاجبها الايمن بعفوية على ما قاله وهي تبادله تحديقه بجمود وتستدير تحث لُمى على مواصلة مسيرهم غير عابئة به .
جلست جُلّنار الى احدى طاولات المطعم بينما ذهبت لُمى لأحضار الطعام ، ماذا يفعل ليث هنا وما هذه الصدفة الغريبة هذا ما كان يشغل بال جُلّنار لكنها طردت هذه الافكار وهي ترى زينب تجلس امامها مزامنة مع عودة لُمى بالطعام :
- ما الأخبار ؟
سألت زينب لتعقب جُلّنار ..
- لا جديد ، لُمى سحبتنا حتى هنا لتأكل بتعبير أصح لتجبرني على الاكل معها وبسبب هذا رأيتُ شخصاً لم يكن ينبغي لي رؤيته !
- من ؟
تسأل لُمى بأهتمام لتردف جُلّنار مغيرة الموضوع بأستعجال ؛
- سأخبركم لاحقاً ، الان دعونا نركز في عيد ميلاد سمر تبقى نصف ساعة فقط وتبدأ محاضرتي التالية .
- حسناً نحن قلنا إن حفلة بمكان بالخارج ستكون أفضل من المنزل
- اتفق
- لكن هناك الكثير من الأمور الاخرى التي يجب القيام بها
تقول لُمى معقبة على اقتراح زينب لتقول جُلّنار بتفكير ؛
- لنرتب اولوياتنا أولاً ..
تبدأ الفتيات بالاقتراح ومناقشة الخيارات
- اختيار مكان والقيام بالحجز
- المدعوين ..
- ولا تنسوا الهدية ، مما يعني مشوار للسوق
- قالب الكعك وتزيين المكان
- حسناً التزيين يمكن الاتفاق مع المكان المحدد ليقموا هم بهذا ، ومن تمتلك وقتاً ستذهب للاشراف ؟
- حسناً انا لا عمل لدي بعد يومين يمكنني الذهاب .
تقول زينب لتردف لُمى بحيرة ..
- لكن المشكلة إنّنا لم نختر مكان حتى الان !
- أليس لدينا خيارات ؟
- هناك عدة مقاهي لكننا نريد مكان هادىء
تفكر الفتيات قليلاً لتقول زينب أخيراً بحماس كمن وجد الحل ؛
- ما رأيكم ان نستعين ببهاء اعتقد إنّه سيعرف عدة اماكن يمكن ان تلائم ما نريد
- فكرة رائعة !
- حسناً إذن حجز المكان وبقية الترتيبات لديكِ انتِ وبهاء .
- وانتقاء قالب الكعك وبقية الاطعمة يقع على عاتقكِ جوجو .. إنّه مجال خبرتكِ عزيزتي !
- حسناً لكن لا وقت لدي بالكاد سأستطيع التوجه لحجز قالب الكعك لذا بقية الاطعمة ستكون جاهزة كذلك .
- ماذا تبقى ؟
- الهدية والمدعويّن
- عائلتها بالطبع ونحن لحظة كم صديقة لديها من الكلية ؟
تتسائل جُلّنار لتقول زينب ؛
- اربعة .
- حسناً هؤلاء ايضاً ماذا عنكم أهناك أحد تدعونه ؟
- لا أحد .
تجيب لُمى بملل وهي تواصل تناول طعامها لكن زينب تتسائل بحيرة ..
- نور وحنان تعرفونهم ، هل لا بأس بدعوتهم ؟ وماذا عن ... عن بهاء ؟
- بالطبع بهاء سيحضر لما انتِ مرتبكة هكذا ثم أنسيتي إنّه من سيختار المكان من غير اللائق عدم دعوته و كذلك الحال بالنسبة لصديقتيكِ .
تعقب جُلّنار وتضحك لُمى وهي تغمز لجُلّنار قائلة ؛
- رُبما لا ترغب بتواجد الثلاثيني الجاد في مكان يعج بالفتيات دعيها تفكر !
- اوه اعذري حماقتي عزيزتي ، بالطبع انتِ ادرى خذي وقتكِ بالتفكير !
- يا لسوئكم !! على فكرة انا خائفة منكم انتم من ان تفضحوني أمامه !
تنزعج زينب مردفة لتضحك الاثنتان بمرح بينما تعقب لُمى ؛
- للأمانة انا جدياً افكر بأنهاء مسلسل العشق الممنوع خاصتكم بأخباره إنّكما تتبادلون ذات المشاعر ... لكنني ارأف بكِ عزيزتي فقد تدخلين غيبوبة .
- حمداً لله إنّكِ اخبرتني ، بهاء لن يحضر وانتهى النقاش !
تقول جُلّنار مدعية الجدية ؛
- ومن طلب رأيكِ عزيزتي ؟ سيحضر شئتِ ام ابيتِ فهو يعتبر طبيب سمر ايضاً .. لا شأن لحبكم العذري بالموضوع .
- هيييي كفوا عن هذا !
- حسناً حسناً لنركز على الهدية
تقول لُمى وهي تمثل الخوف لتعقب جُلّنار بأبتسامة صفراء ؛
- انتِ اكثرنا وقت فراغ في نهاية الاسبوع عزيزتي لذا قطعاً انتِ من ستذهبين للسوق .
- تمزحون ! تعلمون اني اسوء شخص قد ينتقي هدية
- كفاكِ تذمراً ، حينما تريدين حقاً فلا أحد افضل منكِ
- سأوافق لكن بشرط ان نتبادل الافكار وانا سأذهب للشراء فقط .
- اتفقنا إذاً
- كم مدعو لدينا حتى الان ؟
تعد زينب عدد الاسماء المقترحة وهي تقول بمن يجب عليهم الاتصال ومن الذي يجب مقابلتهم وجهاً لوجه ؛
- حسناً مبدئياً ستة عشر شخص .
- إذاً عليك الحجز لأجل عشرين شخص ، في حال كان هناك حضور اضافيين .
- لا مشكلة ، لكن أتعتقدون إن والديها سيحضران ؟
- لنأمل هذا ..
تنتبه جُلّنار لساعتها لترى إن هناك خمس دقائق فقط على موعد محاضرتها لتنهض بسرعة وهي تلعن ؛
- اللعنة لقد تأخرت ! عليّ الذهاب ..
- انتظري لم نختر الهدية بعد !
- اذا وصلت بعد هذا الدكتور لن يكتفي بطردي بل سيجعلني عبرة لمن يعتبر إنه سايكو ، ليس وكأنك ستذهبين لشراءها الان
لنناقش هذا لاحقاً ..
تمضي جُلّنار نحو محاضراتها مسرعة دون انتظار ردهم حتى وهي تدعو ان تصل قبل الطبيب المحاضر بينما تنظر زينب في اثرها وتتنهد لُمى بتعب .
______________________
أنت تقرأ
غـِـمَار
De Todoيقطع عثمان الصمت الذي طال بينهما وهو يسألها - هل كان جرحـهُ أكبر من عفوكِ ؟ تبتسم بمرارة مُردفة : " لم يكن جرحاً ، بل كان اليد التي ضمدت ذاكرتي المعطوبة وكنتُ الخنجر الذي تراجع عن طعنه لكن بعد إن عكستهُ المرآة " . . . لم يبدؤوا يوماً لنسأل كيف انت...