عطلة صيفية رفقة بعض

343 25 1
                                    

انهت جُلّنار امتحاناتها منذُ اسبوع وبدأت البحث عن عمل هي الأخرى بالرغم من اعتراض والدتها وهبة قائلين إنها ليست بحاجة إليه وعليها ان ترتاح فهي مقبلة على مرحلة دراسية صعبة السنة القادمة ، لكنها اصرت على إنّها ترغب بخوض تجربة العمل وتحتاج الى شيء يغير من روتين ايامها خلال العطلة وهذه فرصتها الوحيدة فالعطل القادمة ستخضع فيها لتدريب في المستشفى مع زملائها ، وحينما وجدت عملاً كـكاتبة في مطبعة - وقد سعدت به كثيراً - التجأت الى أخيها ياسر حتى يقنع والدتها وأختها خصوصاً وانه عمل في شيء تحبه وسوف تستمتع به ، وافقن على مضض وبدأت العمل الذي رغم صعوبته ( فهي تجلس وراء الآلة الكاتبة لأربع وست ساعات ) إلا انه كان ممتعاً بالنسبة لها وهي تسمع وتكتب العديد من القصص والأخبار ولحسن الحظ كان مكان المطبعة بجوار مقهى هادىء وجميل ، لذا احياناً تأتي الفتيات لرؤيتها بعد مغادرة كل واحدة منهن لمكان عملها ويتجمعن على طاولة تطل على الشارع في المقهى .
كانوا يعملون في الصباح ويخرجن في المساء ما بين سينما وتسوق احياناً او زيارة لعمة سمر واحياناً أخرى يفضلن البقاء في الشقة واعداد العشاء ومن ثم السهر على التلفاز، وقد تكون السهرة اجمل حين تبدء جلسة الالعاب والاعترافات .. تفضل سمر ولُمى لعب الورق - وهو الشيء الوحيد الذي يشتركن بحبه - بينما تلعب جُلّنار وزينب الطاولي وأحاديثهم تتخلل كُل هذا .
تشكو سمر من خطيبها جعفر لتلومها الثلاث إنّها هي من تعطيه الحق لفعل ما يفعله لتقول في نهاية كُل نقاش إنّها تحبه وتصمت الثلاث بعدم اقتناع .
وتتحدث لُمى عن ما تعانيه خلال العمل مع الزبائن ، فمرة اختان لا تطيق احداهما الاخرى ويجب ان تلتقط لها صور معاً للتخرج ومرة زوجان جديدان حيث غارت الزوجة منها وتشاجرت مع زوجها فقط لأنه مدح تصوير لُمى قائلاً " انتِ بارعة للغآية " لتعلق جُلّنار بهدوء بينما تُلقي بالـنرد وتحرك احجار الطاولي ؛
- حسناً هذه مختلة ان كانت جملة كهذه تشعرها بالغيرة !
- بالضبط ، الادهى انها تشاجرت معه امامي !
- ألم تصوريهم ؟
تضحك لُمى مجيبة سمر وهي تراقب اللعبة بين زينب وجُلّنار بتركيز ؛
- لو فعلت لقتلتني رُبما ، تركتهم وغادرت
- هييي جُلّنار ما هذا الحظ اليوم !
- اخبرتكِ منذُ البداية اني من سيربح عزيزتي
- ماذا ماذا لحظة ! لم ارى الحركة الاخيرة
تصرخ سمر وهي تقترب لتردف لُمى وهي تضربها على رأسها
- بالطبع لم تفعلي يا حمقاء لأنهم لم ينتهوا حتى الان .
- بل انتهينا !
تقول جُلّنار بأنتصار وهي تحرك اخر حجر لديها وتغلب بهذا زينب لتقول الاخيرة بحنق ؛
- حسناً استسلم .
- لُمى ناوليني صحن المكسرات ..
- خذي ، زينب هل ذهبتِ لجلستكِ اليوم ؟
- لا
- ولم لا ؟ هل ستتوقفين ؟
- ليس بالضبط لكن لن اكملها مع بهاء .
تتوقف لُمى عن المضغ وهي تنظر نحوها بأستغراب بينما تسألها جُلّنار ؛
- لم هل حصل شيء ما ؟ تشاجرتم ؟
- لا لكن لن استطيع ان اكون صريحة معه هو تحديداً لذا ما فائدة زيارة طبيب نفسي ان لم اكن صريحة .
- لحظة لحظة زينب لم نفهم ، هلا كنتِ اكثر وضوحاً ؟
- أ .... اعني أنه... كيف يفترض بي ان احدثه بصراحة عن ما يدور في ذهني وهو اكثر ما يحتله في الآونة الاخيرة ..
تتابع لُمى المضغ ضاحكة بينما تنظر جُلّنار وسمر نحو بعضهم بأبتسامة ومن ثم نحو زينب وكأنهم يقولون لها هل الان فقط لاحظتي .
- وانا التي ظننتُ إنّه تحرش بك
- بحقكِ لُمى ! بهاء يتحرش !
- لُمى انتِ غير منطقية انا فكرت انه اخبرها انه يحبها اخيراً والبلهاء ابنتنا فزعت كالعادة !
- لما انتم غير مستغربيين ؟!
تسأل زينب بهدوء لتردف الثلاثة بنفس الوقت ؛
- انتِ حمقاء !
تقول لُمى ؛
- كان واضحاً للغآية إنّكِ تعلقتي به واحببته واراهنكِ انه ليس خالياً تجاهك ايضاً .
- رغم ان هذا منافي لأخلاق المهنة .
تعقب جُلّنار بهدوء لتخرسها لُمى بوسادة في منتصف وجهها وهي تقول ؛
- اصمتي " سيدة اخلاق " ثم هو منذ البداية كسر قواعد العمل هذه واحدة تلو الاخرى لأجلكِ ، أنا عن نفسي احبه ، انه ثلاثيني جاد !
تغمز لُمى في آخر جملتها لتتهكم سمر قائلة بذات الغمزة ؛
- تحبيه ؟!
- كـ انسان كـ انسان وليس ما يخطر بعقلك .
- جميعنا موافقين عليه يكفي إنّه ساعدك وساندك طوال الفترة الماضية .
- حسناً انا كنت اراه طبيب متفهم في البداية ومن ثم تطور الامر واصبح صديق بالنسبة لي وتعرفت به اكثر والان انا لا اعلم لكن اشعر ان الموضوع تطور اكثر خصوصاً ان شخصيته بعيداً عن دور الطبيب النفسي مختلفة للغآية فهو متهور الى حد ما وكذلك عنيد لكنه لا زال حنون ومحترم .
- اذاً ؟ ألم يقل لك " الحنون" شيء ما عن مشاعره ؟
- لا حتى الان ، انه يتصرف كصديق فقط .
- وهل انتِ مقتنعة انكِ سترتاحين لو تابعتي الجلسات مع احد آخر ؟
- لا بالحقيقة لا اعتقد .
تقول لُمى بهدوء ؛
- اذاً اصمتي وتابعي الجلسات معه ولستي مجبرة على اخباره بكُل شيء ، ما دامت مشاعر كهذه لا تؤذيك إذاً لا بأس ببقاءها طي الكتمان لفترة .
- معكِ حق .
تقتنع زينب ويعم الصمت لتقول سمر وكأنها تذكرت امراً ما ؛
- جوجو ما اخبار الوسيم زميلك في المطبعة ؟
- من تقصدين ؟
- ذلك الذي القى علينا التحية في المقهى ، زينب أتتذكريه ؟
- نعم ، كان لبقاً
تسعل جُلّنار بقوة لتقول بعدها ؛
- بخير .... اعتقد ؟
- ولما تعتقدين ؟
- لأني لم اراه منذُ اسبوع .. بالاحرى تعمد عدم رؤيتي .
- اشعر ان هناك إن في الموضوع
- هناك إن بالفعل لا حاجة لئن تشعري ، لقد صارحني بأعجابه بي وطلب ان امنحه فرصة لكني رفضت .
- والان فقط تخبرينا !
- بالحقيقة لم اعطي الموضوع اهمية لذلك
- لكنه يبدو شخص جيد
تقول سمر لتنظر لها جُلّنار متسائلة بحدة ؛
- و يعني ؟
- اقصد لو منحته الفرصة ربما لن تندمي
- جيد او لا انا غير مهتمة ولا انوي منح احد فرصة .
- ألم تتخلي عن هواجسكِ البلهاء حتى الان ؟ كفاكِ .
تعقب لُمى بهدوء لتقول جُلّنار خاتمة النقاش :
- لو كنت استطيع لفعلت لذا اغلقوا الموضوع ولا تحاولوا تغيير نظرتي وانتم تدركون إنّها لن تتغير .

آخر شهر من العطلة الصيفية كان مختلفاً قليلاً بالنسبة للفتيات فقد عم الفرح المنزل بقدوم ملك - اخت سمر - كانت طفلة جميلة للغآية وهادئة الطبع ويغلب على حديثها الخجل ، ببساطة كانت النقيض من شخصية سمر فرحت الفتيات للغآية بمجيئها وقضوا اغلب الوقت معها جعلوا اخر اسبوعين من عطلتها شيء لا يُنسى فهي احبتهم واحبت طريقة معيشتهم للغآية ، وقت عمل سمر كانت تقضيه مع عمتها التي سُعدت بقدومها وعند عودة الاخيرة من الصيدلية تغير لها ثيابها وتأخذها وتذهب نحو الفتيات ، وفي يوم اجازة الفتيات بقيت ملك وسمر لديهم ليلتها وفي الصباح استيقظوا بمرح وشاركتهم ملك اعداد الفطور وبعد انتهاءهم غيروا ثيابهم وخرجوا واعدين ملك بمفاجأة ، لتشهق بفرح وهم يدلفون بها نحو المتحف الوطني اخذت تركض بالارجاء بفرح وهي تطالع ما حولها مبهورة و من ثم ذهبوا بها نحو شارع المتنبي اقتنت الفتيات مجموعة من الكتب ووجدت جُلّنار المرجع الطبي الذي كانت تبحث عنه بينما جعلوا ملك تقتني ما ترغب به من الادوات المدرسية والتقطوا لها الكثير من الصور كان في فرحتها وانبهارها سعادتهم .. مضى الاسبوعين سريعاً وعادت ملك مع سمر نحو المنزل .. لم تكن ملك الزائرة الوحيدة
فبعد ثلاث ايام فوجئت جُلّنار بوالدتها وهبة وهي تخرج من غرفتها وقد استيقظت للتو يجلسون بالصالة مع لُمى وزينب يتناولون الشاي ، عانقتهم بفرح فهي لم تراهم منذ مدة طويلة كانت مفاجئة جميلة بقوا قرابة الثلاث ايام ومن ثم عادوا فلا تستطيع هبة التغيب عن عملها أكثر من هذا .
لكن لم يشىء القدر ان يودعن عام 2012 بذات الحال من السعادة والطمأنينة ، ومع بدء الفصل الدراسي الجديد قرر إن يوقع اختباره على سمر هذه المرة .. حيث كانت تواً قد انهت صراع مع والديها والفتيات لأقناعهم بتحويل ارتباطها بجعفر الى امر رسمي وحقيقة ثابتة !
وبعد ان رضخ الجميع لرغبتها داعين الله إن يخيب ظنونهم وان يكون جعفر شخص جيد في الحقيقة او على الاقل يقدرها هي وان كان هذا يبدو مستحيلاً ..
لا نعلم هل الربّ رأف بسمر ورحمها من حياة جحيم كانت تنوي الخوض فيها بكامل ارادتها ام إن القدر اراد ان يريها مدى حماقتها وان من يصغي لنفسه فقط يُخطىء حينما صدمت ليلة عقد قرآنها بحقيقة جعفر المرة والتي لم تظن لمجرد الظن في يوم انه سيكون عليها !
_________________________

Vote.. لُطفاً
تعليقِاتكُم تسعـدُني ! 🖤

غـِـمَار حيث تعيش القصص. اكتشف الآن